نقد التراث إلى أين ؟

شامل عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 22:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قال أحدهم : خير للإنسان أن يكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح من أن يكون غزالاً في الطريق الخطأ .
نقد الأديان عموماً والدين الإسلامي خصوصاً من منظور علمي هو السبيل الوحيد لكي يكون هناك رؤية حقيقية نتعامل معها على ضوء النتائج التي تتولد نتيجة هذا النقد .
النقد * غير العلمي * هو نقد دون إضافة معرفية وبالتالي التكرار يؤدي إلى الملل وتصبح هكذا كتابات مجرد * ثرثرة * وصاحبها * ثرثار *
سوف نتجنب القرآن كتاب المسلمين الذي لا يأتيه الباطل ولو أنّ الخوض فيه لن يقدم و لن يؤخر بالنسبة للأعتقاد الراسخ في ذهن المسلمين عموماً .
ولكن سوف نأتي على الأحاديث التي هي المصدر الثاني بعد القرآن بالنسبة للأدلة الشرعية وهذا المتفق عليه عند الجمهور ولم يخالفهم إلاّ فئة صغيرة ولا حجة لها مقابل رأي الجمهور .
أنا من الذين يتبنون فكرة أنّ الروايات التاريخية ومن ضمنها الأحاديث النبوية قِيلت في زمن متأخر وليس لها أيّ سند علمي , ولكنها في نفس الوقت أصبحت أيّ الروايات التاريخية حقيقة ماثلة أمامنا نتعامل معها وحسب قناعة كلّ متلقي مع العلم أنّ هناك اكثر من مليار يؤمنون بها إيماناً قطعياً .
المتتبع الحيادي سوف يكتشف أنّ الروايات التاريخية متناقضة ومتضاربة و لا يمكن الاعتماد عليها من ناحية الإيمان بها وقبولها كامر واقع , ولكنها أصبحث موروثاً تُمثل تراث أمة أمتدت في التاريخ بما لا يقل عن 1430 عام , فيجب أن نسلك فيها طريقاً آخراً .
البخاري 194 – 256 هجرية . أصح الكتب بعد القرآن من وجهة نظر أهل السنّة .
السُنّة هم الغالبية في العالم الإسلامي وسِهام النقد موجهة نحوهم وهذا بديهي .
ما هو الفارق الزمني بين وفاة نبي الإسلام و ولادة البخاري ؟
أكثر من 180 سنة , وعند بداياته لجمع الأحاديث عندما كان في السادسة عشر يكون الفارق الزمني 200 سنة .
هذا أفضل كتاب بالنسبة لغالبية المسلمين بعد القرآن .
تعالوا معنا لكي يتبين لكم كيف هو حال الكتاب الثاني وما هي التناقضات التي تكتنفه وكيف يكون دليلاً علمياً على الإيمان وفي نفس الوقت للنقد وكانه حقيقة مطلقة لا غبار عليها , والصحيح حسب رؤيتي المتواضعة هو" أن هذه الأحاديث والتي هي مرويات تاريخية قِيلت في أزمان متأخرة عن طريق الرواية الشفوية ومن المستحيل التحقق منها "
الإيمان حاجة ضرورية عند الغالبية ولا يستطيعون الإستغناء عنه .
سوف يسأل سائل وماذا نفعل ؟ هذا السؤال جوابه هو توفر الوعي لدى الغالبية بأن الروايات التاريخية قبل ولادة نبي الإسلام ولغاية وفاته , لا توجد ادلة علمية حقيقية تؤكد حدوثها ووقوعها وبذلك هي مرويات كقصص لا يجوز ان تكون هي الحلّ والطريق لمجتمعاتنا إذا ما أرادت أن تعي تلك الحقيقة , وفي نفس الوقت طريقة نقدها لابدّ أن يكون نقداً علمياً بأتخاذ الأسلوب والمنهج الصحيح وحتى تكون نتائج النقد مُثمرة .
البخاري من مدينة بخارى في أوزبكستان .
لنقرأ التالي :
حسب الأستاذ / محمد فؤاد عبد الباقي / فإن البخاري من 600000 حديث / ستمائة ألف حديث /
أخرج منها 4000 جديث إذا رفعنا المكرر منها كانت 2762 حديث .
هذه هي البداية لأصدق كتاب ؟ ما هو رأيكم ؟
سوف استمر معكم من اجل أن اقول لكم ,, كيف نؤمن بهذه التناقضات :
اعتمد أهل السُنّة على روايات أهل البيت بشكل كبير فروايات علي أبن أبي طالب في البخاري مع المكرر 98 وبغير المكرر 34 وفي صحيح مسلم 38 حديث ( هناك روايات آخرى سوف اتجنبها )
روايات علي أبن أبي طالب في الصحيحين أكثر من روايات أبي بكر وعمر وعثمان .
ولكن تعالوا مرة آخرى لكي نقرأ ما يلي :
روى أبو بكر 142 حديثاً , اتفقوا على ستة منها / البخاري ومسلم / وانفرد البخاري ب 11 ومسلم 1 والباقي موزع على السنن والمسانيد .
كيف , ومنْ نصدق وأيّ رواية صحيحة ؟ إذا كان علي أكثر رواية من الخلفاء الثلاثة ب 98 حديثاُ فكيف أبو بكر لوحده 142 حديثاً ؟
حبر الأمة أبن عباس كان عمره 14 سنة عند وفاة نبي الإسلام وفي رواية آخرى 11 عاماً , كم عدد رواياته ؟
1696 رواية / حديث / .
حتى الرواية التي قالوا عنها صحيحة واتفقوا عليها تجد لها اكثر من تناقض .
في كتاب الإحكام في أصول الأحكام للآمدي :
أن عبد الله بن عباس لم يسمع من الرسول سوى أربعة أحاديث وذلك لصغر سنه .
قال أبن القيم في الوابل الصيب : إن ما سمعه عبد الله بن عباس عن النبي لم يبلغ 20 حديثاً .
عن أبن معين والقطان وأبي داؤد في السنن :
أن عبد الله بن عباس روى 9 احاديث فقط , ومع ذلك فقد أسند الأمام احمد بن حنبل في مسنده 1696 حديث وأبن حنبل إمام السنّة والجماعة ؟
ألم يسأل أحداً نفسه في أبو بكر الذي رافق نبي الإسلام ومنذ اليوم الأول يروي 142 كمعدل أعلى بينما يروي طفل في الرابعة عشر على التقدير الأعلى من عمره 1696 حديثاً ؟
وسوف أتجنب روايات عمر وعثمان وتناقضاتها .
يقولون أنّ النبي قال بحقه :
اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ؟
لنأتي إلى أبو هريرة :
يقول صحبت رسول الله ثلاث سنين , وفي رواية 21 شهراً , كم عدد الأحاديث التي رواها أبو هريرة ؟
روى أبو هريرة 5374 حديثاً , في ثلاث سنوات ؟ اخرج البخاري 446 حديث .
يقول أبو هريرة نفسه :
ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله منيّ إلاّ عبد الله بن عمرو ولكن المفارقة آحبائي أنّ عبد الله بن عمرو روى 700 حديثاً في كتب السنن ؟
على منْ نعتمد ومنْ نصدق ؟ وكيف يقول أبو هريرة هذا الحديث ؟ ولديه أضعاف أحاديث عبد الله بن عمرو ؟
جمع الإمام مسلم 300000 – ثلاثمائة ألف حديث – أخرج منها 4000 حديث .
جمع مالك بن انس 100000 – مائة ألف حديث – اختار منها 10000 حديث في الموطا أنزلها إلى 500 حديث .
جمع أبو داؤد 500000 – خمسمائة ألف حديث – اخرج منها 4800 حديث .
ماذا يظهر لكم من هذا الكم الهائل فيما رُوي من أحاديث ؟
ولماذا اقتصروا على أقل الأرقام وما هي الأدلة العلمية على صحتها ولماذا لا تكون حالها حال التي رفضوها ؟ هل هناك معيار أو قياس , المعايير التي قالوا بها هي نفسها روايات تختلف فيما بينها ؟
إذن نحنُ أمام الكثير من المشاكل بالنسبة للروايات والتي لا يوجد أي دليل على وجودها سوى هذه الكتب التي بين أيدينا وهي فلان عن فلان .
تعالوا معي للمصادر الإسلامية الآخرى لكي يتبين لكم غرضي من المقالة :
أوردت المصادر الأسلامية أحصائيات / مقارنة جميله / عن جملة الأحاديث التي رواها أبي هريرة في الصحيحين البخاري ومسلم , وما رواه ثلاثين من كبار الصحابة الأجلاء وأقرباء وجلساء النبي , فإن ل أبي هريرة 1574 حديث بينما نجد للخليفة علي بن أبي طالب 37 حديث والخليفة أبي بكر 16حديث وعبدالرحمن بن أبي بكر3 أحاديث والعباس 4 أربعة أحاديث و الخليفة عمر بن الخطاب 43 حديث وعمار بن ياسر 2 حديثين وعبدالله بن الزبير 3 ثلاثة وحسان بن ثابت 1 حديث والزبير 1 حديث بمعنى أنه لو جمعنا مافي صحيح البخاري وصحيح مسلم عن 30 ثلاثين من مشاهير الصحابة فنحصل على 173 مائه وثلاثة وسبعين حديثاً فقط , بينما للصحابي أبي هريره 1574 حديث فتكون نسبة 1 للصحابة و 9 لأبي هريرة ..؟
هل وجدتم رواية متطابقة لرواية آخرى ؟ أين الصحيح ؟ كيف نبني إيماننا على ضوء هذا التناقض ؟ كيف تكون الروايات التاريخية حقيقة مؤكدة ؟
كيف ننطلق منها للنقاش والحوار من اجل مجتمعات أفضل ؟
ولنّا في الغرب اسوءة حسنة ومثالاً طيباً ورؤية علمية وفكر صائب وغرض نبيل في أن تكون تلك الروايات التاريخية / ادب ديني / وأن يكون الدين لله والوطن للجميع وأن يكون ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
سبق وأن ذكرتُ انّ تلك الروايات لا يستطيع احد في الكون أن يمسّها أوأن يلغيها أو أن يتلفها . سوف تبقى تراثاً متراكماً ولكن لابدّ من أن ياتي يوماً عليها لكي تصبح أدباً دينياً ولو بعد حين .
توفر الوعي والارتقاء بالتفكير والنظر لما يجري في العالم وما وصلت إليه الأمم الاخرى , هذا هو السبيل . مع الاحتفاظ بحق الناقد في ان يُقدم نقده على ضوء المنطق والعلم دون أيّة أغراض آخرى .
الجميع يهدف بصورة أو بأخرى لخلق وعي لدى الناس في عالمنا وإلاّ لماذا يكتب إذن ؟
الكتابة هدف وغاية نبيلة خصوصاً إذا كانت بدون مقابل .
وأنا على يقين بأن الكثيرين يحملون تلك الغاية وذلك الهدف .
سوف نتناول نزول القرآن في صحيح البخاري :
الحديث الأول : صحيح البخاري – المغازي :
حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة وأبن عباس رضي الله عنهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا .
الحديث الثاني : صحيح البخاري – المناقب – مبعث النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله :
حدثنا أحمد أبن أبي رجاء حدثنا النضر عن هشام عن عكرمة عن أبن عباس رضي الله عنهم قال :
انزل على رسول الله وهو أبن أربعين فمكث بمكة ثلاثة عشر سنة ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها عشر سنين ثم توفي صلى الله عليه وسلم .
هذا في البخاري وهو الكتاب الثاني بعد القرآن ؟ فكيف بالروايات التي تتحدث عن الغزو والسلب والنهب والغنائم والزواج والقتال ونزول الملائكة والزنى والرجم والسرقة وقطع اليد واهل الكتاب والإسرائيليات والبعوث والقبائل والوفود ؟
منْ كان حاضراً لينقل لنّا كلّ هذه التفاصيل وبهذه الدقة ؟
أليست هذه الروايات من نسج الخيال ؟ هل هناك عاقل يصدق ؟ ثم يتعامل معها وكأنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ؟
أين دور علماء المسلمين ؟ أين الأتباع الذين يرددون هذه الأقوال كالببغاء دون تفكير ودون سؤال ؟
من الترمذي / وفقط للسياق في الخيال الرحب والواسع / مع العلم أن كتب الحديث الستة فيها الآف الأحاديث عدا الأسانيد وغيرها .
عن أبن مسعود قال : عن معنى قاب قوسين أو آدنى / أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وله ستمائة جناح / .
الجناح الواحد يُغطي ما بين المشرق والمغرب ؟
التعليق متروك لكم ؟ عليكم أن تفكروا في ذلك وأن تتخيلوا هل هذه روايات تاريخية صحيحة مقبولة منطقياً وعقلياً أم أنها روايات يجب علينا أن نقرأها من منظور آخر وعلى ضوء قرأتنا نتعامل معها ؟
أنا أؤمن إيماناً مطلقاً بأن أفضل كتابات نقدية للأديان هي الكتابات الماركسية مع العلم أنني لستُ ماركسياً مع احترامي للكتابات الأخرى والتي هي عبارة عن تكرار لا فائدة منه ..
رأيي الشخصي :
التاريخ مثله مثل أيّ فرع علمي أخر يجب أن يُدرس باستخدام المنهج العلمي , أيّ طريقة آخرى غير المنهج العلمي فإن نتائجها لن تكون بمدى الثقة التي تأتي عبر المنهج العلمي / إنكي / .
/ ألقاكم على خير / .

#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات