|
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 19:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقال سابق عنوانه : هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم ، و الذي كُتب و نشر في الرابع عشر من يناير 2011 ، و قبل أن يُعلن عن سقوط بن علي ، أظهرت رأيي السلبي في القدرات السياسية للسيدة هيلاري كلينتون ، وزيرة الخارجية الأمريكية ، و لليوم ، السابع من نوفمبر 2011 ، فإنني لازلت على نفس الرأي بشأن قدراتها السياسية ، و أحمد الله أن الشعب الأمريكي عندما كان عليه الإختيار بين المرشحين ، سواء على مستوى الأحزاب ، أو على مستوى الولايات المتحدة كدولة ، فإنه إختار في كل مرة الأذكى ، و نحن يهمنا أن يرأس دولة هامة مثل الولايات المتحدة الأمريكية شخصية ذكية ، لأن من الأفضل دائماً التعامل مع الأذكياء حتى لو إختلفنا معهم في المواقف السياسية . في الرابع عشر من يناير 2011 كان سبب المقال هو تصريحات السيدة هيلاري بشأن الثورة التونسية ، و مستقبل المنطقة العربية ، أما اليوم فإنني أكتب بسبب تصريحاتها الهجومية بشأن إيران . السيدة هيلاري يبدو إنها تتعجل مواجهة عسكرية مع إيران ، و في هذا دليل على عدم فهمها لتأثيرات ربيع العرب على مستقبل الخطوط العريضة للسياسة الإيرانية . لا أقصد أن هناك ربيع إيراني محتمل ، بل ما أقصده هو أن هناك تحول سيحدث في السياسة الخارجية الإيرانية ، و أن هذا التحول سيكون وليد ربيع العرب ، نتيجة ما أحدثه ، و ما سيحدثه ، من تغيرات . أي أن هناك تغير سيحدث في السياسة الخارجية الإيرانية ، و أن هذا التغير سيأتي من القمة ، و ليس من القاعدة الجماهيرية الإيرانية . ربيع العرب سحب البساط من تحت أقدام القيادة الإيرانية ، التي بنت نفوذها الشعبوي في المنطقة على أساس دعمها للتيارات السياسية التي على نمط حماس . ربيع العرب قام بما كانت تريده القيادة الإيرانية ، و بدون أي دعم إيراني ، فالولايات المتحدة وجدت فيه الفرصة لتطبيق ما قامت به في تركيا ، و ما تعلمته من الدرس الجزائري ، و هو عدم الممانعة في وصول التيارات السياسية التي على نمط حزب العدالة و التنمية التركي للحكم في دول مثل تونس ، و مصر ، و بالتأكيد سوريا ، و بكل تأكيد في ليبيا التي تحالفت فيها مع من كانت تعتبرهم من الإرهابيين في عصر بوش الابن . القيادة الإيرانية بالتأكيد تشاهد كل هذا ، و تشاهد أيضا كيف أن سوريا ستخرج إن آجلاً أو عاجلاً من فلكها ، و لمست كيف أن التحالف مع تركيا الأردوغانية غير أكيد ، و بالتأكيد تعرف أن حماس ستفضل أن تحتمي بشقيقتيها الكبرى في مصر ، و أعني جماعة الإخوان ، أو بشقيقتها السورية عندما تصل شقيقتها تلك للحكم في سوريا ، أو بالإثنتين معاً ، على أن تحتمي بإيران ، كما أن حماس تعرف إنها من الآن ستجد قياداتها عند الضرورة مقار آمنه في مصر ، و تونس ، و ليبيا ، و في المستقبل في سوريا ، و ربما في الأردن أيضاً . لقد أخذت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد أوباما الذكي الدور الإيراني ، و نجحت في تحقيق ما عجز عن تحقيقه نظام ولاية الفقيه في خلال ثلاثين عاماً ، و ضمنت بذلك - أي الولايات المتحدة - ألا تخرج المنطقة من دائرة نفوذها ، و أن تلاشي أيضاً النفوذ الإيراني . فإلى أين ستتجه إيران في المستقبل ، و بفرض عدم حدوث ربيع إيراني ؟؟؟ أرى أن القيادة الإيرانية - و قد أدركت إنها ستقف وحيدة في المستقبل القريب - ستقوم في بتخفيض حدة خطابها العدائي للغرب ، و إن كان ذلك التخفيض سيكون تدريجياً ، و هي مسألة ليست صعبة على القيادة الإيرانية التي سبق أن تعاونت في صفقات سرية مع الولايات المتحدة الأمريكية مثل صفقة إيران - كونترا في عهد ريجان . بالتوازي مع تخفيض حدة التوتر مع الغرب ، فإن القيادة الإيرانية ستبدأ في البحث عن هوية جديدة لها ، ترسم سياساتها الخارجية ؛ و الهوية الإيرانية الجديدة ستتكون من شقين . إيران ستتجه من الهوية الإسلامية العامة ، التي لا تفرق بين المذاهب ، إلى هوية إسلامية أكثر تحديداً ، و هي الهوية الإسلامية الشيعية . ففي منطقة ستمور - تدريجياً - بالتيارات الإسلامية من المحيط الأطلسي إلى حدود أفغانستان الشرقية ، و من أقصى شمال تركيا إلى أقصى جنوب اليمن ، فإن القيادة الإيرانية ستجد نفسها بحاجة لتبني هوية إسلامية تخصها ، أي أكثر تحديداً و تعبيراً عن إيران . لكن بجانب الهوية الإسلامية الشيعية في إيران ، ستبرز أيضاً الهوية القومية الفارسية . ستتم في إيران - في المستقبل - عملية إحياء لكل من الهوية الإسلامية الشيعية و الهوية الفارسية ، و رعاية رسمية للهويتين ، بشكل مشابه لما يحدث في تركيا الأردوغانية ، التي ترعى الهوية الإسلامية السنية ، التي تعطيها نفوذ في المنطقة العربية و العالم الإسلامي ، و أيضاً ترعى الهوية التركية ، التي تعطيها نفوذ خاص في آسيا الوسطى و في أذربيجان . الهوية الإسلامية الشيعية ستعطي إيران نفوذ في العراق ، و في أذربيجان ، وفي وسط الأقليات الشيعية في الهند و باكستان و في دول الجزيرة العربية و في لبنان و سوريا . أما الهوية الفارسية فستعطيها نفوذ في طاجيكستان و في أفغانستان ، و بعض العلاقات المميزة مع باكستان و الهند بحكم التراث الهندو - إيراني المشترك بين إيران و باكستان و شمال الهند ، و كذلك مع أرمينيا ، كما ستعطيها نفوذ بين الأكراد في العراق و في سوريا ، و الأهم في تركيا التي ستعود لتصبح منافس لإيران كما كان الحال إبان الدولتين ، الصفوية و العثمانية ، و علامات التنافس بين إيران و تركيا الأردوغانية قد طفت على السطح بالفعل . إذاً لا مبرر من جانب الولايات المتحدة لإستخدام القوة ضد إيران . تعاظم القوة العسكرية الإيرانية لا يجب أن تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إليه على إنه تهديد لها ، بل يجب أن تعتبره الإدارة الأمريكية دليل على شعور القيادة الإيرانية بالقلق نتيجة أنها أصبحت تقف وحيدة في الوقت الحاضر ، أي أن تنظر الولايات المتحدة للقوة العسكرية الإيرانية على إنها قوة دفاع و ليست قوة هجوم . المطلوب الآن من الولايات المتحدة هو أن تبدأ في ملاحظة التغير في الخطاب الإيراني الرسمي تجاه الغرب ، و أن تبدأ - أي الولايات المتحدة - في تخفيض حدة التوتر مع القيادة الإيرانية ، لتسمح لها بالقيام بتغيير سياساتها الخارجية ، و تأسيس هوية أخرى لإيران غير تلك التي عرفها بها العالم منذ فبراير 1979 ، لأن التغيير الإيراني لن يكون ممكناً في ظل التوتر الحالي الذي تزيده السيدة كلينتون حدة بتصريحاتها النارية ، و في ظل الإستعجال السعودي - الإماراتي لضرب إيران . إنني أكتب هذا المقال ليس فقط كمراقب ، و لكن أيضا كمواطن مصري يهمه السلام و الديمقراطية في منطقتنا و في العالم ، لأن أي ضربة عسكرية ضد إيران ستعرقل مسيرة ربيع العرب ، و كذلك ستدعم تيارات سياسية معينة في دول المنطقة .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
-
طنطاوي بدأ حملته الإنتخابية الرئاسية
-
ندين من الآن إعتداء السلطة على سفارتي إثيوبيا و الصين
-
الاتحاد من أجل المتوسط يجب أن يواكب في أهدافه و وظائفه ربيع
...
-
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
-
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
-
ما علاقة مذبحة الفصل الأول للثورة بالأمن القومي المصري ؟؟؟
-
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|