أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح يوسف - رد على كتاب - حوار مع صديقي الملحد - لمصطفى محمود















المزيد.....

رد على كتاب - حوار مع صديقي الملحد - لمصطفى محمود


صلاح يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 12:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الحقيقية أن صديقاً من قرائي الأعزاء قد قام بلفت نظري إلى هذا الكتاب الذي اطلعت عليه قبل أكثر من عشرين عاماً، وفقدت بالتالي عناصر الرغبة والتشويق في إعادة قراءته مرة ثانية. لكني ومن خلال نظرتي الأولى السريعة للكتاب اكتشفت أن معظم ردود اللاهوتيين المسلمين تعتمد في معظمها على ما أورده المؤلف في كتابه، فإلى أي مدى يعتبر الكتاب رداً على الإلحاد ؟! وهل يقوم المؤلف بالرد الحقيقي على التساؤلات التي يقوم هو بطرحها على لسان الملحدين ؟؟! سنرى ذلك في هذا المقال.

يقول مصطفى محمود في مقدمته لآخر طبعة للكتاب (وحينما ظهر أمر "الجينوم البشري" ذلك الكتيب الصغير من خمسة ملايين صفحة في خلايا كل منا والمدون في حيز خلوي
ميكروسكوبي في ثلاثة مليارات من الحروف الكيميائية عن قدر كل منا ومواطن قوته ومواطن ضعفه وصحته وأمراضه ..أفاق العالم كله كأنما بصدمة كهربائية .. كيف ؟ .. ومتى ؟ .. وبأي قلم غير مرئي كتب هذا "السفر " الدقيق عن مستقبل لم يأت بعد .. ومن الذي كتب كل تلك المعلومات .. وبأي وسيلة .. ومن الذي يستطيع أن يدون مثل تلك المدونات ؟! ) انتهى
لن أناقش مفهوم الجينوم وعلاقته بالمستقبل كما ادعى المؤلف، ولكن دعونا نتوقف قليلاً عند تساؤلاته ( من الذي كتب كل تلك المعلومات .. وبأي وسيلة .. ومن الذي يستطيع أن يدون مثل تلك المدونات ؟ ) حيث يتضح أن المؤلف قد افترض بسؤاله ( من ) وجود الله لمجرد أن اكتشافاً بيولوجياً مذهلاً قد ظهر مقارنة بما كانا نعرفه عن الصفات الوراثية وكيفية انتقالها، وهو ديدن اللاهوتيين الذين يتأملون في الطبيعة فلا يرون إلا وجود وهم الإله الذكي المبدع في كل الموجودات، فلو كان الإله ذكياً ومبدعاً على حد زعهمهم، فلماذا توجد للدجاج أجنحة لا تستخدم للطيران مثلاً ؟؟! ولماذا خلق الله ضروس العقل لدى بعض الناس وهي ضروس زائدة تنبت بجذور مشوهة وتسبب الكثير من الألم والالتهابات التي لا تنتهي إلا بخلعها ؟؟! ولو كان ذكياً ومبدعاً هذا الخالق، فلماذا ياأتي بالتسونامي على البلدان الشرق آسيوية لكي يقتل ملايين الأطفال والأبرياء بلا ذنب ؟؟! ولو كان ذكياً ومبدعاً فكيف حدث هجوم النيازك على اليابسة في الكرة الأرضية قبل نحو 67 مليون سنة لكي تنتهي حياة الديناصورات بالكامل ؟! هل خلق الله الديناصورات ثم قرر في لحظة أن يتخلص منها لكي يصنع حياة جديدة ؟؟! هذا الإله إذن طفولي ومزاجي ولا يعرف ماذا يريد بالضبط !
إن الذهول والإصابة بشعور الفاجعة عند اطلاعنا على تطور علمي هو دليل تخلف، فالعقل المتخلف لا يرى في عجائب العلم إلا دليلاً على صدق إيمانه، ونتساءل هنا، ألم تكن مشاعر الإنسان مشابهة لمشاعر مصطفى محمود عند اكتشاف البشر لأول مرة أن الحرارة تؤدي إلى تبخير السوائل ؟! ماذا كانت ردود أفعال الناس في القرن التاسع عشر على اختراع الهاتف ؟! كيف شعرت أجيالنا نحن حيال اختراع الإنترنت والفيس بوك وغوغل ؟؟! ألم تكن كلها مشاعر يختلط فيها الإعجاب بالذهول ؟؟! لو تألمنا بعمق وهدوء بصحبة قدح من القهوة كيف يتمكن الإنسان بعقله من الانتقال من عبادة القمر إلى وطئه بالأقدام لما أصبنا بكل هذا الذهول عند اكتشاف المورثات الجينية.

شاهدوا اختراع الحاسة السادسة !!!
http://www.youtube.com/watch?v=o43Yyi7lv4E

شاهدوا الطابعة الألمانية ثلاثية الأبعاد !!
http://www.youtube.com/watch?v=8aghzpO_UZE


ثم يكمل المؤلف في مقدمته التساؤلات التالية:
( وعادت الأسئلة القديمة عن حرية الإنسان .. وهل هو مسير أم مخير ..
وإذا كان الله قد قدر علينا أفعالنا فلماذا يحاسبنا ؟!
ولماذا خلق الله الشر ..
وما ذنب الذي لم يصله قرآن..
وما موقف الدين من التطور.. ولماذا نقول باستحالة أن يكون القرآن مؤلفاً ) انتهى.
ثم يدعي بكل ثقة أن طبعته الجديدة للكتاب سوف تشارك في حل هذه الألغاز " انطلاقاً من العلم الثابت والإشارات القرآنية واليقين الإلهي الذي لا يتزلزل " !! فهل حقاً أن مجرد طرحه المؤلف لهذه التساؤلات يعني أنه قد أجاب عليها بالفعل ؟! هذا ما سوف نراه في قادم السطور.

يقول المؤلف تحت عنوان " لم يلد ولم يولد " نقلاً عن صديقه الملحد (أنتم تقولون : إن الله موجود .. وعمدة براهينكم هو قانون "السببية" الذي ينص على أن لكل صنعة صانعاً.. ولكل خلق خالقاً .. ولكل وجود موجدا .. النسيج يدل على النساج .. والرسم يدل على الرسام .. والنقش يدل على النقّاش ..والكون ذا المنطق أبلغ دليل على الإله القدير الذي خلقه ..
صدقنا وآمنا بهذا الخالق .. ألا يحق لنا بنفس المنطق أن نسأل .. ومن خلق الخالق .. من خلق الله الذي تحدثوننا عنه .. ألا تقودنا نفس استدلالاتكم إلى هذا .. وتبعاً لنفس قانون السببية .. ما رأيكم في هذا المطب دام فضلكم ؟ ) انتهى
ويجرب المؤلف حظه في الرد على سؤال ( من خلق الخالق ) بقوله (ونحن نقول له : سؤالك فاسد .. ولا مطب ولا حاجة فأنت تسلّم بأن الله خالق ثم تقول من خلقه ؟! فتجعل منه خالقاً ومخلوقا في نفس الجملة وهذا تناقض..
والوجه الآخر لفساد السؤال أنك تتصور خضوع الخالق لقوانين مخلوقاته .. فالسببية قانوننا نحن أبناء الزمان والمكان .
والله الذي خلق الزمان والمكان هو بالضرورة فوق الزمان والمكان ولا يصح لنا أن نتصوره مقيداً بالزمان والمكان .. ولا بقوانين الزمان والمكان . ) انتهى
ذكاء المؤلف لم يسعفه لمشاهدة ما كتب بعمق كاف، فطالما أن الله خارج الزمان والمكان فكيف لنا أن نعلم بوجوده ؟! إن ما هو خارج الزمان والمكان هو العدم ذاته !
وثمة ملاحظة أخرى، تلك التي دسها المؤلف في تساؤلات الملحد والتي جاء فيها أن " لكل وجود موجداً " وهي أن المادة أزلية ولا موجد لها، فهي لا تفنى ولا تستحدث ولا تخلق من عدم كما يريد اللاهوتيون الإبراهيميون، فهم يعتقدون أن المادة لم تكن، ثم كانت بأمر من الله " كن فيكون " وهذا مستحيل فالمادة لا تخلق من العدم مرة أخرى !
ونتساءل، هل تمكن مصطفى محمود من الإجابة على السؤال " من خلق الخالق " عندما يقول ( أن الله هو الذي خلق لقانون السببية وبالتالي لا يصح أن يخضع هو نفسه لهذا القانون ) ؟؟! ألم يخلق الله الغضب والفرح والانتقام والجبروت وشتى الانفعالات ثم خضع لها وأصبح يغضب ويفرح وينتقم ويبطش بل إن حكام المسلمين يقلدونه في غضبهم وبطشهم وانتقامهم من معارضيهم ؟؟!

ثم يكمل شيخنا الجليل الذي ارتدى جبة العلم زوراً فيقول (أما ابن عربي فكان رده على هذا السؤال "سؤال منخلق الخالق".. بأنه سؤال لا يرد إلا على عقل فاسد.. فالله هو الذي
يبرهن على الوجود ولا يصح أن نتخذ من الوجود برهاناً على الله.. تماماً كما نقول إن النور يبرهن على النهار .. ونعكس
الآية لو قلنا إن النهار يبرهن على النور ) انتهى
إذن المؤلف لا يعتقد أن الوجود المادي للكون هو دليل على وجود الله، بل إن وجود الله هو الدليل على وجود الكون. وتأكيداً على هذا الهراء نجده يستطرد في فقرة تالية بقوله ( فالله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل .. لأنه الله الحق الواضح بذاته .. وهو الحجة على كل شيء .. الله ظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام .. في ورقة الشجر .. في ريشة الطاووس .. في جناح الفراش .. في عطر الورد .. في صدح البلبل .. في ترابط النجوم والكواكب.. في هذا القصيد السيمفوني الذي اسمه الكون ) انتهى
فهل اتضح مدى تخبط وارتباك المؤلف عندما يدعي أن وجود الله الغيبي لا يحتاج إلى دليل ؟ وكيف نسلم بأن هذا الغيب واضح بذاته ؟؟؟! ثم عندما يكمل قائلاً ( الله الظاهر في النظام والدقة والجمال والإحكام ) ألم يعتمد هنا على الوجود المادي للبرهنة على وجود الله والتي اعتبرها قبل فقرة واحدة منطقاً فاسداً مزوراً ما قاله على لسان ابن عربي الذي تم تكفيره ضمن تكفير جوقة المتصوفة ؟؟! ثم أخيراً يجيب المفكر النجيب على سؤال " من خلق الخالق " بالآية القرآنية " لم يلد ولم يولد " ولا نعلم كيف يمكن أن يكون هذا الكلام رداً على ملحد يؤمن بأن محمداً هو مؤلف القرآن الذي لم يهبط من السماء.

كنت سأكتفي بما سبق لأن منطق المؤلف واهي ويعج بالتناقضات والافتراضات المجانية غير العلمية، ولكني قررت بدافع الفضول الاستمرار قليلاً في الكتاب، فماذا وجدت ؟!
في مناقشته لموضوع الربوبية ينقل المؤلف بعض التساؤلات على لسان صديقه الملحد فيقول (ويسخر صاحبنا من معنى الربوبية كما نفهمه .. ويقول أليس عجيباً ذلك الرب الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، فيأخذ بناصية الدابة ، ويوحي إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، وما تخرج من ثمرات من أكمامها إلاّ أحصاها عدداً ، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه .. وإذا عثرت قدم في حفرة فهو الذي أعثرها.. وإذا سقطت ذبابة في طعام فهو الذي أسقطها .. وإذا تعطلت الحرارة في تليفون فهو الذي عطلها .. وإذا امتنع المطر فهو الذي منعه ، وإذا هطل فهو الذي أهطله .. ألا تشغلون إلهكم بالكثير التافه من الأمور بهذا الفهم ). ثم يكمل قائلاً لردوده السفسطائية الواهية فيقول (ولا أفهم أيكون الرب في نظر السائل أجدر بالربوبية لو أنه أعفى نفسه من هذه المسئوليات وأخذ إجازة وأدار ظهره للكون الذي خلقه وتركه يأكل بعضه بعضاً !
هل الرب الجدير في نظره هو رب عاطل مغمى عليه لا يسمع ولا يرى ولا يستجيب ولا يعتني بمخلوقاته ؟ .. ثم من أين للسائل بالعلم بأن موضوعاً ما تافه لا يستحق تدخل الإله، وموضوعاً آخر مهماً وخطير الشأن ؟
إن الذبابة التي تبدو تافهة في نظر السائل لا يهم في نظره أن تسقط في الطعام أو لا تسقط، هذه الذبابة يمكن أن تغير التاريخ بسقوطها التافه ذلك .. فإنها يمكن أن تنقل الكوليرا إلى جيش وتكسب معركة لطرف آخر، تتغير بعدها موازين التاريخ كله. ألم تقتل الإسكندر الأكبر بعوضة ؟ ) انتهى.
لاحظ عزيزي / تي القاريء / ة المنطق الشديد التناقض الذي يقع فيه المتدينون عندما يناقشون الغاية من وجود الله، ثم انقلابهم على أعقابهم عندما يتعلق الأمر بالأفعال الشريرة للإنسان في مسائل القضاء والقدر. الله الآن هو المسؤول عن سقوط الذبابة في الطعام ولا نعلم لماذا يفترض المسلم دوماً سقوط ذباب في الطعام. هل لشدة القذارة مثلاً ؟ وما الذي يجبر الجندي على أكل طعام سقطت به ذبابه ؟! ثم ألا يعلم المؤلف أن وباء الكوليرا قد انتهى من التاريخ تماماً مثل عقله العتيق بفضل التطعيم وإبداع العقل البشري ؟! لماذا يعتبر يحجد المؤمنون فضل العلم وفضل العقل البشري عليهم وعلى حياتهم ؟؟! أما عن تسبب بعوضة في موت الإسكندر فلن نعلق عليه كثيراً، ذلك أن شخصية الإسكندر قد تعددت وتناقضت في روايات تاريخية كثيرة، أما أمر أن ذلك " الإسكندر " بالذات قد مات ببعوضة فهو يحتاج إلى دليل مادي أو تاريخي لم يورده المؤلف قطعاً !

لماذا خلق الله الشر ؟!

يقول مصطفى محمود نقلاً على لسان الملحد الافتراضي (كيف تزعمون أن إلهكم كامل ورحمن ورحيم وكريم ورءوف وهو قد خلق كل هذه الشرور في العالم .. المرض والشيخوخة والموت والزلزال والبركان والميكروب والسم والحر والزمهرير وآلام السرطان التي لا تعفى الطفل الوليد ولا الشيخ الطاعن.
إذا كان الله محبة وجمالا وخيرا فكيف يخلق الكراهية والقبح والشر .
والمشكلة التي أثارها صاحبي من المشاكل الأساسية في الفلسفة وقد انقسمت حولها مدارس الفكر واختلفت حولها الآراء.
ونحن نقول أن الله كله رحمة وكله خير وأنه لم يأمر بالشر ولكنه سمح به لحكمة ) انتهى
لم يقل لنا المؤلف لا في الفقرات التالية ولا في باقي الكتاب ما الحكمة التي تقتضيها إصابة طفل بالسرطان بلا ذنب ؟! هل قرر الله أن يخلقه ثم أن يقتله بالسرطان قبل أن يكبر ؟؟! لماذا خلقه من الأصل إذن ؟؟!
لقد لاحظت أن المؤلف عندما يطرح تساؤلات إلحادية فإنه يبدو جاداً ومتحمساً للإجابة عليها، ولكنني كنت أصاب بالإحباط نظراً لأسلوب المراوغة والالتفاف والاعتماد على مقدس القرآن الذي لا يعتبره الملحد دليلا على أي شيء سوى على نشره لمعتقدات الكراهية والبغضاء وجرائم القتل والاغتصاب.

إذا كان الله قدر أفعالي فلماذا يحاسبني ؟!

سؤال وجيد فعلاً، ولكن المؤمن مصطفى محمود يجيب على طريقته التفافية بقوله ( فأفعالك معلومة عند الله في كتابه ، ولكنها ليست مقدورة عليك بالإكراه .. إنها مقدرة في علمه فقط .. كما تقدر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزني .. ثم يحدث أن يزني بالفعل .. فهل أكرهته .. أو كان هذا تقديراً في العلم وقد أصاب علمك ) انتهى
إن عقل المؤمن لا يكاد يستقر على فكرة حتى يؤمن بعكسها عند اللزوم ثم يعود فيتخلى عنها إذا ما انتفت حاجته إليها. إنه عقل تلفيقي ساذج بكل معنى الكلمة. لماذا تجاهل المؤلف لوحه المحفوظ الذي دون فيه القلم كل ما سيكون إلى يوم الدين ؟؟! وإذا اعتبرنا أن العلم المدون في اللوح المحفوظ هو علم فقط بينما يظل الإنسان حراً في اختيار أفعاله، فهل يمكن للإنسان أن يختار فعلاً يخالف ما مكتوب في اللوح المقدر والمحفوظ ؟! بالطبع لا يمكن وهنا يكمن فساد المنطق وضعف الحجة، فالقول بعلم الإله كشيء منفصل عن حرية الاختيار هو التفاف لم يضيف إلى حقيقة تناقض المفهوم الديني للقضاء والقدر واللوح المحفوظ، ذلك أن فكرة اللوح المحفوظ وكيف أن الله قد قدر جميع ما سيكون إلى يوم الدين، هي ذاتها الفكرة التي ولدت ظهور الفرقة القدرية بين فرق الإسلام الكثيرة، ومن هؤلاء انطلق التفكير بتحريم زراعة الأعضاء وأطفال الأنابيب، فطالما أن الإنسان يعاني من فشل في كليتيه فهذا الفشل مقدر من الله سبحانه وعلينا أن نؤمن بقضاء الله وقدره ( خيره وشره !!! ) ثم يأتي صديقنا المؤمن لكي يدعي أن الله لم يخلق الشر ! ما هذه التناقضات التي يعج بها منطق المؤمنين ؟؟! كذلك فإن من يصاب بالعقم ولا ينجب فهو من أقدار الله ( يجعل من يشاء عقيما – قرآن )، وإذن اعتبر القدريون أن زراعة الأطفال في أنابيب لتجنب مشكلات الرحم تحدياً لقضاء الله وقدره وعليه تم تحريمها ولم يتداركوا هذا الأمر إلا بعد أن صار طفل الأنابيب أمراً واقعاً يستحيل إقناع الناس بالتخلي عنه، تماماً مثلما فشلوا في معركة تحريم زراعة الأعضاء، لكن بعد أن أعاقوا وعرقلوا التقدم في بلاد المسلمين !

إن المسلمات الدينية كثيراً ما أعاقت تقدم المسلمين، ويكفي أن نذكر باعتبار علماء الفلك المسلمون أن الأرض هي مركز الكون وأنها مسطحة كما ينص القرآن في كثير من آياته الأمر الذي دفع الشيخ بن باز إلى تكفير حتى من يقول بكروية الأرض ! نعلم جميعاً أن علوم الطب الحديثة لم تكن لترى النور ولا التقدم دون ممارسة علم التشريح على نطاق واسع، بينما التشريح محرم شرعاً في الإسلام لأن ( إكرام الميت دفنه !! ) وكانت هذه المسلمة الفاسدة هي التي منعت ابن النفيس من الاستمرار في ممارسة علم التشريح حيث تعرض للتفكير والتفسيق مثلما حدث مع جميع المبدعين في العالم الإسلامي.

أما القول بأن الإسلام لم يحرم التفكير ولا الإبداع فهو قول يجافي التاريخ، وما الفترة العباسية الأولى ( الرشيد والمأمون ) إلا فترة استثنائية في تاريخ العرب والمسلمين بدليل أن العلوم التي تم تطويرها لم تستوطن في بلادهم وأن فترة المتوكل بالله العباسي قد كانت فترة صعود للتيار السلفي الأصولي الذي قام بتكفير الفلاسفة في ديوان الزنادقة وتم التخلص من مؤلفات المعتزلة واجتهاداتهم العقلية للتقليل من هيمنة النص والموروث على حرية التفكير، بينما الغرب الذي نقل وطور تلك العلوم كان جديراً بها لأن الحضارة الغربية هي حضارة العقل بامتياز وليس فيها قداسة للنصوص والمسلمات الدينية كما هو الحال في بلاد المسلمين.

وعودٌ على بدء، فإن كتاب المؤمن مصطفى محمود لم يحتوي ردوداً حقيقية أو ذات مغزى على التساؤلات الإلحادية، وسوف تبقى تلك التساؤلات معلقة إلى أن يتم الاعتراف بأن الإيمان لا يحل المشاكل الإنسانية ذات العلاقة بالكون والطبيعة والحياة، بل يعمل الإيمان كمفعول المخدر الذي يقي صاحبه شرور عدوى التفكير والجهود الجبارة التي يحتاجها هذا التفكير، ولهذا نجد أن العقول التي نشأت وترعرعت على التسليم والانقياد والكسل والتبعية غير قادرة على امتلاك ناصية التفكير الحر والإبداعي الخلاق الذي ينحي المقدسات والغيبيات والخرافات من طريق التقدم وصنع الحضارة ومشاركة جوقة الأمم كافة صنوف الإبداع والابتكار.

شكرا للمتابعة



#صلاح_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يندثر المسلمون ؟؟!
- يا عمال العالم صلوا على صلعم !!
- الإسلاميون والغرب والربيع العربي !!
- الإسلام والحريات الشخصية
- جائزة نوبل لدعم الإرهاب !
- أنا والله والملائكة !
- لماذا الإسلام تحديداً ؟!
- هل كان محمد على خلق عظيم حقاً ؟!
- هل انتهت الخلافة الإسلامية على يد أتاتورك ؟!
- عن مصادر الشريعة الإسلامية
- ضلع الإسلام في مجزرة النرويج
- عودتي إلى الحوار المتمدن
- هل ثمة تحقير للإسلام في الحوار المتمدن ؟؟!
- متى يتوقف صلاح يوسف عن نقد الإسلام ؟!
- ملاحظتان حول الزعرنة والزعران
- تأملات في العقل الإسلامي
- الخوف أهم عوامل الإيمان
- اعبدوا الإنسان !
- جولة في تشريعات الإسلام الغريبة
- المدافعون عن الإجرام


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح يوسف - رد على كتاب - حوار مع صديقي الملحد - لمصطفى محمود