فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 08:54
المحور:
الادب والفن
بابا عمرو
جرح يستمر نزفه..في حمص (عاصمة الثورة)..حي تحول ماءه لدماء ..وشوارعه لمعاطف مثقوبة ومداخله لكهوف تغطي صخور الدمار أبوابها الكانت مشرعة لضيوف المحبة.
بابا عمرو يدافع عن حرمته..يدافع عن ساحله المنهوش والمنكوب بخفرٍ لقراصين لايعرفوا من البحر سوى القرصنة ، ومن ركوبه سوى الانفلات من عيار قوانين الأشرعة واحترام الإبحار..وحرمة الشواطيء المفتوحة على تبادل المعرفة وفتوحات التاريخ.
بابا عمرو تصدرت لوائح أسماء سكانه صفحات الكتب والجرائد..سبقت أسماء شهدائه قوائم الانتخابات في عواصم العالم..ومازال الشارع العربي يتلكأ عرجاً وخجلاً أمام هول القتل..مع أن هوية القاتل معروفة للقاصي والداني.
سلاماً عليك بابا عمرو ، سلاما على أهلك وعلى قرابينك على مذبح" أضحى الحرية"، سلاماً عليك حين ولدت من ضلع حمص العدية...سلاما لك أزفه من كل حدب وصوب في الوطن سوريا.
بابا عمرو أقدم لك اعتذاري ,أنحني وألهج باسمك الشامخ ..أرخي أجنحتي فقد تكسرت ولم يعد لجناحها الأيسر اسماً كنت أعده بأن يشرفني.، وأن يحملني نحو آفاقك الحرة..نحو صهيل شبابك وحدائهم حين تخرج نغمات البِشر والتبشير بنصرٍ ننتظره عمرنا....خرقت أصواته كل الممنوعات واجتازت كل الحواجز المصطنعة..جعلت فرائص دباباتهم ترتعش أمام أمواج الأكتاف تتلاطم وتهتز على إيقاع حبك ياسوريا..
باب عمرو أشلاؤك ترجعني لمولدي..تطوف بي خرائط العالم شبراً شبراً..صرخات ندبي واستغاثتي تحاول أن تؤثر بصخور قلوب أدمنت صناعة سينما الموت..واتخذت من جدران بيوتك ديكوراً" لقناة الدنيا" وإعلام الأسد وخيانة العالم العربي لدم أبنائك.
بابا عمرو ..ياخاصرة حمص وياشقيقة بعلبة وباب السباع..دمي يرفض الانصياع..ودمك يشهق في كل دقيقة تمر غباراً فوق شرفات الحديد المتطاير من نعوش ..تعلن موتك..توصي بكل الخطايا وتقترفها علناً لأنك نقطة الضوء في حدائق العاصي..
بابا عمرو تسأل عنك الشوارع ....تشتاقك أعراس الغيوم..وتفتتن بك قصائد الشعراء..كن واثقاً أن عيني لاتسهو.. تخترق المتاريس المرصوفة بالحراب..أصل شراييني بجراحك فأنتفض ابنة الخمسة عشر ربيعاً..أخرج من جمهرة الخراب ..إلى انبثاق العمر من جديد ..إلى اكتساب ملامح الشباب..
بابا عمرو... تتنزه بنادق الجبناء في فيافيك..ولا تغفو عيون العذارى في ضفافك..لاتهجر سنوناتك الجرحى مخابئها..ولا تفقد نساءك حبال ظفائرها..ففي قوتها ضعف الشيطان القادم بعرباته ليشرب نخب موتها...
لكن سوريا برمتها أقسمت أن تحل كل جدائلها وتأتيك مع الفجر..مع الضوء..موجة واحدة..لاتغفر للباغي ..تحمل ماء الوعد والانقاذ..تترجم ألمك غناء وطنياً ينبت السنابل خضراً فوق ضفاف عاصيك..ويعيد لشقائق النعمان المفقودة لونها الأرجواني...ولمدينتك صوتها الحاني..يعانق دمشق ودرعا والدير وحماة..وينهض نحو الساحل مقفلاً أبواب الرجوع على سطوة الهذيان.. محيلاً ليل الطاغية نهاراً..ويدفن بأيدي أبناءك..أبناء سوريا لغة السلطان ..لغة السوط...لغة الظالم الجاني..
ــ اليوم الأول من عيد الأضحى
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟