أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض كاظم - الوصول الى جزيرة هاي














المزيد.....


الوصول الى جزيرة هاي


رياض كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 3538 - 2011 / 11 / 6 - 06:29
المحور: الادب والفن
    



وصلنا الى جزيرة ( هاي ) بعد رحلة شاقة ، وصلنا متأخرين ، الطائرة الشراعية التي من المفروض ان تنقلنا اليها ، تأخرت لساعتين وبهذا نكون قد خسرنا رؤية الغروب ، فعللنا انفسنا بمتعة الصيد تحت ضوء القمر ، لكن الطيار المخمور الذي وصل وهو يترنح ، اخبرنا ان لا أسماك في البحرية ، وانما هناك طيور ضخمة يمكننا ان ننصب لها شراكاً ونستمتع بلحمها ونحن نحدو ونشرب النبيذ ..
كان الطيار يتجشأ ويتلمظ كلما شرب من قنينته الخضراء التي لم ندر ما بداخلها ، بحيث جعلت منه يبدو لنا كأنه شيطان يقودنا الى ارض مجهولة ، ربما تكون ارض مجهولة ، بالنسبة لنا على الاقل ..
قال الطيار وهو يقذف القنينة الفارغة من نافذة الطائرة .
_ سيكون هبوطنا مريعاً ، لكن لا تخافوا ..
ارتسم الرعب على وجوهنا ، لكن الطيار اكمل حديثه _ انها تجربتي الاولى ، ربما نصطدم بصخرة او طائر ضخم ، لا تقلقوا ، لا تقلقوا ...
اصطدم جسد الطائرة الضخم بصفحة الماء ، ارتجف جسدي ، ليس من الخوف ، لكن من الموت بهذه الطريقة ، كنت اريد ان اموت في المشفى دون ألم ..
قال الطيار _ تماسكوا يا شباب ..
هدأت الطائرة قليلا ثم انسابت على صفحة الماء ، شعرت بالرغبة في الاختلاء بالمرحاض لوقت طويل ..
قال الطيار وهو يتجشأ _ مرحبا بكم في جزيرة هاي ...
كانت الجزيرة مظلمة ، نزلنا ونحن نحاول ان نجمع كل امتعتنا ، الامتعة كثيرة علب طعام مجفف وخبز وملح وسكر ولحم وخضروات وبطانيات ، كومة كبيرة علينا توزيعها علينا ، في ذلك الحين كنت اشعر بالمرض ، اجد صعوبة بالتنفس ، لذلك رحت ابحث عن حمل الاشياء الخفيفة والمفيدة ، وضعت على ظهري ما استطيع حمله ..
كان علينا المسير لمسافة ثلاثة أميال على الاقدام ، ثم الصعود على جبل وعر وقاس حتى نصل الى البيت الذي سنخيم به ، كنت أشعر بثقل بأقدامي وانا اجوس في الظلمة وأخذت انفاسي بالتصاعد وكنت افكر بكيفية الصعود على الجبل ، انا لم اصعد جبلا طيلة حياتي ، لكن واحدا من رفاق الرحلة اخبرني انها ستكون تجربة ممتعة وفريدة ، وكنت أشك بذلك ، رئتاي المتورمتان من التدخين لا تساعداني على خوض تجربة مثل هذه ..
الظلمة وهدوء المكان وضحكات الرفاق المكتومة ، تشي بأن كل شيء سيكون على مايرام ، ليس هناك دببة تخطف الرجال وتلعق ركبهم ، ولا ذئاب تقلد صوت الجدات ، هناك منزل فوق المرتفع ، نظيف ودافيء ، سنشعل الشموع ونطبخ العشاء ونحن نقهقه ونخترع النكات ونقرأ الشعر ، عن حفاة قدموا من قاع المدن ، تجولوا في المقاهي والصحارى ومخيمات اللجوء والمنافي الباردة كمشاعري ، وها هم الان يلتقون في جزيرة هاي ...
كانت هناك بعض البيوت في الطريق ، بيوت نصف مضاءة ، يقف على بابها اطفال او عجائز ، يرفعون ايديهم بالتحية لنا ، مرحباًً ...
مرحباً ...
الناس ودودون جداً ، لم تفزعهم لون بشرتنا الغريبة ولكنة السنتنا ، لكن هناك عيونا كثيرة كانت تنظر من النوافذ تلاحق خطواتنا ونحن نذهب ناحية الجبل الذي يضم منزلنا ، كنت اشعر انهم يدعون بسرهم ان لا نكون قتلة جاءوا لتعكير صفو احلامهم ..
سرنا طويلا في الطريق المعشب حتى وصلنا الى منحدر الجبل ، لحسن الحظ كان هناك سلم متعرج يقود الى الاعلى ، سلم طويل مجرد رؤيته تدفعني للسعال ، سعلت طويلا حينما رأيته ، كيف لي ان اصعد هذا السلم الطويل الطويل ..
كان هناك العديد من سكان الجزيرة ينظرون لنا بفضول واعجاب ونحن نصعد السلم المرهق ، يبدو ان لا احد منهم جرب الصعود منذ زمن طويل ، استغرق صعودنا السلم ما يقارب الساعة ، كانت اقدامي متشجنة ورئتي تريد القفز من صدري ، وكنت أفكر ماذا في أعلى الجبل ؟
انه بيت ، مخبأ وأريكة استطيع ان اجلس عليها وانا الوك سندويتش سردين ..
هذا كل ما كنت افكر به ، وسادة وغطاء وعشاء ، ما أبسط ما نحتاجه حينما نواجه الطبيعة ، أمنا ، الرحم الذي خرجنا منه واليه نعود ..
بعض الرفاق النشطاء كان يقفز درجات السلم كالغزال وبعضهم يجر اقدامه بصعوبة مثلي انا ، لكننا جميعا استطعنا الوصول الى القمة والتمتع برؤية المنزل الذي سنقيم به ..
كان المنزل اشبه بالكوخ ، كوخ من القرن الواحد والعشرين ، يليق بكل التعب والارهاق الذي كابدناه في الوصول اليه ، نافذة واسعة بحجمه تتيح لك رؤية المكان وانت تنظف بندقيتك التي ستوجهها ناحية دب هائج او غزال شارد أو توجهها ناحية صماخك وانت في قمة ضجرك ، هكذا كنت افكر انه مكان مثالي للانتحار ، خاصة حينما تتوفر لديك كل الاسباب ...
انها أشبه بالاحجية ، أو هكذا وضعها المستأجر ، كان علينا ان نطير مع طيار مخمور ونسير لثلاثة أميال ثم نصعد سلما يقودنا الى المنزل ، ومن ثم علينا البحث عن مفتاح المنزل وحينما نجده علينا ان نجد تركيبة ارقام لفتح الصندوق والحصول على المفتاح ، كنا نصرخ ..
( 470 ، 479 ، 471 ) ، لعبة تبدأ من الصفر الى التسعة ، لعبة من المستأجر الذي اراد تشويقنا على الطريقة الامريكية ..
دخلنا المنزل ببهجة ، استبحناه ، كان هناك كل مانحتاج ، طباخ غازي ، مدفأة ، ثلاجة ، اقداح وقدور وملاعق وطاوات ، ستلايت وهاتف وتلفاز لم نجد له اية وظيفة ، لم يكن اي منا لديه الرغبة بسماع اخبار القتل والثورات ، انشغلنا باعداد الطعام بعد تلك الرحلة المتعبة ...
ماذا سنطبخ هذه الليلة ؟
باقلاء بالدهن ..
ونبيذ ..
ويسكي وبير ..
بعد منتصف الليل حينما هجع الجميع ، حينما نام القمر والجزيرة والموج ، حينما نامت الطيور الكبيرة التي تصلح للعشاء ، كنت اتحسس البندقية المسنودة الى جنبي ، اتشممها كالكلب واوجهها الى صدغي وانا أفكر .
ماذا لو وجهتها الى صدغي وافرغت رصاصها بصماخي ؟



#رياض_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساسون
- اليوم الأخير والسعيد في حياة عباس أفندي
- اوكسجين
- امرأة ورجلان
- حول غرابة الاشياء من حولنا
- قطة على الجدار
- المسافرون الخالدون
- صميدع
- بيت الشجعان
- وداعاً يا راعي البقر
- الجلوس في مدينة الذكريات
- ليلة غريبة قصة قصيرة
- مرآة الغرفة والجليس الصامت


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض كاظم - الوصول الى جزيرة هاي