عمر بن صمادح
الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 00:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتبت مقالا قصيرا عن آيات العبودية في العهدين القديم و الجديد وكيف تم إستعمالها لتبرير العبودية في جنوب الولايات المتحدة. و كل ماتلقيته هو تعليقات و ردود مسفهة و تفتقر لأبسط أبجديات المنطق السليم مثل:" هل رأيت مسيحي يفجر نفسه" و أخرى :" المسيح محبة و بل إنه يحب أعدائه" وهي ردود مشحونة بعاطفة دينية بالدرجة الأولى. أنا أتفهم أن المسيحيين أقلية في منطقتنا و مشاعر الكراهية إتجاههم في إزدياد ولكني لم أكتب مقالتي هذه و التي قبلها للتهجم عليهم, إنما ردا على الموجة الإنتقادية للمسلمين كون القرآن يحتوي آيات للقتال و السبي و هو مايجعله أكثر قابلية للعنف و الإرهاب من غيره. إستعراضي لآيات العهد القديم و موقف المسيح منها وماإذا كان مبررا لوصف المسيحيين و اليهود بقتلة و مجرمين. لإن تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب مقلق و للآسف فإنني و بإستمرار أقرأ مقالات تتشابه إلى حد كبير مع المدونات اليمينية للغرب و مقارنات أقرب إلى العته مثل تشبيه محمد بهتلر, بغض النظر أن أعضاء الرايخ كان معظمهم مسيحيين أو من خلفية مسيحية. و لا يمكن تجاهل إنضمام البابا الحالي لهم عندما كان في الرابعة عشرة. , لا تقدم حلولا لأزمة, بل تحريضا و كراهية و عنصرية إتجاه 1,6 مليار مسلم حول العالم أصبح المنطق الوحيد للتعامل معهم هو الحرب أو الإبادة. أفكار كهذه أجدها هنا في الحوار المتمدن لأناس فهموا العلمانية أنها قضاء على الأديان.
يقول فيليب جينكز في الـ"بوسطن غلوب" :" في عقول المسيحيين العاديين, القرآن يحرض على البربرية و الحرب. بينما الكتاب المقدس يقدم رسالة عن الحب و المغفرة و الخير". حسب العهد القديم كان هناك رجل يدعى موسى מֹשֶׁה, نبي اليهودية و رمزها المبدئي. حرر قومه من العبودية في مصر و أخرجهم منها إلى أرض يقال لها كنعان (فلسطين). هذه الرحلة من من مصر إلى كنعان لم تجد لها ذكرا إلا في العهد القديم و القرآن من بعده. فلا نقوش آثرية و لا مستندات تؤيد ماذهبت إليه هذه القصة. واجه الإسرائيلون (قوم موسى) معضلة تمثلت في أن أرض كنعان كانت مكتظة بالسكان. يشير إليهم إله العهد القديم بالـ" الأمم السبعة". لحل هذه المشكلة, أمرهم إله العهد القديم ( و الذه هو نفس إله العهد الجديد الذي أرسل نفسه في عملية إنتحارية لخلاص البشرية ) بالقضاء و تدمير مدن السكان الأصليين حتى ينعم شعبه و أبناؤه بعيش كريم. سفر التثنية من الآية 10 إلى 18 يقول :" حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما. بل تحرمها تحريما: الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، كما أمرك الرب إلهك. لكي لا يعلموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم، فتخطئوا إلى الرب إلهك"
لا أدري مالذي يقصد من وراءه "تحرمها تحريما" لإن الترجمة الإنجليزية تقول :" Deuteronomy 20:17 You must utterly destroy the Hittites, Amorites, Canaanites, Perizzites, Hivites, and Jebusites, just as the LORD your God has commanded you.
و كلمة Destroy تفي لتدمير و أرجوا التصحيح إن كنت مخطئا. ولكن جملة "لا تستبق منهم أحدا" تفيدنا عن نوايا إله المحبة الطيب.
فإله المحبة, إله العهد القديم ( و الجديد كذلك) يأمر الإسرائليين بقتل "الأمم السبعة" القاطنة بفلسطين لا لذنب إرتكبوه سوى أنهم ليسوا إسرائيليين و لا على ديانتهم. فيالقتل أو الإستعباد و هو أشد من دفع الجزية عن يد و هم صاغرون ( ليس دفاعا عن حد الجزية فهو نظام مهين بلا شك ولكن من باب المقارنة لا أكثر).
و يتوعد إله العهد القديم سكان فلسطين بمزيد من الهلع و الخوف كله لعيون أبنائه البررة. سفر الخروج الإصحاح الخامس عشر من آية رقم 13 إلى 18 يقول إله المحبة :" ترشد برأفتك الشعب الذي فديته. تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك يسمع الشعوب فيرتعدون. تأخذ الرعدة سكان فلسطين حينئذ يندهش أمراء أدوم. أقوياء موآب تأخذهم الرجفة. يذوب جميع سكان كنعان تقع عليهم الهيبة والرعب. بعظمة ذراعك يصمتون كالحجر حتى يعبر شعبك يارب. حتى يعبر الشعب الذي اقتنيته تجيء بهم وتغرسهم في جبل ميراثك، المكان الذي صنعته يارب لسكنك المقدس الذي هيأته يداك يارب . الرب يملك إلى الدهر والأبد"
بمعنى أخر, إشترى إله العهد القديم ( الذي هو نفسه يسوع حسب الإيمان المسيحي) أرض كنعان و قام بتوريثها للإسرائليين. ولم يبد أسبابا لذلك سوى أنهم الشعب الذي فداه! رغم أن أوامر الإستعباد و القتل واضحة, فإنني أشعر أنه من الواجب ذكر مايتعلق بالإستعباد لإيماني أن من المعلقين من سيسألني عنها. سفر لاويين الإصحاح الخامس و العشرين من آية 44 إلى 46 :" واما عبيدك واماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم. منهم تقتنون عبيدا واماء. وايضا من ابناء المستوطنين النازلين عندكم منهم تقتنون ومن عشائرهم الذين عندكم الذين يلدونهم في ارضكم فيكونون ملكا لكم.وتستملكونهم لابنائكم من بعدكم ميراث ملك. تستعبدونهم الى الدهر. واما اخوتكم بنو اسرائيل فلا يتسلط انسان على اخيه بعنف."
إذا لم يكن المذكور أعلاه أوامر بالإستعباد, فلا أدري مالذي يكون.لا يثبت هذا أن موسى و قومه كانوا أكثر ميلا للعنف و القتال من محمد؟ الآيات كثيرة في تثنية و عدد. ولكنني سأكتفي بذكر هذه, فعلام يسألني المسيحيون هنا عن آيات القتل و الإستعباد في كتبهم؟ وهل يصح وصفهم و اليهود بمجرمين و وصف ديانتهم نفس الوصف؟
ماهو موقف المسيح من أعمال قومه هذه؟ كل الدلائل تشير أن يسوع لم يكن سوى "راباي" أو حاخام يهودي بالدرجة الأولى و لا يوجد مايشير إلى إمتعاضه و إستنكاره لهكذا أفعال. فمبدأ القتل و الإستعباد لم يلقى إستنكارا منه بدليل أنه نفسه سيعود و يقتل أعداءه الذين يحبهم لبناء مملكته, حسب العهد الجديد. و دائما ماتقارن آيات مثل :" أحبوا أعدائكم" و من " ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر" بآيات القتال في القرآن متناسيين أن مثلها كثير في القرآن كذلك مثل مقابلة الإساءة بالإحسان و العفو و المغفرة فإن الله غفور رحيم. فالمسيح لم يكن في موقف يسمح له بالقتال. فلا جيوش و لا مناصرين يحث هم على القتال. و يقاتل من؟ يقاتل شعبه و هو أرسل نفسه ( أو أرسله أبوه) ليموت لأجل العالم؟ لكن هذا لا يعني إعتراضه على أعمال العنف و السبي في العهد القديم. إنجيل متى الإصحاح الخامس من آية رقم 17 إلى 19 :"لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات" و هنا هو يتحدث عن العهد القديم و الوصايا العشر. التي منها وصايا مثل لا تقتل و لا تزن بلا شك ولكن لم قتل موسى و يشوع و صاموئيل و داوود أهل كنعان؟
الإجابة أن كل الأديان تحث على السلام و القتال في آن واحد و الفرضية أن الإسلام أكثر ميلا للعنف خاطئة تماما. فهناك آيات القتال في القرآن مقابلها آيات للسلام و الرحمة كذلك. فإما النقد بموضوعية دون تحيز لعواطف وإنتماء ات تضر بمصداقية الناقد, أو لا يصف الناقد نفسه باليساري
مصادر:
1ــ سفر التثنية الفصل / الأصحاح العشرون آيات 10 ــــ 18
http://st-takla.org/pub_oldtest/Arabic-Old-Testament-Books/05-Deuteronomy/Sefr-Al-Tathneya-Chapter-20.html
2ــ سفر الخروج الفصل / الإصحاح الخامس عشر آيات 14ـــ 18
http://st-takla.org/pub_oldtest/Arabic-Old-Testament-Books/02-Exodus/Sefr-Al-Khoroug_Chapter-15.html
3ــ فيليب جنكيز, بوطن غلوب..
http://www.boston.com/bostonglobe/ideas/articles/2009/03/08/dark_passages/
4ــ إنجيل متى الفصل الخامس آيات 17ـــ19
#عمر_بن_صمادح (هاشتاغ)