زياد يانس
الحوار المتمدن-العدد: 3532 - 2011 / 10 / 31 - 19:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد نكون اليوم أمام مفترق خطير;; المطروح الآن اللا معقول (النظام) في مواجهة اللامقبول (الناتو مدعوماً بقرار جامعة عربية) ;; ومواقف متباينة من حماية المدنيين بأي طريقة ممكنة (المجلس الوطني) في مواجهة اللاءات الثلاث لا عنف لا طائفية ولا تدخل خارجي من أجل حماية المدنيين (هيئة التنسيق الوطني).نقول مانعتقد الأن ونتحاور حوله بجدية وسرعة حتى لا تسيطر على الربيع العربي في سوريا رياح الخماسين. الآن يقف بوضوح السياسي والسيادي وجهاً لوجه. لذالك لا بدَّ من العودة إلى توصيف المسائل من أولياتها.
إننا اليوم أمام وضع معقد ناجم عن تطور الأوضاع في سوريا يسميها البعض ``الفتنة الكبرى`` المعاصرة. في أيَّ جانب كنت, أو حتَّى صامتاً أو محايداً فأنت أحد مكوََّنات هذه الفتنة الكبرى. هذه, الَّتي تبدو حقيقة ,المقولة اليوم إحدى أهَّم أدوات النظام في حربِهِ من أجل البقاء ويستند عليها في بثَّ فزَّاعاته كما أنَّها من جهةٍ أخرى أهمّْ البواعث لوجود مخاوف لدى بعض مؤيديه وهواجس لدى أغلب الراغبين بإزاحته. قد يبدو من الصعوبة بمكان لدى البعض من إمتلاك تصور وموقف واضح ِممَّا يحدث. ولدى البعض الأخر الذي لديه موقف واضح يشوب موقفه التباساً كبيراً ناجماً عن غياب تصور معرفي بحثي حول ماهية النظام. لدى البعض أيضاً ماهية الحراك الشعبي الساعي لإسقاطه. لدى قِلَّةٌّ قليلة يسود خلاف حول ماهية الشعب السوري. سأحاول رغم صعوبة الموضوع بعجالة وبشكل مكَثَّف الإجابة على هذه الأسئلة. قد تساعدنا الإجابة عليها أن نجيب بشكل أقل ضبابية ممَّا هو سائد الأن حول الثورة; ماهي شروط و أدوات انتصارها؟ ماهي موانع وكوابح وصولها للنصر؟ ماهي سوريا بعد الثورة منتصرةً؟ أو لاقدَّر الله مهزومةٍ؟ ماهي القوى الَّتي ستقود مرحلة الثورة؟ وما بعدها؟
خلال الأشهر السبع المنصرمة,منذ بدء الحراك الشعبي في سوريا متأثراً على وجه الخصوص بثورتي الشعبين الشقيقين في تونس ومصر ظهر كم ليس بالقليل لكن شديد التباين من المصطلحات تصف النظام في وطننا الغالي. كلٌّ منطلقاً من رؤيته, تحليله و مرجعيته السياسية والنظرية, وفي كثير من الأحيان منطلقاً من مصلحته الأنية, رغباته أو مخاوفه و هواجسه. لكن لاننسى أنَّه في بعض الأحيان إنطلق من لونه الطائفي على جانبَيّْ المشهد الراهن. أذكر هنا من بين الأوصاف, نظام قومي, مقاوم, ممانع, متصدي للمخططات الصهيونيه في لبنان وفلسطين والعراق. نظام رأسمالية الدولة, نظام علماني, نظام شمولي, نظام قمعي. البعض الأخر أطلق عليه نظام دكتاتوري عسكري, دكتاتوري بعثي, دكتاتوري قومي شوفيني. لكن الأغلبية, الإسلام الشعبي و الجماهيري دمغته بالعلوي وحتى الشيعي. لأسباب عديدة لايوجد هناك دراسة بحثية علمية تجيب على هذا السؤال, ماهي ماهية النظام الحاكم في سورية. لذالك لايتبقَّى لأيٍّ منَّا غير تقديم تصوُّرهُ الشخصي المبني على كمّْ المعارف والتجربة والخبرات الشخصية. كما يتوحب علينا أن لا نغفل أنِّ المرجعية الثقافية والأخلاقية والسياسية والدينية تلعب دوراً في صياغة تصوراتنا. ما أقدِّمُه من تصور مكثف أدناه مازال يفتقر لمرجعية بحثية علمية ولذلك يعتوره شيء من القصور أو مغالطات تبدو لي طفيفة وقد تبدو لغيري جوهرية.
ما هية النظام الحاكم في سوريا:
1- نظام مملوكي: تنتقل فيه قيادة الحكم داخل وضمن العائلة الحاكمة وفي داخلها يدور الصراع على السلطة وأبناء رموزها يتوارثون مراكزالسلطة ويتقاسمون ثروات الوطن.
2- نظام ذو رداء طائفي: يستند فيه المملوك على طائفة (العربية النصيرية/العلوية) يدَّعي تمثيلها وينصِّب نفسه قائداً لها مدافعاً عن حقوقها , راداً لمظالم تعرضت لها ومانعاً لمصائب موهومة قد تصيبها. يصبح المملوك ومماليكه لب النظام والطائفة سلاحه في الإمساك بمفاصل الثروة, الأمن, العسكر والمؤسسات. يُطَوُّع و يتحالف مع الأقلَّيات الطائفية(العربية الموحدون/الدروز و النصارى/المسيحيون) والعرقية(الأكراد المستعربة كما الكرد و التركمان) والمختلَطة (الأرمن, السريان و الأشورين) تخويفا/تفزيعاً أو ترغيباً/تطميعاً. يحتمي بها جميعاً. وأما الأغلبية (العربية السنية), يشتتها ويقيم علاقات معقدة ومشبوهة مع بعض بناها ورموزها, يهادنها تارة ولكن في أغلب الأحيان يقمعها, يهمِّشها, يحرمها من مصادر الثروة و السلطة أو يسحقها عندما تعترض.
3- نظام إستبدادي: طوَّر وبنى واستند إلى مؤسسة أمنية شديدة التعقيد رَشُحت كل البنى العسكرية, الحكومية, المدنية, الأهلية, الدينية, الثقافية والنقابية. فككت بعنف منظَّم كل البنى السياسية, الإجتماعية والثقافية حتى دخلت البلاد بقٌحلٍ سياسي وثقافي مزمن. أعاد تركيب القوات المسلحة بما يخدم تركيبته المملوكية الطائفية الفاسدة ويؤمن له دور إقليمي على مقاس الوطن الذي يهيمن عليه, الدور الجيوسياسي لسوريا كإقليم.
4- نظام فاسد: سيطر على مقدرات البلد الطبيعية (النفط, الأثار,المناجم والمصادرالأخرى ) واستحوذ عليها كمملوك وأعاد توزيعها داخل الدائرة المملوكية ومن ثم أعاد استخدامها كرأس مال لشراء الوطن بالتقسيط (عقارات ,مؤسسات, بنوك الخ). قام بتوريثاً غير شرعياً (على خلاف الخصخصة في مصر) عبر تخصيص المؤسسات والمصانع والمزارع (المؤمم منها و غير المؤمم) لمماليكه الصغار في المقام الأول داخل طائفته ولكن أيضاً من بعض الأقليات. قام بتطويع كل البرامج الإقتصادية, الخدمية والزراعية كما الإتصالات و الإنشاءات على مقاس مملوكيته و مماليكه. نفَّذ سياسة الشراكة القسرية مع كل من ساهم بعمل تجاري, صناعي أو زراعي أو غيره.
5- نظام استيلائي استعمالي: لقد ورث حزباً (البعث) وفكراً (القوميه الإشتراكية) واستعملهما لترسيخ وتبرير سلطته. استولى على المؤسسات الدينية الإسلامية (دار الإفتاء) والمسيحية (البطركيات) وغيرها و اسخدمها (كفتارو, البوطي والبطريرك حكيم) لتسوغ مبررات دينية لسلطته وسلوكه وفي بعض الأحيان لتصبغ عليه هالة قدسية تكفِّر كل من يشكِّك بسلطته أو أفعاله.
6 - فاشي : يستند إلى الإلغاء الجسدي للأفراد والجماعات التي تمانع, تعترض أو تقاوم. يلغي وبعنف كلّْ المساحات والفضاءات الفكرية والسياسية حتى لايتبقَّى غير المملوك ذو الهالة القدسية. يعمِّم ذلك على الوطن أو أي جزء من الإقليم المحيط (لبنان, الساحة الفلسطنية) يقع تحت سلطته.
النظام في سوريا ليس علوياً / شيعياً كما تعتبره الأغلبية الشعبية وخصوصاً السنة. إنَّ الطائفة العلوية الَّتي كانت ومازالت وقوداً للحركات السياسية المناهضة للإستعمار (الفرنسي), الحالمة بتحقيق العدالة الإجتماعية والساعية لتوحيد الأمة العربية وتحرير فلسطين تُجَيَّش اليوم بأكثر الصور الطائفية بشاعةً للحفاظ على الأسرة المملوكية الحاكمة. هم مكون أساسي من الوطن و الأمة كما من التاريخ الَّذي استدبرنا و مقبلنا.
النظام ليس ديكتاتورياً بالمعنى الشائع للمصطلح, بل يحمل سماته. هو بالتأكيد ليس بعثياً قومياً عربياً و لا إشتراكياً, ولايتَّسم حتَّى بأثر من هذا المستدبر (كتلا وأحجارا وعوالق وزوائد من مشروع قومي عربى ، لم تكن في الحقيقة تمثله أو تعبر عنه).
أمَّا الممانعة فهي مبنية على موقع سوريا الجيو سياسي وتاريخ الشعب السوري القومي والمقاوم; هي أمر لايمكن صرف البصر والبصيرة عنه.
ماهية الشعب السوري:
إن هوية الشعب السوري لا عقيدته عربية كما تكوينهم الحضاري (عرب سواحل, عرب دواخل, فلَّاحين وبدو). الأن يريد بعض العرب إعتبار الهوية عقيدة نختلف عليها ونحسمها سياسياَ في مابعد إنتصار الثورة في الدولة الديمقراطية. بما أن هوية الشعب عربية فلماذا سنسمي و نعرف أنفسنا بعيدا عن هويتنا. عندما نتحدث عن التنوع والغنى الثقافي والديني الموروث عبر التاريخ قديمه وحديثه فهذا لا يتناقض أبداً مع الهوية. هل هناك اختلاف بما يخص هذا التنوع والغنى بين دمشق وبيروت, اللاذقية وحيفا, حلب والقدس, الإسكندرية وحمص. هناك نسق جامع تكوَّن عبر التاريخ ماقبل الإسلام أكثر نصاعة وحضوراً مما بعده. الهوية العربية الإسلامية المسيحية تتشكل وتنضج في سياق التاريخ الحديث والمعاصر.
ماهيِّة الثورة السورية:
جميعنا نعلم أن سقوط جدار برلين وإنهيارالمنظومة الإشتراكية في نهاية الثمانينات لم يؤدي إلى انتقال العدوى الديمقراطية إلى دمشق. السوريون دعوا إلى التظاهر عبر شبكات التواصل الإجتماعي وبشكل متكرر منذ الرابع من شباط وحتى الخامس عشر من حزيران ولم يجتمع للتظاهر حتى شخصان. الذي تظاهر في جميع الأوقات والأمكنة هم سيارات الهمر والكيو سبعة بإستعراض بشَّاري من الطراز الأول. بشكل موازي بدأ النظام بالتجييش الطائفي وتحضير فزَّاعَّاته. عندما إستخدم الفتية السبعة في درعا لشعار العرب (الشعب يريدإسقاط النظام) صنع في تونس (العربية) إنطلقت شرارة الثورة في سوريا. إن هذه الثورة هي إمتداد للربيع العربي بامتياز سياقاً وروحاً وشعارات. إن تحديد هوية و أهداف و أدوات الثورة في سوريا ضرورة حتى يمكنها النجاح, ليس فقط دحر النظام و إنما بناء الدولة العصرية الحديثة.
فالنظام إذاً مملوكياً, ذو رداء طائفي, فاسد, مستبد, فاشي وإستعمالي إستيلائي. أمَّا الشعب السوري فهو عربي إسلامي الهويَّة والروح والحلم والأمل. أمَّا الحراك الشعبي الراهن فهو بإمتياز إمتداد للثورات العربية المجيدة المعاصرة. رغم مرور مايرنو الشهور الستة لم تنضج هوية الحراك بشكل بيِّن ولا أدواتها رغم أنَّ ماتمَّ حتى الأن لا يمكن الإنتقاص منه.
هناك الكثير ممنّْ بدأ بالتحضير لسوريا مابعد الحكم المملوكي وكأنَّ الثورة قد أمسكت تلابيب النصر بهدبيها وهي لم تمتلك بعد أسباب النصر, الأدوات والأهداف والوسائل. هؤلاء هم نفسهم من ينزع عن الثورة ويحاول حرمانها من مستلزمات النصر. إنَّ الَّذين يحاولون تجريد الثورة من هويتها العربية الإسلامية وأهدافها في إستعادة سوريا دورها وموقعها العربي على طريق تحرير الجولان و فلسطين هؤلاء هم من يعملون بنية أو غير نية على حرمان الحراك الثوري في سوريا من الوصول إلى النصر إمَّا قبل أوَّ بعد سقوط الحاكم المملوكي. إنهم علَّاويون سوريا أو برزانيوها.
بناءً على ماتقدَّم نستطيع أن نقول أنَّ سوريا اليوم بحاجة ماسَّة لألية سريعة من أجل الخروج من الإنسداد الراهن لكلّْ أفق بنَّاء. لا النظام بدأ يتفكك مبشِّراً بإنهياره ولا الحراك الشعبي فُتَّ عضده و وهِنْ. لا النظام بدأ يتفكك مبشِّراً بإنهياره ولا الحراك الشعبي فُتَّ عضده و وهِنْ؟؟ لا النظام بدأ يتفكك مبشِّراً بإنهياره ولا الحراك الشعبي فُتَّ عضده و وهِنْ؟؟ ؟؟ ؟؟
السيرورة التاريخية التي تولد من رحم الحراك الشعبي في سوريا تبدو عسيرة التكَوُّن هوية وأهداف وأدوات. إنه السهل الممتنع.
شاخصات على الدرب:
إنَّ السعي لتكوين قيادة موحدَّة تشمل كل الأطياف يجب أن يستثنى منها من تلوثت يداه بقوت و دماء الشعب (لا النظام). يجب أن يستثنى منها كل من كانت مرجعيته السياسية والأمنية والمالية غربية, أوروبية أمريكية. يجب أن يستثنى منها أيضاً كل من لايملك موقفاً حازماً بما يخص الكيان الصهيوني ودعم كل مقاوميه أو يملك موقفاً ضبابياً في هذا الشأن. يجب أن يستثنى كل التكوينات الطائفية, القبلية والعشائرية. لايبدو أنَّ االتاريخ العربي الحديث والمعاصر يخلو من منارات ومعالم واضحة نقيس عليها. النموذج العراقي علامة فارقة في هذا السياق. الشيطان الأكبر أصبح الصديق والخليل والحليف لأئِمَّة الوليِّ الفقيه و أتباعهم. الإمبريالية أصبحت حليفة رفاق فهد الشيوعيين. أعداء حرية الشعوب أمسوا ممولاً وحافظ أمن و صديقاً وحليفاً ومستشارا للعلمانيين الليبراليين (هذا مايدَّعوه) كإياد علَّاوي ورهطه و الباججي ومستقلِّيه. أما أعداء الأمة الإسلامية الَّذين أجهزوا على عصر الخلافة الإسلامية(العثمانية) فأصبحوا ضمن الممكن والمشروع إجتهاداً, أُولي أمر لايُعْصَوْن فسار الإسلام الحركي في خريطتهم السياسية والإقتصادية والأمنية الإستعمارية, طارق الهاشمي وعبد الحميد. أمَّا مستَعْمِر الشعوب فأصبح المخلِّص اليسوع أو المهدي المنتظر لمن نصَّبوا أنفسهم مماليك جدد طلبانيون وبرزانيون لأقلية كردية عانت الويلات.
مهام ملحة:
إنَّ قيام هيئة قيادية من مهمَّاتها البدء بمشروع التحضير لجمعية تأسيسية تعمل على صياغة دستور جديد( الدساتير كلها إجماع طوعي، وليس أغلبية وأقلية، لأنها مواطنة عيش مشترك، لا يقبله طرف إلا بكامل حريته، وبرضاه واختياره). صياغة قانون ناظم لممارسة العمل السياسي والحزبي. صياغة قانون إنتخابات بوطن من دائرة إنتخابية واحدة يكون التمثيل فيه نسبي للأحزاب والقوائم وإئتلافات المستقلين. صياغة قانون ينظم القضاء والصحافة.
العمل على تشكيل مجلس رئاسي إنتقالي مؤقت لمنع حصول فراغ سياسي ناجم عن كون رئيس الجمهورية يملك بيديه جميع السلطات التشريعيه والتننفيذية والعسكرية.
العمل على تشكيل اللِّجان الشعبية تيمناً بالإنتفاضة الفلسطينية الأولى لإدارة شؤون الناس اليومية, الإقتصادية والمعيشية, حتى الأمنية.
يبدو أنَّه يقع على كاهل القيادة الجديدة المفترضة الخروج من عنق الزجاجة الحالي والإنسداد الَّذي
وصلت له الحركة الشعبية. نقدم مثلاً:
1- التحضير لعصيان مدني شامل.
2- البحث عن وسيلة ردع لفاشية النظام. بإستثناء الإستقواء بالقوى الغربية حتى لا يرتهن مشروع إعادة بناء الوطن وسيادته بيد أعداء الوطن والعرب.
3- التحضير من الأن للتحالف مع القوى الصاعدة في الدول العربية التي في طريقها لإكمال الثورة (تونس ومصر). وهي ليست بعيدة عن الحركات القومية والإسلامية والصاعدة.
4- الإجابة الواضحة بالسلوك والفعل لا بالقول على فزَّاعات النظام: أنَّ الحراك الشعبي ماهو إلَّا مؤامرة خارجية أميركية أوروبية تستهدف دور سوريا المقاوم والممانع وتسعى لتسويق الشرق الأوسط الجديد ( تفتيت المفتت وتجزيء المجزَّأ). ماذا علينا أن نفعل لا أن نقول حتَّى لانسقط الهرم المملوكي (اللاديمقراطي) ليرثه ألاف المملوكييين (الديمقراطيين) الصغار (المستبدين, الفاسدين, الفاشيين, الطائفيين العشائريين). ماذا علينا أن نفغل حتى لا يكون في سوريا الديمقراطية كردستان البرزانية والطلَبانية ذات النفوذ (الأمني و العسكري لا الشعبي والثقافي والحضاري) الصهيوني, حتى لايكون في سوريا شيعستان الحكيمية والمالكية والصدرية ذات النفوذ (الأمني و العسكري والديني والحضاري لا الشعبي) الفارسي , حتَّى لا يكون في سوريا عربستان الصحوات.
5- الإجابة الواضحة على مخاوف وهواجس الناس أن سوريا ستنفتح من جديد على صراعات مفتوحة تنهار فيها السلطةالمركزية ومعها ينهار الأمن الشخصي والمعاشي للناس. أن تصبح سوريا بؤرة لثورة مضادَّة لربيع الثورات العربية عند عتباتها يُحمى الملوك والسلاطين والأُمراء العرب. أن تصبح بؤرة مضادَّة لكل ما هو مقاوم في المحيط العربي.
يجب أن لا تغرينا شعارات لا يمكن تحويلها إلى سلوك سياسي يحقق مصالح الناس. ليست الحرية ولا الديمقراطية هي الهدف بل هي وسيلة الناس للوصول إلى أحلامها في الكرامة ( المشاركة الفاعلة في إدار الشؤون العامة ) والرفاه ( العمل, السكن, الصحة, التعليم, الخدمات الخ) الَّذي لايتحقق بغير أن يمتلك السوريون فضاءً واسعاً في الإقليم. حرية إنتقال القوة العاملة, رأس المال والبضاعة في الفضاء العربي. حتى نصل إلى هناك نحتاج لعشرات الثورات نكون فيها مشاركين بفاعلية.
في سياق الحراك الشعبي بدأت مساعي حثيثة تتبلور في سياق صياغة الأدوات. يتوجب الدعوة لإلتفاف الجميع حول المعارضة في الداخل وهو العمل المهم اليوم لقيام قيادة موحدة تدير وتستثمر, وهوالأهمّْ, العملية النضالية.
الأدوات مهمة لكَّن المقاييس الواجب توفُّرها بمن يُشمل أو الَّتي يُستثني من هذه الأدوات هو الأكثر أهمية. ماهي هذه المقايس ؟ هل نستطيع آن نحددها؟ مثلاً آن يؤمن المرء بدولة ديمقراطية يسودها القانون وتكون مرجعيته بريمر العراق أو فيلتمان لبنان, أو حتَّى الجنرال ديغول المسؤول عن جرائم ضدَّ الإنسانية في الجزائر وفيتنام وتذويب رئيس وزراء عربي سابق بالأسيد(المهدي بن بركة) ومزوِّد العدو الصهيوني بالبرنامج العسكري النووي و باليورانيوم المخصب والمسؤول عن قمع الحركة الطلابية عام 68, أو حتَّى جورج بومبيدو المسؤول مع الأسد الأب عن مقتل رئيس الوزراء السوري السابق صلاح البيطار في باريس عام 71, أو حتَّى التماهي مع دول متحضِّرة مثل فرنسا وبريطانيا واسبانيا الَّتي استضافت جزَّار الشعب السوري رفعت الأسد وحاشية القتلة واللصوص والمجرمين من أتباعه الَّذين ناهازوا الثلاث ألاف. أقول ذلك لأن هناك من يخلط بقصد أو غير قصد الأهداف السامية واعتبار الدول المتحضرة مرجعية. قارنوا فقط بغداد بعد دخول جيوش 36 دولة متحضَّرة وطرابلس بعد دخول 36 قبيلة متخلفة بجيش اعتباطي يقوده سلفي إسلامي من غوانتانامو.
هناك من يسعى بدأب نزع الهوية العربية الإسلامية المسيحية عن الأوطان العربية فيقول البعض (القوميين العرب فرضوا على سوريا هوية أحادية الجانب. عندما تختفي هذه الهويه ويحل محلها هوية سوريه قائمة على تاريخ وثقافة سوريا تنتصر الثورة السورية ويمهِّد لبناء الدولة العلمانية والمدنية, دولة القانون) (ماذا تعني كلمة عربي؟) هل بإمكان أحد إيجاد الفارق بين هاتين الجملتين فكرياً عن أفكار
: المذكورين أدناه
محمد راتب الشلَّاح (ضد الفكر القومي, صديق السفراء الغربيين والذي يُعتقد أنه يتبوأ موقع قيادي في جمعية سرية) والمفترض( أنه معروف جيداً) خاصة دوره في العلاقات العامة العلنية والسرية في حتيتة التركمان (المناسبة لا تتسع لذكر الكثير).
الصحفي الكويتي سامي النصف (ضد الفكر القومي والذي يفتخر و يمتدح الجمعية السرية المذكورة أعلاه).
الصحفي الأردني صالح قلاَّب وزير الأعلام في أول وزارة للملك عبد اللة الثاني و أول رئيس تحرير للعربية.
النائب اللبناني الحريري عقاب صقر.
الفلسطيني ``العرفاتي`` ياسر عبد ربه.
المصري المباركي الساداتي عضو مجلس سياسات الحزب الوطني المصري مجدي الدقَّاق.
المحلل السياسي الأل سعودي جمال الخاشقجي.
الشاعر اللبناني الكتائبي سعيد عقل.
النائب العراقي مثال الألوسي (مدير لجنة إجتثاث البعث و علمانيا ويعتبر مؤيدا لعلاقات وثيقة للعراق مع الولايات المتحدة ، الدولة العبرية، و بريطانيا).
هل يمكن لأحد أن ينكر العلاقة بين هذه الأفكار والتعبيرات السياسية لها المذكورة أدناه:
الرئيس كميل شمعون و وزير خارجيته شارل مالك استنجد بالأسطول السادس الأميركي لحماية حكمه من الثورة الشعبية 1958.
شمعون نفسه ونموره الأحرار بمشاركة كتائب أل الجميل أدخلوا لبنان نفق الحرب الأهلية 1974 التي يبدو أنهم يرغبون برفقة أل الحريري بالعودة إليها. آل الجميل وشمعون و كل أعداء الفكر القومي العلمانيون الَّذين ينتمون لثقافة متوسطية ويتماهون معها ومع زعمائها مثل ديغول, بومبيدو, دستان وشيراك و تحالفوا عسكرياً و أمنياً وسياسياً مع أكثر مكونات التاريخ البشري عنصرية (الدولة العبرية) و أعلنوا عن حلفهم في إتِّفاقية أيار 1983.
أسقط عرفات االقيادة التقليدية والتاريخية (أحمد الشقيري,يحيى حمٌّودة وإبراهيم بكر) لمنظمة التحرير واستبدل الميثاق القومي بالميثاق الوطني ومن ثمَّ حوَّل منظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً, وحيداً بعيدا عن كلِّ العرب بما فيهم مسيحيين ومسلمين. لم تعد فلسطين عربية, كماالبعض يريد سوريا. تحريرها كما التنازل عنها شأن فلسطيني, لا نتدخل بشؤون الغير ولا يحق لهم التدخل في شؤوننا, فقام صاحب الحق والملكية الوحيد بالتنازل عنها في اتفاق جعل فيها نفسه حارساً أمنيا وعسكريا وفكرياً إلخ لهذا المكون العبري المذكور أعلاه.
إياد علَّاوي جاء مع جيوش الدول الأكثر حضارية في العالم وقاسمها المشترك العداء للفكر القومي فعاثت بربريةً في عاصمة و ديار الرشيد. فأصبح العراق الديمقراطي والنموذج الغربي للعالم العربي فزَّاعة تخاف كلُّ الشعوب في العالم العربي بما فيها سوريا أن تنزلق إلى مثيلها.
إختار السادات إستبدال القومي بالوطني; والعدالة الإجتماعية الإشتراكية بالخصخصة, والعلاقة بالعرب بعلاقة مع الغرب والكيان العبري المذكور أعلاه. فأين أمست مصر. وأين أمست الأردن. وأين ستمسي سوريا.
الأفكار تؤدي حكماً إلى سياسات. الأفكار قد تبدوا بريئة لكن تطبيقاتها السياسية ليست كذلك.
يقول البعض (هوية الوطن مستمده من تاريخه الموضوعي الطويل وثقافته المتعدده، وليس من تركيبته "القوميه والدينيه").أليس هذا مايرتكز عليه ثنائي بوش وشيراك كما ثنائي أوباما و ساركوزي عندما يقولون أنَّ وجود الكيان اللبناني ضروري لإستقرار المنطقة, ليس إسقرار لبنان واللبنانيون. المنطقة هنا هي الكيان العبري المذكور أعلاه.
أليس هذا (التاريخ الموضوعي الطويل) الذي ستصنع به رايس الشرق الأوسط الجديد (عندما تختفي هذه الهويه العربية ويحل محلها هوية سوريه).إنَّ تفكيك النسق العربي الإسلامي المسيحي شرط لازم وكافي من أجل الوصول إلى شرق أوسط جديد تقوده الدولة العبرية. البعض يريد إقامة الدولة المدنية الحديثة ويستنكف عن تحديد الذين تمثلهم :
حديثة بمن و لمن؟ ديموقرطية من ولمن؟
هناك من يرغب بإقامة دولة مدنية في سورية لا تمييز فيها في الدين والعرق والجنس. هؤلاء نفسهم يرغبون بالتفاوض و إقامة السلام مع الدولة الأكثر عنصرية في التاريخ البشري. سلام يصبحون فيه كما عرفات والسادات والحسين حرَّاساً ومدافعين عن الدولة الكيان الأكثر عداءً للدولة المدنية والديمقراطية والمواطنة. بعض الأغيار يرغبون أن يكونوا حتى قبل وصولهم إلى السلطة أن يجعلوا منَّا عبيداً لشعب الَّله المختار. فلسطين مسألة أخلاقية من يتخلَّى أو يتنازل عنها فمكانه في الخندق المعادي لا حوار معه.
#زياد_يانس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟