أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليد مهدي - النبوة و العقلانية Prophecies and Rationality















المزيد.....


النبوة و العقلانية Prophecies and Rationality


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 3532 - 2011 / 10 / 31 - 09:57
المحور: سيرة ذاتية
    


لصديقي الكنعاني السوري علاء ابو الفضل مع تقديري العميق

(1)

كان الوقت مساءً وكانت احدى ليالي الصيف شديدة الحلكة من العام 1999 ، حينَ كنتُ اناجي " الله " باكياً شاكياً له اتساع ذهني وضيق آفاق هذه الدنيا الضحلة ..
كنت اشعر وكأن هذا العالمُ لا يكفيني ..
لطالما رفضت في داخلي هذا التنامي المضطرد في الإدراك وانا يومها لم ازل بعدُ في الثالثة والعشرين من عمري ، كنت اشعر حينها بانني ربما تجاوزتُ الاربعين أو إن عمري " العقلي " تضاعف ..
كنتُ ادرك من حكمة وجودنا في هذه الدنيا بحوادثها وجواريها ما لا يدركه الشيوخ ، او هكذا كنت احسب ، و فضلاً عن هذا كله ، اشعرُ " بالخالق " واتوق له شغفاً كرابعة العدوية .. !

كان عذاباً يشج الروح ويهز الوجدان ، كانت له بداية .. ولم اكن اتصور بان ستكونُ له نهايةً ابداً ..
لم اكن اعرف بان نهاية التصوف والممارسات السلوكية العرفانية ستنتهي بي لهذا الحال .. فــ " لو كنت اعلم ان البحر عميقٌ ما ابحرت .."
لو كنت ادرك هذا المآل لما تجرأت وتخطيت إلى حيث " مقصلة " السعادة والشعور بضياعها الابدي ، حيث تذوب الانا " محترقة " بكلية الوجود ..
ايقنت حينها ان لا سعادة ما دام الروح في الجسد ، السعادة هي التحرر من الجسد ..
ولشدة الالم رفعتُ راسي للسماء شاكياً سائلاً في تلك الليلة :
لماذا تفعلُ هذا بي يا الله ...؟!
وإذا بصوتٍ يهزُ اركان السماوات ، كأنني اسمعه في أصل أذنيّ ، صوتٌ يعطي من يسمعه إنطباعاً وكان الوجود بكليته تزلزل ، كأن يوم القيامة حل حين وصلتني كلمات تتردد صدى للآية القرآنية " إني جاعلك للناسِ إماماً " ..
فتصورت لوهلة .. بانني اتوهم .. لكن تكرر الصوت لثلاث مرات ..

(2)

نمتُ تلك الليلة وقد غمرتني " سعادة " لا توصف ، لم افكر كثيراً قبل النوم ..
كنتُ مقتنعاً إن الله ، ربُ السماوات العلى كلمني حينها واعطاني منزلة الخليل " ابراهيم " ..( وهو انطباع يمكن ان يمر به اي سالك للعرفان وهو يمر بمراحل مختلفة من مراتب الايمان ، وربما كانت تلك المنزلة بالنسبة لي في ذلك الوقت لا تخطر على البال !! )
لكن ، وفي المنام .. حدث ما غير لي حياتي كلها ..
كأنني طفتُ حول الارض محلقاً بارتفاعٍ منخفض ..
قمتُ بلف محيط الكوكب لدورة كاملة كما لو انني مركبةُ فضاء سريعة ، حتى إنني اتذكر رائحة " الباسفيكي " في مدار السرطان قبل ان افلت من هذا المدار نحو الاعالي فقابلتُ العزيز الحكيم ..
ما يميز الجلاء الروحاني عن التصور الخيالي للحلم العادي هو " هامشية " التجسد للماديات ، وهنا " الله " يكون هامشي التجسد ..
فقد رأيته وسمعته ، لكن في نفس الوقت .. لم اره .. ولم اسمعه !!
كنت في ذلك المشهد الدرامي العجيب على غير طبيعتي التي نمتُ عليها من الطمأنينة والسعادة ، كأنني شخصٌ آخر نافذ البصيرة .. " كلي القدرة " .. معترضٌ على الله في ان ينصبه وذريته من بعده إماماً على سجية ما جرى لإبراهيم ..!
كان وجه اعتراضي على الله .. ممثلاً بسؤالي التالي له :
لماذا تريد ان تكرر المأساة ..؟
فأجابني على الفور :
انتم تريدونها هكذا ..!
كان يقصدنا .. نحن .. العرب ( وهو انطباع نافذ وعابر لصيغة الحوار يؤلفه الحدس ) ، باننا نحن من يقدس الانتماء القومي و الانساب ، وكأنه يسن القوانين لنا وفق ما نريدها نحن بمجموعنا الكلي " التحصيلي " وليس كما يريدها هو شخصياً ...
اعتبرت جوابه ذاك مفحماً ( وهو الافحام والاقناع العابر ايضاً والمسند حدسياً ) فشعرتُ بيأس كبير حين ادركتُ إن الله كما يقول عن نفسه هو بلسان النبي محمد في القرآن :
إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس كانوا انفسهم يظلمون ..
ثم عدتُ وسألته ساخراً :
اذا كنت تقصد بانني انا " ابراهيم " جديد في دورة التاريخ ، فأي مكانٍ ستختاره وطناً لذريتي من بعدي ..كما اخترت فلسطين لبني اسرائيل وابراهيم الاول ؟؟
اجابني على الفور بكل ثقة وبلا تردد :
انها " اسبانيا " يا وليد ... حتى إن الاقدار اعطتك في تلك البلاد علامة في مدينة لا تزال تحمل اسم : بلد الوليد .. ، بلفور البديل جاهز ، واسبانيا كانت في يوم من الايام يسكنها العرب ... السيناريو محبك لتشييد وطنٍ عربي اسلامي في اوربا تحكمه “ امتك “ ولو بعد قرنٍ من اليوم فاطمئن !
صمتُ برهة .. و أجبته بشفاهٍ مرتعشةٍ باردة :
بئست الوصاية هذه وبئس الوعد ..
وبئست النبوة حين تكون امتهاناً لإنسانية الغير ..
بئس الوعد يا ربي حين تتكرر مأساة اغتصاب فلسطين باسم الرب والوعد الالهي المقدس
بئس الوطن يا خالق السماوات العلى هذا الذي تشيده لنا جماجمُ غيرنا ودماؤهم ..!!
فرد علي مقاطعاً :
هذا الكلامُ لا يوجه لي ، هذه سنة الذين خلوا من قبلك فلن تجد لها تبديلاً ولن تجد لها تحويلاً .. بسهولة .. قوانين الاقدار مختلفة بجملتها العامة عن تفاصيل القوانين الاخلاقية على الارض ..
رددت عليه طالباً رداً سريعاً :
قل لي كيف تتغير هذه " السنة " القدرية ..!؟
فأجابني :
لو تغير العرب وتخلوا عن تقديس اسلافهم ، فإن اسرائيل مثل هذه ( وقد اشار بعصا بيده إلى خريطة رملية للعالم ) ستزول بلمح البصر .. وقد محاها من الخريطة تماماً ...
قلتُ له :
اين يذهب الشعب الاسرائيلي اذن ؟
قال :
يصبحون مثلكم ، ويذوبون بينكم ، لا يقدسون اسلافهم فلا يبقى اي معنىً لدولتهم التي هي دولة الاسلاف ..
كان الحل موضوعياً جداً ، لكنني وقتها اخبرته :
ما دخلي انا في القضية ؟
فأجاب :
هذا العالم ، وبدخول هذه الالفية ، يكاد ان يكون قريةً صغيرة ..
وما من قريةٍ إلا ولها منذرون... انت نذيرُ هذه القرية ..
تبسمتُ حينها وسألته :
انت تعلم جيداً بانني " نبي " غير مستعد .. بل ولا يقبل هذه المهمة .. فلماذا ترسلني اذن ؟
( وهو استطراد مبني ايضاً على قناعات بطنية حدسية )
اجابني جوابه الهادئ الواثق :
لأنك اردت بلوغ هذا وإن كان عقلك " العلمي " يرفضه ..
منذ طفولتك وانت تحلم بان تكون مثل محمد وموسى ، ها انت ذا .. تناط بك المهمة فترفض ، هذا شأنك ، وانا فعلت واجبي تجاهك كـــ " معلم " ..

(3)

مرت بعد تلك الرؤيا سنوات قبل ان تعاودني " الاشواق " والرغبة في العيش باجواء الملكوت ..
الرغبة القوية ربما تحدث في الدماغ ، بنية الوعي والعقل ، نسجاً درامياً يسعى لتحقيق التوازن النفسي كما يرى علم النفس التحليلي ..
كنت مقتنعاً بعد ان مرت السنين ، إن الرؤى و الانكشافات التي كانت تراودني ما هي إلا هلاوس مركزة ومنظمة مصدرها الوعي الباطن الذي غصت في اعماقه التي يصعب بلوغها عادة إلا بالممارسات " الخاصة " التي درجت المدارس السرية الصوفية القديمة على استخدامها لتحقيق الاتصال مع الآلهة القديمة ..
كان السنة هذه المرة هي 2007 .. وفي شهر نيسان ابريل تحديداً... وفي اليوم السابع عشر ، ولا ادري إن كنتُ نائماً ام بكامل صحوي ، ربما غفوت ذلك النهار لكنني وفي الرؤيا كنت اعرف بانني احلم والمشاهد التي تترى كنت اعرف بانها مجرد مسرح عرض ثلاثي الابعاد ..
يبدأ المشهد برؤية على الارض ..
الحدود العراقية الايرانية ، وآلاف الطائرات المقاتلة الامريكية كأنها اسراب من الجراد الذي لا يحصى تتجمع في تحليقها الدوراني مولدة " اعصاراً " عظيماً فوق الارض يتجه من ارض العراق نحو ايران ..
في المقابل ملايين النسور " السوداء " تفعل شيئاً مماثلاً ، اعصارٌ آخر يسعى لمواجهة اعصار الطائرات العظيم ..
كادت كتل الاعاصير ان تلتقيا ، لكن فجأة ، اعصارٌ بحريٌ عملاق .. يهبط من السماء ليغمر الارض كلها حتى رفعني الماء إلى طابق المنزل الثاني حيث كنت اشاهد ما يجري..!
انتهى المشهد المغبر المخيف ، واشرقت الشمس ، وجف الماء .. فاذا بالأرض الرطبة جميلةٌ خضراء ..!
فسرت الرؤيا وقتها ان الضربة الامريكية المرتقبة لايران في 2007 لن تتم بفعل كوارث طبيعية تضرب العالم او الولايات المتحدة الامريكية ..
الذي حصل هو الازمة المالية العالمية في 2008 ولا تزال مستمرة ممتدة إلى يومنا هذا في 2011 ، فهل كانت تلك الازمة هي المانع الحقيقي لحصول تلك الحرب ؟
ام ان الرؤيا اصلاً كانت تتحدث عن حدث مستقبلي للمواجهة بين ايران واميركا لم يحدث بعد ..؟
لستُ ادري ..

(4)

المشهد الذي يليه كان كونياً ، لم يكن واقعياً .. حيث الالوان مضاعفة الوضوح وكذلك الاصوات والاحاسيس ، حالة من العودة إلى بهجة واحساس الطفولة ولكن بذهنية متفتحة واعية ومتسعة بشكل غير مسبوق ..
كانت هناك موسيقى تعزف بالحانٍ وصوتٍ يداعب زغب الروح فيما يقبع في شبه عتمة رجلين عملاقين يمتد مجلسهما بين الارض والسماء ..على طاولة مستديرة وضع عليها دست ٌ لأحجار الشطرنج ..!
كانا يلعبان بصمتٍ وهدوء .. لكن الموسيقى الشبيهة بمعزوفة " نينوى " كانت تحكي عن آلام الشعوب والامم التي يحركانها كبيادق على مربعات الابيض والاسود .. الخير والشر ..!!
كان احدهما يرتدي كفناً ابيضاً وعمامة بيضاء ، والآخر يتشح بملابس " انيقة " سوداء وقبعة سوداء ..
الغريب إن صاحب الملابس السوداء كان اشقر الشعر ، ابيض البشرة ويبدو مألوفاً عندي ..
وكذلك ذو الملابس البيضاء ، كان آسيوي الملامح ، اصفر البشرة ويبدو مألوفاً هو الآخر ..!
كان ابيض الرداء الآسيوي جنكيز خان ، والثاني هو جورج واشنطن بملابسه السوداء ..!
فهمت من خلال المشهد وترميز ما يرتديانه إلى الخير باللون الابيض والممثل لشعوب آسيا ، والشر باللون الاسود الماثل بالولايات المتحدة .. لكنني استطردتُ سائلاً باستغرابٍ مرةً اخرى :
أيعقل إن " جنكيز خان " السفاح يصبح رمزاً للخير ..؟
ثم ما لي ارى جنكيز خان برداءه الابيض يلعب بالأحجار السوداء ؟
فيما جورج واشنطن المتشح بالسواد يلعب بالأحجار البيضاء ؟
ما هذه التناقضات ؟
توقفا عن اللعب برهة ، ثم التفتا نحوي وهما يحدقان في عيوني ..
لم اكن اشعر بشيء وقتها سوى اختراق نظراتهما لأعماقي الدفينة ، كانت عيونهما تحكي الف قصة تماماً مثل تلك الموسيقى الكونية الحزينة ..
لقد فهمت إن جنكيز خان كان مجرد صورة رمزية بربرية دموية يختفي خلفها " جبرائيل " .. صاحب الكعبة .. البيت الاسود .. هو تمثلٌ كامل للامم المقهورة في العالم ..
وجورج واشنطن الانيق بمظهره ، المحترم الكيس في هيئته كان تجسيداً واقعياً للشيطان ..صاحب البيت الابيض ..
الخان العظيم أو جبرائيل كان يلعب بالبيادق السوداء ، امم العالم الثالث المقهورة المضطهده .. " الجاهلة " ..
( والطريف انني استنتجت فيما بعد ان خير ما يمثل جبرائيل ( روح القدس ) في القرن العشرين هو الاتحاد السوفييتي ( قلعة الالحاد ) ، وفي القرن الحادي والعشرين هما روسيا والصين ، الامبراطوريات البراجماتية الحديثة .. )
اما جورج واشنطن .. الذي كان " بعينٍ واحدة فقط " فكان يلعب بالبيض المتحضرين ..
ويمتطي صهوة " العقلانية " مناراً ومنهجاً لإدارة المعركة ...!
( فئة الواحد دولار التي تحمل صورة واشنطن هذا تحمل في ظهرها العين المفردة في اعلى هرم الماسونية )

(5)

كان المشهد كافياً ليحكي لي قصة " جبريل " وقيادته للبربرية في جانب ، و جيش الشيطان المستنير في الجانب الآخر ورفعه لراية العقلانية في هذا العالم ..
كانت مسرحية " مقززة " تشمُ فيها رائحة الدماء ( عبر الحدس العميق ايضاً ) وتبعث على الياس والاسى وتثير الاستفهامات اكثر من الاجوبة التي اجابت عنها ابتداءاً ..
نظرتُ إلى السماء بيأس كبير وعيوني تحكي لله عن حيرتي والدوامة التي وقعتُ فيها ..
فما كان منه إلا ان يشج الاكوان بضحكة .. ولم اكن اصدق قبلها بانه من الممكن ان يضحك ..!
فقلت له :
اتضحك علي وانت رب العالمين ..؟
فأجابني بسؤال هذه المرة :
لطالما كنت تسألني ، وانا الآن أسألك :
هل كان " البرابرة الجرمان " يصدقوا بانهم يوماً سيسقطون " روما " العظيمة ؟
اجبته :
اعتقد بان روما كانت منشغلة في حروب ممتدة بعيدة ، ولم يدر بخلدها إن البرابرة القريبين من عاصمتها سيضطرون يوماً لاحتلال روما لأنها ستكون ملجئهم الوحيد ..!
فرد علي :
من يحكم عالم اليوم المتحضر سوى اسلاف اولئك البرابرة ..؟
لماذا لم تشفع عقلانية القانون ونظامها لروما ..؟؟
ليس " النظام " و " العقلانية " دائماً هما من سينتصر ، واعلم باني ما نصبت عرشاً كي احكم " العقلاء " ، وما ارسلتُ نبياً يوماً كي اهدي مبصرين ...
وكما قال بن مريم : ما بعثت لأدعو ابراراً بل خطاة للتوبة ..
الانبياء هم رعاة الاغنام الذين يحسنون قيادة القطيع ، وما بعث نبيٌ قط إلا كان راعي غنم ..!
البربرية الجرمانية و الانجلوسكسونية هي التي تحكم عالم اليوم باسم العلم والعقلانية ..
وبرابرة اليوم ، سيصبحوا عقلاء العالم غداً ..
هذه اللعبة التي تراها بين جبريل و عزازيل تسمونها " الشطرنج " ونسميها هنا قوانين زرادشت ..
قوانين زرادشت ؟ قاطعته باستغراب ٍ فأكمل :
نعم ، هذه قوانين زرادشت التي تحكي قصة الصراع بين إله النور وإله الظلمة على مربعات الزمن المظلمة والمضيئة ، إله الظلمة هو المبادر باللعب دوماً بالبيادق البيضاء وما تمثله من قوة وسلطة العقل والحضارة ..
فيما إله النور الذي دأب منذ الازل ان لا يبادر هو في القتل ..
{ لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ، ما انا بباسطٍ يدي إليك لأقتلك }
هو يدافع عن نفسه فقط .. لا يسمح له عزازيل ان يتنفس ويرهقه دائماً .. ولكن ..
التاريخ اشواط ، والحرب بين البربرية والحضارة سجال ، يومٌ لهؤلاء ويومٌ لهؤلاء ..
هي في النهاية .. ورغم دمويتها بالنسبة لكم بني الإنسان ، إلا انها مجرد " لعبة " هنا في حضرة الآلهة الكبار ..
صدقني ، عندما تنتهي اللعبة في كل دورة عظمى من دورات التاريخ يتصافح جبرائيل و عزازيل ، وانتم وحدكم من يبقى يحمل الاحقاد لا الحب على مر العصور ..
فاسمع ايها الغض الصغير نصيحتي قبل ان تعود إلى فراشك :
ان العقلانية لا تناسب الانبياء ، وحين مضيت بها منذ نعومة اظفارك وستمضي بها حتى آخر عمرك ، فاعلم بانك لن تجني منها شيئاً لتخليص هذه الامة العظيمة من الخضوع لباقي الامم الاخرى ..
هذه الامة ليست بحاجةٍ للعقلانية اليوم .. هي بحاجة ان تتحرر وتفك قيودها اولاً وقبل كل شيء ..
هي تحتاج ان تكسر خوفها وتشحذ مخالبها وتكشر عن انيابها .. وتعاود " الافتراس " من جديد لا اكثر لتعبر حوض المتوسط إلى جنان اوربا .. فتفعل ما قصرت عن فعله في المرة الاولى ..
اتمنى ان تراجع قرارك في ترك " المهمة " التي اوكلت إليك من قبلنا نحن .. انا خالق الكون العظيم وبقية اعضاء المجمع من ملائكتي المعظمين ..
مهمتك اصبحت محددة وواضحة ، وهي ان تنصر البربرية وترفع شعار الخان العظيم :
أنـــــا غضبُ الله !
فإن ابيت ، فما عساني ان اخبرك إلا بما قلناه سابقاً لسلفك جلجامش :
استمع للموسيقى، وابن حياتك بالعقلانية، ودلل المرأة التي في حجرك ودع شؤون الكبار للكبار..
التاريخ ، و حتى تتمكن من الإمساك بدفته ، فانت بحاجة إلى ما بعد ما بعد العقلانية !
مع ذلك ..
و رغم رفضك الشديد اليوم، ستعود إلي..
قاطعته مستطرداً :
لماذا اعود لك وأكاد انسى حبك العظيم ، وما عدت لأشعر بك كما كنت قبل سنين ، العقلانية والمعرفة ملات كل لحظة في حياتي ..؟
فرد :
لأنك مهما عشت بهذه " العقلانية " فلن تعرف معنى السعادة إلا معي ايها النبي ، يا راعي الغنم ..لقد خلقتك لأجل هذا ..

(6)

استيقظت .. ولا ازالُ غير مقتنع بغير معشوقتي الابدية ، العقلانية ( rationality ) ..
بل ، وانا اليوم على قناعة مطلقة بان قوانين زارا التي تكشفت في تلك الرؤى إنما تحكي قصة الصراع بين " البربرية " وما تمثله من اصوليات وايديولوجيات متطرفة و " الوحشية " وما تتمثل به من نظام راسمالي عالمي يتستر بالعلم والتنوير ..
العقلانية " الحقيقية " ليست طرفاً في النزاع اصلاً ، لكنها تدخل المسرح الانساني حين يبلغ حالته الاضعف بعد ان يشعر الناس بالانهاك والتعب من الحروب والتوترات .. فتاتي كحلٍ أخير بعد ان يعجز الرصاص والقنابل عن تحديد النهاية ، تاتي العقلانية لتحدد النهاية ..
عندما تنتهي اللعبة , بنهاية الحرب العالمية الثالثة ، التي اعتقد بانها ستكون في عالم ما بعد اميركا ، تكون البربرية " المنتصرة " و المنهكة في نفس الوقت قد سجدت للعقلانية التي ستعيد بناء نظام عالمي جديد ، لن يبقى بعد خراب العالم إلا العقل ..!
كنت كل صباحٍ حين استيقظ أعيش لحظاتٍ مميزة في أجواء تلك الرؤى ..
لكن , ما أن يداعب شعاع الشمس عيني حتى يجتاحني الشعور بأن ما كنت أحسه كإله في تلك الرؤى ، ما هو إلا " انا " ولكن .. بالعمق الممتد في كل التاريخ ..
ففي داخل كل منا إلـــهه .. العابر للزمان والمكان ..
وكل واحدٍ فينا بحاجةٍ لاكتشاف إلهه هذا حتى نتخلص من كل الأوهام ..
و تبقى العقلانية هي المنار لتشييد الحضارة الانسانية بكل تفاصيلها وحيثياتها .. بما فيها من عمق اللحظة الآنية ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوار النيتو .. غرهم في - اميركا - الغرور
- وحيٌ من جهة موسكو ! تجربتي مع الزمن
- التاسع من اكتوبر
- متى ستنتهي الرأسمالية ؟
- العلم ورؤية في مستقبل الحضارة ..
- القومية والنجم الثقافي الإسلامي الجامع
- اغتيلَ المهدي .. وصح النوم يا وطن !
- فيزياء العالم الآخر - ج 2
- فيزياء العالم الآخر - ج 1
- ملامح من فيزياء العالم المنطوي Implicate World
- عالم ما بعد الموت و علم الفيزياء
- الوجود قبل خلق العالم رؤية لفيزياء جديدة
- روحانية الهرم وروحانية الكعبة
- بالماركسيةِ العلميةِ يُعرفُ الرجال !
- لا تُعرَفُ الماركسيةُ بالرجال !
- الماسونية و الدولار و الماركسيات البئيسة (5)
- امير الغندور و الجدل مع الماركسيين
- الماسونية ومفهوم الإله (4)
- الماسونية و الثيوصوفيا (3)
- الماسونية والشيعة والسلفية (2)


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - وليد مهدي - النبوة و العقلانية Prophecies and Rationality