|
أيتام صدام يبكون على القذافي
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3530 - 2011 / 10 / 29 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس هناك أشطر من البعثيين في توظيف كل شيء لترويج بضاعتهم الفاسدة وتضليل الناس، وبالأخص توظيف التراث، وما يجري في العالم من أحداث لخدمة أغراضهم. ففي الحرب العراقية- الإيرانية راحوا ينبشون بطون كتب التاريخ لاستخدام تعابير وتوظيفها في إثارة النعرات العنصرية، والطائفية والفاشية، فالحرب البعثية العبثية المدمرة صارت قادسية صدام (أو بالأحرى قادسية العار)، ورحنا نسمع عن القعقاع، والمثنى بن حارثة الشيباني، ومحمد القاسم، والفرس المجوس... والصفوية، إلى آخر القائمة. ومنذ سقوط نظامهم الفاشي، استفاد البعثيون كثيراً من تقنية المعلومات في تلفيق وثائق وصور لتشويه صورة العراق الجديد وتلويث سمعة خصومهم.
وحتى ثورات الربيع العربي لم تسلم من التوظيف لخدمة أغراض البعثيين، وبمختلف الأشكال، وحسب الجهة التي يخاطبونها. ففي مخاطبتهم للشعب العراقي، يكون موقفهم إيجابياً من هذه الانتفاضات والثورات، حيث يطالبون الشعب بالاقتداء بالشعوب العربية للثورة على حكومة "الحرامية والمحاصصة والفساد". ولكنهم عندما يدافعون عن الطغاة مثل القذافي وبشار الأسد، يغيرون اللهجة والموقف بمائة وثمانين درجة، فتصبح هذه الانتفاضات مؤامرة صهيونية - أمريكية لتدمير الشعوب العربية وتفتيتها وإعادة خارطة المنطقة!!.
وكعراقيين، نحن نعرف ما يفعله البعثيون، إذ يصلنا يومياً سيل من أكاذيبهم، ومعظمها مع الأسف الشديد يصدقها الناس، وذلك لدقة تصميم هذه الافتراءات بحرفية عالية، وإخراجها على شكل صور ولقطات فيديو وتقارير "وثائق"...الخ. وعلى سبيل المثال لا الحصر، استلمت قبل أسبوع فيديو لأشخاص (على إنهم نواب برلمان) في قاعة يتناولون فيها كرزات، مع تعليق أن هذه اللقطة هي من البرلمان الأردني: http://www.youtube.com/watch?v=xh684Zc7nRQ&feature=related ولكن بعد أيام استلمت نفس الفيديو مع تغيير التعليق: "جرزات السلطان في البرلمان!!!" وتهكم: "برلماني حريص وساهر على أمن و راحة المواطن العراقي حقا!!" حيث أدعى مرسلو الفيديو أنه للبرلمان العراقي، علماً بأن القاعة التي صورت فيها لقطة الفيديو كانت مدرجة على خلاف قاعة البرلمان العراقي غير المدرجة. وبعدها وصلتنا صورة لطائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية، وعليها رسوم مقززة بالدم لكفوف على إنها "كف العباس" لطخت بها الطائرة عن "الحسد والعين"!!، ولا ننسى ما لكف العباس من دلالة طائفية. وهكذا المئات من أمثال هذه الصور والتعليقات التي لا يجيدها غير البعثيين في مختبراتهم لصناعة الأكاذيب. طبعاً قلة من المتلقين يعرفون أنه عن طريق برنامج فوتوشوب وغيره، يمكن تشويه أية صورة، ووضع توقيع أي مسؤول حكومي على أية وثيقة مفبركة.
واليوم استلمت مقالة، وعلى الأغلب استخدم كاتبها اسماً مستعاراً، بعنوان (بعض الحقائق التي يجهلها البعض عن قذافى ليبيا)، يعدد فيها الكاتب المحترم، فضائل القذافي على الشعب الليبي، وكأنه يتحدث عن دولة طوباوية تحققت فيها جمهورية أفلاطون، ومدينة الفارابي الفاضلة، وجزيرة توماس مور (Utopia)، أو شيوعية ماركس، أو دولة المهدي المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. طبعاً كل شيء في جماهيرية القذافي مجاناً، يعني سقطت النقود وتحققت الشيوعية واختفت الطبقات!!. ويدعي الكاتب أن أمريكا هي التي سعت لتدمير ليبيا كما دمرت العراق من قبل، وهذا هو بيت القصيد.
يسأل الكاتب المبجل: "وهل سيأتي اليوم الذي سيبكي فيه الشعب الليبي دماً على فقدان من أمَّن وسهر على تأمين حياة حرة كريمة لأبناء شعبه ... الذين وللأسف خذلوه ولم يضحوا به فحسب، بل ضحوا بمستقبل أبنائهم والأجيال الليبية القادمة لا محالة وستكشف الأشهر القليلة القادمة وليس الأعوام صحة ما نقول، ولنا في العراق خير شاهد وخير دليل، حيث أصبح الشعب العراقي يترحم على النظام العراقي السابق الذي أستطاع تأمين..." لا شك أن الكاتب يتحدث عن القذافي الفيلسوف الذي لا وجود له إلا في مخيلة المصابين بالأمراض العقلية، وليس عن القذافي المجنون كما يعرفه العالم. ويضيف الكاتب: "ولنسأل أنفسنا ونتساءل خاصة الراسخين في الديمقراطية ودولة القانون، لماذا أمريكا وحلفائها وعملائها الذين حرروا العراق من حكم " الطاغية" ؟؟؟ ، لم ولن يستطيعوا لحد الآن تأمين عُشر ما حققه النظام الصدامي البعثي البائد خلال فترة وجيزة !؟" يبدو أن الكاتب يخاطب شعباً في المريخ وليس الشعب العراقي الذي فر نحو أربعة ملايين منهم إلى الشتات، وصار وطنه أكبر مقبرة جماعية في عهد "القائد الضرورة!" معتمداً في تمرير أكاذيبه على ضعف الذاكرة وانشغال الناس بهموهم الجديدة.
لا شك أن عقلية البعض مهيأة لتصديق هذه الأكاذيب والافتراءات، وخاصة في العراق بسبب الظروف الأمنية ونقص الخدمات..الخ. إذ يدعي الكاتب أن البعث قد جعل من العراق جنة وارفة في أشهر، بينما لم يستطع "عملاء أمريكا" إعادة الخدمات خلال سنوات، وكأنه فعلاً كان عهد صدام ليس فيه فساد ولا مظالم ولا شح الخدمات، ناكراً أن مشاكل العراق اليوم من إرهاب ونقص الخدمات هي من صنع فلول البعث وحلفائهم من أتباع القاعدة، فهم الذين يدمرون المشاريع ويقتلون العمال الفقراء، والقائمين بإعمار العراق، ليقولوا لنا أن الحكام الجدد "عملاء أمريكا" لا يستطيعون توفير الأمن والخدمات للشعب.
هذا الكاتب وأمثاله من أيتام البعث يمهدون لما يهيئ له أيتام القذافي للشعب الليبي من إرهاب على غرار ما فعله ويفعله أيتام البعث في العراق. نتوقع المزيد من هذه الافتراءات والأكاذيب، وعسى أن ينتبه العراقيون وغيرهم إلى الأغراض الحقيقية وراء هذه الحملات المستمرة من قبل مرتزقة البعث في تشويه الحقائق وتضليل الناس تماماً على طريقة أستاذهم الصحاف أبو العلوج أيام سقوط الصنم في ساحة الفردوس.
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب الأستاذ الدكتور فرحان باقر
-
من المسؤول عن المحاصصة (رد على حميد الخاقاني)
-
هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
-
هل النظام العراقي ديمقراطي؟
-
هل حقاً العراق دولة فاشلة؟
-
الديمقراطية والفساد ثانية!
-
حول حكومة المحاصصة مرة أخرى
-
من المسؤول عن الاقتتال الطائفي في العراق؟
-
لماذا تم حل الجيش العراقي القديم؟
-
لماذا انهارت الدولة العراقية؟
-
ليبيا والعراق، والمقارنة غير المنصفة!
-
محاولة لفهم الأزمة العراقية
-
أفضل طريقة لإسقاط حكومة المالكي!
-
الاتفاق على تدمير العراق
-
تلامذة غوبلز يتفوَّقون على أستاذهم
-
الكهرباء وتوقيع العقود مع شركات وهمية
-
معوقات الديمقراطية في العالم العربي
-
مشكلة اليسار العراقي
-
لماذا عارضت المؤسسة الدينية قانون الأحوال الشخصية؟
-
أسباب ثورة 14 تموز 1958
المزيد.....
-
بعد تصريحات متضاربة لمبعوث ترامب.. إيران: تخصيب اليورانيوم -
...
-
بغداد تستدعي السفير اللبناني.. فماذا يجري بين البلدين وما عل
...
-
الجيش الإسرائيلي يُباشر إجراءات تأديبية ضد أطباء احتياط دعوا
...
-
قبيل وصوله طهران- غروسي: إيران ليست بعيدة عن القنبلة النووية
...
-
حزب الله يحذر.. معادلة ردع إسرائيل قائمة
-
الخارجية الأمريكية تغلق مركز مكافحة المعلومات ضد روسيا ودول
...
-
رغم الضغوط الأوروبية… رئيس صربيا يؤكد عزمه على زيارة موسكو ل
...
-
البرهان يتسلم رسالة من السيسي ودعوة لزيارة القاهرة
-
كيف تنتهك الاقتحامات الاستيطانية للأقصى القانون الدولي؟
-
حرائق غامضة في الأصابعة الليبية تثير حزن وهلع الليبيين
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|