جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3529 - 2011 / 10 / 28 - 23:48
المحور:
كتابات ساخرة
الإنسان هو أكثر مخلوق مخدوع في نفسه خداعا مريبا, فهو يعتقد بأن الله فضله على كل المخلوقات التي خلقها والحقيقة تقول بأن الإنسان كما يقولون في المثل العامي(مثل اللي ماكل في حاله مقلب كبير).
بعض الحشرات الصغيرة حين نريد مواجهتها نبذل وننفق ملايين الدولارات من أجل التصدي لها ودائما ما تكون نتيجة المباراة واحد مقابل صفر لصالح الحشرات, أو خمسة مقابل صفر لصالح الكلاب وهذا طبعا إذا قسنا قدرات الكلاب بمقابل قدرات الإنسان, وقدرات الحشرات بمقابل قدرات الإنسان, وتستطيع أي حشرة الدخول في دم الإنسان وتلويثه في الوقت الذي لا يستطيع الإنسان أن يدخل في داخل جسم الحشرات ليقتلها أو ليعذبها كما تفعل هي بالإنسان...وما يبعث على الدهشة هو أن الخطيب أو المرشد الديني الذي يقول في برنامج تلفزيوني بأن الإنسان معجزة الخالق وأفضل شيء مصنوع من مصنوعات الخالق, حتى أنه يقول بأن صناعة الإنسان أفضل من كل الصناعات اليابانية والأمريكية, ولا أدري من أين له هذه المعلومات التي نشاهدها على أرض الواقع معكوسة بحيث كل البحوث التكنولوجية لم تستطع حتى اليوم أن تجد دواء للسرطان أو للأمراض التي تسببها الجراثيم الصغيرة للإنسان أو للنباتات التي يقتاتُ عليها, وهذا معناه أن الإنسان ليس أفضل من الحيوانات والحشرات.
الإنسان كائن أرقى من الحيوانات وأفضل منهن جميعاً, وهذه حقيقة دامغة تعلمناها في المدارس منذ صبانا وحتى اليوم يتعلمها الطلاب في الجامعات, والمدهش أن هذا الإنسان لا يقدر على الحشرة النكرة التي نعتبرها أقل رتبة ومرتبة في عملية الخلق ,ومرة من ذات المرات كتبتُ مقالا وما زلتُ مصرا عليه بعنوان(الإنسان حيوان ابن حيوان)http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211162 طبعا لم أقل كلب ابن كلب, وإنما قلت :حيوانا ابن حيوان, لأن تشبيه الإنسان بالكلب فيه إساءة إلى الكلب أكثر مما فيه إساءة للحيوان, وحتى لا تزعل الكلاب من مقالي فإني أستسمحها قليلا لتشبيه الإنسان بها, ذلك أن الكلب لا يعض يد صاحبه ولا ينبح عليه ولا يخونه ولا يبيعه ولا يغدر به, وعلى كل حال ما زلت مصرا على أن أصل الإنسان حيوان ابن حيوان لأن بعض تصرفاته الخسيسة لا تصدر ولا حتى من الحيوانات القذرة والبشعة في خلقها وخُلقها, واليوم رأيت شيئا آخر عن الإنسان المذكور في الكتب السماوية بأنه أفضل من كل مخلوقات الله خَلقاً وخُلقا علما أن حشرة حقيرة تقتل الإنسان ولا يقدر الإنسان عليها بكل ما أوتي من قوة علمية وربانية,فأين هي مكانة الإنسان التي سمعنا عنها كثيرا من الأساطير والخرافات؟ فلماذا يا رب نحن نهلك من التعب ومن الأرق دون أن يمد إلينا أحدٌ يد العون والمساعدة ونشمتُ ببعضنا ونسيء إلى بعضنا وفي النهاية حشرة حقيرة تتسلط علينا فتقتلنا وجهاً لوجه دون أن نقدر عليها وبنفس الوقت نشاهد على الشاشة الصغيرة برنامجا عن الإنسان الذي خلقه الله وفضله على كل المخلوقات, هذا هراء,كله هراء, فمن يستطيع تعليل هذه الأسباب.؟.
أجبني يا رب, ولماذا كل هذا الصبر ولماذا كل هذا التحمل ولماذا كل هذا العناء ولماذا كل هذه النتائج؟؟؟ لماذا جئنا إلى الحياة ولأي غاية نحن نسعى ولماذا نتساقط واحدا تلوى الآخر مثل أوراق الشجر فمنا من يموت بالسكتة القلبية الفجائية ومنا من يموت تحت الضغط وتحت السكري ومنا من ينهرس تحت عجلات السيارات ومن من ينهرس تحت تسلط الجبابرة فيسحقوننا سحقا حينما يرفعون الأسعار وحينما يعلو صوت البنادق وحين يكون صوت الباطل أعلى من صوت الحق؟؟؟؟أنا لم أعد أفهم شيئا وأنا لم أعد أدرك شيئا وأنا لم أعد أرغب في أي شيء حتى الطعام والشراب لم تعد شهيتي تنفتح له كما كانت في الماضي,لماذا نقع فريسة للميكروبات الصغيرة والحقيرة؟ ولماذا يا رب تقول بأننا أفضل ما خلقته على وجه الأرض ولماذا تقول بأننا أفضل من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة ولماذا تقول بأننا من أفضل ما صنعته يداك ومشيئتك؟ علما أن جرثومة صغيرة تذلنا وتجعلنا بعدها نهبا للريح أو للديدان الصغيرة!!وأنت تعلم ونحن نعلم بأن ذبابة صغيرة أو حشرة صغيرة لا تُرى بالعين المجردة تقضي علينا حين تدخل دمنا أو حين تدخل إلى أعماقنا عن طريق التنفس,فأين هي المكانة العليا التي تقول بأنك قد وضعتنا على رأسها؟ فلماذا الإدعاء يقول بأننا من أفضل المخلوقات التي خلقتها رغم أن هنالك حيوانات أفضل منا فنجد بعضها له سرعة في الجري أكثر منا, وهنالك مخلوقات لها القدرة على الشم أكثر منا وبعض الحيوانات لها قدرة على الإبصار أكثر منا,وبعض الحيوانات تتألم وتحس وتشعر أكثر من غالبية البشر... ونجد الحب يسود عالم الحيوان أكثر من عالم الإنسان فإن أحب الحمار حمارة مثله يمارس معها كل عواطفه دون الاستئذان من أمها أو أبيها الجحش, ولماذا لا تضطر الحيوانات للذهاب إلى المحاكم لإتمام عقد الحب أو عقد الأزواج, ولماذا كل المخلوقات لا تميز بين بعضها البعض ولماذا نحن ندعي بأننا الأفضل ومع ذلك نفرق ونميز بين بعضنا البعض, لقد هلكنا يا رب.
فأنت مرة تجعلنا فوق ومرة تجعلنا تحت, ومرة تسلط علينا الأغبياء والحمير ليحكمونا فإن نجونا من هذه الحكومة فمن الممكن أن نقع فريسة لحكومة أخرى تتسلط علينا, ومرة تتسلطُ علينا الطبيعة, ومرة بحكام ظالمين ومستبدين ومرة بالكوارث الطبيعية ومرة حين نجد الآلهة ترسل علينا الأمراض والكوارث البيئية ,زلازل وبراكين ومايكروبات, لماذا ندخل مع الرب في امتحانات كلها خسرانه علماً أنك تعلم بأننا لسنا بمستوى كل امتحاناتك واختباراتك المكتوبة علينا أو المفروضة علينا!!! ولماذا نتحمل متاعب السفر ولماذا نحن نلقي بالراية أرضا ولماذا نتألم ولأي ذنب اقترفته يدانا, لماذا نموت ولماذا نولد ولماذا نمرض ولماذا نشقى في هذه الحياة التعيسة التي لا يوجد فيها إلا حكام ظالمين أو طبيعة قاسية فإن نجونا بلحمنا وبدمنا من كوارث الطبيعة نجد أنفسنا تحت حُكم حكام لا يرحمون,وإذا نجونا من لدغة الأفعى نقع تحت أنياب أفعى أخرى تمشي على قدمين ولها يدين ورجلين, لماذا نتعذب ولأي شيءٍ نحن نعيش!! ولماذا نحن محتارون وشكاكون وظنانون ولماذا يصبح الشك مرض والذكاء مرض والوعي جريمة تعاقب عليها المخابرات.
ولماذا نفتح للناس بابا في الوقت الذي تُصدُ بوجوهنا كل الأبواب, فلماذا نركض ركض الوحوش؟ ولماذا ننام ولماذا نصحو ولأي سبب نأكل ونجوع ومن ثم نشعر بالجوع ثم نأكل ونشرب وننام مثل البهائم,إنها الطامة الكبرى حين نغسل وجوهنا بأشعة الشمس, وحين نمسح وجوهنا بضوء النهار وحين نختفي تحت ظلام الليل من أنظار الناس, أسعدني يا رب وجاوبني على كل أسئلتي.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=114508
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟