|
الشهيد مناضل عبد العال موسى / مؤيد
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1047 - 2004 / 12 / 14 - 08:40
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
ولد الشهيد الخالد مناضل عبد العال موسى ( مؤيد ) في مدينة الناصرية / قضاء الشطرة عام 1959 ، ونشأ وتكون في عائلة شيوعية ثورية ومناضلة ، حيث إن والدة الشهيد عبد العال موسى ( أبو مؤيد ) من المناضلين البارزين في مدينة الناصرية والمنطقة الجنوبية . وهو كادر قيادي بارز ومعروف بمواقفه الماركسية الفكرية والسياسية الثورية ، وبمناقبه الشخصية والاجتماعية ونشاطه الجماهيري الواسع ، ورفضه ومعارضته للأفكار اليمينية الانتهازية ، وهو من الرافضيين الثابتين لنهج التحالف الذيلي المهين ، في الجبهة الوطنية مع الفاشية .
في هذا البيت الشيوعي ، وهذه الأجواء الفكرية والسياسية والاجتماعية تربى مناضل ، وهو يحمل هذا الاسم الخاص ذو الدلالة المباشرة والبالغة ، وقد اضطرت العائلة لتغير أسم الطفل إلى فاضل أبان المحنة السوداء بعد انقلاب 63 الفاشي الدموي ، حيث كانت تعيش حالة التخفي والعمل السري ، وتعاني من خطر الملاحقات والمداهمات والمطاردة التي تقودها قطعان الحرس القومي الفاشي ، وتضطر إلى التنقل بين المدن والبيوت الحزبية السرية ومواصلة العمل الحزبي ، وقيادة المقاومة للفاشية .
في مدينة الناصرية ، تلك المدينة اليسارية والثورية ، تلك المدينة الثرية بتناقضاتها الفادحة ، والثرية بالفقر والإهمال والحرمان المتعمد ، مدينة الثقافة والوعي الاجتماعي والسياسي الراقي ، مدينة لا تثق إلا بنفسها ولا تؤمن بالرئاسات ، مدينة الأهوار والفرات والنخيل والمقاهي والغناء والشعر ، ومدينة الطيبة والبساطة والوضوح . في هكذا مدينة بدء يتكون الشاب الواعد مناضل ، وقد انتسب إلى إتحاد الطلبة العام منذ الصف الأول المتوسط ، وبذلك يكون عمره عندما بدء العمل السياسي والتنظيمي لن يتجاوز 13 عام !! وهذا العمر المبكر جدا يجعله يكسب خبرة ومعارف جديدة ، كما ينقله إلى عالم صعب ومعقد وخطير ، فيه كل أنواع العذاب والقلق والمشقة خاصة في بلداننا الإستبداية ، وهذه من المفارقات العجيبة الخاصة بمجتمعاتنا .
في بداية السبعينات كانت مدينة الناصرية لا تزال مركزا للحركة الشيوعية العراقية ، وهوما يمثل امتداد طبيعي لتاريخ المدينة الطويل ، ومحاولات التأسيس الرائدة في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي ، وكان إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية ، قد شكل حركة طلابية جماهيرية واسعة ونشيطة ، رغم الملاحقة والإرهاب الشرس الذي مارسته المنظمة الطلابية الفاشية التابعة للسلطة بقيادة طاهر خلف البكاء ، الوزير الحالي في الحكومة التي نصبها الاحتلال ، وكل المنظمات والهيئات القمعية من أمن وجيش شعبي ومنظمات حزبية !!
لقد شارك شهيدنا مناضل في جميع نشاطات وفعاليات اتحاد الطلبة المهنية الثقافية والاجتماعية والسياسية ، ثم أصبح عضوا نشيطا في الحزب الشيوعي العراقي ، وتعرض إلى الضغط والمسائلة من قبل المنظمة الطلابية الإرهابية ، بعدها انتقل إلى بغداد حيث أصبح طالبا في الجامعة التكنولوجية ، في بغداد أيضا ساهم في عمل ونشاط الحزب الشيوعي أثناء وبعد الحملة الإرهابية الشاملة عام78 وانتهاء وفشل التحالف الذيلي المشئوم ، وظل يواصل عمله السري الهاديء ، وساعد أعداد كبيرة من الرفاق الهاربين والمتخفين في بغداد ، ووفر لهم أماكن التخفي ومستلزمات الإقامة والمعيشة رغم الظروف الخطيرة التي يمر بها شخصيا .
بعد إنهاء دراسته الجامعية أنتقل إلى كردستان والتحق بقاطع أربيل لحركة الأنصار التي بدأت بالتجمع والتكون منذ نهاية عام 79 في المعاقل الحدودية الجبلية البعيدة . وفي كردستان ساهم الشهيد في العمل الفكري والسياسي والعسكري والتنظيمي ، وأقام عدد من المعارض التشكيلية والفنية في قواعد الأنصار ، حيث كان يهتم بالرسم والخط والتصميم، وهو طاقة شابة رائعة وواعدة ، خسرناه في حومة الصراع والمقاومة ضد عدو شرس !!
وقد عانى الشهيد البطل من إضظهاد القيادة اليمينية المتخلفة له ، نتيجة مواقفه الفكرية والسياسية الرافضة للنهج اليميني المسيطر على الحزب ، ونتيجة لجهلها و عدم فهمها لظروف وإمكانيات وأساليب العمل في الداخل وقد أدليت بشهادتي لصالحه وكتبت رسالة توضيحية لقيادة الحزب ، ومن الأحداث والمفارقات النادرة والمؤلمة التي تعرض لها الشهيد على يد لجان التحقيق التي كان يقودها شرطي ودكتور معروف في كردستان ، إن الشهيد كان قد خطط قصيدة مشهورة ومتداولة بيننا للشاعر سعدي يوسف أسمها الرايات ، والقصيدة فيها إشارات واضحة للرايات الرطبة والتي تعاني من النسيان و العفن ، وقد استدعاه الشرطي - الدكتور ليحقق معه ، ويسأله لماذا ترسم قصيدة الرايات ؟؟!! هل سمعتم بهكذا تحقيق وهكذا سؤال في داخل حزب شيوعي ، يفترض أنه يحترم الفكر والشعر والتشكيل ؟؟
استشهد الرفيق مؤيد وكان هذا أسمه الحركي ، وهو أسم شقيقة مؤيد المقيم في هنكاريا ، في أحد قرى بهدينان في كردستان - العراق بعد معركة بطولية خاضتها مفرزة أنصارية ضد أعداد من الجحوش المرتزقة والقوات الحكومية في عام 86 ، وكان بن27 عام فقط ، ليؤكد ويرسم صفحة خاصة من صفحات النضال معمدة بالدم الطاهر الثمين للبطل مناضل عبد العال بن مدينة الناصرية ، التي قدمت العشرات والمئات من أبناءها في الصراع المرير والطويل مع الفاشية المتخلفة . كان الشهيد مناضل عبد العال (مؤيد ) مثالا رائعا للإنسان الطيب المتسامح والحميم في علاقاته الاجتماعية والإنسانية ، وكانت تربطني به علاقات شخصية وعائلية قوية وخاصة ، امتدت من الناصرية إلى بغداد و كردستان وتشابكت مع عائلة الشهيد ، وكان (مناضل ) حضاريا وأنيقا رغم الظروف الصعبة المحيطة به ، وهذا شيْ نادر في حياة الجبل الصبعة والقاسية ، كما كان شجاعا في مواقفه الفكرية والسياسية والعسكرية ، وقد أختار الوقوف مع التيار الثوري ضد النهج اليميني المتخلف في الحركة الشيوعية العراقية.
للمجد الخالد صديقنا ورفيقنا مناضل عبد العال ( مؤيد ) ستبقى معنا في الناصرية وفي كردستان ، ستبقى معنا في عراقك الذي دافعت عنه حتى الموت !! سنبقى نحمل الرايات الناصعة ، التي هي راياتك ، وسنبحث عن قبرك المجهول ونقيم لك مأتما وذكرى تليق بالشهداء والصدقيين الأبطال ، سنحملك إلى مدينتك الأولى والتي لا تنسى أبناءها مهما بعدوا ، ونقيم لك ضريحا ومقاما خاصا ، ونرفع فوقه تلك الراية التي تعشق وتحب!!
صديقك ورفيقك أحمد الناصري ( أمين )
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمات في عشق النساء . نص من أدب الرسائل
-
الرعب ، الصمت ، العار . قضيتان من باريس وبغداد
-
اليسار الجديد والقضايا الفكرية والسياسية والإعلامية ، بمناسب
...
-
بشتآشان الجرح المفتوح والملف المغلق !!
-
عن المبادرة الوطنية والإنتخابات وقضايا أخرى
-
رسالة الى الفدائية البطلة لويزه أحريز
-
عرس واويه في شرم الشيخ ، وأشياء أخرى
-
عن أغراض مؤتمر شرم الشيخ ، وأهمية المبادرات الوطنية الموازية
...
-
كيف تعرفت على شعر سعدي يوسف ؟؟
-
مبادرة وطنية ديقراطية عراقية
-
هموم شخصية وقضايا عامة ، عن الفلوجة والإرهاب وغياب أبو عمار
-
كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!
-
كلمة : أمريكا وقرية مارقة جديدة !!
-
كلمة عن المفاجأت والصفعات لبوش و طاقمة الإنتخابي
-
تداعيات الوضع الأمني والسياسي والمدن المارقة
-
أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ
-
عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد
-
الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
-
موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
-
في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا
...
المزيد.....
-
ماركيز صحفيا في أوروبا الاشتراكية.. الأيديولوجيا والحياة الي
...
-
نتنياهو: ترامب أفضل صديق في تاريخ إسرائيل واليمين المتطرف يع
...
-
الرفيق رشيد حموني يفسر تصويت حزب التقدم والاشتراكية ضد قانون
...
-
مناقشة التقرير السنوي لدار الخدمات النقابية والعمالية تحت عن
...
-
إضراب عمال مخزن شركة “الراية ماركت”
-
إدارة شركة “تي أند سي” تصدر قرارًا بوقف تسعة عمال عن العمل
-
“أمن الدولة”.. تجدد حبس عبد الخالق فاروق 15 يومًا: و”المفوضي
...
-
“تغريب” شادي محمد من سجن “العاشر 6” إلى “برج العرب”.. وزوجته
...
-
رصد احتجاجات عام 2024: إصدار وحدة الدراسات الاشتراكية
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|