طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 3527 - 2011 / 10 / 26 - 03:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيراً دُفن القذافي، ودُفنت معه تفاصيل أسراره، وارتاح خصومه في الخارج والداخل من لسانه الثرثار، دُفن في العراء، دفن في الصحراء في مكانٍ سري لا يعلم عنه أحد ولا حتى زرقاء اليمامة.
دُفن القذافي في النهاية دون مراسيم، دون إحدى وعشرين طلقة في الهواء، وترك خيمته العريضة إلى الغربان كي تقتات من جلدها العتيق. دُفن ولم نعلم حتى الآن إلى أي فصيل من الناس ينتمي. هل كان رئيساً بحق أم ملكاً وهو الملقب بملك الملوك أم داعية من الدعاة الجدد أم فيلسوفاً لم يتجاوز صفه الأول أم مهرجاً من الفئة الفاشلة أم قومياً عربياً يوم قام بالانقلاب على السنوسي !
المهم الآن أن الجثة أمست تحت التراب، ولم يعد بمقدور هذا الإنسان أن يُطل على شعبه عبر الشاشات ليدعوهم إلى محاربة مناوئيه زنقه زنقه .. بيت بيت .. دار دار، فقد انتهى عصرٌ وبدأ عصرٌ جديد يُزيِّنه الأمل والتفاؤل بمستقبل زاهر.
لقد دُفن في مكان سري، ولسنا نعرف السبب. لكن كل ما نعرفه أن هذا المصير لم يكن مصيراً ينفرد به وحده دون غيره من البشر، وقد كان آخرهم ابن لادن، وهو الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد ألقت جثته في المحيط في وقت سابق.
وبهذا يكون العقيد بموته قد أضاف إلى قائمة أسراره سرِّاً جديداً، فالألغاز زادت واحداً، والأسئلة زادت واحداً، والعقيد يبقى كما هو في حياته أو مماته مثاراً للجدل، بحيث لم تستطع تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين، وعيون الصحفيين أن ترصد قبره الخفي، وكأننا لا نعيش في زمن الأقمار الصناعية، زمنٍ يثور فيه العلم بكل ثانية بآلاف الاختراعات.
لقد زادت أسرار العالم سراً جديداً، سراً لا يبدو أنه سيكشف في القريب العاجل، وإنما علينا لفك معالمه أن ننتظر هفوة ما تدلنا على طرف الخيط أو وثيقة ما من وثائق ويكيليكس الشهيرة تظهر على الفضائيات بعد عدة شهور أو سنوات أو ربما أكثر من ذلك بكثير.
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟