عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 13:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حار ودار رئيس المجلس الإنتقالي مصطفى عبد الجليل، في احتفال تحرير ليبيا، وأعلن بعد سجود وشكر لله، أنّ ليبيا الجديدة ذات نظام إسلامي، وأنّ "أيّ قانون مخالف للشريعة الإسلامية هو موقوف فوراً"، فما هو هذا القانون المخالف للشريعة الإسلامية يا قائد الثورة في ليبيا؟ إنّه ببساطة "القانون الذي يحدّ من تعدد الزوجات"!!
لسبب ما تخيلت لو أنّي لا أعلم شيئاً عن الأسباب الحقيقية للثورة الليبية من طغيان للقذافي وبنيه، ومن التصاق بالكرسي امتدّ أكثر من أربعة عقود، ومن قمع لرأي المواطنين، ومن كبت للحريات، ومن قتل وسجن ونفي للمعارضين. وتخيلت لو أنّي أسمع عن ليبيا للمرة الأولى من خطاب عبد الجليل، فلم أجد أمامي سبباً للثورة لديه إلاّ إلغاء القانون الذي يحدّ من تعدد الزوجات.
الثوار قاتلو في ليبيا لإرساء التعددية... لا تعددية الآراء والأحزاب والأطر السياسية، فهذه أسباب واهية تافهة بخطاب عبد الجليل! التعددية المطلوبة تعددية زوجية بما تقتضيه الشريعة الإسلامية التي تنبع القوانين الليبية الجديدة منها اليوم.
فما الذي يدعو رئيس دولة جديدة، ولو بصفة انتقالية قد تستمر طويلاً بدورها، أن يقزّم ثورة عظيمة إلى هذا الحدّ؟ هل هي الإتهامات للثورة بانقلابها إلى حليفة للغرب مثلاً فيكون بالتالي جواب عبد الجليل على منتقديه وعلى الغرب بالذات أنّ هذه الثورة إسلامية لا تعترف بأيّ قانون وضعي غربي، أمّا رمز هذه الإسلامية فهو إباحة تعدد الزوجات؟ وهل هذا فعلاً الرمز المطلوب لمستقبل ليبيا، فنتذكر بعد عشرين عاماً مثلاً، أنّها كانت ثورة من أجل تعدد الزوجات؟ بل ما رأي الزوجات والنساء بالذات بهذا الإعلان على وقع تكبيرات الجماهير الذكورية في ميدان الإحتفال إزاءه؟
هي ثورة ليبية لجميع الليبيين في الأساس، لكنّ وعود المجلس الإنتقالي لمن حارب وأسقط القذافي من المدنيين والعسكريين بالترقية وما يرافقها من مكافآت مالية، تحتم عليه كذلك أن يرفقها بقانون يعيد إلى المقاتلين -وهم طبعاً من الذكور- كراماتهم المهدرة في زمن القذافي، ويبيح لهم ما ملكت أيمانهم من... نساء.
#عصام_سحمراني (هاشتاغ)
Essam_Sahmarani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟