عبد الكريم الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 3525 - 2011 / 10 / 24 - 07:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذه المجتمعات الأنوية لا تجد حلاً وسطاً ، أما شرا محض أو خيرا محض، لإربعة عقود كان جلاد ليبيا يمارس قسوة همجيّة إزاء معارضيه ، بينما دائرته تتوسع داخلياً وخارجياً والعلاقة كانت طردية فبقدر ما يبطش بقدر ما تتوسع هذه الدائرة التي جذبت إليها مثقفين من شعراء وكتاب وأعلاميين وأحزاب مصنّفة على ضفة اليسار ومنظمات خارج الحدود كانت تمارس الكفاح المسلح بجميع أصنافها العقائدية . والعلاقة الطردية الأخرى هي بقدر ما يهدر من أموال النفط على هذه الدائرة الواسعة بقدر ما يبخل على شعبه في الأنفاق لرفع المستوى المعيشي والتعليمي والأعماري .... الخ .
من المسؤول عن هذه الأنويّة النرجسيّة المدمّرة التي نمت داخل كيان هذا الدكتاتور ، والذي توّجها قبل قتله بتسمية المنتفضين ، جرذان، ويعلنها أمام فضائيات العالم ؟ إلآ يتحمّل شعبه بعضا من هذه المسؤولية بالأضافة إلى دائرته المتوسّعة منذ مجيئه إلى السلطة بأنقلاب عام 1969 ؟. وهذه حالة عامة حدثت في اقطار العرب مثل العراق ومصر وسوريا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي كانت لها مصداقية وقبول وموافقة عند شعوب تلك الاقطار ، ألم يشارك الشعب العراقي في أنقلاب تموز، بهياجه الهذياني بملاحقة وتقطيع أوصال أفراد النظام الملكي بوحشية – ولم يكن يُمثّل ذلك النظام حزب دموي أو عائلة دمويّة - ، هذا الانقلاب الذي بدأ بفتح بوابة الجحيم على العراقيين ، التي لا زالت مشرّعة حتى هذه اللحظة . وأيضا كالحالة الليبية تقع بعض المسؤولية على الشعب العراقي بمختلف مكوناته وطبقاته والمثال يشمل ايضا سوريا ومصر . في سوريا أصبح البطش والقتل والتعذيب مشاهد طبيعية يومية تحدث أمام العالم بعد أن كانت قبل الانتفاضة تُمارس بخفاء في أقبية السلطة وسجونها ، وهذه القسوة الوحشية سوف تجد طريقها إلى الضحيّة كسلوك شرعي ضد الجلاد وسلطته عندما تصل الحالة إلى ما وصلت إليه ليبيا القذافي . ردّة الفعل هذه من قبل الضحيّة إزاء جلادها قد تنطفء لحظة الفعل وتندثر وهذا من صالح التغيير الذي يشكّل مستقبل البلد ، أمّا أذا أستمرت ردّة الفعل هذهّ كنزعة متواصلة في سلوك الضحيّة لتتحوّل إلى جلاد جديد ، سوف تشكّل كارئة وخيمة تُحيل البلد إلى مستنقع دموي مجهول المستقبل، كما هو حال العراق الأن .
#عبد_الكريم_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟