أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - بطلان النظام التكنوقراطي















المزيد.....

بطلان النظام التكنوقراطي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 20:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هذه السخافة ؟ هل سيعيش النظام التكنوقراطي أمداً أطولَ من هذا الأمد؟ وهل سيعيش أكثر ليحكي قصة ما قد جرى؟ إن كنتَ أنت تعتقد فأنا لا أعتقد بأنه سيعيش ليندم على الزمان الذي مضى وهل من الممكن أن تستمر الحكومات التكنوقراطية في الحكم مع غياب الطبقة الوسطى؟ تلك الطبقة التي تكون مخرجاتها أولا: بإعتبارها رافدا للتكنوقراط,وثانيا بإعتبارها أنها تنتج فنانين ومبدعين من وفي كافة الاتجاهات وثالثا بإعتبارها الطبقة الأكثر استهلاكاً لِما يصدر من منتجات اقتصادية وثقافية طبعا من المستحيل أن تنجح التكنوقراطية في حل مشاكلنا التي لا تحتاج إلى أخصائيين فنيين بقدر ما هي بحاجة إلى ترسيخ مفهوم المحبة والعدالة وإقناع الناس بأن كل ما يجري على أرض الواقع طبيعيا, ونحن كشعب عربي لا نحتاج في هذه اللحظة إلى المهندسين والأكاديميين بل نحن بحاجة إلى أن نجلس ونمد أرجلنا على الأرض أو لوضعها فوق الرِجل الأخرى ونرتشف فنجانا من القهوة ولدينا اعتقاد بأن كل ما يمارسه التكنوقراط ليس فاسدا,نحن بحاجة لأن نشعر بقيمة ما نقدمه للمجتمع ولأنفسنا ونحن لا نحتاج نظاما تكنوقراطيا يطور عجلة السيارة أو أجهزة الاتصال ولا توجد أراضي جديدة نستعمرها وهي تنتظر منا أن نفتح باطنها بالمحراث الآلي ونحن لا نحتاج إلا إلى قليلٍ من الاهتمام بأنفسنا وبالذين من حولنا لأننا بدأنا نشعر بنقصان الحنان, وعدم الرضا عما نفعله وعما نقدمه من خدمات وظيفية,فلا أنا شخصيا راضٍ عن الوضع العام ولا حتى الوضع العام راضيا عن سلوكي,كالذي لا يحبُ الناس ولا يحبونه.

إن التكنوقراط نفسه لا تنقصه الشجاعة الكاملة,فهو ليس بحاجةٍ إليها طالما أنه مكتوف اليدين وليس لديه ما يفعله وحتى يفعل فعلته يجب أن يشعر بأن الطبقة الوسطى تنقصه تلك الطبقة التي تعمل التكنوقراطية على تصفيتها جسديا من خلال تصفية المثقفين والمبدعين وقتلهم سياسيا أي أن التكنوقراط يعمل بأجنحة مقصوصة, فأين هي تلك الطبقة التي تخرج من بيتها بحثا عن أي مكان تمارس فيه احترافها في السياسة والثقافة والاجتماع,وهل من الممكن أن نقرأ في الجريدة الصحيفة اليومية إعلانا عن وزراء مطلوبين بكافة التخصصات الأكاديمية؟ مثلا: مطلوبْ وزيرا للعدل بدرجة أستاذ دكتور دون الاهتمام بمعرفة الطبقة الوسطى بالتكنوقراط, ومطلوباً وزيرا للثقافة بدرجة أستاذ مساعد دون أن نطلب معه أناسا من الطبقة الوسطى يستهلكون ما ينتجه المثقفون من ثقافة سواء أكانت فنا مرئيا أو مقروءً أو مسموعاً .ومطلوباً وزيرا للصحة بدرجة أستاذ مشارك دون البحث عن الطبقة الوسطى التي تستهلك الإنتاج الطبي, ومطلوباً مديرا للثقافة في محافظة اربد بدرجة ماجستير في الأدب العربي دون أن تفعل الدائرة نشاطا يجذب ويجلب الأنوف التي تشتم رائحة الثقافة عن بعد ألف ميل وميل؟ ربما هذا الإعلان لا يحدث في الصحف ولن يحدث ولكن المصيبة أنه يحدث بدون إعلان على أرض الواقع فكلما ظهرت حكومة تكنوقراطية جديدة, يُستثنى فيها الحزبيون والفنانون والمبدعون وهؤلاء هم الطبقة الوسطى التي تدعم نجاح التكنوقراطية في كافة الاختصاصات, فدائماً هذه الطبقة مغيبة ويستثنى منها الشعراء والأدباء وبدل دعمهم من حكومة التكنوقراط تقوم التكنوقراطية بإهانتهم والإساءة إليهم والأنظمة العربية جميعها تعد العد التنازلي لزوالها وأغلبها سنة أو سنتين أو حتى عشرة سنين وبعد ذلك ستأخذ مكافأة نهاية الخدمة مع وسام الاستحقاق من الدرجة الرفيعة كما حصل في ليبيا وتونس ومصر والحبل على الجرار,لأن التكنوقراط مزورا وليس حقيقيا ولا يمكن أن أصدق بأن النظام التكنوقراطي ناجحا بدون وجود الطبقة الوسطى,فمن سيشتري اللوحات الفنية؟ومن سيقرأ الشعر والروايات غير الطبقة الوسطى,إننا نعرف الحقيقة ونضع رؤوسنا في الرمال.

طبعا النظام الأردني يمارس نوعاً مختلطا من أنظمة الحكم التي تتسببُ لي بصداع (نصفي الشقيقة) و تتخبط هنا وهناك ولا تدري كيف ستعالج مشاكل لا تنحل بالطرق أو من خلال استعمال الحكومات التكنوقراطية فالتكنوقراطية هنا ليست سببا كافيا للتوقف عندما تصبح الإشارة الضوئية حمراء اللون فبرغم أن رئيس الحكومة يختار الوزراء من الفنيين كالمهندسين وحملة شهادات الدكتوراه إلا أن سلوك هؤلاء على الأغلب ليس سلوكا فنيا بل -هوَ- سلوكاً عشائريأ وهنالك مشكلة أعظم من كل هذه المشاكل لأن كل تكنوقراطي يجلس على الكرسي ويلغي كل الإجراءات التي كانت قبلة-(وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)- ليعد لنفسه ولوزارته قانونا جديدا يصبح هذا القانون في يوم وليلة كتابا مقدسا لا يجوز المساس به وكما قلنا بأن الذي سيأتي سيجعل حتما من الكتاب المقدس أو القانون المقدس صنما يكسره بجرة قلم بسيطة ويعلق الفأس في رأسه متحديا الماضي والحاضر والمستقبل, والشعب الأردني والعربي كله مثل بعضه ضائع تائه بين كاني وماني ولا يلمس بيده أي تغير سواء أكان كبيرا أم صغيرا, زد على ذلك أن النخبة التكنوقراطية باعتبارها طبقة وسطى محرومة من مزاولة العمل السياسي ولكن لماذا؟ لماذا؟ لأن أهم شرط من شروط الحكومات التكنوقراطية منع الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني من المشاركة ومن التقدم للأمام ويغدو التكنوقراط عدوا لنفسه وعدوا للنظام الذي انتخبه أو اختاره بملء إرادته, والسؤال الأهم أين هي الطبقة الوسطى التي يمارس التكنوقراط معها نظامه في الحكم, فالتكنوقراط على راسي من فوق وحياة حبي ولكنه من الصعب أن يمشي والطبقة الوسطى غائبة تلك الطبقة التي يخرج منها المبدعون والنُخب المثقفة.

وأولُ من قام بتجربة الحكومة التكنوقراطية هي الولايات المتحدة الأمريكية في الثلاثينيات من القرن المُنصرم, وكانت الحكومة تتشكل من المهندسين والدكاترة أي من حملة شهادات الدكتوراه وحملة شهادات الهندسة وحملة شهادات الماستر(الماجستير) وهؤلاء يشترط في أي وزير منهم أو مدير أو رئيس أن لا تكون لهم توجهات حزبية سياسية سواء أكانت يمينا أو يسارا,علماً أنهم جميعاً من اليمين المتخلف جدا ومن أهم الإنجازات للحكومة التكنوقراطية هي إسقاط الأحزاب السياسية الموالية وغير الموالية للوقوف مكانها لكي تحكم على أسس فنية علمية وليست على أسس توجهات ثقافية أو حزبية بنفس الوقت الذي تقوم به بتشبيك العلاقات السياسية مع الحثالات والطبقات المنحطة أخلاقيا ودينيا من خلال أجهزة القمع والاستبداد وأنا هنا أتحدث عن وطني الأردن الذي رفع منذ 15 خمسة عشر عاما أناساً منحطين أخلاقيا وحثالات من حثالات الشوارع وجعلوهم رأسماليين من أجل تنفيد السياسة التكنوقراطية فيعيثون في الأرض فسادا, وفوق هذا كله أطلقوا يدهم لخنق كل مظاهر الثقافة والتوجهات السياسية, فكيف ينادي جلالة الملك عبد الله بضرورة الالتزام بالأحزاب السياسية علما أن كل الحكومات التي أقسمت وتقسم اليمين الدستوري أمامه في قصر رغدان كلها من أولها لآخرها تعارض الأحزاب بل ويحاولون إفساد كل مثقف وإسقاطه أرضا من الضربة الأولى حين تكون الضربة قاسية ومؤلمة وهذا النوع من النظام تسانده المخابرات المتسلطة على رقاب الناس سياسيا واجتماعيا عن طريق أجهزة قمعية متخصصة بالإرهاب وبالفساد, وهنا في هذا المجال بالذات يحمل النظام الرأسمالي الليبرالي بذرة فناءه في جيبه, وخصوصا في الدول العربية,أما كيف يسقط النظام التكنوقراطي فهذا سهل جدا وهو أن كل وزير يأت للوزارة يصدر قرارات تلغي قرارات الوزير الذي قبله وكل مدير جديد لكل مؤسسة يلغي أيضا قرارات الذي قبله وهكذا دواليك وهنا تبقى الإصلاحات والتطورات تتقدم بشكل بطيء كل 10 سنوات خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح أو الخطأ وغالبا ما تكون الإصلاحات بالاتجاه المعاكس,وأريد أن أضيف إلى هذا أن معظم التكنوقراطيين من دكاتره ومهندسين غالبيتهم لو تم اختبارهم في الجامعات الغربية لا يحصلون على شهادة البكالوريوس أي أن الشهادات التي يحصلون عليها من الجامعات الناطقة بالعربية كلها حكي فاضي وكلام ليس له معنى والدليل على ذلك هو تصنيف الجامعات العربية بالدرك الأسفل من السُلم.

وكل وزير لديه تصورات فنية مختلفة عن الذي قبله وبهذا يصبح التكنوقراط تكنوقراطاً فاسدا أو مترهلاً بسبب كثرة إلغاء البرامج والدليل على ذلك هو التكنوقراطية في الأردن فنحن أكثر شعب أو أكثر نظام حاكم ينفق على الحكومة التكنوقراطية الملايين من الدولارات وفي النهاية يحدث التغيير نحو الاتجاه غير الصحيح وبالمثال على ذلك دمج البلديات ومن ثم إعادتها إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الدمج, ولا توجد للحكومة التكنوقراطية في الأردن أي تجربة ناجحة,تأت حكومة وتذهب حكومة في غضون أشهر أو أيام, وكل وزير أردني يتغير قبل حتى أن يحفظ اسم مدير مكتبه أو سكرتيرته, فكيف سيعمل الوزراء والتكنوقراط فاسد بسبب ترهله؟


, والشيء الذي يبعثُ على الدهشة والاستغراب هو دعوة زعماء الدول العربية أو بعضهم لتشكيل الأحزاب السياسية من أجل أنقاض أنظمتهم التكنوقراطية التي باتت على شفير الهاوية وهذه الخطوة ليست صحيحة بل هي بنج ومخدر وضحك على اللحى والشوارب أو فقط من أجل حماية النظام الحاكم فقط لا غير ليزداد عمره عاماً أو عامين ومن هذا المنطلق أنا شخصيا لا أضمن بقاء النظام الأردني لعشرة أعوام قادمة في الوقت الذي تحارب فيه الحكومات التكنوقراطية التوجهات الحزبية, حتى أن مؤسسات المجتمع المدنية لا يمكن أن تتشكل إلا بواسطة التكنوقراط الذي يعجل في موت الأنظمة العربية, وهذه الدعوة هي دعوة عاجلة من أجل أنقاض ما يمكن أنقاضه بسبب الثورات العربية المتتالية في الوطن العربي وهذا تناقض تظهر علاماته من حيث الإصلاح فما فائدة الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنية إذا كانت كلها تكنوقراطية وليست حزبية بحيث لا يجتمع سيفان في غمدٍ واحد على حسب المثل العربي المعروف.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة يابانية
- في داخلي إنسان
- أوراق فاسدة
- أنا إنسان فضولي
- كنتُ أظنْ
- حقيقية وغير حقيقية
- نظام الخوف يحكمنا
- رد وفاء سلطان على رسالتي لها
- شخصية كاسيوس
- الحجم الطبيعي
- من هي البطلة؟
- الحشيشه الأصليه
- امرأة من سفر الأمثال
- مشكلتي مع الكتابة
- رواية العقل الباطن1
- السلطة فالمال فالمرأة
- ابن الرومي الحظ السيئ
- إلى الدكتورة وفاء سلطان2
- سرقنا الوقت
- الأنبياء وهم أم حقيقة؟


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد علاونه - بطلان النظام التكنوقراطي