|
وداعا للقذافي الطاغية .. مرحبا بحلف الناتو !
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 17:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وداعا للقذافي الطاغية .. مرحبا بحلف الناتو !
يثقل على نفسي دائما أن أرى موجة إعلامية تعلو بفكرة وتغمر بها الوعي العام ، فلا يعود أحد يميز الحقيقة من غيرها . وأعني ذلك الترحيب الواسع بمقتل القذافي، دون التوقف عند أي شيء عدا ذلك . وبداية – لكي لا يعود أحد لمراجعة موقفي – أقول بوضوح إن القذافي طاغية ، جدير بالعزل ، والمحاكمة ، وأقسى عقوبة . وقد سمعت شخصيا من أساتذة مصريين عملوا في ليبيا عن فظائع ، كل واحدة منها تستحق بحد ذاتها عزله . إلا أن هذا هو الجانب الوحيد الذي تبرزه وسائل الإعلام الدولية والمحلية من القضية بصوت ولحن واحد . وإذا كان القذافي " طاغية " ، ونحن ضد الطغيان ، فماذا عن أن أمريكا التي ساندت الطاغية ودعمته حتى صرحت كوندليزا رايس ذات يوم إن القذافي " شريك للولايات المتحدة " ؟ . إذا كنا نكره الطغيان ونوجه كل سهامنا إلي الذئب الصغير فلم لا نوجه السهام إلي الذئبة الكبيرة التي لا تني تلد الطغاة وترضعهم ؟ إلي الإدارة الأمريكية والسياسة الأمريكية التي دعمت مبارك ثلاثين عاما لكي يتمكن من إذلال شعبه ودعمت القذافي ، وتدعم دون خجل الطغاة الآخرين في منطقتنا ، والأخطر أنها تؤازر القاعدة العسكرية الإسرائلية في مواجهة كل آمال المنطقة في التطور؟ . تعلو الموجة الإعلامية بفرحة قتل القذافي ، دون أن تتخلها قطرة واحدة من الإشارة للذئبة الأم . وأستغرب " ثورة " في ليبيا تحارب طغيان القذافي بالاتحاد مع الطغيان الأمريكي ! . ومن المعروف أن ليبيا لديها عاشر أكبر احتياطي نفط في العالم ، وهي ثالث أكبر منتج له في أفريقيا ، كما أن نفطها يمتاز بأنه من أفضل الأنواع عند تكريره . وعندما قامت " الثورة " في ليبيا ، كان مسموحا لها أن تمحو الماضي كله ، ماضي الديكتاتورية ، ما عدا عقود الشركات النفطية ! وبهذا الصدد صرح أحمد الجهاني مسئول بالمجلس الانتقالي أن " عقود حقول النفط ذات قداسة مطلقة " ، أي أن حقوق ( إن كانت تلك حقوق ! ) الأمريكيين والدول الغربية ذات قداسة ، وأن الثورة على الطغيان لا تمس الطغيان الأكبر ، ولا تسعي لتحرير مقدرات ليبيا من تلك الهيمنة . والآن نسأل : لماذا أصبح القذافي الذي كان " شريكا لأمريكا " عدوا ؟ . تفسر الصحفية الأمريكية سوزان ليندور أسباب العداوة التي جعلت أمريكا تشن حملتها بقولها إن الخلاف مع القذافي والرغبة في الانتقام منه ولد بسبب إجبار القذافي شركات النفط الأمريكية والبريطانية وحتى الفرنسية والإيطالية على تعويض ليبيا عن المبلغ الذي دفعته لقاء تفجير لوكربي والذي يبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار ، وذلك من حصة تلك الشركات من عمليات انتاج النفط . أما عن " الثورة " ، والقوى التي قامت عمليا بعزل القذافي ، فإن يفجيني بريماكوف الوزير السابق في الحكومة الروسية يقول لقناة الجزيرة إن ذلك تم " كنتيجة مباشرة لتدخل القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية في ليبيا ، وقد تحدثت مصادر عديدة عن ذلك " . أضف إلي ذلك أن أمريكا قامت في أواخر شهر فبراير بنشر قواتها البحرية والجوية حول ليبيا لإحكام الحصار عليها . وفي نفس السياق صرح الكولونيل ديفيد لابان المتحدث باسم البنتاجون " نحن نعيد نشر قواتنا لكي نتمكن من توفير قدرات مرنة بمجرد اتخاذ قرارات " . أما عن مقتل القذافي ، فقد دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان للتحقيق في ظروف قتله ، بعد أن أظهرته الشرائط المصورة كلها وهو حي ، ثم قيل إنه قتل . كيف قتل ؟ ولماذا ؟. أعتقد أن الثوار – إن كانوا ثوارا – يقومون بمحاكمة المجرمين والطغاة من أمثال القذافي ، ليس فقط لأن من حق الشعب أن يعرف الحقيقة ، ولكن لأن تلك المحاكمات تكون فرصة لتربية الوعي العام . أما المجرمون فيسارعون بقتل المتهم دون محاكمته . أكرر ثانية إن القذافي طاغية ، كان جديرا بالعزل والمحاكمة وأقسى أنواع العقوبة منذ زمن بعيد ، كما كان صدام حسين ، لكن شتان بين أن يتولى الشعب محاكمته لصالح ليبيا وشعبها ، وبين أن يقتل لصالح شركات النفط الأمريكية ، وبدعم أمريكي في الأساس . ولا يستطيع أحد أن ينكر أن " الثوار " لم يتقدموا خطوة واحدة أو ينتزعوا شبرا واحدا إلا بعد عمليات القصف والتطهير من قبل الناتو ، بينما نص قرار مجلس الأمن رقم 1973 فقط علي " حظر جوي " . أنا لست آسفا على قتل القذافي ، لكني آسف على أن تقوم ليبيا بإزاحة الطغيان الصغير لتضع كل مقدراتها بين يدي آباء هذا الطغيان وصناعه ، فلا تحترم من ماضي القذافي سوى شراكته مع أمريكا وعقود النفط التي وقعها ، هذا هو " الجانب المضيء " من تاريخ القذافي لدي حكام ليبيا الجدد . لقد حارب عمر المختار الاستعمار الإيطالي بعزيمة شعبه وبكل ما وقع تحت يديه من سلاح بدائي ، لكنه لم يحارب الاستعمار تحت راية الاستعمار، لهذا ظل اسمه أسطورة نضالية . لكن القصة تختلف تماما حين نهتف " وداعا للطاغية .. مرحبا بالطغيان " ! ***
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- باب مغلق - قصة قصيرة
-
ماهو أدب الثورة في مصر ؟
-
لوزير العدل المصري .. سجل أنا مع الشغب !
-
ثورة يقودها أعداؤها !
-
يوسف إدريس .. عشرون عاما على الرحيل
-
- أحب ساراماجو - - قصة قصيرة
-
الثورة العزيزة .. ثانية !
-
عزيزتي الثورة .. تحية وشوقا ..
-
عن كنيسة إمبابة وحكاية الثور والبقرة
-
خطاب لم يرسل
-
الروس يكتبون : عن الجيش والثورة المصرية
-
مع الانتفاضة والحرية
-
فلاحة عارية تحت جسر الموت ..
-
أقباط الحجارة !
-
في بيت عمي فوزي حبشي
-
حول الثقافة الشعبية القبطية
-
الحب والفولاذ - قصة قصيرة
-
هرش قفا برلماني
-
- غير محافظ - على القاهرة !
-
فتش في دمائك عن السلم الموسيقى
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|