سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 15:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعزى كثير من الباحثين ظاهرة الإيمان ونشوء المعتقدات إلى عامل الخوف الذى إنتاب الإنسان من قسوة الطبيعة وعنفوانها فبحث عن المُسبب لهذه الظواهر ولم يخرجها من وجود قوى شاخصة مُريدة , بمعنى أنه تصور الظاهرة الطبيعية فى وجودها العاقل الذى يحركها ويدفعها فهكذا كان وعيه ولا نستطيع أن نلومه فيما وصل إليه من خيال فنحن مازلنا نعتقد بهذه الصورة ولكن بتعديل طفيف فنتصور أن هناك إله واحد يأمر المطر بالسقوط ويدعو الأرض أن تقذف حممها .
إقتصار الظاهرة الإيمانية على الخوف فقط بحيث تتفرد كعامل وحيد يكون منظور متعسف ويختزل الإنسان فى وجه واحد من مفردات الحياة .. نعم الخوف عامل مؤثر بقوة فى التأثير على الإنسان القديم ولكنه ليس متفرداً فى دفع الإنسان عموما ً نحو الإيمان بالخرافات والغيبيات بل هناك عوامل كثيرة .. فالإنسان كائن متعايش مع واقعه الطبيعى الثرى بالأحداث والمستجدات ويكون سلوكه هو نتاج تعاطيه وتفاعله معها .. فالإنسان المعاصر مثلا ً تجاوز رعبه من قوى الطبيعة بعد أن أدركها وإستطاع أن يتفادها ليُؤَمن نفسه منها بل يصل لتسخيرها , ولكن يبقى لديه أيضا ًمؤثرات نفسية خاصة كثيرة تعرضت لها فى هذه السلسلة من " لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون " هى التى تدفعه للتسليم بوجود قوى غيبية متحكمة فى مصيره ... كما أن العملية الإيمانية بالميتافزيقا لا تتسم بعامل نفسى وحيد فقد تتجمع مجموعة من المؤثرات المختلفة تخلق مناخ يسمح للإستجابة للإيمان بوجود قوى غيبية وتتباين هذه المؤثرات فى قوتها وهيمنتها بل سنجد بعض الميثولوجيات تفردت بعبقرية فى إظهار جانب نفسى عميق يسمح للإيمان أن يجد له أرضا ً ليكون لها السبق فى إبرازها كما فى الميثولوجيات الإبراهيمية والإسلامية منها على وجه التحديد .
* المسافرون ولذتهم تصاحبهم .
لماذا وجدت أسطورة العالم الآخر حضورها فى النفس البشرية ؟ .. ومن أين جاء اليقين بتلك الخرافة لتصل إلى الإعتقاد بها كحقيقة لا تقبل الشك بالرغم من عدم وجود أى دليل يُدعمها بل لو تم وضعها تحت مقاييس العلم والعقل والمنطق فستبددها تبديدا ً ؟!!.
حضور فكرة العالم الآخر وإكتساب هذا الوهم الحضور ليصل لحد اليقين تغذيه حاجات نفسية عميقة نقول عنها إختصارا ً هو حب البقاء والتشبث بالحياة والرفض العميق للموت , فرغم إعترافنا بالموت كحقيقة إلا أننا نرفضه فى أعماقنا كمُبدد للحياة التى نتوق للعيش فيها فخلقنا وهم عالم آخر يستقبلنا ويمنحنا الحياة ومددنا خيالنا فجعلنا الإقامة فيها خالدة طاردة للموت .
ولكن لماذا نحن نحب الحياة ونتشبث بها ؟! هذا هو السؤال ..!!
ماهى القوة التى تدفعنا للتمسك بالبقاء لتجعلنا نخلق عالم آخر نعيش فيه بعد أن أصبحنا وجبة شهية لحشرات ودود الأرض ؟!!.
لا توجد رغبة فى البقاء والتشبث بالحياة هكذا بدون أن تؤججها رغبات ملحة تشكل المحتوى الذى يدفع الإنسان للتمسك بالحياة ورفض الموت .. إنها اللذة التى تجعلنا نعشق الحياة ونتمسك بها , فالحياة بلا لذة هى حياة بلا أى معنى بل هى العبث بعينه فلا توجد حياة بلا لذة ولا لذة بلا حياة ...لذا نحن نتعرف وندرك قيمة الحياة من خلال إحساسنا باللذة وما صراعنا فى الحياة إلا لكى نتجاوز الألم لنحظى على الراحة واللذة .
ندرك اللذة والألم بواسطة الجسد , فالجسد هو المحتوى الذى يستقبل الحياة ويتعاطى ويتفاعل معها من خلال الإحساس لتدور كل الدوائر من أجل إرضاء الجسد وإشباعه وتجنيبه الألم ومن هنا تتكون الحالة النفسية الإنسانية كإنعكاس لحاجات الجسد للبقاء والأمان والراحة .. فمتى توفرت الحاجات الجسدية فى الإشباع والراحة توفرت مقومات حالة نفسية مستقرة والعكس صحيح.
الحياة صراع تحمل الضدين فهى ليست كفنتازية فكرة الجنه التى تتعامل مع جانب أحادى للشعور والوعى , فحياتنا تتأجح بين الحرمان والإشباع , بين اللذة والألم وطالما تواجد الألم فهو تهديد واضح للجسد ليحاول الإنسان تجنبه من خلال حث العقل على التفكير والتعاطى مع مسببات الألم ولكن لو فشل الإنسان فى الخروج من دوائر ألمه نتيجة جهله وقلة وعيه فلن يتوانى أن يبدع فكرة يتصور أنها ستمنحه الراحة لتوفر له اللذة وتجنبه الألم ..فكرة تكون بمثابة المخدر التى تبث الطمأنينة فى نفسه الملتاعة .. تدور كل الأفكار فى منحى الإشباع واللذة والأمان مهما تعقدت صورها وتشابكت خطوطها , ومهما تعقدت أى فكرة فلن تخرج عن هذا الإطار .
إذن نحن لا نعرف الحياة ولا نعيها إلا من خلال لذة الجسد لذا نرغب ونتشبث بالحياة فإدراكنا للحياة يتأتى من تذوقنا للذة وحرصنا على تواجدها وما حلم حياة أخرى إلا الرغبة فى إسترداد اللذة مرة أخرى فهى المرادفة للحياة .. يكون الألم هو لإدراك اللذة وإبرازها , فلا لذة تتحقق بدون وجود الضد وهو الألم ولا معنى لألم بدون لذة .. الحياة هى هذا السجال الرائع المترنح بين اللذة والألم والذى يؤكد كل منهما وجود الآخر وما فكرة الخلود فى الجنه إلا فكرة شديدة السذاجة تتصور أن الحياة بلذة مفرطة على الدوام لا يتخللها الألم هو المبتغى و قمة المتعة والراحة بينما هى فقدت أى مقومات للمتعة بإنفرادها ! .. فكيف نستمتع بدون أن نمر بالألم ليجعل للذة تعريف ووجود ومعنى .
* اللذة والحياة .
نحن نأكل ليس لبناء الجسد وقدرته على الحركة والفعل فلسنا موتور سيارة , نحن نأكل لأننا نريد التغلب على ألم الجوع بالشبع .. نأكل لأننا من خلال حاسة التذوق نستمتع بالطعام لتخلق فى داخلنا اللذة والمتعة .
التأرجح بين ألم الجوع ولذة الشبع هو الذى يدفعنا لممارسة نشاط حيوى كالأكل , فلو تصورنا أنه لا يوجد ألم للجوع فما الذى يدفع الإنسان ليفكر فى أن يأكل ؟! - سيكون فعل عبثى بلا معنى .. فكون الغذاء يبنى أجسادنا فهو يأتى فى خضم تعاطينا مع العملية الغذائية .. فالذى يدفع الإنسان أن يأكل ليس بناء جسده وإكتساب الطاقة اللازمة لحياته بل لأنه يجوع أولا ً.. فلولا الجوع الذى يمثل الألم ما سعى الإنسان لأن يأكل ليجد راحة فى عملية الإشباع بعد الجوع لتتكون فى داخله لبنات الشعور باللذة .
نحن لم نكتفى باللذة الناتجة من عملية الإشباع بعد الجوع خاصة فى مجتمع الأمان والوفرة فنستثمر حاسة التذوق لخلق شهوة للطعام فنبدع فى تجهيز طعامنا وإستحسان إعداده لنعزف على اللذة المصاحبة لعملية الغذاء فبدونها لن نأكل إلا إذا كنا نتضور جوعاً للحصول على لذة الشبع حتى لو بدت فى صورتها البدئية .
تتخلق الشهوة واللذة للطعام كفعل شرطى مختزل فى الوعى الباطنى .. فها نحن جائعون وهذه المادة ستفى جوعنا وتفى الحاجة وتبدد الألم فنستحسن وجودها ومشهدها ونهبها الإستحسان والجمال لنخلق صورة الشهوة والرغبة .. ولتدعيم هذا المعنى سنجد أن هناك شعوب تأكل أنواع من الحيوانات والحشرات والديدان بينما تتقزز شعوب أخرى من تناولها فكيف جاءت شهوتها لهذه الوجبات المقززة سوى أنها ثقافة شعب وجد إشباعه فى تناول صراصير وقطط بعد جوع فتولد إستحسان لها كونها حققت إشباعه لتتكلل بشهوة لها تتأكد من خلال إمتداد الموروث الثقافى والإجتماعى .
تطلعنا الميثولوجيات بصور رائعة عن مفهوم الإنسان للطعام ففى أسطورة الخلق نجد تعاطى الإنسان مع الطعام كشهوة ولذة " وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل وشجرة الحياة في وسط الجنة"، التكوين :2:10 --"وَعِنْدَمَا شَاهَدَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ لَذِيذَةٌ لِلْمَأْكَلِ وَشَهِيَّةٌ لِلْعُيُونِ ، وَمُثِيرَةٌ لِلنَّظَرِ قَطَفَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ ، ثُمَّ أَعْطَتْ زَوْجَهَا أَيْضاً فَأَكَلَ مَعَهَا ".
النص واضح وصريح فى تصويره للذة والشهوة المصاحبة للطعام , وان كان غير دقيقاً فى قوله أن "الرب أنبت كل شجرة شهية للنظر" فشهوة النظر تولدت فى الإنسان من الحاجة للأكل وليست الشهوة ككينونة فى ذاتها ولكن ما يعنينا هو هذا التصوير المصاحب للإشباع الذى جعل الإنسان يُبدع أسطورة جنة آدم راسماً فيها رؤيته للذة التى يدركها ثم يمد خيوط أسطورته ليحققها فى عالمه الآخروى آملا فى إصطحاب اللذة التى يعهدها .
" وأَنا أَجعل لَكُم كما جعل لي أَبي ملكوتاً ، لتأكلوا وتشْربوا على مائدتي فِي ملكوتي ، وتجْلسوا على كراسِي تدينون أَسْباط إسْرَائِيل الاثني عشر ".إنجيل لوقا [ 22 : 30 ] -" الحق اقول لكم اني لا اشرب بعد من نتاج الكرمة الى ذلك اليوم حينما اشربه جديدا في ملكوت الله" مرقص 14: 25
الميثولوجيا الإسلامية أكثر سخاءاً فى إعطائنا لصور عديدة للذة المشتهاة فى الطعام فصحب اللذة المعهودة فى العالم الآخر لنرى مظاهر عدة من التلميح باللذة المعهودة والمرتقبة ( وفاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون)--(وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين )--(كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) وفى مواضع أخرى { الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }-- { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
يكون الإيمان بفكرة العالم الآخر هو حرصنا على الحياة من أجل تحقيق لذة الإشباع التى رافقت حياتنا الأرضية وعهدناها لذا إصطحبناها معنا فى العالم الآخر لتتحقق الحياة .. اللذة هى إيجاز ومفهوم لمعنى الحياة و لذة جسد تريد أن تكون حاضرة فبدونها لا معنى لحياة آنية أو مُرتقبة .. لذا نجد الميثولوجيات التى رسمت صور الجنه حرصت بشكل تلقائى على التلويح باللذة المصاحبة للطعام والشبع .. فجعلت حاسة التذوق والشهوة للطعام اللذيذ متواجدة فما معنى جنه بدون لذة عهدناها .. أو بمعنى أدق من رحم اللذة التى أدركناها خلقنا عالمنا الفنتازى الوهمى لتتحقق فيه لذتنا التى نأمل أن نصحبها معنا , ومن هنا تولدت فكرة عالم آخر يمنحنا الحياة التى عهدناها ونعرفها فحياة بلا لذة اشباع لا معنى لها ولا تعنينا فى شئ .
* إبحث عن القضيب .
إذا كانت لذة الشبع وشهوة الطعام نقلناها معنا فى العالم الأخروى لنحظى على ما لذ وطاب من الطعام فإن اللذة الجنسية تكون هى الأَولى فى أن تتصدر المشهد , بل تلح على خلق العالم الأخروى لتحقيق لذتها .. فالجنس غريزة مصحوبة بلذة فى الأداء تفوق لذة الإشباع بالأكل بحكم حجم ما تعانيه من تحريمات وتابوهات مُورست عليها مما جعل الرغبة في تحقيقها تمثل إلحاح مشفوعة بشبق , فلم تقتصر على حرمان حاجة ولذة قيدتها المجتمعات الإنسانية بل أن طبيعة الحصول عليها لا تتم إلا فى تواجد طرف آخر فاعل متفاعل لذا فالحصول عليها ليس بالشئ اليسير فلا يمكن ممارستها متى طلبها الإنسان فهى ليست كمتعة الأكل يمكن التعاطى معها فى أى وقت ومكان بل ترتبط بكيان فاعل ومتفاعل معها ثم تزداد وطأة الحرمان بتقييدها وكبتها وممارسة أبشع أشكال الهيمنة والإستغلال خدمة لرؤى أصحاب الأملاك .
كل رغبة ولذة يتم كبتها وتحجيمها تخلق فى الداخل الإنسانى حالة سعار وترتفع أسقف الرغبة فيها بشدة لتضعها فى المقدمة فهناك إحتياج يتم التعسف معه وكبته ليشكل أحلام وأمانى شبقية بل هَماً عميقا ً فى الداخل الإنسانى يأمل ويهفو .. وكلما زاد الحرمان من الحاجة واللذة زاد السعار فى طلبها لتتصدر القائمة وتستحوذ على تلافيف الدماغ ولا تكتفى بسكونها البادى فى مشهد الحرمان بل تتوحش وتخرب فى نفسية وسلوكية الإنسان عقاباً عن حاجة تم كبتها بقسوة .
الجنس غريزة وحاجة إنسانية وتأتى ممارستها مصحوبة باللذة لذلك يقبل عليها الإنسان ويتشوق لها كونها إحتياج غريزى مصحوب بلذة .. فالإنسان لن يمارس الجنس من أجل إعمار الأرض وإستمرار الحياة بل من أجل الحاجة واللذة وتأتى فكرة إعمار الأرض فى الطريق أى أن الإدعاء بأن الدافع الرئيسى لطلب الجنس هو إستمرارية البشرية إدعاء زائف ومراوغ بدليل أن البشر يظلون يمارسون الجنس ويطلبونه بإلحاح حتى لو لم ينالوا الأطفال كما فى حالة الإكتفاء بما لديهم أو وجود عقم أو إنقطاع الإخصاب .
القضيب هو عضو الممارسة الذكورية وبه تحدث اللذة ليصبح وجوده بالنسبة للرجل الأداة الرئيسية المتفردة للحصول على الإحتياج واللذة وتفريغها فلا وسيلة أخرى للحصول على المتعة والإشباع إلا بالقضيب , ويزداد هوس القضيب فى نفسية وذهنية الرجل من حجم التابوهات والتحذيرات والموانع التى تحد من حصوله على الحاجة واللذة بدءا من نهى الأطفال عن مداعبة عضوهم الذكرى مروراً بتأثيم ممارسة الإستنماء , إنتهاءاً إلى تحريم الممارسات خارج مؤسسة الزواج فيصبح عضو من أجسادنا خالقاً إشكالية وأزمة نتاج حالة من الجوع والهوس فتجعله محوراً الحياة يزداد معها سعار الجنس التى لن يبددها حالة السكينة التى نتوهم أنها تعترينا .
كما ذكرت أن علاقتنا بالحياة جاءت من خلال اللذة ولا نعرف معنى وتعريف للحياة إلا من خلال اللذة لذا تكون آمالنا فى عالم آخر لتحقيق وإستمرارية اللذة التى عهدناها فى الحياة فنريد أن تتواجد لذتنا المتمثلة فى الجنس فى العالم الأخروى ولا لذة بلا قضيب لذا نريد أن نصطحب قضيبنا معنا فى هذا العالم الفنتازى آملين له المزيد من المتعة المفتوحة الخالية من التابوهات والتحريمات .. متوسمين حالة تتخطى إحباطات هائلة فى واقعنا مابين تحريمات وإخفاقات وقصور وقلة فاعلية تنتاب القضيب نتيجة المرض أو العجز .. لذا نرسم فى أحلامنا الشبقية صور لنساء جميلات تخلق مجال رحب لحصولنا على اللذة مع كفاءة عالية وضرورية للقضيب ,وهذا يفسر تلك المفارقة الغريبة ما بين إغراق ميثولوجيا الجنه الإسلامية فى الممارسات الجنسية وتلك القيود على الأرض التى تصل للتحريم .
نحن ترجمنا فى الجنه شبقنا ورؤيتنا للجنس ولم نبخل على القضيب كعضو فاعل وأداة للإحساس باللذة أن يكون فى أبهى وأروع صوره نأملها له .. فنحن نحس بعظمتنا وقوتنا عندما نجده منتصباً قوياً ويعترينا الخزى والأحباط والألم فى إخفاقه .. إذن فليكن فى الجنه منتصباً منتشياً لا ينثنى , ليأتى نبى الإسلام عازفاً بذكاء على هذا الوتر الحساس فيقول " مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ إِلاَّ زَوَّجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً ثِنْتَيْنِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَسَبْعِينَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مَا مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلاَّ وَلَهَا قُبُلٌ شَهِىٌّ وَلَهُ ذَكَرٌ لاَ يَنْثَى " . !!-- كما سئل رسول الإسلام هل يمس أهل الجنة أزواجهم قال نعم بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع "!!
ويحدثنا عَبْد اللَّه بْن وَهْب عن عَمْرو بْن الْحَارِث عَنْ دَرَّاج عَنْ اِبْن حُجَيْرَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلِّي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَنَطَأُ فِي الْجَنَّة ؟ قَالَ " نَعَمْ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ دَحْمًا دَحْمًا فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعَتْ مُطَهَّرَة بِكْرًا " !
وتذكر كتب الأحاديث عن أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أَخْبَرَنَا عِمْرَان عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُعْطَى الْمُؤْمِن فِي الْجَنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا فِي النِّسَاء " قُلْت يَا رَسُول اللَّه وَيُطِيق ذَلِكَ " قَالَ يُعْطَى قُوَّة مِائَة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ
هنا عبقرية الميثولوجيا الإسلامية أنها دغدغت أحلام البدوى المتماهى فى رغباته الجنسية الفخور بالفحولة الذكرية لتصدر له اللذة الدائمة مصحوبة بقضيب دائم الإنتصاب .. فمبدع الأسطورة عزف على أوتار اللذة والرغبات الذكورية الشبقة المتماهية فى فحولتها بإعطاء قوة للقضيب تعادل مائة ذكر لايمل ولا يكل !! ..وبشهوة لا تنقطع أو تفتر !!
مازال القضيب يبحث عن آفاق عالية للمتعة فجعل الإله يُمارس عملية ترقيع الحوريات بعد أن يطأها المسلم فيعيدها أبكاراً !!.. وهذه الجزئية لها معنى ودلالة فهى مازلت تدغدغ أحلام وإحساس البدوى , فالمتعة واللذة الجنسية فى شكلها البوهيمى ترتفع أسقفها عندما تتم كفعل ميكانيكى قوى يتحقق مع رحم ضيق بكر تتم فيه الممارسة لأول مرة ليجد القضيب لذته فى هذا الإختراق فترضى مزاج وغرور الفحولة الذكورية .
نحن لم نخلق العالم الآخر من أجل الحياة فيها بلا طائل وبلا معنى بل الحياة كما نعهدها ونريدها مصحوبة بلذتنا وقمة اللذة تأتى مع الجنس المحروم وكفاءة ومتعة القضيب فهو الأداة لتحقيق اللذة لتتجاوز رغبات مكبوتة محرومة تم ممارسة عليها الكثير من القيود والكبت والإحباط لذا خلقنا عالم اخروى تنطلق فيه حرية الجنس وفعل القضيب بحرية وسخاء فهناك وفرة من النساء وإمكانيات هائلة للقضيب الذى نتمناه منتصباً قوياً لا ينثنى يملك كفاءة مائة رجل فى عنفوانه وحيويته .!!
المؤمنون بالتراث عندما يتسلل لهم هذه الأحلام فهى تدغدغ مشاعرهم وتحلق بهم فى عالم تتماهى فيه الرغبة فعلا وممارسة , فلن يجادل حينها أحد فى مدى خيالية وسذاجة هذا العالم الأخروى الذى تحول إلى ماخور كبير .
أحلام القضيب ومتعته تتحقق فى الأرض والسماء فهناك رخصة بإقتناء أربعة زوجات وما فاض الله على المؤمن من ملك اليمين فلماذا اترك هذه الميثولوجيا وأتشكك فيها طالما تمنحنى هذه البحبوحة من الممارسات وحرية القضيب .. وكيف لى أن اتشكك فى عالم أخروى بالرغم اننى لا أرى منه أى دلائل تثبت وجوده طالما هناك حلم بحبوحة أكثر سخاءاً لمتعة القضيب ترتفع فيه الأسقف إلى عدد هائل من الحسناوات وكفاءة أتمناها وأأملها .. من الصعب أن أتخلى عن هذه المتعة التى عهدتها على الأرض فلتصاحبنى إذن معى فى السماء أو لأخلق هذا العالم الذى يجعلنى أستعيد الحياة باللذة .
قد يتصور البعض أن جنة الإسلام هو ماخور كبير يتماهى فى الجنس حتى أذنيه مما جعلت هذه الصورة تلقى بحرج بالغ داخل المسلمين أنفسهم من جراء النقد الساخر للمناهضين للإسلام عن تلك المشاهد .. بالطبع لسنا بصدد التعاطى مع هذا الشكل الطفولى الساخر فى النقد والتحليل فالطفولية هى طفولية فكر إنسانى له رؤيته وخيالاته المشبعة بحاجاته ورغباته طرحها ببساطة شديدة وبمصداقية وخلق الميثولوجيا لتحقيق متعة مأمولة وشغوفة .. بل يمكن أن نعتبر ميثولوجيا الجنه فى التراث الإسلامى أكثر وضوحا ومصداقية بل يعتريها العبقرية الفطرية التى كشفت عن العمق الإنسانى الذكورى بدقة ووضوح لتعزف على أوتار اللذة الجنسية وحيوية القضيب بصورة دقيقة ومباشرة فتدغدغ احلام المتلقين وتعمق فى داخلهم حلم العالم الآخر .
من هنا يمكن ان نفهم لماذا الإسلام يحظى بهذا التشبث من تابعيه فهو يحقق أحلام داخلية عميقة من اللذة بل يطلق لها العنان فما الذى يجعلنى أرفض منظومة ستمنحنى هذه البحبوحة من متعة القضيب سواء فى الأرض أو السماء , ويمكن أيضا تفهم لماذا نرى علماء حائزون على أرقى المناصب العلمية يمارسون العلم فى الصباح ويرددون خرافاتهم فى المساء فهم تعاملوا مع العلم كصنعة وحرفة بينما عواطفهم ومشاعرهم العميقة المكبوتة مازالت تجرى وراء حلم بحبوحة القضيب فى عالم ماورائى .. فليس معنى ان الإنسان حشى دماغه بمعادلات ومعلومات علمية أنه تخلص من كبته وأحلامه الشبقة المهضومة .
يمكن تفهم عملية الإنتحار وتفخيخ الأجساد من هذا المنطلق أيضا فبالرغم أننى قد طرحت فى مقال سابق من هذه السلسلة تحليل لنفسية المفخخين لأجسادهم بالرغبة الباطنية فى البحث عن قضية يتماهون فيها بعد أن مسهم رؤية بعبثية الحياة وتهمييش دورهم الوجودى فخلقوا قضية تجعل للوجود ووجودهم معنى و قيمة .. ولكن يمكن أن يضاف الرغبة فى متعة القضيب لتلك الحوريات اللاتى تنتظرهن على أبواب الجنه كحافز قوى للإقدام على الإنتحار , فالذى دفع المنتحر أو الإستشهادى على فعله هذا ليس إثبات الوجود فقط بل رغبة فى خلق حلم يتحقق فيه شبقه يتجاوز فيه إحباطه وقد يكون تعبير عن رغبة لعبور أزمة جنسية فى الواقع حيث المعاناة من الكبت الشديد والشعور العالى بالخطية والذنب وعدم القدرة على تحقيق متعة وإشباع , أو قد تكون هناك مشاكل حقيقية مع القضيب ذاته فيصبح الحلم بعالم آخر للوصول لحالة قضيب منتصب قوي لا ينثنى وبكفاءة مائة رجل لا يكل ولا يمل مع وجود حوريات رائعات الجمال وممارسات بلا إنقطاع أو ملل لتترجم حالة إحباط وكبت وشبق هائل .
الإنسان لا يخلق فكرة إلا لتفى حاجاته فلا وجود لفكرة حتى ولو كانت خيالية فنتازية بدون أن تضع أرجلها على الأرض تستمد منها حاجات ورغبات إنسانية عميقة .. لذا تنطلق فكرة العالم الآخر من نفس الرغبات وترسم صورها كما يريد الإنسان محققاً ما يعرفه ويفهمه ويستطيبه من اللذة التى تلمسها فى عالمه الأرضى فهو لن يسافر إلى العالم الإخر ليجلس فيه بل ليحقق متعته التى عهدها بلا تابوهات ولاكبت ولا إحباط .
الإنسان يتمسك بالفكرة عندما تفى حاجاته ورغباته فلا يهتم بمدى منطقيتها ولكن ينظر لما تهبه من رغبات وحاجات نفسية عميقة تترجم اللذة التى يعيها ويعنيها فهو الخيط الذى يربطه بالحياة ويجعل للحياة معنى وقيمة لذا يريد ان يستردها فى عالم من خياله يجعل للمتعة المصاحبة للحياة وجودا وإستمرارية , فاللذة هى تعريف ومعنى الحياة .
عالم أخروى بلا لذة وشهوة طعام ليس له معنى .. عالم بلا إنتصار ومتعة للقضيب وتألقه يكون بلا قيمة .
دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)