|
عبرة ُ نهاية القذافي
الطيب آيت حمودة.
الحوار المتمدن-العدد: 3522 - 2011 / 10 / 21 - 01:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استقبل العالم الحر خبر مقتل الطاغية معمر القذافي بابتهاج واحتفال ، و متابعتنا للصورالتي بثتها وسائل الإعلام يوم قتل القذافي مفرحة محزنة ، مفرحة لأنها أنهت فترة ظلامية من حياة الشعب الليبي ، ومحزنة لما شاهدناه من التنكيل بجثته والتعدي على حرمة الميت بنزع ثيابه واقتسامها بين من قبضوا عليه ؟!!.
*** نهاية حقبة وبداية أخرى .
الشعوب المغاربية والعربية في جملتها استبشرت خيرا من قتل القذافي وتصفيته ، ولا ندري من هو قاتلهُ ، فهناك آراء وفرضيات عديدة لقتله ، ولا يدري العوام أيهما أرجح وأقرب للصواب ، ويبدوا من خلال المشاهدات أنه قتل برصا صتين ، واحدة في الرأس وأخرى في الكبد ، خلال اشتباك مع الثوار، ومشاهدات أخرى تظهره حيا ، تلتها محاولات لإسعافه داخل سيارة ، ثم لماذا نقل جثمانه إلى مدينة مصراتة ، أهو للتشفي جراء ارتكابه أبشع الجرائم في حق أبنائها؟ أم لأن الذين قبضوا عليه هم من مصراتة ؟ ولا شك بأنه سيقبر في مكان مجهول ، المهم أنه فقد الحياة غير مؤسوف عليه ، وهو جزاء الظالمين القساة ضد شعوبهم ، فقد أفنى أزيد من خمسين ألف شهيد من أبناء وطنه ، جراء عناده ، كان يمكن عتقها بتنازل بسيط من لدنه ، ولكنه أبى واستكبر ،ووقف متشبثا بالحكم رغم جسارة وعنفوان المد الثوري ، الذي جرف العديد من أمثاله ، وسيجرف المتبقي منهم تباعا إذا لم يرتدعوا مما وقع اليوم في 20 أكتوبر 2011 بسماع شكوى شعوبهم ورغباتهم في التغيير . فالليبيون أنجزوا مهمة القضاء على الدكتاتورية بعد عناء جهد وتضحية دامت أكثر من ثمانية أشهر ، سالت فيها دماء وترملت فيها نساء ، واعتدي فيهاعلى الحرمات ، و خربت مقدرات البلاد ، كل ذلك بسبب تهور قائد سادي مصاب بجنون العظمة ، لم تنفع معه دروس الماضي ولا نكسات الحاضر ، و الشعب أدرك بأن التغيير لا يأتي سهلا و منحة ، وإنما يأتي غصبا ، فالحقوق والحريات لا تمنح وإنما تنتزع ، وفي انتزاعها بقتل رأس الأفعى تحقق الجهاد الأصغر ، وما زال هناك جهاد أعظم منه هو الجهاد الأكبر .
*** من الجهاد الأصغر ..إلى الجهاد الأكبر .
انتصار ثمينٌ لشعب ليبيا ،يوم القبض على القذافي وقتله ، و في تصفيته علامات استفهام عديدة ، منها هل قبض عليه حيا وقتله الثوار ؟ ، هل مات متأثرا برصاصات قاتلة ؟ هل النيتو لها يد في قتله أم ما تقوله مناورات ، هل الغربُ شجع على تصفيته لأن في محاكمته إظهار للمتخفي من علائقه المشبوهة معه ؟ . أنا أعتقد بأن قتله سيبقي الكثير من القضايا دون تفسير ، قد يكون في تصفيته نفع لليبيين أكثر من محاكمته ، لأن بقاءه حيا سيولد نقاشات وردود أفعال قد لا تكون في صالح الثورة . المهم أن الشعب حقق المطلوب ، لكنه مطالب برباطة الجأش وشد الحزام ، لأن ما سيأتي ليس سهلا ، وقد تسرق الثورة كما سرقت في نهاية الثورة الجزائرية 1962 ، وقد نسهم بأنفسنا في تنصيب حكام قد يتحولون إلا أبشع الديكتاتوريات إذا لم نضع أمامهم حواجز وخطوط حمراء لا يمكنهم تجاوزها ، فتكوين دولة مدنية تقوم على المساواة و إحقاق الحق بواسطة مؤسسات شرعية يكونها الشعب هو ديدن الجميع ، خاصة وأن ليبيا تعرضت لإنهاك اقتصادي وتخريب شبه كلي لمقدراتها وهياكلها ، فالخطب عظيم يحتاج إلى رجال أكفاء يختارهم الشعب بكل حرية ومسؤولية .
***نجاح ثورة ليبيا ... رسالة قوية للأنظمة الإستبدادية في اليمن وسوريا .
فحكامنا العرب رؤسائهم وملوكهم لا ينامون هذه الليلة نومة هادئة ، فقد يتساؤلون في قرارة أنفسهم (على من الدور ؟؟؟)، كثيرا ما قال القذافي بأن ماوقع في تونس لا يمكنه أن يتكرر في ليبيا ، وأنبأتنا الأخبار بأن ما وقع في ليبيا فاق ما وقع في تونس ومصر عشرات الأضعاف، فشرارة الغضب الثوري ستنتقل حتما إلى شعوب أخرى إذا لم ترتدع الأنظمة وتعمل وفق نهج ديمقراطي شفاف والقيام بإصلاحات سريعة ،تعيد القاطرة المنحرفة إلى السكة قبل وقوع الفأس على الرأس ، كما وقع ذلك في ليبيا وتونس ومصر ، وإن كانت المؤشرات تقول أن النظامين السوري واليمني لا يتنحيان إلا بعد وقوع ما وقع في ليبيا لا قدر الله ؟؟؟.
*** هل سيكون الليبيون في مستوى عظمة عمر المختار .
كثير من العقبات تؤرق المتتبعين للشأن الليبي ، لأن تجارب الأمم أظهرت أن تقسيم المكاسب المحققة هو الآفة التي تؤجج الأطراف وتسبب الخلاف والإقتتال ، وفي ليبيا حاليا أكثر من 10 ملايين قطعة سلاح موزعة بين الشعب ، فكيف السبيل إلى جمعها ؟ ، وكيف يعمل المجلس الإنتقالي لتوحيد الفصائل كلها في فصيل واحد وبقيادة واحدة ؟ وكيف يتم إقناع الناس بضرورة إحداث تصالح ومصالحة عامة ؟ في ظل وجود خلايا نائمة مذعنة للأمر الواقع ، لكنها قادرة على تفجير الوضع من جديد خاصة وأن خبر مقتل سيف الإسلام القذافي لم يؤكد بعد .
خلاصة القول أن الثورة الليبية تعد من الثورات الرائدة في التضحية في بلوغ الغاية ، فهي لم تستكن ولم تنثن ولم تتوقف ، إلا بقتل الطاغية ، أملنا كبير في جعل تلك التضحيات نبراسا يضيء الدروب والدهاليز المظلمة لتحقيق سير متجانس يرضي كل الأطراف دون حدوث اختلالات تفسد علينا وعليهم طعم النصر والحرية .
#الطيب_آيت_حمودة. (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردود على تعليقات .
-
هوية الجزائر/ بين لأصيل والوافد .
المزيد.....
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|