أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين! 2














المزيد.....

طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين! 2


مزهر بن مدلول

الحوار المتمدن-العدد: 3519 - 2011 / 10 / 18 - 16:11
المحور: الادب والفن
    



الافعى تحت ثيابي..


رغم ان اللحظات التي ستأتي في هذه القصة والتي تحمل ارشيفا طويلا من المعاناة والاوجاع، ستكونُ اكثر سخطاً واعنف تهديما، لكن هذه اللحظة التي اعيشها الان، هي لحظة عذاب خاصة وضاغطة جدا، حاصرتْ عقلي واغلقت جميع منافذه، وكانت اكثر من سابقاتها فتحاً بأقبيتي وخرابا بروحي، واشدها فتكا بمخيلتي وصفعا لخواطري..
لقد فقدتُ الحكمة والتركيز، الى الحد الذي شعرتُ فيه، بأنّ احدا ما.. احدٌ لايشبه ايّ احد!، يظهرُ متسللا وسط الظلام مرة، ومرةً يظهر في عاصفة دخان، ويصوبُ سهامهه الخبيثة، فيصطاد احلامي واحدة واحدة، حتى اوشك الذي احملهُ بين كتفيّ على النفاذ..
اما خارج الكوخ، فقد سكتتْ عن العويل كغيرعادتها بناتُ آوى.. وظهر الكون كلهُ ثملٌ بالسكون ومحاطٌ بعلامات الاستفهام.. سكونٌ مريب هذه الليلة، حالك الغموض والاسرار وليس له تأويل، حتى اني تخيلتهُ، يشهر سيوفه من اغمادها، وينذرُ بذبحي الوشيك..
هكذا بدا المشهد... كأنما الليلُ، يطلقُ زفرتهُ الاخيرة، وان ساعة الفناء قد دنتْ...
فحملتُ قلبيَ الحار، وقليلا من الماء، وبعضا من اغنيات ريفية تذرفُ الدموع، وخرجتُ..
خرجتُ، اطاردُ حباً في ركام الارواح التي انتمي اليها.. ابحثُ عن وجه الأله النوراني الذي رآهُ النبي ابراهيم.. فتهتُ!..
سلاحي الوحيد في هذه العتمة، منديلٌ صغير اخبئ في داخله بعضا من فراشاتي الجميلة، ومصباحٌ خافت الضوء! رافقني كل مغامراتي، وحرصتُ ان لااستخدمه الاّ اذا صرت كفيف البصر..
اما وجه امي الذي طاف معي جميع الامكنة، فمازال بكل تجاعيده واحزانه وجروح الانتظار العميقة، هو الكلمة الاولى لابتهالاتي في اي مصيبة محتملة..
حين خرجت من الكوخ، رأيتُ الصحراء سوداء داكنة، وكأنها تنوي الانتحار!.. رأيتها مثل موكب حداد ارضي مهيب.. مثل لافتة كبيرة من الآلام والاحزان.. كانت تشبه اللافتة السوداء التي ارتدتها شوارع المدن في العراق منذ دهر.. بينما بدت السماء صافية وتحتضن نجومها اللامعة وتحتفل بعذريتها، وغير مكترثة بما يجري تحتها..
ابتعدتُ كثيرا.. ابتعدتُ عن مهجعي وغدير الماء.. ابتعدتُ بمسافة قارةٍ عن شفتيكِ حبيبتي!.. على بعد قمرٍ من اللذة الاولى.. طفلكِ المدلل! ضاع في نهايات العالم القصوى!..
كنتُ كمن يدور في دولاب.. شيءٌ خفيٌّ يحملُ سوطا وينهال عليّ بالجلد، شيءٌ جعلني بلا خطى، اتعثر بالفراغ واتبعثر في الاتجاهات، حتى صرتُ كنزا ثمينا لأيّ وحش صحراوي اغضبهُ الجوع.. دبَّ الخوفُ في روحي الى درجة الارتجاف، وكتمتُ صرخةً فاضتْ في داخلي، صرخة طالما راودتني، هي صرخة المستجير في الظلام..
في افق الصحراء لاتبدو هناك نقطة معينة يمكنني الاتجاه اليها، اما رأسي فقد كان فارغا الاّ من حكايات قديمة دارتْ بافواه القرويين عن الليل وعفاريته (وطناطله)! المخيفة، وعن الرمال المتحركة التي تأكل بيوت البدو ومواشيهم..
تشبثتُ ما اوتيت، بعينيًّ اللتين تعبتا من مشاغبة الظلام، انتظرتُ الضوء الذي يبزغ من جوف الليل، كأني اريد ان القي نظرة الوداع، فلاارى الاّ سرابا اسودا يتجسدُ كوابيسا وحشية في اغلب الاحيان، فقدتُ حيلتي تماما، حتى ايقضني صوتٌ قويٌ انطلقَ من تحت قدميًّ!!..
صوتٌ لم اسمع به من قبل، ليس ازيز رصاصة، ولاهو زئير اسد، صوتٌ يشبه صوت الكائن المنتصر في لحظة الانقضاض على الفريسة!..
وحين وجهت ضوء المصباح نحو مصدر الصوت.. شاهدت شيطانا يرتدي ثوب افعى!.. شيطانٌ بحجم الصحراء، يمدُّ مخالبهُ وينطلق مسرعا نحوي.. قفزتُ قفزة طويلة.. ثم قفزة طويلة اخرى، حتى ظننتُ بأني نجوت، ولكن عندما ادرت المصباح ثانيةً لكي استجلي، رايتُ ذلك الشبح الافعى تحت اقدامي!.. رأيتُ الجحيم الارضي الذي لايضارعه جحيم!!..
ركضتُ لاهثا.. درتُ حول نفسي.. درتُ في الاتجاهات كلها، والافعى تدور مثلي، تلتصقُ بجسدي وتدخلُ تحت ثيابي.. وهكذا مرت ليلتي، اركض واركض، حتى وجدتُ نفسي داخل الكوخ الرطب! فقبّلتُ الجدران وصليت ركعتين!، ثم نمتُ مع بزوغ الفجر!..

يتبع



#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين
- عشٌ من الثلجِ! في بيت شعر!..
- انا وابو الفوز وبقايا امرأة
- كيف تكتب نصا قصصيا قصيرا..!
- ليلتان....... وموقد نار!
- رمانة.. في الحي القصديري!
- لو كان لي........ ان استرد قبلاتي!!
- لااحدٌ.. لاشئ.
- على اعناد طلفاح بغداد!!
- كَلبي عليه ملتاع...........
- بشت ئاشان مؤثثة بالنجوم
- پشتاشان .. ياذاك الألق
- هروب سنبلة
- بين جسدي والقصيدة
- كل عام وانتم بخير
- ليلة قاسية البرد عميقة الحلم شديدة الخوف
- رطانة حتمية
- الابله قيد الهذيان
- ذلك المساء ..تلك العينين
- وسام الشيوعية لانسام الشيوعية


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين! 2