أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - افراح لطفي عبد الله - البحث عن عالم افضل














المزيد.....

البحث عن عالم افضل


افراح لطفي عبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 3517 - 2011 / 10 / 15 - 17:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على عكس التعصب للنظرية او الفكرة بالباسها ثوب الدقة غير القابل للاختراق في الفيزياء الكلاسيكية فان الفيزياء المعاصرة ومنذ ان اسقطت فكرة الصرامة والدقة عن النظريات العلمية بسبب تكرار تكذيبها على مدى المسيرة العلمية قد كونت عقلية علمية تستجيب للحوار والنقاش حول مصداقية النظريات العلمية دائماً وتكون على استعداد لتكذيبها اذا توفر ما هو اصدق منها دون ان يخل ذلك بثقة العالم بنفسه في صنع الافضل، هذه هي الفكرة التي تستقي من منهج بوبر في القابلية للتكذيب وهي الطريق الانسب في البحث عن الاشياء الافضل في كل مجال من مجالات الحياة حتى الفكر الايديولوجي.

فليس من المستحيل ان تشكل الايديولوجيات البعيدة عن دقة الارقام والاقرب من روح الحوار ان تشكل عقلية مرنة قابلة للنقد والتكذيب والتصحيح واذا لزم الامر التنازل عن دورها بدون عنف اذا ماظهر ما هو اصح منها.
واللاعنف هنا كلمة اعطاها بوبر حقها في "مقالته البحث عن عالم افضل" عندما وسم بها منهج النقد العقلي على أسس بايولوجية بمعنى ان منهج النقد العقلي غير العنيف لم يقدم جاهزا بل هو المرحلة الاخيرة من ارتقاءات التطور وقد حاول بوبر بكل سلاسة ان يمنح هذه الفكرة تفسيرات متفائلة تصلح لو وظفت في كسر التشاؤم ازاء الواقع العنيف.. ولهذا ارتأيت ان اقف عند بعض من ارشاداتها.
بدءاً يطرح بوبر في مقالته هذه مشكلة مهمة وهي البحث عن عالم افضل وقد جعلها – أي المشكلة – القاسم المشترك بين كل الكائنات الحية من ابسطها الى اعقدها وهي نظرية تتعلق بالتطور البايولوجي ابتداءاً بالعالمين الاول والثاني وصولا الى العالم الثالث عالمنا المعاصر، عالم التطور الثقافي وهو ما يهمنا.
ولعل من اهم نتائج ابتكارات العالم الثالث هو ايجاد العقلية المرنة التي تكونت بفعل اول ابتكار وهو اللغة البشرية التي ترتب عليها ابتكار النقد وابتكار الاختيار الواعي او الانتخاب الواعي بدل الانتخاب الطبيعي الداروني.
ولعل من اهم اسباب امتلاك هذه الفكرة لرؤية متفائلة هو ان فهمها للانتخاب الواعي قائم على اساس فهم جديد للحرية فهم جعلها من نتاج الانسان وليس البيئة، حيث يعتقد بوبر ان الحرية متى ما سلطت او فرضت من الخارج كانت ممارسة لضغط وبالتالي تكون قيداً لذا فهي لا توهب، وانها بحقيقتها اتية من الداخل من داخل الانسان وهنا يظهر دور الانسان الرئيسي في صنع العالم الافضل باستمرار، والاستمرارية هنا ترجع الى ان هذه الحرية هي ليست ثابتة بل انها تتوسع من خلال القدرة التي يمتلها الانسان في توسيعها كونه من خلال المنافسة انما يبحث عن امكانيات جديدة التي تجلب معها الاختيار بين قرارات بديلة وحرية اختيار اوسع وهو اختيار شامل يتعلق باساليب الحياة والوسط البيئي وربما يشمل حتى الاصدقاء وتبادل المنفعة.. الخ.
وايضا من وجهة نظر متفائلة اكتشاف مواطن جديدة تصلح حتى للمعوقين وهذا طبعا يختلف عما طرحه دارون الذي جعل الانتخاب يأتي بضغط من الخارج فيؤدي الى التخلص من الافراد الاضعف وتقليص الحرية وتقييدها مقابل الحرية التي ما تزال تتوسع بالتصحيح الازلي ابتداء بالمحاولة والخطأ في العالم الاول ومروراً بوعي الفشل والنجاح في العالم الثاني وصولا الى النقد في العالم الثالث وان لا تزال التجربة والخطأ افضل وسيلة متاحة لنا للكشف عن الافضل على حد قول بوبر.
العالم الثالث هو ملاذنا اذن في تحقيق الحوار والنقد والاستعداد في تقبل الخطأ، فالنظريات فيه بدت على استعداد لتقبل الخطأ والعلماء بدوا فخورين باكتشاف مواطن زلاتهم ومستعدين للتنازل عن معتقداتهم ولا شك هنا وبتوظيف لمقولة بوبر ان غريزة البحث عن العالم الافضل بدت تلعب بشكل واع فاصبحنا اليوم واعين في العثور على اخطائنا والتخلص منها، ذلك لان الخوف والعنف قد زالا، فكما حل الانتخاب الواعي محل الانتخاب الطبيعي للنظريات بعد ان تجاوز الانتخاب الطبيعي ذاته فان النقد غير العنيف قد حل محل النقد النعيف بعد ان تجاوز هذا الاخير ذاته وهذا بالطبع ليس حلما يوتوبيا بل هو نتيجة بايولوجية وفقا لبوبر.
فنحن اليوم نعيش مرحلة من التطور الثقافي تجعل النظرية تموت بدلا عنا بعد ان كان معتنق النظرية هو الذي يموت في الازمان الغابرة، فمنهج النقد الواعي، منهج النقد العقلي قائم على انتخاب افضل النظريات دون قتل مؤيديها أي دون عنف وهو قائم ايضا على التخلص من النظريات الخاطئة دون عنف وبهذا الشكل امكن القضاء على الصفة القاسية للانتخاب الطبيعي وبهذا الشكل ايضا نكون قد ابتكرنا خطوة مهمة في تحسين عالمنا.
هذا من جهة ومن جهة اخرى فانه من اجل البحث عن عالم افضل يحذرنا بوبر من خطورة صرامة الافكار واليوتوبيات قائلاً "ان الاعتقاد في يوتوبيا سياسية هو بالذات امر خطير" وهو قول يدلنا على خطورة ما تفرضه هكذا سياسة من ايدولوجيا تعتقد انها مثالية لا تقبل الشكل بمصداقيتها لذلك ربما تدفع بالاخرين ليس على الاقتداء بها فقط بل بالدفاع عنها باغلى ما يملكه الانسان.. الحياة.
ولهذا ينصحنا بوبر من اجل البحث عن عالم افضل ان نضع في بالنا امرين مهمين الاول ان" لانتصور باننا نستطيع ان نتنبا بنتائج خططنا وافعالنا" والثاني" يجب قبل كل شيء ان لا نضحى باية حياة بشرية الا ربما بارواحنا نحن في اسوأ الظروف فليس لنا الحق في ان نحض الاخرين او نشجعهم على التضحية بارواحهم من اجل فكرة. من اجل نظرية اقتنعنا نحن بها، فالبحث عن عالم افضل يتضمن البحث عن عالم لا يدفع فيه الاخرون التضحية بأرواحهم من اجل فكرة "كل هذا لان بوبر قد ادرك مسبقا ان القناعات المتصلبة لفكرة ما ربما تكون من دون مبرر معقول وربما بسبب الجهل، والجهل هنا مرتبط بعدم القدرة على الاحاطة بالتبعات التي ستستجد مستقبلاً للفكرة ومن ثم ليس هناك فكرة متقنة الدقة وان أي فكرة او نظرية لا بد ان تكون معرضة للنقد والتكذيب..
والان لو اعتبرنا الشروط المنهجية المتفائلة السابقة مقياسا لفكرنا هل سنبدأ خطوة بالبحث عن العالم الافضل الخالي من العنف والخالي من الافكار العنيفة التي تهدر دم من يخالفها ويكذبها؟



#افراح_لطفي_عبد_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الممارسة معادلة مادية
- هامش فلسفي على الدكتاتورية والثورة
- فلسفة الممارسة
- شذرات عن فلسفة الدكتور حسام محي الدين الالوسي


المزيد.....




- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...
- تحقيق لأسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيم ...
- خبير فرنسي: هذه هي الإدارة الأكثر معاداة للفلسطينيين في التا ...
- واشنطن بوست: معاد للإسلام يعود للبيت الأبيض
- ثورة طبية.. الذكاء الاصطناعي يضمن الجراحة في 10 ثوان


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - افراح لطفي عبد الله - البحث عن عالم افضل