أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - الطاغية والوديع














المزيد.....

الطاغية والوديع


أحمد أوحني

الحوار المتمدن-العدد: 3516 - 2011 / 10 / 14 - 19:01
المحور: الادب والفن
    


الطاغية والوديــع

اسماهما ؟ من يكونان ؟ لا هذا ولا ذاك ، لا يهم بقدر ما تهم الورطة التي كُتب لهما أن يقعا فيها . ففي أحد أيام الصيف الحارة ، كان يتجول في الحديقة الافتراضية الموجودة في الجانب العصري من المدينة . وعندما أخذ منه التعب مأخذه ، اشترى لنفسه قارورة مياه معدنية وفضل الجلوس على كرسي إسمنتي موجود في ظل شجرة . قام بفكها ورفع رأسه ليشرب ويطفئ حالته المظماء ، ولم يكن يدري أنه على أهبة إشعال نار ستحرقه ، في هذا الوقت ، تلقفت عيناه فتاة تسير في الجانب الآخر من الطوار . صار يلمح مشيتها ، وملابسها الفاتنة .

وهي تحاول المرور إلى الجانب الآخر ، التفتت يميناً وتجنبت سيارة قادمة بسرعة جنونية ، في هذه اللحظة ، أشار إليها بيده واستجابت له بإشارة مماثلة . قام من مكانه ليلحقها على الفور وقال لها إنه يود التحدث إليها . لبَّت له رغبته وأجابت على مجموعة من الأسئلة على سبيل :
" ما اسمك ؟ كم هو عمرك ؟ أنت من هذه المدينة ؟ في أي حي تقطنين ؟ ألديك أبوان ، إخوة ، أخوات ؟ " . ثم ختم بالاعتراف لها بأنه معجب بها منذ تلك اللحظات .
بدورها أكدت له على أنه وسيم ويحسن التحدث وأنها تحب أن تحصل لها علاقة مستمرة مع واحد مثله . وقبل أن يفترقا ، ضربا موعداً في المكان نفسه ، ثم توالت المواعيد ليمتنا علاقتهما يوماً بعد يوم حتى أنه لا يمر يوم دون أن يلتقيا .

هو يكبرها سناً ، ومع ذلك تمسكت به واعتبرته بعض الشيء الذي كانت تحتاج إليه . تقول إنه استطاع أن يحولها من فتاة حزينة وكئيبة إلى واحدة أخرى أصبحت تعيش على أمل كبير في أن الآتي سيكون أجمل وأفضل مما فات ، وأنه استطاع أن يرمم ما عاثه الزمان من حياتها ، حيث كانت تعاني هموماً جعلت منها تلك الفتاة التعسة التي فقدت الأمل في كل شيء جميل .

ومؤخراً ، في إحدى الليالي ، رن هاتفه ليتلقى منها مكالمة تفيده فيها أنها غادرت المدينة لتلتحق بعائلتها في مدينة أخرى بعيدة . أراد أن يستفسرها لكنها تعمدت إقفال هاتفها لتمر ليلته أطول من السنة كلها . في اليوم ، الموالي ، هاتفته مرة أخرى لتقوم بإحيائه من جديد .
يقول إنها تقسو عليه جراء ما لحقه منها من عذاب يومي لفراقها ، يصف نفسه بالوديع ويتهمها بالطاغية لحبه لها منذ أن تعرَّف عليها ، وهي بدورها تؤكد أنها تعيش الحالة نفسها ، وأنها أصبحت متعلقة به أكثر من ذي قبل . كما أنها أيضاً هي الوديعة التي ذهبت ضحية هذا الطاغي الذي يعذبها بما آل إليه حالها الآن . ولحبهما المتبادل توافقا على أن كلاًّ منهما طاغية ووديع في الوقت نفسه . حالياً ، يتواصلان عبر الإنترنيت وبواسطة الهاتف على أمل اللقاء يوماً ما من جديد . وهكذا قررا ألا يعذّرا في الأمر حتى يحققا أملهما المشترك .

إن بعض الناس يعجّفون أنفسهم عن الطعام والتمتع باللحظات الجميلة والسعيدة في الحياة جرَّاء ما يواجهونه من مشاكل متعلقة بالأسرة أو العلاقات الإنسانية أو ما مردّه إلى الأسباب الاقتصادية أو التي لها صلة بالوسط الذي يعيشون فيه ، هؤلاء لا يزيدون الأمر إلا سوءاً وتعقيداً .

إن المرء وهو يعيش من أجل شيء جميل منتظراً تحقيقه ولو طوال عمره ، ينبغي أن يعتبر حياته كلها عبارة عن فسحة خارج الجانب الحياتي الضيق والسلبي . فهو مطالب بأن يعيش يومه الذي استفاق فيه من جديد بعد وفاة اسمها النوم ، يخرج من بيته صباحاً وهو لا يدري خطواته أين تسير به ، إلى بيته من جديد أم إلى حافة قبره .
* الحكي من نسج الخيال ، وكل شيء فيه وافق الواقع فهو من قبيل الصدفة .
ذ.أحمـد أوحنـي - أفـورار - المغرب .




#أحمد_أوحني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخزن كاين ... المخزن ما كاين
- ?L’exemplarité : un choix ou une prescription
- نجباء و لكن خنازير
- الذي أبكى الملايين يبكي
- عندما لا يُذكر الأموات بخير .
- عندما يتضاءل الكبار
- قصة قصيرة : مشاريع فاشلة في أزمان آفلة
- بقايا رجل
- قصة قصيرة : عند أمّ حازم
- رجلٌ للبيع
- أغبى رجل في العالم
- قصة قصيرة جداً : البحث عن موجود
- امرأةٌ ونصف رجل
- لمَ عُدتَ أيّها الشيء الجميل ؟


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد أوحني - الطاغية والوديع