أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مصر‮..‬ وعَودةٌ‮ ‬أخري قريبة‮ ‬















المزيد.....

مصر‮..‬ وعَودةٌ‮ ‬أخري قريبة‮ ‬


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 3514 - 2011 / 10 / 12 - 14:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" المجد له في الهيكل عندما ينهض من بيت النار،‮ ‬الآلهة كلها تحب أريجه عندما يقترب من بلاد العرب،‮ ‬هو رب الندي عندما يأتي من مكمنه،‮ ‬ها هو يدنو بجماله اللامع محفوفا بالآلهة ليولد من جديد‮". ‬
الكلمات من أنشودة‮ "‬طائر الفينيق‮" ‬كما خلدتها نصوص الجنائز المصرية القديمة في كتاب الموتي‮. ‬وهو طائر أسطوري شديد الجمال كما يقول عنه الكاتب المصري القديم‮ "‬هور أبوللو‮" ‬في القرن الخامس قبل الميلاد،‮ ‬صنع نفسه من نار عظيمة علي شجرة مقدسة في معبد الإله رع‮. ‬وهو في الميثولوجيا‮ "‬الاساطير‮" ‬المصرية القديمة بزغ‮ ‬من قلب أوزوريس،‮ ‬إله البعث والحساب ورئيس محكمة الموتي عند قدماء المصريين‮. ‬
بعد أن قضي هناك قرابة الألف عام شق طائر الفينيق طريقه من الجنة باتجاه الأرض بكل ما يحمله من حكمة ليري حياة البشر وأحوالهم،‮ ‬جال البحار والجبال والسهول والبلاد،‮ ‬إلي أن‮ ‬غمرته رائحة العطور والبخور والعنبر تنبعث من مصر القديمة،‮ ‬فبني عشه في عب شجرة وراودته فكرة الموت وفكرة الخلود،‮ ‬أراد إذا مات بجسده أن يبعث بروحه كائنا متجددا قادرا علي الحياة من جديد‮. ‬ذات صباح،‮ ‬شاهد شروقًا فريدا فبدأ ينشد الأغاني السماوية بصوته الملائكي،‮ ‬وعندما سمعه إله الشمس خرج إليه في عربته التي تجرُّها أربعة أحصنة نارية،‮ ‬وارتفع صوت الفينيق وعلا حتي قارب الصراخ من الغضب والألم لما أحس به من عذاب وظلم وحيرة الناس،‮ ‬وبدأ يضرب بجناحيه داخل العش،‮ ‬جفلت الأحصنة،‮ ‬وضربت بحوافرها بقوة،‮ ‬فطارت شرارات نارية إلي العش كانت كافية لإحراقه‮. ‬لم يغادر الفينيق عشَّه وأراد أن يشارك البشر آلامهم وعذابهم،‮ ‬فاحترق باختياره حتي‮ ‬غدا رمادا‮. ‬لكن تلك لم تكن النهاية،‮ ‬فقد خلف الرماد وراءه شرنقة جميلة،‮ ‬ناصعة البياض‮. ‬في اليوم الأول صار حجمها كالجبل الشامخ،‮ ‬وفي اليوم الثاني خرج منها جناحان،‮ ‬ومع شروق اليوم الثالث عاد الفينيق حيا من جديد حاملا معه بقايا جسده القديم إلي مذبح الشمس في هليوبوليس حيث يحييه شعب مصر ويبدأون معه دورة جديدة للبعث والحب والحياة‮. ‬
هكذا كتب أبوالتاريخ‮ "‬هيروديت‮" ‬حكاية الفينيق عن الأساطير المصرية،‮ ‬التي داعبت خياله وأثارت ضميره وأفكاره وجعلت الفينيق رمزاً‮ ‬للحياه يقوم من الموت،‮ ‬وهو وعد دائم يرنو الي ملكوت النور،‮ ‬فطوبي لمن آمن بالوعد قبل تمامه،‮ ‬فقد أحياه الإيمان وسكنته السكينة وغشاه النور‮.‬
عاش الفينيق ولايزال في المنطقة العربية حول بئر عذبا ينزل اليها مع بزوغ‮ ‬كل فجر يغتسل فيجدد نشاطه وعافيته،‮ ‬ثم يغادره مع طلوع الشمس حيث يبدأ في الإنشاد بصوت قوي عذب‮. ‬والفينيق عند العرب والإغريق هو العنقاء ذلك الطائر السرمدي الأسطورة الذي ما أن يضع يوما قدميه علي الأرض حتي يستطيل عنقه ليطاول السماء‮. ‬وهم يرونه طائر مقدس يفد من صوب الشرق كل خمسين أومائة سنة ليحترق بالطيب واللبان والعنبر فوق هيكل الأسرار في مصر ولبنان و سورية واليمن ثم يعود من حيث جاء مرة أخري إلي مصر‮. ‬مصر التي لاتعرف الموت ولا القعود وما إن تكبو حتي تنهض من جديد قوية عفية‮. ‬وفي تصوري أن الفينيق رمز لمصر‮. ‬الفينيق ليس طائراً‮ ‬خيالياً‮ ‬يعيش في وجداننا،‮ ‬إنه‮ ‬طبيعة شعب ورمز أمة وهو ليس أسطورة عند المصريين،‮ ‬هو حقيقة يؤكدها التاريخ وتتوارثها الأجيال والأحقاب والعصور‮. ‬الفينيق هو مصر التي في خاطري وخاطرك وفي دمي ودمك وفي أحلامي وقريباً‮ ‬واقعك‮. ‬أكتب هذا وإذا موسيقي الأخوان رحباني تنساب حولي وصوت فيروز يعبق المكان بأريج الكلمات وعبيرها الفواح‮: ‬لك ماض مصر إن تذكري يحمل الحق وينتسب،‮ ‬ولك الحاضر في عزه قبب تغوي بها قبب،‮ ‬مصر يا شعباً‮ ‬جديد‮ ‬غدٍ‮ ‬صوب وجه الشمس يغترب‮. ‬تصدح فيروز بينما أكتب وراءها كلمات الأغنية،‮ ‬أعيد قراءتها أتمعنها وأتمثلها وأدعوك أن تفعل ذلك علي مهل حتي تتسسرب داخلك المعاني وتعود قادراً‮ ‬علي التجدد والبعث وتنهض كما العنقاء من جديد،‮ ‬تعيد لمصر نماءها وبهاءها وتشرق شمسها من جديد‮.‬
أكتب هذا ولاتزال ماثلة أمامي صورة مصر الناهضة في يناير تعلن الثورة وتعيد كتابة التاريخ وتدور في رأسي كلمات العم أحمد فؤاد نجم‮ " ‬آدي مصر،‮ ‬ياللي شككتم ف مصر،‮ ‬ياللي أفتيتو الفتاوي في حقها مالهومش حصر،‮ ‬آدي مصر خارجه تعلن ع الملأ كلمتها مصر،‮ ‬لا العساكر أو قنابل يمنعوا أو أي قصر‮"‬،‮ ‬وسواء كان ذلك القصر في مصر الجديدة أو شرم الشيخ أوجزيرة العرب أوالبيت الأبيض أوالكنيست،‮ ‬فمصر أكبر وأقوي،‮ ‬وهي قادرة أن تستحضر أيام يناير المجيدة وتنهض كما العنقاء من حيث تصور الآخرون أنها النار والرماد والركام‮. ‬إن ماحدث في ماسبيرو ومايحدث من محاولات مجرمة للوقيعة وإجهاض الثورة وتفكيك الدولة لن يمر وسنعبر الأزمة ويدفع المجرمون الثمن‮. ‬مصر لم تهن ولاتزال عفية قادرة علي المبادرة والفعل والنهوض والتجدد‮. ‬توحد الصفوف وتجمع الكفوف وتعيد البناء،‮ ‬هذا دأبها وعبر تاريخ طويل وعميق،‮ ‬وهي كما قال أمل دنقل‮: ‬
مصر لا تبدأ من مصر القريبة،‮ ‬
إنها تبدأ من أحجار طيبة،‮ ‬
إنها تبدأ منذ انطبعت قدم الماء علي الأرض الجديبة،‮ ‬
ثوبها الأخضر لايبلي،‮ ‬
إذا خلعته‮.. ‬رفت الشمس ثقوبه،‮ ‬
إنها لاتعرف الموت،
‮ ‬فما الموت إلا عودة‮..‬أخري‮..‬قريبة‮.‬



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راكيل وولش والنانوتكنولوجى
- الثورة ومشروع النهضة
- عندما لاتؤدي المقدمات إلي نتائجها
- البحث العلمى وإدارة المعرفة
- إستراتيجيات إنتاج وإدارة المعرفة
- الوعي الزائف والعقل البديل
- مبدعون على الشاطئ الآخر
- الموتى لا يروون حكاياتهم
- المثقف المجتمع والسلطة
- إناللا هاموهى تونبلكا فيرينا
- العلم ساحر الغيوب
- البرتقالة الرخيصة
- معجزته ليست في ذاتها
- لن تخبو نار بروميثيوس
- أوهام التعليم العالي وخطاياه
- مطعم القردة الحية
- صفحات في ذاگرة التراث
- ذهنية -خراسان- وأصولية السياسة
- أقروا الماجنا كارتا وخذوا كل المقاعد
- إنتاج وإدارة المعرفة


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مصر‮..‬ وعَودةٌ‮ ‬أخري قريبة‮ ‬