أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين














المزيد.....


طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين


مزهر بن مدلول

الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 23:22
المحور: الادب والفن
    


طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين!

1

مزهر بن مدلول

كوخٌ من الرمل..


ركض الولد، وركضت امهُ خلفه، ثم ركضت الرصاصة!.. وتمنى الجميع ان تكون هذه خاتمة الاحزان.. ومنذ ذلك اليوم وانا اكتب الشعر! كي ارسم صورة لتلك البيوت الحزينة.. لكني مهما حاولت لم اصل إلاّ لابتلاع امنياتي..

عندما اتهم فرويد الفنان ( ليوناردو دافنشي ) بالكبت الجنسي والعاطفي، لأنه رسم ابتسامة الموناليزا!، صرتُ اخشى ان ابوح بما اكنّهُ من حبّ لأمي، فتركتُ ظلالها الدافئة تلاحقني ونظراتها الدامعة تفتح ثقوبا في ذاكرتي كلما مررتُ بمحنة، وكانت المحن كثيرة وشاقة وخطيرة، واخطرها تلك التي جعلتني امشي فوق الماء بحثا عن المكان الذي تأتي منه عاصفة هيغل!..

يقولون: عندما يكون القمر بدراً، تفيقُ الامنيات:..
فأيّ الامنيات تظهر من هذا المتراس المشتعل وتخترق عزلة المغامر!..
ايّ منها تتبدى ملامحها وتظهر بين الرصاصة والرصاصة!.. ايّ من تلك الامنيات يمكنها ان تتجول في قارة رأسي وممرات آلامي المنفوخة كالطّبل؟! ..
ومع ذلك، فأني مشيتُ على هدى ذلك القول.. مشيتُ كثيرا.. مشيتُ حتى تساقطتْ رموشي.. مشيتُ في الدروب الضريرة.. مشيتُ وفي داخلي نزوعٌ الى الفعل المتمرد، فضاعت البوصلة، وتوارت مضارب البدو، واضحت البراري التي نستها الاديان محطتي وملاذي..
كانت محطة عابثة، كانت تيها ازليا في فضاءٍ من الشعوذة والألغاز.. كانت معجما ضخما من الحكايا والاساطير والمعجزات..
في الافق الذي تهتُ فيه، ظهرتْ علامة من علامات الزمن!.. في ذلك المكان، ما لا رأتْ عين ولاسمعتْ اذن!..
ومع ان وجودي هناك، كان انتهاكا قسريا لقوانين الطبيعة الصحراوية الخالية من البشر، وانقلابا سحريا على موروثاتها وقيمها، لكني تآلفتُ مع اصناف العناكب والزواحف القاتلة، وروضتُ الاشباح والضواري المفترسة، وتعلمتُ منها صرخة الاحتضار الطويلة.. صرخة الاحتجاج على ظمأ الصحراء ورعبها وجوعها..

وفي غرفة من الرمل مسدودة النوافذ، امضيتُ فيها ستة اشهر وستة ايام، كانت اياما ثقيلة، اثقل من الجبال على ظهري، ايام نحتتْ اوجاعها تحت مسامات جلدي وتركتني جثة تتفسخ وحدها ببطء، حتى صارت ملابسي معلقة على جسدي وأنا داخل كوخي الرملي!..
الليلُ هناك، يمرُّ شاحبا كليل امرئ القيس!، وأنا كعادتي اتدثرُ بخيالي، مشغولا من دون فطنةٍ عن الموت الذي يحاصرني، حيث للذئاب التي تعوي خارج الكوخ انوفٌ مرهفة الحساسية في شمّ رائحتي، وفوق رأسي في السقف الذي انام تحته دبيبُ افاعي وفزع فئران..
وفي النهار حيث تتوارى الكائنات كلها، الاّ غراب ينتظرُ لحمي، اخرجُ الى الفضاء الأبديّ الامتداد، فلم اجد سوى السراب واليأس المتراكم والهلاك الوشيك في هذه الصحراء، التي تبدو وكأنها شيطانا أصلع الرأس، أو قبرا دُفنتْ فيه الحياة منذ قرون..

اقفُ عند غدير الماء.. اغازلُ الوجه الذي يطلُّ طافيا على مرايا الغدير.. وجهٌ مشرقٌ، لأمرأةٍ راقصتني مرات عديدة، وطافتْ في خيالي كما فراشة فرحة تطوف وترقص بأجنحتها حالمةً بالضوءِ..
أمرأةٌ.. همتُ بموسيقى عطرها.. نمتُ مع الكحلِ تحتَ اهدابها..
ناعمةٌ كقطرة الندى..
ضاحكةٌ كعصفور صغير يتعلم الطيران..
توسدتْ ذراعي، وفتحتْ خزائن شهواتي، وكانت معي جزيلة القبل..

ستة اشهر وستة ايام، قضيتها اترنحُ وحيدا في لجة الرمال الهادرة.. اتأرجحُ بين احلامي وبين المكان الذي تعفنتْ فيه خلاياي..
كنتُ مثل محارة منسية على ساحل لم تطأه قدم انسان.. كنتُ في المكان الذي طبختْ فيه حرارة الشمس عظامي..
وكنتُ في كل غروب اقرأُ سورة مريم!!..

يتبع



#مزهر_بن_مدلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشٌ من الثلجِ! في بيت شعر!..
- انا وابو الفوز وبقايا امرأة
- كيف تكتب نصا قصصيا قصيرا..!
- ليلتان....... وموقد نار!
- رمانة.. في الحي القصديري!
- لو كان لي........ ان استرد قبلاتي!!
- لااحدٌ.. لاشئ.
- على اعناد طلفاح بغداد!!
- كَلبي عليه ملتاع...........
- بشت ئاشان مؤثثة بالنجوم
- پشتاشان .. ياذاك الألق
- هروب سنبلة
- بين جسدي والقصيدة
- كل عام وانتم بخير
- ليلة قاسية البرد عميقة الحلم شديدة الخوف
- رطانة حتمية
- الابله قيد الهذيان
- ذلك المساء ..تلك العينين
- وسام الشيوعية لانسام الشيوعية
- ينابيع العراق


المزيد.....




- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزهر بن مدلول - طائرٌ بين حلمين.. ساكنٌ بين جرحين