حميد الهاشمي الجزولي
الحوار المتمدن-العدد: 1044 - 2004 / 12 / 11 - 08:55
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
مساء ذلك اليوم السبت 04-نونبر-2004 بالدار البيضاء، المدينة " " الشمطاء التي تأكل أطفالها كل صباح "*،لم يكن كباقي الأيام بالنسبة للعديدين ، فقد تحركت الهواتف النقالة معلنة موت رفيق درب قل مثيله في العفة والتواضع والبساطة ، إنه المناضل فاضل الناصري إبن زاكورة ، إقليم ورزازات، جنوب المغرب ،الذي ضحى بجزء كبير من حياته داخل سجون النظام من أجل تحقيق مجتمع ديموقراطي بأفق اشتراكي.
عرفناه نحن مجموعة من شباب الاتحاد الاشتراكي آنذاك نهاية السبعينيات، وهو داخل السجن المركزي بالقنيطرة، كان شامخا حين حضوره بين حراسه لملاقاتنا من وراء الأسلاك، هو ومجموعة من الرفاق ( منهم علي بوشوى،أحمد أقداف، الطيب البوعيبي، محمد الفلاحي،باسيدي، البكباشي………وغيرهم من المعتقلين).
وحين غادر السجن في بداية الثمانينيات، زرناه بالدار البيضاء حيث قرر الاستقرار، وكان إحساسنا دائما أن للرجل رأيا في كل ما يجري، لكنه لم يتجاوز في نقاشاته معنا حدود كوننا لا زلنا آنذاك شبابا(أكبرنا لم يتجاوز 24 سنة) فكان يحثنا على الاستمرار والصمود، ولا يتجاوز في ذلك الحدود.
أحسسنا بحدس وبراءة الشباب أن للرجل مؤاخذات حول التجربة وحول واقع الحزب آنذاك وحول ما كان يجري داخله من صراعات فكرية وسياسية وتنظيمية وحول آفاق تلك الصراعات في بلورة خط للنضال الديموقراطي كبديل عن الخط الانتخابي الذي أدى إلى ما تعتصر مرارته في الحال حركة التحرر المغربية.
بعد ذلك انزوى فاضل الناصري في حلقة صغيرة من أصدقاء السجن وكان قد أصيب بالسكري، التقيته مرات بعد سنوات في تلك المدينة " الشمطاء التي تأكل أطفالها كل صباح "، كانت ابتسامته لا تغادر شفاهه وهو يقبل وجهك ويربت على كتفك وكأنه يقول "مازال أمامنا أيام كثيرة ومهام كبيرة…" .
غادرنا الرفيق فاضل الناصري ولم يقل كلاما كثيرا ، لكن عيناه وشفتاه قالت كلاما كبيرا.
غادرنا الرفيق فاضل الناصري وحمل معه جزءا من الحقيقة .
#حميد_الهاشمي_الجزولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟