|
- أبو أمل - .. نضالاتك و تضحياتك تتجسد شموسا وأقمارا
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 13:35
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
لا يمكن فصل التاريخ الحافل والمسار الصعب والمعقد للحركة الوطنية البحرينية والخليجية ، بل ومجمل حركة التحرر في البلدان العربية ، نجاحاتها وانتصاراتها ، إخفاقاتها وهزائمها ، عن الدور الفاعل والمؤثر لشخصيات وزعامات تاريخية فاعلة ومؤثرة ( كارزمية ) تركت بصماتها عميقا في مسارها التاريخي المتعرج . غير ان القلة منهم ظل وفيا ومخلصا ومتفانيا وصلبا في وجه الأعاصير الصفراء ، مرحلة النكوص والهزيمة ، أمام وطأة الاستبداد وبريق الثروة السوداء في الزمن الخليجي والعربي الأسود. القلة أعلنت بوضوح وجرأة ، قولا وفعلا وقوفهم ضد التدليس والزيف وأجواء النكوص والهزيمة الداكنة التي تسربت إلى النفوس قبل العقول ، مبدين انحيازهم و ثقتهم إلا محدودة بقدرة الشعب على الإفاقة من الموت واجتراح المعجزات ( كطائر الفينيق ) باتجاه تحقيق وتجسيد تطلعاته العادلة والمشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساوة مهما طال ليل القهر والاستبداد والفساد . فقيدنا الراحل عبد الرحمن النعيمي ( أبو أمل ) أوسعيد سيف ، الاسم الحركي الذي عرف به في الخارج هو في طليعة أولئك الوطنين الشجعان والبواسل الذين حافظوا على نبل مبادئهم الوطنية والقومية والأممية . وقد ضحى وكابد وعاني في سبيل ذلك الكثير ، دون منه بل باعتباره مسؤولية وواجبا وطنيا وإنسانيا بامتياز . تعود معرفتي بالرفيق سعيد سيف إلى أواخر السبعينات حيث التقيته في بيروت ودمشق وعدن ، وفي مؤتمرات خليجية وعربية وعالمية ، كما التقيت في نفس الفترة وفي مناسبات مماثلة برفيق دربه الطويل المناضل الوطني والحقوقي البارز المهندس عبد النبي العكري ( حسين موسى ) . لقد شدني هدوئه المدهش وصلابته الوطنية والمبدئية وتحمسه العالي للعمل والتنسيق المشترك بين أطراف العمل الوطني الخليجي بدون ان يخالط ذلك أية حساسيات أو تنافسات فئوية ضيقة كالتي كانت تسود آنذاك ، والتي لا تزال تأثيراتها باقية للأسف حتى وقتنا الحاضر ، رغم تغير الظروف وانتفاء الكثير من مسبباتها الموضوعية إن وجدت . أنضم عبد الرحمن النعيمي في مطلع شبابه إلى حركة القوميين العرب كما كان أحد المؤسسين والقيادات البارزة في الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ، حيث ناضل من موقعه القيادي وعاش مع المقاتلين الفقراء و البسطاء في إقليم ظفار متحملا معهم شظف العيش والمخاطر . بعد تفكيك الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي في منتصف السبعينات أصبح النعيمي الأمين العام للجبهة الشعبية في البحرين . في عام 2001 عاد إلى أرض الوطن ( البحرين ) بعد قضائه أكثر من ثلاث عقود في المنفى ، وذلك إثر العفو الملكي غير المشروط الذي أصدره العاهل البحريني الملك حمد بن سلمان آل خليفة ، و عند عودته حظي باستقبال شعبي ووطني واسع ، كما ساهم في تأسيس أول جمعية وطنية تقدمية ( وعد ) حيث انتخب رئيسا لها في أكتوبر في نفس العام . المدهش إن النعيمي خالف القاعدة الذهبية للقادة والزعماء العرب بما في ذلك غالبية رؤساء الأحزاب العربية الدينية و القومية واليسارية على حد سواء حيث أعلن إصراره على عدم ترشحه لعضوية المكتب السياسي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد )، وهذا القرار يشمل بطبيعة الحال الرئاسة . بعد عودته تسنى لي لقائه في مناسبات ومؤتمرات عدة في داخل البحرين وفي خارجها ، وكان كعهدي به ، مبتسما متفائلا بالمستقبل المشرق للبحرين والخليج والعالم العربي على الرغم من الظروف المحبطة السائدة . كما عبر النعيمي في مناسبات ومواقف عدة عن تضامنه ودعمه المعنوي والملموس للحراك الوطني / الإصلاحي في السعودية . في أواخر مارس أو مطلع إبريل في عام 2007 دخل أبو أمل في غيبوبة ( كوما ) إثر عارض صحي خطير ألم به وهو في زيارة لحضور مؤتمر في المغرب. زرته مرتين بمعية العديد من الأصدقاء في مشفاه ( جناح العناية المركزة ) في الريا ض ، وإثر عودته إلى وطنه البحرين زرته مرتين في منزله ، حيث جهزت له غرفه طبية خاصة ، وفي الزيارتين كنت بمعية الصديق عبد الوهاب العريض والمناضل الأستاذ عبد النبي العكري . تلك الزيارات المتباعدة تركت أثرا لن يمحى من ذاكرتي ووجداني ، وخصوصا ذلك التماسك والجلد والتفاني والتواضع الذي ميز زوجته ورفيقة دربه ( أم أمل ) . مجلس العزاء الذي حضرته ، و الذي أقيم للراحل في المحرق كان يضيق على سعته بالمعزين من جميع الأطياف والمكونات السياسية والثقافية والفكرية والمذهبية من داخل البحرين وخارجها ، وشمل في ما شمل شخصيات وطنية وثقافية من مختلف الانتماءات السياسية والفكرية والمناطقية في السعودية . ستظل يا أبا أمل كما هو رفيق دربك أحمد الذواذي ( أبو قيس ) رغم اختلاف الموقع ( وليس الموقف ) النضالي، نخلة شامخة وشجرة وارفة الظلال وغنية الثمار . تعزيتنا بأن عطائك وتضحياتك و تراثك الوطني المجيد الذي هو جزء لا يتجزأ من تاريخ نضال الشعب البحريني الشقيق وحركته الوطنية ، لم ولن يذهب هدرا ، و رغم الأنواء وحلكة الليل المدلهم ، غير أن الفجر قادم لا محالة . إننا نجدك حاضرا ،مخضرا ،مفعما بالحياة وسط ربيع الثورات والانتفاضات العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج . إننا نجدك في عصر لم يعد فيه بمقدور أية قوة قاهرة أو مستبدة مهما بلغ شأنها وتعددت أساليب بطشها وإرهابها وتدليسها أن تعيد الشعوب العربية مجددا إلى أسر حظيرة الخنوع والخوف والجهل . ندائي الحار إلى الأعزاء في البحرين وعلى وجه الخصوص جمعيتا " وعد " و " المنبر التقدمي " أن يبادروا إلى تشكيل التكتل أو القطب الوطني الديمقراطي الموحد ، وصياغة البرنامج الوطني/ الديمقراطي البديل العابر للهويات الطائفية التقسيمية ، كرافعة للعمل الوطني العام مع القوى الأخرى كافة ، و لمواجهة الخطر الرئيس في هذه اللحظة التاريخية والمصيرية في حياة ومستقبل الشعب البحريني والمتمثل في تأجيج وافتعال النزعات و الصراعات الطائفية على حساب مصالحه وأماله وتطلعاته المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة والمواطنة المتساوية. هذه الكلمة أعدت بمناسبة حفل أربعينية الراحل الكبير الذي أقامته جمعية وعد مساء الأثنين 10 أكتوبر من الشهر الجاري ، ولم أتمكن من حضوره ، وهو مكمن حزني الشديد ، وذلك لأسباب عائلية قاهرة .
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نحن بصدد عولمة جديدة ؟
-
أزمة الديون الأمريكية وانعكاساتها على الاقتصاد العالمي
-
معوقات التغيير في العالم العربي
-
رحيل المثقف و الإنسان .. شاكر الشيخ
-
دور البطالة والفقر في إشعال الثورات العربية
-
تساؤلات حول الفقر المدقع والفقر المطلق
-
المثقف العربي وربيع الثورات والانتفاضات العربية ؟
-
أوباما ونتنياهو .. اختلاف في الشكل وتطابق في الجوهر
-
هل تدشن ذكرى النكبة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة؟
-
أبعاد ودلالات المصالحة الفلسطينية
-
رحيل خلدون النقيب
-
سؤال الهوية في زمن التغيير؟
-
جريمة بشعة مجللة بالعار!
-
استعادة الوعي .. ووهم الخصوصية
-
المسار المتعرج للتغيير في العالم العربي 2-2
-
المسار المتعرج للتغير في العالم العربي
-
المخاض الليبي العسير!
-
حقوق المرأة في يومها العالمي
-
المخلص المنتظر؟
-
نجيب الخنيزي في حوار استثنائي مفتوح حول: الحراك الاجتماعي وا
...
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|