أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - كوابيس بأخطاء نحوية فادحة















المزيد.....

كوابيس بأخطاء نحوية فادحة


أمل جمعة
(Amal Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 3513 - 2011 / 10 / 11 - 13:17
المحور: الادب والفن
    


لماذا غَصصتُ بالحسرة وأنا أتذكر الكوابيس الثلاثة التي تناوبت علىّ البارحة، عصراً وفي عمق الليل عندما سهوت قليلاً ،وفي الفجر أيضاً ،عندما أدركت أن النهار قد أتى وأنا لم أنجز بعد رسالتي القصيرة جداً لصديقتي الغائبة منذ عام لأقول لها ببساطة افتقدك ،لم أجد بين كل وسائل اتصالاتي الحديثة والقديمة مسرباً يوصلني إليها.


1. كابوس سينمائي
أتفقد أثواب أمي الكثيرة المعلقة بخزانة ملابس ضخمة وقائمة وحدها بالعراء ،الثياب نظيفة جداً ومصفوفة بانتظام ،انتقي ثوبها المشجر ،ذاك الذي فرحت به كطفلة عندما لبسته للمرة الأولى ،وأشم ثوبها الأزرق بخطوط رمادية كالدوامة،كم لبست أمي هذا الثوب وكم رفرف فوق حبال الغسيل خفيفاً يعبأ فراغه بالريح فتصفر بلحن غريب .
طازجة أثواب أمي وتحمل رائحة معطر الغسيل ،أفرح قليلاً ،إذن لا زالت أمي بالجوار ،أتفقد كل رفوف الملابس المطوية،أثواب شقيقتي الصغرى،مناديل أمي الملونة، ملابس داخلية قطنية زاهية الألوان ،أتنقل بين الرفوف وأتحسس أهلي واحداً واحداً ،الرّف الأعلى لشقيقتي الكبرى،والثاني للوسطى والثالث للصغرى،لا أجد رفاً لملابسي ،وتغيب كُل ملابس أبي .
الجارة التي بزغت فجأة بادرتني بالعتاب:"لما كل هذا الغياب،لقد بقيت تصارع وحدتها ومرضها وانتم غائبون،أبكي وتبكي وأصرخ وتصرخ وتعاتبني بحرقة شديدة و حقيقية تعصر قلبي ،أسألها تفاصيل كثيرة ،هل كانت لوحدها طوال هذه السنين ؟
تهزُ رأسها وتقول:"وكانت تفتقدكم دوما وترتب ثيابكم في خزانتها، لماذا تأخرت ؟
ألم يتوفر لديك ساعةً فقط لزيارة خاطفة ؟ فقط لو مكالمة هاتفية كانت سترطبُ ريقها وتخفف حزنها. وكنت أصرخ ملتاعة:"امنحني إياها يا رب لثوانٍ معدودة،فقط لأرى وجهها للحظة عابرة ،بينما تقول الجارة فات الأوان فات الأوان ،مثل لحن موسيقي علق في اسطوانة مشروخة علق صوتها ،أهاجمها بضراوة ،وأتذكر على الفور أن جارتنا هذه قد ماتت منذ سنوات بعيدة ،فاستيقظ ولهاثي يصرخ لو جرحتها بيدها لفسد الحلم ،رباه لماذا لم يسقط دمها تلك اللعينة .
لماذا ينجح كابوسي في إدخالي بهذا الألم الحقيقي الغريب والكاذب ،ولماذا يعذبني النوم بأمي بالذات ؟ أي سماء تلك التي تمنحنا كل هذا الألم.
سحقاً أيها الكابوس مادمت تتقن أن تفعل هذا ،لماذا لم تعطني خياراً فرحاًً ،ما دمت تأتي صاعقاً وكأنك حقيقة إلى هذا الحد !
يفاجئني دمُ آخر يفسد صحوتي .ألملم كابوسي من فوق جسدي المُتعرق وأرميه في المرآة الشاهد الوحيد .

2. كابوس بخطأ نحوي
لن أقترب من السرير ،سأحتال على كوابيسي ،وأخادع نومي ،أعرف أنني لن أنام ما دام التلفاز صاخباً ،وعجلات السيارات في الشارع العام لا تميز بين إسفلت الشارع ورأسي،هنا على الكنبة الزرقاء لن أنام ما دامت النافذة مكشوفة على قمر ناضج ،سأجر أحلامي لرأسي عنوة ، سأهيأ أحلامي على سكة قطار حالم هذه المرة ،وغفوت.
غافلني الحلم الشهي المُدرك والمستجلب على شكل طريق مشجر وطويل ،ترافقني صديقتي وتوسوس لي بحكاية حب طازجة ،أصدقها ،علينا أن نعبر الغابة فقط ،ستجدينه هناك ،وأسير معها ،دوماً وثقت بك يا رجاء ،نضحك من نَمِر يمرُ بسلام بيننا ،نحن في حلم جميل، تقول صديقتي ،النمر في حلمك إشارة طيبة ،تدفعني برفق لدائرة كبيرة بها وجوه وأجساد راقصة وصوت طبل لا يتوقف ،هذا هو، تقول بتأكيد كامل وتختفي ، كم كنت خفيفة دوماً يا رجاء تلمين شعرك الغجري وتدعيه يسقط شلالاً ساحراً بينما ضحكتك الصاخبة تتجمع في فمك وتنطلق مرة واحدة مدوية وطويلة تهز ليلنا العابث كمراهقات كبرن أكثر من اللازم،كان الحلم يا صديقتي طوع البنان ،وكنّا طوع الحياة،ندحرج تفاحنا الناضج في ليل حسبنا انه سيبقى للأبد موقداً لقهوة لا تبرد ولأجساد لن يلتهمها التراب ،غداً سنحب! وسنقتل هؤلاء الرجلين في قلوبنا ،حبيبك وحبيبي،سنقتلهم عشقاً على طريقتنا ،ونغني ،كنا يا صديقة:"لو الزمان أخر فراقنا دقيقة واحدة كان يجرا إيه " ماذا كان سيجري حقاً لو أخرك الزمان عاماً آخر ؟
ينقلب كل شيء وإذا بالدائرة سجن كبير ،الراقصون كومة من معذبين و مسحوقين ، والنمر الذي عبر بيننا بسلام يحمل سوطاً ،وثانية يأتي الكابوس متقناً كفيلم سينمائي حصد كل جوائز الأوسكار ،ولا أنجو من صراخ يفتت فمي ،قلت لك:"كان عليك أن تحملي أحلامك بأمن في عربات القطار،على سكة القطار تُجز الحياة فقط يا صديقتي .
اسمع القطار يهدر زاعقاً وضاحكاً متجهاً نحو جسدي المبعثر على حديد سكته .
أصحو ولكن من كابوس جديد .

3. كابوس مصنع محلياً

إذن ،ما دمتُ تحت شراستها القاتلة (الكوابيس) سأذهب لكابوسي بقلب قوي واخترقه ،سأفتح عليه الباب وأفاجئه ،لا مجال في هذا الكابوس لتأويل ثالث،هو تقليدي جداً وأنثوي من الدرجة الأولى وشخوصه التقطهم ببساطة من يومياتي ،وسأختار أكثر الكوابيس تكراراً ،المرأة العابرة الجميلة التي تختطف الرجل الذي أحب ،هكذا ببساطة ،وسأحدد لحظة الولوج لكابوسي بصدمة الكشف المريعة ،أنا أعرف مسبقاً هذه المرارة ،فلن يفاجئني كابوسي بألم زائد ومختلف ، ولا أريد مقدمات وشكوك طويلة، لا تخذلني أيها القلب ،ودعني لمرة واحدة أجتاز جروحي باقتدار .
اللعنة تبدو الفتاة طيبة، ولا تناسب السيناريو المعد في رأسي، ويبدو هو منغمساً عنها بأمر آخر ،انطلق أيها الذهن الجبان وارسم أكثر صور الخيانة مرارة ،ودع عنك الأفكار الوردية،أبدع في صنع اللحظة ،ألمْ تؤلمني في صحوتي كثيراً ! ألم تتمزق حواسي ويتفتت قلبي وتسقط أناملي واحداً واحداً دامية ونادمة.
أتذكر فجأة وفي عمق الكابوس المصنع على عجل –وأحاول أن التوي على الذكريات-أقلب المشهد فأراك صياداً تلقي بشباكك وقد شككتها بكلمات كثيرة ،تشد شبكتك الثقيلة وإذا بصيدك حجارة سوداء،ألقي نفسي بالماء وأفتت نفسي لألف سمكة ،انتظر شبكتك المثقلة بالكلمات ، لكن ما عَلق بفمي كان حجراً ،أضحك في كابوسي ،وأدرك صحوتي ..
لا استيقظ رغم ألف حجر استقرت في جوفي، سأفتت نفسي لحجارة وألقي بشباكك بألف سمكة،لا زلت أفتتُ نفسي ..ولا زلت هناك تلقي بشباكك في ماء أحلامي




#أمل_جمعة (هاشتاغ)       Amal_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في صباح حار
- أرتجلُ الحب
- كأنها قلادة من الماس
- إعتزال
- سِر الغَجرية
- تلك الأشياء الصغيرة
- الذي لا يأتي
- ندم الخميس
- الطائرة ألقت بكومة رسائلي
- نص - مملكة اليمامات
- الخوف


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل جمعة - كوابيس بأخطاء نحوية فادحة