جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 3512 - 2011 / 10 / 10 - 09:03
المحور:
الادب والفن
بعد دعوتهم ليَ ، أكثر من مرة، للعمل، (إعلامياً)، في(...).وافقت، متصوراً ، بأني سأخدم وطني ومدينتي بما هو لائق بهما،وعلى قدر إمكانياتي ، كما أنني سأفي ببعض متطلباتي الحياتية اليومية . مع بداية مباشرتي بعملي في ذلك المكان ، أدركت أنني.. لست منه..وهو ليس مني. مكان..رأيت وخبرت وسمعت وعلمت واكتشفت فيه الكثير ،مع قصر الفترة التي كنت فيه !؟. مكان..لا علاقة للحياة فيه، بتدفقاتها وألوانها. مكان لا اثر ولا أمل و مستقبل للمعاصرة وسماتها ، ولا أفق فيه، للحداثة وتحدياتها. مكان لم أجد فيه أي محاولة أو ممارسة ، بسيطة، لـ(مَدّيَنةْ) الوعي الاجتماعي ، للمحكومين ،المقهورين،المُسْتَغَلينَ دائماً ، والذين تباهوا فخورين ، فرحين، بسباباتاهم البنفسجية، معتقدين، ومستبشرين، بأنها ستُغير صورة وطنهم و حياتهم ، ومستقبل أولادهم وأحفادهم. مكان .. تتحكم ، بالأحياء ،الآمرين والحاكمين والمتصرفين فيه ، بأرزاق ومقدرات ومستقبل الناس ، مقولات ومنسوبات، مشكوك، في بعض رواتها ، وأشخاصها وصحتها،ووصلت،عن موتى، قبل قرون خلت. مكان نأت عنه المواطنة ، وحقوقها الدستورية المتكافئة ، العادلة. مكان .. تسيدته الولاءات الحزبية ، والكتلوية الضيقة ، والخصومات والمنافع الشخصية ، والاستحواذ على (المقاولات والتعيينات كلها) ، أو مناصفتها أو بعض أرباحها. مكان.. يتقاسم الغرماء، فيه المنافع، وضجيج صراخهم ومعاركهم ، على مصالحهم ، تتجاوز أسواره الإسمنتية ، ومراصده المحمية العالية، وباتوا بعد أن كان ، بعضهم ، وحسب ادعاءاتهم ، أعداء، وخصوم لـ (صدام وحزبه) ، صورة مشابهة لهما ، خاصة بعد أن احتلوا أماكنهم الرغيدة ، تحيطهم حماياتهم ، و حاشياتهم وأصهارهم، وأولاد عمومتهم،وخؤولتهم، ومعارفهم ، والمنتمين زوراً ونفعياً لأحزابهم وكتلهم ، مستحوذين، في مكانهم على، الـ"ذكر والأنثى"، فيا للعراقيين، المقهورين، المهملين ، المغدورين، المظلومين ،المقتولين، من.." قسمة ضِيزى". مكان.. قلت لبعض مَنْ فيه:" أنكم تبرون أقلامكم بالـ"موسى" والعالم حولكم ، يبري أقلامه بالـ"قطاطة الالكترونية". واستدركت: "هذا إذا ترك (الـكيبورد) حيزاً ضئيلاً للأقلام". في المكان ذاته ، ثمة من اقتحم غرفتي، ظهراً، وكنت اقرأ، "ليلة التنبؤ" لــ"بول أو ستر"، قائلاً:"تعالَ يا حاج.. وصلي"!؟.نظرت له باستغراب ، و أجبته:" لست بحاجٍ أولاً..وهل لديك تفويض ، من ، العادل ،الكريم، الغافر ، الغفور، الرحمن الرحيم ، لتأمرني ، أو تفرض ذلك عليّ.."!؟.بعد حين علمتُ، من بعضهم، انه يقرض العاملات والعاملين معه، ((الربا))، مستقطعاً،منهن ومنهم، ربحه السحت، الحرام، مُقَدَما..!!.مكان عندما دخلته، كنت أعتقد ، بأني سأسترد حقي الوطني العراقي المهدور منذ أزمان. فلم أجد فيه ، غير.."ظلمات بعضها فوق بعض،إذا أخرج يده لم يكد يراها".( قرآن كريم). لكني بعد أن غادرته، دون ندم، وابتعدت عنه مستبشراً، وخلفته ورائي فَرِحاً .. حينها استعدت أنفاسي متنفساً هواءً نقياً، صافياً، وعندها أخرجت يدي.. بعيداً عنه.. ناصعة وجدتها ، وبيضاء..بيضاء رأيتها.
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟