أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - منذر خدام - الديمقراطية ذات اللون الواحد















المزيد.....

الديمقراطية ذات اللون الواحد


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ما يجري في أوكرانيا اليوم، وما كان قد جرى قبلها في جورجيا، وفي يوغوسلافيا، وكذلك ما جرى في فنزويلا، وقبلها في تشيلي، وفي الجزائر، وفي بلدان أخرى كثيرة يؤكد حقيقة ذات مغزى، وهي أن قبول أمريكا، ومعها الدول الغربية عموما، بالديمقراطية، لا يعني تلقائيا قبولها بنتائجها. يبدو أن الديمقراطية من منظور غربي يجب بالضرورة أن تفضي إلى فوز من ترضى عنهم الحكومات الغربية من القوى السياسية المحلية، أي من هو جاهز للدفاع عن مصالح هذه الحكومات، حتى ولو تعارضت هذه المصالح مع المصالح الوطنية، بل حتى لو أدت إلى انقسامات وطنية حادة، تهدد وجود الكيانات السياسية الوطنية ذاتها.
ومع أن المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في الدول الغربية، وكذلك أوساط المثقفين والمفكرين تجمع على أن الديمقراطية هي نمط حياة بالنسبة للشعوب الغربية، إلا أنها ما إن تصبح القضية خارجية، حتى تتغير زاوية النظر إليها. هنا تصبح الديمقراطية بالنسبة للحكومات الغربية وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول والشعوب الأخرى، ووسيلة للدفاع عن مصالحها الاقتصادية، والسياسية، والاستراتيجية. لا يغير من هذه الحقيقة صخب الخطاب السياسي الغربي وهو يدافع عن الديمقراطية، ولا كثافة حضورها في وسائل الإعلام الجماهيرية الغربية..الخ. ما إن يركز نظام معين على مصالح بلده وشعبه، حتى تعتبر الحكومات الغربية ذلك تهديداً لمصالحها، الأمر الذي يستدعي العمل بكثافة، وتركيز، على إبراز طابعه اللاديمقراطي، حتى ولو كان يمارس نوعا من الديمقراطية، كما كان الحال في يوغسلافيا، أو في جورجيا، أو كما هو الحال في إيران،أو في فنزويلا. ويصبح دكتاتورا مثل سوهارتو في اندونيسيا، أو بينو تشي في تشيلي، مناضلا في سبيل الحرية، حتى ولو كان ثمن ذلك الانقضاض على الديمقراطية، والقضاء على مئات الآلاف من الناس. ولا يزال حاضرا في الذاكرة كيف أن الحكومات الغربية دعمت حكام الجزائر في انقلابهم ضد الديمقراطية التي كانت سوف تقود جبهة الإنقاذ إلى السلطة، والذي كلف الشعب الجزائري عشرات الآلاف من الضحايا، وكيف أنها آزرت بوريس يلتسن وهو يقصف برلمان بلاده بقذائف الدبابات. ونتذكر أيضاً كيف أنها حاولت التشكيك في نزاهة الانتخابات الروسية التي فاز بها بوتين بنسبة كبيرة من الأصوات، مع أنها كانت تحت المراقبة الأوربية، والعالمية، لأنه يحاول إنعاش الوطنية الروسية، ووقف انحدار روسيا نحو الهاوية، التي عملت الحكومات الغربية بكل قواها لدفعها إليها، بمساعدة عملائها في الداخل من القوى الديمقراطية جداً. وهي لا تزال تفرض شتى أنواع المقاطعة والحصار على السلطات في بيلاروسيا، مع أنها جاءت إلى الحكم عن طريق الديمقراطية وصناديق الاقتراع..الخ.
عشرات الأمثلة يمكن سوقها للتدليل على عدم اتساق مصداقية الحكومات الغربية تجاه الديمقراطية في خارج حدودها، خصوصا في الدول التي تعتبر حديثة العهد بالحياة الديمقراطية. ولا يوجد أي لغز في ذلك. المسألة هي بغاية البساطة، فهي لا تستطيع أن تقف على مسافة واحدة من القوى الاجتماعية والسياسية في هذه البلدان، بل تقف، وبقوة، إلى جانب القوى التي تتبنى سياسات أقل وطنية، وأكثر كسموبوليتية، حتى ولو كان الثمن هو تشويه الديمقراطية، أو حتى الانقضاض عليها. ولا تجد الحكومات الغربية أي حرج في إزاحة الديمقراطية من مقدمة الخطاب السياسي الغربي الموجه إلى أنظمة غير ديمقراطية، عندما تكون مصالحها محققة كما تريد لها أن تتحقق. هذا هو الحال بالنسبة إلى العديد من الأنظمة العربية، والمثال الأكثر راهنية هو ما حصل في تونس، وما يحصل في ليبيا..الخ. في الواقع لا يتحمس الغرب عموماً، ولا أمريكا على وجه الخصوص، لإجراء تحولات ديمقراطية جدية في الوطن العربي، نظراً لخوفها من صعود القوى الوطنية القومية والدينية، والتي يمكن حسب زعمها أن تهدد مصالحها، وتعيد، بالتالي، خلط الأوراق في المنطقة. قد تسمح وتشجع بعض الهوامش الديمقراطية التي تسمح بسيطرة القوى الكسموبولوتية، التي تحاول حجز موقع لها في الحياة السياسية العربية تحت يافطة الليبرالية الجديدة.
إن حضور الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخطاب الغربي عموما وفي الخطاب السياسي الأمريكي على وجه الخصوص، هو نوع من التوظيف لهاتين القضيتين النبيلتين كأدوات في السياسة الخارجية للحكومات الغربية، من اجل حماية مصالحها في العالم. فإذا استطاعت الديمقراطية حسب المفهوم الأمريكي المحافظة على مصالح أمريكا، والغرب عموما، فلا بأس، أما إذا لم تستطع فلا ضير في دعم الخيارات الأخرى، حتى ولو تطلب الأمر الانقضاض على الديمقراطية ذاتها، وإعادة فبركتها.
إن قضية الديمقراطية هي قضية الشعوب، وهي في وطننا العربي الذي عانى الكثير من الأنظمة الاستبدادية المدعومة غربيا، قضية خلاص من التخلف، ومن ثم الانطلاق على طريق التقدم، والازدهار، وتحقيق الانصهار الوطني، وصولا إلى تحقيق الوحدة القومية.غير أن هذه القضية الحيوية للشعوب العربية، قد لحقها الكثير من التشويه، نتيجة السياسات الغربية و الأمريكية في منطقتنا، خصوصا في فلسطين والعراق. بل حتى أن القوى العربية الديمقراطية أصبحت محرجة مما تراكم حولها من قيم انفعالية سلبية لدى الجماهير العربية، من جراء حاملها الغربي، أو المتغرب، غير المتسق.
وبالعودة إلى الأزمة الراهنة في أوكرانيا، وهي أزمة جد خطيرة، يمكن القول أن العالم بعد انهيار النظام السوفييتي،لم يشهد أزمة بهذا المستوى من الخطورة والتعقيد، ليس لأن أوكرانيا جزء من أوربا فقط، وهي دولة كبيرة نسبيا، بل لحدة الاستقطابات الداخلية فيها، والخارجية من حولها.
ربما من غير المعلوم على نطاق واسع أن أوكرانيا تعاني من انقسام داخلي حاد، يكاد يشطرها إلى شطرين، بين ما يسمى بأوكرانيا الغربية، وأوكرانيا الشرقية، وهو انقسام معزز بانقسام ديني أيضا بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذوكسية.ولهذا الانقسام أبعاده ومظاهره التاريخية، التي عبرت عن ذاتها في أكثر من منعطف تاريخي.لقد تميزت أوكرانيا الغربية بميولها الغربية على طول تاريخها الحديث، على عكس أوكرانيا الشرقية التي تميزت بميولها الروسية السلافية، الأمر الذي أدى في بعض المراحل التاريخية إلى الانفصال، هذا ما حدث بعيد الحرب العالمية الأولى. بل وحتى أن تحقيق الاتحاد الروسي الأوكراني منذ زمن بطرس الأكبر تم عبر قمع أوكرانيا الغربية. وقد تكرر ذلك قبيل الحرب العالمية الثانية،عندما ضمها ستالين إلى الاتحاد السوفييتي بالقوة، لتعود فتتمرد عليه خلال الحرب العالمية الثانية، ولتقاتل قواتها إلى جانب القوات النازية. ومما يزيد المسألة الراهنة خطورة على وجود الكيان السياسي الأوكراني ذاته، كون الانقسام بين المعارضة والموالاة يكاد يتموضع على هذه الانقسام التاريخي.لذلك لم يكن مستغربا أن يحصل مرشح المعارضة ذو الميول الغربية على الأغلبية الساحقة من الأصوات في أوكرانيا الغربية، في حين حصل مرشح السلطة ذو الميول الروسية على الأغلبية الساحقة من الأصوات في أوكرانيا الشرقية.
ومما يزيد المسألة خطورة، وهذا لربما من سوء حظ الأوكرانيين، تعرض أوكرانيا لقوى جذب كبيرة من قبل روسيا وأمريكا، خصوصا بعد أن استفاق الدب الروسي متأخرا كثيراً على مجاله الحيوي، الذي عملت أمريكا جاهدة على حصره في أضيق نطاق ممكن. لقد انتزعت منه غالبية الدول الإسلامية في أسيا الوسطى، بعد أن كانت قد انتزعت منه دول البلطيق، وأخيراً انتزعت منه جورجيا. وإذا كانت الأزمة الأوكرانية مفتوحة على عدت احتمالات، فإن قرار المحكمة العليا في أوكرانيا يبدو أنه قد حسمها لصالح إعادة إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات، والتي من الممكن أن يفوز بها، الآن، مرشح المعارضة، بعد كل هذا التجييش، والحشد الذي قامت به المعارضة المدعومة غربيا، بل بعد التدخل السافر في الشأن الأكراني من قبل الحكومات الغربية، إلى حد يذكر بالحرب الباردة.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية
- القوانين الاستثنائية في سورية
- نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...
- د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف ...
- د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة ...
- د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو ...
- ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
- ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة ...
- أ - بمثابة موضوعات لحزب سياسي
- كيف ينظر بعض السوريين لما حدث في مساء 27/4 في دمشق
- حول - الإرهاب يدخل إلى سورية -


المزيد.....




- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - منذر خدام - الديمقراطية ذات اللون الواحد