|
هل من استراتيجية فلسطينية لمواجهة استحقاقات المرحلة؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 23:30
المحور:
القضية الفلسطينية
طرح المسألة الفلسطينية في الأمم المتحدة استنهض الشعور الوطني والرأي العام العالمي وأحرج إسرائيل وواشنطن الخ.هذه أمور تشكل مقدمات أو مؤشرات لتغيرات في المواقف الدولية إلا أنها قد تتبدد إن استمر غياب استراتيجية وطنية توافقية تراكم هذه المتغيرات والإنجازات الصغيرة.في ظل غياب إستراتيجية فلسطينية موحدة سينطبق علينا المثل الشعبي – حرث جِمَال - وسيصبح حديث دعاة التسوية والشرعية الدولية أو حديث دعاة المقاومة والجهاد عن انتصارات مجرد أضغاث أحلام أو انتصارات خطابية،فكيف ينتصر حزب أو زعيم وينهزم الوطن،وكيف يتحدثون عن انتصارات فيما الاستيطان يتواصل والقدس تهود والانقسام يتكرس؟.كيف يتحدثون عن انتصارات بينما ما تعتبره فتح ومنظمة التحرير انتصارا تعتبره حركة حماس خيانة وتفريطا ؟! وما تعتبره حماس جهادا ونصرا وتمكينا تعتبره حركة فتح عبثا ووهما وخروجا عن المشروع الوطني ؟!. إن غابت الإستراتيجية والعقلانية عن السياسات العامة للدول والشعوب سواء تعلقت بالهدف النهائي الذي يفترض أن يكون محل توافق وطني أو بالوسائل للوصول لهذا الهدف، سيكون مآل هذه السياسات الفشل.وجود هدف استراتيجي محل توافق وطني ووجود إستراتيجية للعمل لخدمة هذا الهدف يعني أن كل فعل سياسي للقيادة سواء كان محليا أو إقليميا أو دوليا يجب أن يكون في إطار استراتيجية وطنية.المصالح الإستراتيجية العليا للأمم لا تخضع للتكتيك والمناورة ولا لسياسة التجربة والخطأ أو لردود الفعل الانفعالية والارتجالية ولا تقاس بالعواطف والشعارات ،التكتيك والمناورة والتجربة والخطأ والشعارات الكبيرة الممجوجة والمنقطعة الصلة عن الواقع ،في التعامل مع الأهداف الإستراتيجية للشعوب أو ثوابتها وحقوقها الوطنية،يشكك في هذه الأهداف ويفقدها مصداقيتها.وضع الثوابت الوطنية على طاولة المفاوضات مع الخصم السياسي بدون استراتيجية وطنية توافقية وبدون إشعار الخصم بان كل الخيارات ممكنة ،سيؤدي في نهاية المطاف للتنازل عن هذه الأهداف. لا يمكن لأية قوة خارجية أن تمنع شعبا خاضعا للاحتلال من وضع إستراتيجية عمل وطني لمواجهة الاحتلال،وبالتالي إن توفرت الإرادة الوطنية لا يمكن لإسرائيل منع الشعب الفلسطيني وقواه السياسية من الاتفاق على إستراتيجية عمل وطني لمواجهة الاحتلال وسياساته الاستيطانية،قد تمنع إسرائيل مصالحة تُعيد توحيد غزة والضفة في إطار سلطة فلسطينية واحدة ولكنها لا تستطيع منعهم من وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال حتى في ظل الانقسام كإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير أو تفعيل مقاومة سلمية شاملة أو استراتيجية وطنية ثقافية أو إعلامية أو تعليمية أو توحيد النظام القضائي في الضفة وغزة الخ. اتفقت القوى السياسية على إستراتيجية عمل وطني من خلال اتفاقية القاهرة عام 2005 ثم وثيقة الوفاق الوطني 2006 ثم اتفاق المصالحة في القاهرة أخيرا،ولكن المصالحة تتباعد والإستراتيجية الشمولية تتباعد أكثر.نعتقد أن عدم تفعيل وتطبيق كل هذه التفاهمات يرجع لحسابات مرتبطة بالسلطة واستحقاقاتها سواء في غزة أو الضفة ،فالمصالحة الحقيقة التي تؤسِس لإستراتيجية وطنية جديدة تعني نهاية تفرد حماس بالسلطة في قطاع غزة ونهاية تفرد منظمة التحرير بالسلطة في الضفة ،ولا يبدو أن النافذين في السلطتين مستعدون للتخلي عن السلطة،وهذا يعني أن السلطتين بوظائفها الحالية – سلطة تامين الرواتب والخدمات في الضفة وسلطة إمارة غزة الإسلامية الجبائية في القطاع- باتتا عائقا أمام إعادة بناء المشروع الوطني ووضع إستراتيجية وطنية جديدة. نقول هذا ونحن نشهد حالة الإرباك والتخبط التي تسود الساحة الفلسطينية في مرحلة تاريخية تشكل منعطفا في تاريخ المنطقة ،تخبط يعبر عن غياب إستراتيجية عمل وطني،حالة إن استمرت ستؤدي لتبديد وخسارة حالة التأييد والتعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني وستؤدي لعدم توظيف ثورات الربيع العربي وما يمكن أن تتيحه من متغيرات في السياسات العربية والإقليمية. النتائج المدمرة لغياب إستراتيجية عمل وطني كانت قبل استحقاقات الدولة ،حيث أدت لوصول كل من نهج التسوية ونهج المقاومة لطريق مسدود،وادت لذهاب أرواح اكثر من خمسة آلاف شهيد وعشرات آلآلاف من الاسرى والجرحى هدرا وبدون جدوى خلال سنوات انتفاضة الاقصى،وتم تبديد حالة التأييد والتعاطف مع شعبنا اثناء وبعد العدوان على غزة قبل ثلاث سنوات سوى اموال عززت حالة الانقسام وانتجت نخبة جديدة منسلخة عن المشروع الوطني،واستمرار معاناة أكثر من ستة آلاف أسير سببه غياب هذه الاستراتيجية،وكان انقسام الموقف الداخلي من استحقاق الدولة آخر تجليات غياب الإستراتيجية الفلسطينية وهو الانقسام الذي انعكس سلبا على موقف الجماهير العربية من استحقاق الدولة حيث لم تخرج مظاهرات عربية لا مليونية ولا ألفية دعما لاستحقاق الدولة كما دعا الرئيس أبو مازن بينما خرجت مظاهرات مؤيدة في دول أجنبية.
إن كنا نتمنى أن يشكل الربيع العربي والتحول في الموقف الدولي المؤيد لحق الفلسطينيين في دولة والاحترام العالمي الذي تحضا به الفيادة الفلسطينية،منعطفا في العمل السياسي يمهد الطريق لعقلنة السياسة الفلسطينية لتشتغل ضمن إستراتيجية وطنية إلا أن مؤشرات مقلقة تجعلنا نتخوف من نتائج سلبية وخطيرة بسبب غياب العقلانية والإستراتيجية في إدارة ملف ما بات يسمى باستحقاق أيلول وملف المصالحة،.لقد أيدنا وباركنا إعادة القضية للشرعية الدولية وأيدنا استحقاق الدولة الفلسطينية كاستحقاق وطني مستمد من حق طبيعي وتاريخي بالإضافة إلى الشرعية الدولية إلا أن الواجب الوطني والاخلاقي يفرض علينا إثارة القضايا التالية :- 1- الطلب الفلسطيني بعضوية فلسطين والذي يحصر الحقوق الوطنية الفلسطينية في دولة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشريف وحل عادل لقضية اللاجئين يعتبر الوثيقة الرسمية الفلسطينية الأولى والوحيدة التي باتت موثقة دوليا بدون أن تكون مشروطة بالاعتراف المسبق بهذه الدولة والحقوق لا إسرائيليا ولا دوليا ،وبالتالي فسقف هذه الوثيقة أقل من سقف المبادرة العربية للسلام واقل من سقف كل المبادرات الفلسطينية السابقة والتي كانت مجرد مبادرات غير موثقة دوليا ومرهونة بموافقة إسرائيلية مسبقة أو متزامنة.لقد ثبتت وحسمت القيادة الفلسطينية الحق الفلسطيني بدولة الضفة وغزة بدون أي مقابل حتى الآن وهنا ما يجب تداركه. 2- إن أية عودة للمفاوضات قبل الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية من خلال قرار من مجلس الأمن،سيفقد القيادة الفلسطينية مصداقيتها،ويجب الحذر من العودة للمفاوضات على أساس وعود الرباعية أو قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يُحسن الصفة التمثيلية لفلسطين،لأن هناك قرار سابق واهم وهو قرار التقسيم ،صدور قرار جديد من الجمعية العامة بالإضافة إلى انه سيكون غير ملزم فإنه سيشكل تجاوزا لقرار التقسيم وسيشكل تغطية لعودة المفاوضات بدون مرجعية ملزمة. 3- لا توجد أدوات استراتيجية بل اهداف استراتيجية.إن المفاوضات أداة من أدوات التسوية السلمية وليست إستراتيجية، إنها أداة في خدمة إستراتيجية.إن خطورة وخطا القول بالمفاوضات كخيار إستراتيجية لا يقل عن خطورة وخطأ القول بان المقاومة خيار استراتيجي. 4- انتزاع قرارات دولية مؤيدة لحقوقنا السياسية بالرغم من أهميتها إلا أنها لا تشكل بحد ذاتها هدفا وانجازا وطنيا بل وسيلة للوصول للهدف الوطني وهو الحرية والاستقلال،فالقرارات والتوصيات الدولية لا تطبق من تلقاء نفسها ،ومن هنا فإن معركة ما بعد الاعتراف بالدولة ستكون اكثر شراسة مما كانت قبل الاعتراف ،ومن هنا تاتي اهمية وجود استراتيجية وطنية للمرحلة القادمة . 5- بات يتردد الحديث عن استعداد دول عربية وإسلامية لمساعدة السلطة في حالة قطع الأمريكيين والأوروبيين لمساعداتهم وسمعنا ترحيبا فلسطينيا بذلك.مع الترحيب بكل دعم عربي وإسلامي إلا أن الخطورة في هذا الموضوع تكمن في إعفاء الرباعية من مسؤولياتها المالية وتحميلها لعرب ومسلمين مع استمرار عمليات الاستيطان والتهويد،وفي هذه الحالة سنعيد تكرار ما جرى في أوسلو حيث تم إعفاء الاحتلال من مسؤولياته المالية والاقتصادية مع بقاء الاحتلال ،وعليه يجب الحذر في الإقدام على هذه الخطوة دون ربطها بتغيير جذري في وظائف السلطة لتصبح سلطة مقاومة للاحتلال أو ربطها بعودة المفاوضات على أساس وقف الاستيطان والاعتراف الإسرائيلي والدولي بالدولة الفلسطينية. 6- حتى الآن لا توجد استراتيجية وطنية لمرحلة ما بعد انفضاض سامر أيلول.سواء صدر الاعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية أو لم يصدر وبغض النظر عن صيغة الاعتراف وملحقاته،كيف سنجبر إسرائيل على الإنسحاب من الضفة وغزة والقدس ونقيم دولتنا المستقلة ؟هل بالمفاوضات فقط ؟ام بتدخل دولي؟وإن ماطلت إسرائيل فهل سيتم اللجوء لوسائل أخرى أم يبقى المفاوض متمسكا بقاعدة أن المفاوضات خيار استراتيجي لا بديل عنه ؟ وهل سيستمر الضمني والتفاهم الخفي على إدارة الانقسام أم سيتم الانتقال لمرحلة إنهاء الانقسام؟. 7- أدى غياب إستراتيجية وطنية لمواجهة الحصار عن غزة إلى رفع الحصار بشكل متدرج ولكن بما يعزز حالة الانقسام،وبالتالي أدى رفع الحصار عن غزة إلى تكريس الانقسام بدلا من أن يكون رافعة لإعادة توحيد شطري الدولة المرتقبة وتعزيز الصمود الوطني. 9/10/2011 [email protected] www.palnation.org
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورات العربية تربك العقل السياسي العربي
-
ما بعد خطاب أبو مازن وما قبل الدولة
-
استحقاق الدولة الفلسطينية يكشف مستورا ويثير تخوفات
-
واشنطن واستحقاق الدولة الفلسطينية
-
لا مجال للحياد في معركة استحقاق الدولة الفلسطينية
-
تقرير بالمر واستحقاق الدولة الفلسطينية
-
استحقاق الدولة الفلسطينية وليس استحقاق أيلول
-
الجامعات الفلسطينية:تحديات ومسؤوليات
-
هل ستسير حركة حماس على هدى إخوان مصر والأردن؟
-
استحقاق أيلول والتلاعب بمصير (وطن)
-
ثورات ... ولكن
-
حتى يكون أيلول استحقاقا
-
الثورات العربية وحسابات الربح والخسارة فلسطينيا
-
المصالحة الفلسطينية من إرادة التوقيع لإرادة التنفيذ
-
صفقة المصالحة
-
استحقاقات أيلول بين الحقيقة والسراب
-
بعد اغتيال المتضامن الإيطالي أريغوني :غزة إلى أين؟
-
التهدئة بين غزة وإسرائيل:واقعية متأخرة أم مخطط مرسوم؟
-
لا مصالحة وطنية بدون استقلالية القرار الوطني
-
الثورات العربية كنتاج لفشل الديمقراطية الأبوية والموجهة
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|