أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - استتابة العلمانيين فى مصروتونس















المزيد.....

استتابة العلمانيين فى مصروتونس


عماد مسعد محمد السبع

الحوار المتمدن-العدد: 3511 - 2011 / 10 / 9 - 17:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عقب نجاح الثورتين المصرية و التونسية تقدمت القوى الدينية فى هذيين البلدين لتحتل صادرة المشهد السياسى والإجتماعى , وحيث سارعت لأدانة التيار العلمانى عبر ممارسات تجلت فى كتابات و تصريحات وخطب ومحاضرات وعمليات حشد وتعبئة لتشويه العلمانية والإيحاء بخطورتها وتنمية مخاوف الجمهور العام بشأنها .

الهدف من وراء هذا الهجوم - فى هذه المرحلة الفارقة من تطور حياة السياسية والمجتمع بمصر وتونس - هو أثبات الحضور وبناء سلطة رمزية بين الجمهور الغائب عن المحمولات السياسية و الإجتماعية والأخلاقية للفكرة العلمانية . وبما يشكل ضغطآ معنويآ على قوى التغييرالثورى الطامحة نحو بناء دولة مدنية وحقوقية الحديثة .

وفى هذا السياق يروج تيار الإسلام السياسى لفكرة مفادها أن العلمانية مجرد مرادف للإلحاد ومعارضة للإيمان الدينى , وأن المجتمعات الإسلامية لا علاقة لها بالفكرة لأنها كانت ترجمة لصراع أوروبى خالص بين سلطان الكنيسة وبين السلطة الزمنية الإقطاعية .

و يستفيد هذا الإتجاه من وعى سائد بين قطاعات فكرية واسعة يذهب إلى أن نهضة المسلمين مرهونة بشروط الإلتزام بأحكام الدين ومنظومة التشريعة التى تمتلك حلولآ كلية وشاملة لمشكلات الإنسان والحياة , وأن جهود البشر الوضعية تبقى " قاصرة وعاجزة " عن بلوغ هدف الرقى المادى والتقدم الحضارى .

تفنيد تلك الفكرة يمرعبر الإعتراف بواقعة أن غياب " الهيئة الإسلامية " الموازية للمؤسسة الكنسية البابوية لا يدحض القرائن التاريخية الدالة على توافر ( سلطة دينية ) كانت تمتلك الكلمة العليا فى تفاصيل شئون الحكم والدنيا داخل انظمة الحكم التى كانت منسوبة للإسلام ولتطبيق الشريعة .

فجوهر الشكل السياسى ( للخلافة , والسلطنة , والأمارة ) كان يجمع بين المؤسستين الدينية والزمنية ويدعم علاقات التداخل والإرتباط بينهما وبصورة لا تبتعد كثيرآ عن مضمون الكهنوت الكاثوليكى الحاكم والمسيطر فى العصر الوسيط .

انسحاب الدولة عن أدارة السلطة الوقتية فى الغرب حدث كتطور تاريخى وعلى خلفية انهيار النظام الإقطاعي والذى لعبت الكنيسة دورآ محوريآ فى صياغة هيمنته على حياة السياسة والمجتمع .

ومع بزوغ التشكيلة الإجتماعية والإقتصادية الرأسمالية , وجديد قوى السوق وعلاقات الإنتاج لم تعد هناك حاجة للنفوذ الكنسى ولشرعية لاهوتية تبرر الطابع القسرى لعملية العمل وظروف الإستغلال وأستخلاص فائض الفائض .

ولكن فى الواقع العربى الإسلامى كان الوضع مختلفآ – و حيث لم فأن تتوافر تاريخيآ الشروط الموضوعية اللازمة لتنحية السلطان الدينى عن تنظيم العلاقات الدهرية وتمايز معايير الفضاء المدنى الحقوقى عن الفضاء الدينى والتشريعى .

ففى وقت تبنت فيه الأنساق القانونية الأوروبية قيم ( العقل والضمير و القانون الوضعى ) كمستويات نهائية لقبول أو رفض الممارسة القانونية ومرت بتجديدات وتحولات جذرية خلقت نظامآ جديدآ للدولة والبشر والأشياء .

فأن الفكر الدينى والقانونى الإسلامى جنح نحو أفكار ( النقل عن السلف ومبدأ الإجتماع ومصادرة الإجتهاد ) , وحيث جمد الوعى حول القوى الإستدلالية والمعرفية للإنسان وباعتبارها ( محدودة وظنية وقاصرة ) , وأن العقل لا يمكن على أن يصبح مرشدآ للإنسان فى الأمور القانونية والدينية والأخلاقية .

ومما لا شك فيه أن عملية أخضاع الهيكل القانونى للإستدلال الدينى / الشرعى أعاق الإجراءات والحلول التقدمية للقانون الوضعى داخل نظام المجتمع والإقتصاد العربى , والذى ظل أسيرآ لطور وعلاقات الإنتاج الشرقى العتيد ورحم روابطه الأولية ومرحلة ما قبل بناء الأمة والدولة الحديثة .

فضلآ عن أن الضعف البنيوى للبرجوازيات العربية , وعدم أكتمال قواعدها ساهم فى ضمور القدرة على فرض أفكار ومبادىء العقلانية و النقدية فى سياق الحياة الساسية والإجتماعية العربية .

لقد كان أمتياز العلمانية الأكبر هو تأكيد مبدأ حياد الدولة تجاه المنظومات العقائدية للبشر , وترك المجالات العامة كى يحكمها الإبداع القانونى والسياسى الإنسانى الذى يحترم توازنات الواقع وصيرورته القابلة للتغيير عبر الجدل الحر و والتنافس و الصراع الإجتماعى .

يكفى للرد على هؤلاء الذين يكفرون العلمانية أن بعض أهم قادة وكوادر الحركة السلفية يعيشون فى كنف دول علمانية أوروبية ويتمتعون ببيئتها القانونية التى تمنحهم حقوق الإقامة واللجوء السياسى وحرية الرأى والتعبير وعدم التسلسم لدولهم لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدهم .

هذا المثال الغربى هو نتاج لأحترام الوجود السياسى والحقوقى " للفرد " أيا كانت معتقداته الدينية والأخلاقية والتى صاغ الموقف العلمانى أزاء الدين خطوطها وأقانيمها الكبرى فى : العقل والحرية ومركزية الإنسان فى هذا الكون .

أما الأنظمة التى تتدثر بعباءة الإسلام و كلمة الدين فكانت ومازالت فتمارس انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان وحرياته وأوجه من القمع المادى والمعنوى فى مواجهته , وتقدم صورة قاتمة للجماعة البشرية حين يسيطرالعقل الدينى الأصولى على توجيه مناحى السياسة والمجتمع .

ثمة حاجة لمواجهة الإنتاج الدينى المتصاعد ضد الفكرة العلمانية فى مرحلة ما بعد الثورة فى مصر وتونس وعبر ربط المطالب الإجتماعية والإقتصادية الملحة للجمهور العام بمبادىء الدولة الحقوقية العلمانية وكسند رئيسى لهندسة دستورية وقانونية وسياسية ومؤسسية تقدر أفكار المواطنة والديموقراطية و حقوق الإنسان .

مع واجب الإعتراف بأن خطاب التبشير بالعلمانية يعانى صعوبة اللحظة التاريخية الراهنة وصراع الواقع والمجال العام الذى يتأسلم اجتماعيآ ورمزيآ وطقوسيآ – فى كل مصروتونس منذ عدة عقود .

ثمة تاريخ طويل من الكفاح والتضحيات ينتظر التمكين للفكرة العلمانية وتمريرها فى سياق الواقع العربى . وعلى قوى التنوير أن تصيغ للجمهور( البديل / السياسى والحزبى والحقوقى العلمانى ) المناسب له, وكملاذ أخير لكفالة حقوقه والحفاظ على حرياته فى مرحلة بناء المجتمع الجديد فى كلا البلدين .



#عماد_مسعد_محمد_السبع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأيديولوجيا وأحزاب الطبقة العاملة التونسية
- القاعدة فى ليبيا - الدوافع والمخاطر.
- مستقبل العلاقة بين الإخوان المسلمين وأمريكا
- أفكارحول ربيع الثورة فى أوروبا
- ملاحظات حول مأزق التعددية الثقافية فى أوروبا
- الليبرالية الإجتماعية ومستقبل النظام السياسى العربى
- ملاحظات حول صعود تيار الإسلام السياسى فى قلب ميدان التحرير
- إعادة اختراع السياسة فى واقعنا العربى
- المجلس العسكرى يقود الثورة المضادة فى مصر
- الثورة واليسار الغائب فى مصر
- القضاة ودورهم فى الثورة المضادة بمصر
- الثورة فى مواجهة وسطية الفكرالعربى المعاصر
- متى تبدأ الثورة على السلفية الوهابية ؟
- الإنتفاضات العربية بين طابع السلمية وحتمية العنف الثورى
- الأردن .. هل ينجو من طوفان الثورة العربية ؟
- الخيال والمفاجآت الإدراكية لشباب الثورة العربية
- الوعى الزائف بالتاريخ .. مصر تمحو حقبة مبارك !
- الميدان .. خاطرة حول طوبوغرافيا الثورة
- الصين والكونفوشيوسية وربيع الثورة العربية
- موقع الموسيقى على خريطة الثورة العربية


المزيد.....




- المكسيك تسجل أول إصابة بشرية بـ-داء الدودة الحلزونية-
- تونس.. أحكام بالسجن تصل إلى 66 عاما في -قضية التآمر على أمن ...
- شبه جزيرة القرم تحتفل اليوم بانضمامها إلى روسيا
- وكالة: إسرائيل لا تستبعد شن هجوم محدود على إيران رغم معارضة ...
- باكستان ترحل 85 ألف أفغاني.. ووزير خارجيتها يزور كابل
- الجيش الأمريكي يعتزم تقليص عدد قواته في سوريا إلى أقل من ألف ...
- لماذا يصوت الناس لليمين المتطرف؟ علم النفس السياسي يجيب
- وول ستريت جورنال: فجوات استخباراتية تعرقل مساعي إبرام اتفاق ...
- وزير الخارجية الباكستاني يزور كابل مع تزايد ترحيل الأفغان
- أي أخلاق للذكاء الاصطناعي؟ حوار مع العالم السوري إياد رهوان ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد مسعد محمد السبع - استتابة العلمانيين فى مصروتونس