أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن خضر - في وداع فرانسوا أبو سالم..!!














المزيد.....

في وداع فرانسوا أبو سالم..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3506 - 2011 / 10 / 4 - 13:35
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في يوم ما، عندما تصبح لدينا دولة، ونفكر في وضع قانون للجنسية في دولتنا، سنفكر في ما كتبه غسّان كنفاني ذات يوم: "ليس الفلسطيني من يُولد لأبوين فلسطينيين، بل الفلسطيني هو المناضل في سبيل الحرية". ولن نفكر في عبارة كهذه لأننا نريد تأبيد فكرة النضال، وجعلها شرطاً من شروط الهوية، بل للتقليل من شأن الوراثة البيولوجية في تكوين الهويات الجمعية والفردية لبني البشر، ولتأكيد حقيقة أن الهوية خيار، وليست، بالضرورة، نوعاً من قدر أعمى.
ولكن حتى إذا أردنا التدليل على صدق هذه العبارة، سنجد في حياة وسيرة فرانسوا أبو سالم المثل الحي، الذي لم يكن مضطراً للتدليل على أمر كهذا، ولم تعوزه شهادة النضال.
لم يُولد لأبوين فلسطينيين، لكنه كان فلسطينياً بالإرادة. وعندما نؤرخ للمسرح الفلسطيني بعد العام 1967 سنجده هناك، ركيزة أساسية وكبيرة، ولامعة، بنيت عليها دعامة المسرح، الذي كان وما يزال حاضنة للروح الوطنية، وجبهة أمامية لمقاومة الاحتلال، ومعملاً للتجريب الإبداع. ومن حقه علينا الاعتراف بحقيقة أن ما مثّله في حياتنا يمكننا من التفكير في هويتنا الجمعية والفردية بشكل أفضل.
من المؤسف أن مناسبة حزينة تحرض على الكلام عن الهوية. وهذه المناسبة هي رحيل فرانسوا أبو سالم عن دنيانا قبل أيام قليلة بطريقة مروّعة. هل انتحر؟ أغلب الدلائل تشير إلى احتمال كهذا، وإلى كآبة تمكنت منه في أيامه الأخيرة وفتكت به. بيد أننا نحتاج إل استلهام الدائم، والحي، والمستقبلي، في سيرة شخص يشبهنا في الواقع، ويختلف عنّا في خطاب الجماعة المتأخر عن نفسها.
يشبهنا بمعنى أننا نحن أبناء هذه البلاد نتاج هجنة صنعها التاريخ، وحكمت بها علينا الجغرافيا، وتجلت في ملامحنا، ولون عيوننا، ولهجاتنا، وأسلوب حياتنا. ويختلف عنّا بقدر ما ينجح خطاب الجوهرانيات القومية والدينية في تجريدنا من خصوصياتنا التاريخية والثقافية، واختزالنا في قوالب دينية وطائفية باسم العروبة مرّة، وباسم الأممية الإسلامية العابرة للحدود مرّة أخرى، كأن للماليزي حقوقاً في فلسطين أكثر من حقوق فرانسوا أبو سالم، لمجرد أن الأوّل مسلم.
المسألة، على أية حال، تتجاوز حدود فلسطين، وتمس العالم العربي برمته. من قال إن الأكراد، مثلاً، كانوا يحتاجون إلى ثورة شعبية في سوريا للاعتراف بهم كمواطنين في بلادهم، وإلى كرم خاص من جانب نظام مأزوم يحاول رشوتهم بالإفراج عن جانب ضئيل من حقوقهم. وهذا يصدق على وضع الأكراد في بلدان أخرى.
ومن قال إن الأمازيغ يحتاجون إلى مرافعات تاريخية، وجبهات وطنية، وجمعيات لحقوق الإنسان، للاعتراف بخصوصيتهم الثقافية والقومية في بلادهم. وعلى ذلك فقس في المشرق العربي وشمال أفريقيا، وفي مصر حيث يتعرّض الأقباط للتمييز من أعلى ومن أسفل. الشرق فسيفساء لغوية وحضارية، يشبه سجّادة فارسية ثمينة، كلحت ألوانها منذ عقود أصبحت طويلة.
في العقود القليلة الماضية شهدنا ما يشبه عودة المكبوت، عندما أعدنا اكتشاف ذكريات ومذكرات اليهود المصريين والعراقيين في المنفى، وذكريات ومذكرات الإيطاليين واليونانيين الذي سكنوا شواطئ المتوسط وأطاحت بهم موجة العروبة بعد الحرب العالمية الثانية، وطردتهم من بلاد عاشوا فيها على مدار قرون وكانوا جزءا من نسيجها الحضاري والاجتماعي. النسيج الحضاري والاجتماعي التقليدي لسواحل المتوّسط حتى أواسط القرن العشرين.
إن عودة المكبوت تمكننا من تعريف أنفسنا بشكل أفضل، ومن التعرّف على ملامح بلادنا، وعلى النسيج الحضاري والثقافي لبلادنا. وهذا يعني في جانب منه إعادة النظر في المضمون الثقافي والسياسي لفكرة العروبة، التي نشأت في ظل نشوء الحركات الاستقلالية الدولانية، والكفاح المعادي للكولونيالية.
كان الكفاح ضد الكولونيالية أمراً لا مفر منه، بقدر ما كان جزءاً من حركة كونية اجتاحت العالم منذ مطلع القرن العشرين. وغالباً ما تحكمت القوى الكولونيالية الكبرى (والصغرى كما تفعل الكولونيالية الإسرائيلية بالفلسطينيين هذه الأيام) في مصائر شعوب وأقوام يصعب حصرها، في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، بطريقة ما تزال ملموسة، ومأساوية في أحيان كثيرة، حتى يوم الناس هذا.
بيد أن تاريخ الكفاح ضد الكولونيالية ينتمي إلى الماضي بالنسبة لشعوب وأقوام كثيرة، نجحت في نيل استقلالها، وفي ترسيخ دعائم دولتها القومية الحديثة. وهذا يستدعي في جانب منه إعادة النظر في المضمون السياسي والثقافي لذلك التاريخ، دون الخوف من استحضار أشباح الماضي. وقد حدث ذلك في حقل العلوم الإنسانية في الهند، وفي أدب أميركا اللاتينية.
في العالم العربي ما تزال أشباح الماضي مخيفة، وما يزال مشروع الدولة القومية الحديثة غير قادر على مجابهة ماضيه. ولهذا السبب لم تستقر فكرة المواطنة بعد، لأن الدولة القومية ما تزال قلقة على مصيرها، ولم تستقر بعد. وحتى يحدث ذلك ستظل الهجنة العرقية والثقافية والسياسية والاجتماعية جزءاً من السكوت عنه، والمكبوت، واللامفكر به.
ربما فتح الربيع العربي طاقة جديدة في أفق كان مسدوداً حتى وقت قريب. ربما. ولكن كل ما في الأمر أن في حادثة مُحزنة، وما ينجم عن استلهام الحي، والدائم، والمستقبلي، في السيرة الشخصية والفنية لفرانسوا أبو سالم، ما يحرض على استعراض تاريخ أكبر وأشمل. ربما نعبّر بهذه الطريقة عن امتناننا العميق لوجود أمثاله في حياتنا.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كلما اقتحموا مدينة عادوا إليها، وما وجه الشبه بين ليبي ...
- مبروك يا طرابلس والعقبى لأختك دمشق..!!
- عن العدوان الثلاثي، ومسلسل في حضرة الغياب..!!
- الإرهابي الأشقر وعيونه الزرقاء..!!
- والشعب في إسرائيل يريد إسقاط النظام..!!
- مديح العبث..!!
- عن ساحة المرجة، والثورة، وأدونيس..!!
- أسئلة ساذجة ومباشرة تكفي..!!
- الرهان الحقيقي على دمشق..!!
- الوجاهة القطرية، لماذا كل هذا؟
- مشهدان، وملاحظتان، وتعليق..!!
- سيناريو يوم القيامة في الجولان ولبنان..!!
- الصراع على هوية مصر..!!
- صورة جانبية لرجل اسمه حسني مُبارك..!!
- جول مير خميس: وقائع موت مُعلن..!!
- المخطوفان فلسطين والإسلام رهائن الثورة المضادة..!!
- دعوة للانخراط في المؤامرة ومبايعة للمتآمرين..!!
- كم من الكيلومترات يمشي نداء الحرية في اليوم..!!
- ربيع الشعوب العربية: 1- السنوات العجاف..!!
- ما الذي سيبقى من العقيد..!!


المزيد.....




- أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث ...
- صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي ...
- م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم ...
- تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق ...
- أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما ...
- باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين ...
- المستشار الألماني شولتز يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ا ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - حسن خضر - في وداع فرانسوا أبو سالم..!!