واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 20:40
المحور:
الادب والفن
إبر وقرون
كانت الصورة تستنشقه وهي بالكاد تبصر طريق الحلاج بين عيوني وعقلها ..
انطبقت شفتاه ليتفرج رأسه فوق كومة الأضواء المتاحة في أسربة مهتوتة مابين الحائط والدموع . إذا كان حبها قادراً على عنفوانه فليختنق العالم ولتصبح الشمس هلالاً والسماء رواقاً بين دجلة وكتفه .
أراد أن يبكي ولو قدر لانبلجت منه أغلبيتهُ صمتاً قادراً على قتل كل بديل للكلمة ، ما أفضلية العيش وهو يرقد بين أوراقه الخريفية وورم حروفه المجلودة .. تجذرّ في أعماقه البرج ليفتح ساقيه بذار التوّرم فوق تراتيل النائمين .. تبّعثر بعيد سنتمتر واحد من جوف الحداة فرافقته نشوة فنان أخرق لتحمل جناحاً بدا مثقوب بإبر العناكب .. صافحته ابتسامتها ليتكوّر كفه بعيداً عن سخافات الحصى وهو يرتطم بالصمم .
أتاها فرادى مرتقباً الهيأة العظمى ولأن أمه كانت ذات شكل مخروطي تحّجر كًلمِهُ فوق صدر رصيف مهجور .. لم تساعده أصابعه في لمّ تبعثره وما لاحت له بادرة الأمل في تحرك بعض أعضائه فنطق ساكتاً ليحرز أطول فترة من الخجل المشقوق .. تداعت به أحلامها لترسمه آخر لوحة في القرن الماضي .. أطرّته بأجمل حلم لثورتها السلمية وعصّبته بالنواميس التي لم يعترف بها أحد .. مابين صيف السماء وغمامة الأرض ورحيبات العيون الملصوقة بوجهيهما وإذ أنهما الطينة المحماة وإقدامها العارية راحت ذاكرته تبتعد عن فلسفات قرون الخنازير .
لم تتبعه إلا أصوات الحصا المرتطم بشارب النهر الملتف فوق هضبة الزهرة .. هكذا كانت خاتمته وهو يستبعد من الدنيا أشياءه الباكرات الثياب ليرحل بها معها ومعها بها .. زاد ه الرحيل فإذا كانت نخلة الأمس لم تثمر فما بال القرون الأولى ؟ ! هو آخرهم وهو لقمة العيش للمجانيين الذين عقلوا بموتهم سجود العظمة .
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟