ريا عاصي
الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 08:47
المحور:
الادب والفن
مريم
سأحكي اليوم لكم قصة ثلاث نساء عراقيات عشن تحت سقف واحد تجمعهن رابطة المحبه والوفاء لا غير لان لكل منهن قصه وروايه اغرب من الخيال ......
مريم
في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم وفي احدى نهارات بغداد الشتائيه حمل باص الروضه مريم واختها التي تكبرها عام الى منزلهما في احدى احياء بغداد ......مدت يد امراه شابه في الثلاثين من العمر لتاخذهما قبل ان يصلا عتبة الدار ....صدمتا مريم واختها كونهما لا يعرفان لم سحبتهما الجاره بسرعه وادخلتهما منزلها وقالت لهما امكم في زياره لاقاربها وستعود بعد ساعه واوصتني ان استقبلكما في الدار ....الا ان الجاره كانت تبكي ....لكن امهما لم تعد ولم يتمكنا من الخروج. في الصباح الباكر اخذتهما الجاره الى دار ايتام في منطقة الرصافه,,,,وابلغت المسؤوله هناك انهما ابنتا جارهم الذي رحل بالامس هو وزوجته وابناءه الاربعه حيث تم تسفيرهم الى ايران لانهم من التبعيه الفارسيه.
لم تفهم الاختان ما حل بهما ,,,,بعد عام تأتي عائله من الحله وتتبنى الاخت الكبرى .....في احد الايام تقوم احدى المشرفات بزيارة الدار تقع عينيها على مريم وهي تنزوي ولا تأكل تسأل عن السبب فتخبرها مديرة الدار بقصتها ....بعد شهر من ذلك التاريخ تتبنى سعاد مريم وتأخذها لمنزلها.
...........................................................................................
سعاد ونادره
سعاد سيدة في اواسط الاربعينيات ,سمراء ,طويلة القامه,مطلقه كونها لا تنجب تعش مع امها في احدى احياء بغداد الراقيه وهي الوحيده لامها ,غنيه لها من الاملاك في بغداد وفي مدينة العماره الكثير ...اورثها لها والدها بعد وفاته وامها نادره تمتلك الكثير كذلك فهي وحيدة اهلها ايضا وابنة احد بيكوات العصور السابقه حيث كان ابيها اقطاعي كبير في مدينة العمارة له من مزارع النخيل وحقول الرز والقمح الشيء الكثير الا انه لم ينجب الا ابنته نادره.
.......................................................
تعش مريم في كنف هذه العائله تخرج رويدا رويدا من قوقعتها وتبدء تشاركهم الحديث والجلسات يمنحونها الكثير غرفة جميله باثاث من الانتيك وسجاد فارسي ...تلفاز واتاري تلعب به ...بيانو واستاذ بيانو يحاضر لها ثلاث مرات في الاسبوع ..تذهب كل سبت للمسبح مع امها الجديده سعاد .....وتكبر وهي تحضى باجمل الهدايا واحلى الالعاب.......الا انها كانت تعاني حين ذهابها للمدرسه ...لان هويتها حمراء وكتب عليها ربيبة سعاد........وكان الاطفال دوما يسالونها امك سمراء وكبيره في السن وانت بيضاء لم لا تشبهينها؟؟
أخذت مريم تعود لقوقعتها وتسير دوما كحلزون ببطء منعزله خوفا من فضول الاولاد واسئلتهم العديده ....
كان لها من الرفقه والاصدقاء اثنان تلعب معهم في حديقة الدار زمن ابنة الطباخه وسمير ابن السائق وكانت مستمتعه جدا برفقتهما لانهم لايلحون عليها بالاسئله كما يفعل رفقتها في المدرسه...
تكبر مريم وتمر بمراحل المراهقه وتبدء بحث والدتها على البحث على اختها التي بقيت معها في العراق...
تشعر سعاد بالاسى والمرار ....تعمل اتصالاتها كونها كانت تعمل في دائرة الشؤون الاجتماعيه وبعد بحث مضني تجد اسم العائله التي تحتضن اخت مريم ....تقوم بالاتصال بهم دون علم مريم ..وتذهب لزيارتهم في مدينة الحله يرافقها سمير وابيه السائق ....تجد العنوان وتطلب منهم مقابلة الفتاة ترفض العائله مقابلة الاختين بحجة انهم لا يريدون فتح جراح ربما لن تندمل لابنتهم المتبناة .....تكتشف سعاد انهم عائله دينيه ويدرسون اخت مريم الدين الاسلامي ويحجبونها الا انهم يكرمونها بعيش مريح...تعود سعاد لبغداد متعثرة باذيال الخيبه كانت تتمنى ان تحقق حلم ابنتها مريم في التعرف على اختها.....
تعلن بغداد انتهاء الحرب وتفتح ابواب السفر تحاول سعاد اصدار جواز سفر لربيبتها الا انها تصطدم بحجر اصم حيث القانون العراقي لا يمنح ابناء المسفرين غير الاوراق الثبوتيه ....تحاول سعاد فعل المستحيل وتجند اشخاصا لمعرفة مصير عائلة مريم فتكتشف ان الابناء الاربعه من الاولاد قد فقدوا وان ابيهم يعمل خادما في حوزة قم وان ام مريم قد توفيت ....تغلق باب التاريخ وتحاول ان تعوض ابنتها ما لم يعطيها الوطن ...يمر الحصار عسيرا
تمر السنون تباعا وتكبر مريم وتدخل الجامعه القسم المسائي لان مجانية التعليم لا تطبق على ابناء المسفريين ولا يمكنهم الدراسه الا بالقسم المسائي مقابل النقود....تحاول سعاد شراء سعادة مريم باي ثمن ...
تتخرج مريم ......وتجلس حبيسة الدار فالحصار اكل كل مباهج الحياة في بغداد....في احدى الاماسي تجلس قرب امها لتخبرها ان سمير ابن السائق طلب يدها .....يجن جنون امها وتقول لها لكنه عسكري لا يملك سكنا ولاموردا انسيتي انت ابنة من؟؟؟؟فتخبرها مريم لا يا امي لم انسى انا ابنة العدم لا اهل لي ولا اخوه ..تنهرها سعاد ...وهي تصيح ماذا قلتي ؟؟؟الست امك؟؟؟؟تجيبها مريم ودموعها تسيل اجل يا امي انك امي لكن ليس بالجنسيه .....من تتخيلين سيجرء على الزواج مني ؟؟؟انا ابنة المجهول ...تجيبها سعاد ولكنك ابنتي وانا شخصيه معروفه وجدتك سيده غنيه .....تجيبها مريم لكن يا امي الم تفكري انني بعد عمر طويل سوف لن احظى باي شيء ؟؟؟انني حتى لا يحق لي ورثكما او عطاياك او هباتك سارمى للشارع من جديد وسمير يحبني وسيمنحني عائله....تجيبها سعاد كفي عن الهراء سنجد حلا لامر هويتك وسترثين اموالنا لا يوجد شيء يقف امام النقود.....تجيبها مريم ....امي انك لا تشعرين بما اشعر لانك ابنة الحسب والنسب واغنى الاغنياء...
تضحك سعاد وتقول لها انك حقا مغفله تمعني في وجهي جيدا وانظري لسمرتي وبياض جدتك....الم تلحظي انني لا اشبهها البته؟؟؟؟الم تلحظي ان جدتك تمتلك من التصاوير العديد وفي كل مراحل حياتها الا حملها بي
مريم ساخبرك سرا طالما عذبني قبل اربعين عام .....كنت قد انهيت دراستي في ثانوية الامريكان ...ثانوية بغداد وذهبت لزيارة اقارب امي وابي في مدينة العماره حيث كنت انوي السفر بعدها لبيروت لاتم دراستي في الجامعه الامريكيه ...عملت لي قريبة امي حفلا ضخما حضرنه العديد من سيدات المجتمع هناك وبناتهن كانت احدى البنات قد اتمت الاعداديه مثلي الا ان اهلها فضلوا تزويجها لاحد اقاربهم من الاغنياء بالرغم من كبر سنه لكنه كان زواج مصلحه كي لاتذهب اموال العائله لغريب وهي ابنتهم الوحيده ....يومها سالتني ماذا ستفعلين اخبرتها بانني قدمت على الدراسه في الجامعه الامريكيه ضحكت ضحكه صفراء خبيثه وقالت سعاد ابنة جماله المجنونه تدرس في الجامعه الامريكيه وانا اتزوج تاجر الرز والله هزلت ....فتحت فاهي تعجبا وقلت لها من هي جماله المجنونه قالت تعالي معي لاريك بعينيك امك الحقيقيه
ذهبت معها مذهوله وانا لا اصدق ما تقول ...ذهبنا لمنزل في حي شعبي في العماره يبيعون الحليب والقشطه واللبن في باب المنزل وقفت معها ونظرت مليا الى شابه تكبرني بقليل وهي ترتدي الفوطه والجلاب وتزين حاجبيها بالوشم الا انها نسخه نسخه مني ...صدمت نادت صديقتي علىها وقالت لها سنيه نادي لي امك وخرجت امراه شعثاء الشعر دون فوطه او عباءه رثة الملابس الا انها تشبهني بنفس سمرتي وسحنتني وقالت لهما صديقتي انها سعاد ابنة نادره قفزت المراه الى الداخل ولم تنظر لي الا ان سنيه ركضت وعانقتني وقبلتني وقالت كم سمعت عنك الكثير يا اختي وحبيبتي امي دوما تحدثني عنك وتقول لولا سعاد لما اشترينا هذا المنزل .....لم اعد اسمع او ارى غير ضحكة صديقتي الصفراء .....تركتهم وذهبت لبيت عمي وسالت ابنة عمي عن حقيقة الامر ....اخبرتني بالقصه ......نادره كانت الوحيده لامها وابيها الاغنياء تزوجها توفيق الغني هو ايضا كان كثير السفر والترحال وقيل عنه انه ليس رجلا وهو يمتلك العديد من العلاقات الشاذه ....جماله كانت صغيره ومجنونه وهائمه بالشارع ودوما حبلى ...قامت نادره في احدى سفرات زوجها الطويله الى اسطمبول بجلب جماله الى المنزل طول فترة حملها وحين ولدتني ابتاعت نادره لها منزلا ....وحين عاد زوجها من السفر بعد عام ونصف اخبرته بانها قامت بشرائي ....مدينة العماره مدينه صغيره والناس يعرف بعضهم الاخر خافت نادره من ان يبلغني احدهم بحقيقتي ابتاعت منزلا في ابو نواس وقدمنا لبغداد وانا ابنة الاربعة سنوات ......حين علمت بحقيقتي لم استطع العوده لامي نادره الا بعد عام وبعدها ذهبنا انا وهي لبيروت حيث درست وهناك احببت زميلي سعد الذي لم يعلم قصتي ..وتزوجنا وكنت سعيده جدا معه الا انني لم انجب وهو كان محب للاطفال كثيرا يوما ابلغني يرغبته بالزواج باخرى ليتسنى له الانجاب قلت له اعطني حريتي واطلق العنان لابوتك .....من يومها ياحبيبتي وانا ادرك ان لا اما لي غير نادره...
..................................................................................
في عام 2002 تزوجت مريم من سمير وانجبا ابنة اسمياها نادره .....قامت امها بشراء منزل فخم في مدينة بغداد وسجلته باسم نادره الصغيره
توفيت نادره الكبيره عام 2003 قبل الحرب بايام ........تعش اليوم مريم وامها وبنتها نادره في بغداد
اخت مريم تزوجت من احد قادة حزب الدعوه
والتقت بمريم اخيرا عام 2005 ,,,الا ان مريم شعرت بالغربه لان اختها قد طلبت منها التحجب وان لم تتحجب لن تعترف بها وقطعت العلاقه
وجدت جثث اخوتها الاربعه في سجن ابي غريب حيث قام قصي صدام حسين باطلاق الرصاص على 35 شابا من المحتجزين من ابناء المسفرين قبل سقوط بغداد باربعة ايام
#ريا_عاصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟