|
عن - الكرنفال- يكتب الشاعر فيصل خليل:
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 18:42
المحور:
الادب والفن
الشاعر والأديب السوري الكبير فيصل خليل في : رياض خليل يحلم باستعادة الخيول الضائعة . دراسة عن المجموعة الشعرية " الكرنفال" للشاعر رياض خليل ، نشرت في العدد 9515/السنة 37/ التاريخ 22/5/1995 من جريدة " السياسة" الكويتية ، في صفحة الثقافة رقم 17 - بعنوان : " في مجموعته " الكرنفال" رياض خليل يحلم باستعادة الخيول الضائعة " ****************
يحلم الشاعر رياض خليل بأكثر من استرجاع عجلات العربة . إنه يحلم باسترجاع العربة وخيولها أيضا ، والانطلاق بها مجددا ، مرة أخرى متابعا حلمه الأول . إلا أن التفاته الحنيني إلى ذلك الحلم إنما يعني التفاته إلى حقبة تفصل بينه وبين فردوسه الضائع ، حقبة لايمكن أن توصف بغيمة عابرة ، وليس من السهل على الياسمين المقطوف أن يرجع إلى أغصانه . إن الراهن يتراخى متراجعا أمام طغيان مخيلة حكائية أسطورية لاتفتأ تتصاعد حلقاتها متكاثفة دون أن تحجب تفاصيل الراهن ، بل إنها لتؤكدها توكيدا ماكان لهذا الراهن أن يظفر به لو لم يحلق الشاعر بعيدا " كافكا " يستيقظ ، ليجد نفسه كائنا (مسخا) . ومن هذه النقطة تبدأ فانتازيا (كافكا) ، وفي " الكرنفال" .. وفيما يشبه حالة من الانبهار ، وعلى الرغم من الرقابة المشددة .. تتسرب من بين الشفتين الحذرتين (كلمة) تهرب إلى الفضاء المحظور . وفي لحظة نسيان .. تبدأ ملاحقة هذه الكلمة ، ومن هنا .. من هذه النقطة أيضا تبدأ (فانتازيا) رياض خليل في " كرنفاله" ، ثم هيهات أن تنتهي ، ذلك لأن طعم الحرية ماإن يتذوقه المرء .. حتى يجدد في طلبه أكثر ، وبكل تأكيد هو هروب من اتجاه " الأنا" . الحرية .. الكلمة المفتاح ، التي تنتشر كالهواء ، ولايتمكن أحد من إيقافها ، أيا كان الاحتراس ، وأيا كانت العاقبة : " فتحت فمي ، وتفوهت ، قلت كلاما .... تطاير كالنحل .. حوّم . أسرابه انتشرت في الفضاء نجوما فأضاءت ظلام النهار ." كلما استدرجت كلاما ، يتكاثر الكلام أسرع من برق ، وتنتشر أسرابه وفي أقل من برق ، لتغدو نجوما مضيئة في الفضاء . وإذن ليس في اليد حيلة ، ولن تجدي محاولاتنا في استعادة الحالة الأولى ، لأن الأمر يتعلق لما هو أقوى من القدرة على السيطرة ، وأقوى من حسابات الأمس واليوم والغد . الأمر يتعلق بحياة ، ليس على بعد خطوة ، وإنما في اتساع العالم ، ليس بحجم معدة ، وإنما في فضاء قلب ، هكذا طعم الحرية .. يبدأ كلمة ، ثم لايلبث أن يتدفق طوفانا: " لاشيء يوقف طوفانه ، تتطاير منه الحروف التي .. تتوامض كالبرق ، تهزم كالرعد ، تمضي .. تشق الفضاء " لاشيء يقف في وجه طوفان الإحساس بالحرية ، وأيا كانت الأسوار ، فإن هي إلا أسوار مزعومة ، سرعان ماتنهار في مهب (كلمة) كان ينبغي أن تقال ، وقد قيلت . إن الإحساس بالحرية إحساس بالوجود ، فأين كان هذا الوجود ؟ أين كانت مفردات العالم الحيّ قابعة قبل أن تهرب الكلمة؟ أين كانت الشهب والنجوم والحروف والبرق والرعد والجبل والسهل والصخر والممالك والعروش والفراديس؟ ليس يبدو لي ، وإنما هو أقرب إلى المنطق ، أن العالم الحي نفسه كان مفتقدا برمته قبل أن تهرب ( الكلمة ) لتضيع الخطوة في مثل هذا الفضاء : " كان يصنع فردوسه ، ثم .. لاشيء يوقفه .. كان يجري كعاصفة ، ويغني ، ويرقص ، يحتل كل الزوايا .. فاتحا .. ناشرا حبه " .... مكابدات الشاعر تتجاوز ذاته ، لتنسحب على ذوات الآخرين ، أولئك المكابدين مثله ، في انتظار قيامة ممكنة ، قيامة من نوع ما .. إنه لايهذي في حدود " أناه" ، وإنما مخترقا هواجس " النحن " ، الجرح والجوع ، المتوخّين (وردة الشمس ) .. تلك التي لاتزال حلما من الأحلام ، ولايزال الوصول إليها صعبا ، ذلك لأن صعود الجبال ليس بالأمر الهيّن ، على من كان قدرهم أن يعيشوا بين الحفر . في قصيدته : " وردة الشمس " قبض شعري حقيقي هذا " التراجيكوميدي" المطبق على " الأنا" ، والمطبق في الوقت نفسه على " النحن " وأكثر من هذا قبض على ( الغروتسك) المعاش ، وفي شكل لايمكن تصديقه : " لذة وعذاب .. بسمة .. واكتئاب .. وفصول عجيبة .. أيها اللاهثون وراء المخاض .. تتوخون معجزة ، تتكشف عنها السماء " لابد إذن من الرجوع إلى الصفحة البيضاء ، لابد من الرجوع إلى الحلم الأول ، إلى أول الرغبة ، إلى أول التوق ، إلى ماكان يبشر بامتلاء وتوهج وانطلاق ، ثم متابعة كل هذا بشكل خلاق ، أعني في شكل حر ، أعني بحرية .. فمن تلك النقطة تبدأ القيامة : " أتوخاك .. في وجع العاصفة .. خلف حلم .. وعينين غارقتين بحزن دفين .. وخضم الحنين .. خلف وجه الطفولة . أتوخاك ياوردة الشمس ياحلما كالجبال .. خلف جرح وجوع .. آية .. ويسوع ." لا يكف الشاعر عن البحث عله يعثر على نهاية ممكنة لهذه ( اللعبة ) ، وعن بداية محتملة للحياة ، بوصفها " أنا " حقيقية ، لا بوصفها دورا مرسوما ، يتوجب الاستمرار في تقمصه ، فضلا عن أنه دور غير مرغوب فيه ، ولم يكن مرغوبا يوما . بيد أن المسألة لن تكون بهذه البساطة ، فالقناع مع الزمن ينشبك مع الجلد ، بحيث يصعب نزعه مالم يتم نزع الجلد بأكمله . فليس من اليسر أبدا أن نصفي مشهدا قديما ، وأن نحتفل بمشهد جديد لمجرد اتخاذنا قرارا بذلك . إن ( اللعبة ) أصبحت فوق اللاعب ، وأبعد من قدرته على نزع الأقنعة وقتما شاء : " ومازلت كالصبح .. ينبت فوق رماد الظلام . أتوهج ، أذرو رمادي .. فتحترق الأقنعة . ثم تنكشف اللعبة الممتعة . ينتهي الكرنفال القديم . يبدأ الكرنفال الجديد . ويبدأ وجهي الجديد " ويوجز رياض خليل إشكالية ( أنا – الدور) بكلمات قليلة ، لكنها شديدة الإيحاء والخصوبة في نهاية قصيدته" المرآة ، حين يختم :" كان ملك .. وكان ... ملك ليس يملك شيئا .. فكان له كل شيء " .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحارب: شعر
-
النار: شعر
-
الوحش
-
الغريق: شعر
-
لن أختم القصيدة
-
رحلة إلى الجزيرة
-
البحر-:شعر
-
الملك: شعر
-
الكرنفال: شعر
-
سورة الألق: شعر
-
أيها العندليب: شعر
-
أضعتك لحظة مني
-
السؤال: شعر
-
الجريمة: شعر
-
مشاهد الجسد: المشهد الأول : شعر
-
مشاهد الجسد: شعر
-
طائر الكلمات:شعر
-
الرجل المسافر: قصة قصيرة
-
الصندوق : قصة قصيرة
-
خطبة على الهاتف : قصة قصيرة
المزيد.....
-
الجزيرة 360 تطلق برنامجها الساخر -الشبكة-
-
ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي
...
-
جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن
...
-
كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر
...
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|