أحصنة طروادية على بوابة الثورة السورية

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي
(Almothanna Alchekh Atiah)

الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 15:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

حصان طروادة/ الأمثولة الشهيرة التي ضربتها إلياذة هوميروس للعالم عن اختراق حصن الخصم بالخداع لتدميره من الداخل.. استهوت أصدقاءً في جزء المعارضة السورية المعروف بمبادرة اسطمبول والذي يطرح شعار إسقاط نظام بشار الأسد، لضرب مثلٍ عن قيام جزء المعارضة السورية الذي تكوّن تحت مسمّى "هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي" بدور هذا الحصان في مشاورات مؤتمر الدوحة الذي رعاه عزمي بشارة لتوحيد المعارضة السورية، من خلال طرح شعار "إسقاط النظام الأمني الاستبدادي" الذي فهم منه أنه خداع للثورة بسبب تعميته على قبول هذه الهيئة بالحوار مع "نظام بشار الأسد"، ويبدوا أنهم محقون في هذا الفهم حيث تحدّث معظم ممثلي هيئة التنسيق وإن بدون إيضاح مثل حسن عبد العظيم، رجاء الناصر، ميشيل كيلو.. أن هيئة التنسيق لم تطرح إسقاط النظام وأنها مع التغيير الديمقراطي السلمي وإن بمشاركة النظام، وأنه ليس لديها مشكلة أن يقوم بهذا التغيير بشار الأسد الذي تجاوزت قوى الثورة السورية طرح إسقاطه إلى محاكمته على المجازر والمقابر الجماعية وقتل الأطفال واغتصاب وتقطيع أجساد الصبايا السوريات...
وفقاً لهذا المثل، وإلى جانب ذلك لم يعدم أصحاب مبادرة اصطمبول الذين قاموا بتشكيل ما سمّوه "المجلس الوطني السوري" وباختيار أسماء أعضائه كذلك، من وجد أنهم هم بهذا التشكيل لاغيرهم حصان طروادة الثورة السورية.. حيث أن حصان هيئة التنسيق الوطنية لايملك أية فرصة في الدخول إلى طروادة الثورة بسبب طروحات الهيئة المتعارضة مع طرح الثورة بإسقاط النظام أولاً، وبسبب عدم وجود قوى فعلية لهذه الهيئة في الشارع الذي يقرر وحده اتجاهات الثورة ثانياً، وبسبب عدم انسجام قوى هذه الهيئة في الطروحات غير الواضحة أصلاً والتي وضعها أصحابها بغباء لخداع النظام الذي يعرف ويتصرف من خلال طرحها بذكاء لخداع الثورة ثالثاً... بينما تتوفر فرصة كبيرة لدخول حصان المجلس الوطني السوري إلى طروادة الثورة بسبب توافق جينات الطروحات بإسقاط النظام، والقيام بتخريب الثورة ذاتياً وإن بدون قصد، حيث أن هذا المجلس أولاً: تم تشكيله من قبل قوى يغلب عليها الطابع الفردي، حتى ضمن المجموعة الواحدة التي لاينسجم أعضاؤها إيديولوجياً، ومعروف أن تحالفات الأفراد ضعيفة مقارنة بتحالفات القوى. وثانياً: لا تشكل القوى المكونة لهذا المجلس نسبة تذكر ضمن قوى المعارضة والثورة التي تتوزع على قوى إعلان دمشق، الإخوان المسلمون، لجان التنسيق المحلية، اتحاد التنسيقيات، الهيئة العامة للثورة، المؤتمرات السابقة، الأحزاب الكردية، الشخصيات الوطنية المستقلة، إلى جانب قوى هيئة التنسيق الوطنية في الطرف الآخر، ولايمكن اعتبار رجال قوى المجلس هم رجال هذا الزمان كما كتب أحد شخصيات هذه القوى، في ثورة تريد أن تصنع روحاً جديدة بعيدة عن روح الوصاية والاستعلاء التي تميّز بها نظام الفساد والإفساد والإقصاء. وثالثاً: يلاحق الشك نية قوى المجلس لإصرارها على عقده بهذه الصورة وعلى إعلان اجتماعه رغم المشاورات بينها وبين قوى المعارضة والثورة واتفاقها معهم على التشاور كأطراف تتفق على خلق الكيان المناسب الذي يمثل الثورة ويعبّر عنها أمام الداخل والخارج. ورابعاً: إن الوصاية على القوى الوطنية من قوة مهما بلغ حجمها لن تخلق تحالفاً متيناً، وقد يكون مخرّباً حتى لو قبلت هذه القوى التحالف تحت ضغط لملمة فشل المجلس الذي يضيف يأساً على اليأس من فشل المؤتمرات وحكومات الظل والمجالس السابقة...
أمام طروادة الثورة السورية يقف حصانان خشبيان دون تقليل من شأنهما إلى أدنى من ذلك، الأول أحرقته الثورة مسبقاً على الأبواب بانكشاف طروحاته التي يصب ماؤها مهما كانت التبريرات لها في طواحين النظام، وما دخان شعار عدم عوز المعارضة إلى تكتكات حسن عبد العظيم في مظاهرات إدلب إلا صورة من هذا الاحتراق.. والثاني تحاول قوى الثورة والمعارضة تحت حرصها الوطني على جميع قوى الثورة التي تطرح شعار إسقاط النظام ورحيل رئيسه دون لبس، أن تفتح داخله قبل أن يدخل من البوابة، وتنقيه من فيروسات الرعونة والوصاية والتباهي الإعلامي الخاوي والارتباطات غير النظيفة، ليكون طرفاً فاعلاً بين أطراف المعارضة وقوى الثورة التي تخلق بشراكتها الكيان المعبّر عن الثورة السورية التي أذهلت العالم بنقائها وبسالتها وجدارتها الأكيدة في الانتصار.
mothannas@hotmail.com

#المثنى_الشيخ_عطية (هاشتاغ)       Almothanna_Alchekh_Atiah#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات