سعيد زارا
الحوار المتمدن-العدد: 3497 - 2011 / 9 / 25 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد كتب الرفيق النمري مقالة عنونها ب : خيانة الاشتراكية و انهيار الاتحاد السوفياتي في الحوار المتمدن عدد 3492 بتاريخ 20/09/2011 يرد فيها على مؤلفي كتاب : "خيانة الاشتراكية...وراء انهيار الاتحاد السوفياتي" السيدان: توماس كيني وروجر كيران , من خلال حوار ترجمه رفيقنا الاسدي عن الانجليزية أجراه مراسل صحيفة" الحزب الشيوعي البرتغالي" الأسبوعية "افانتي" السيد نابياس كارلوس مع مؤلفي الكتاب المذكور, رفيقنا الاسدي الذي نكن له كل الاحترام و له الشكر الجزيل في ترجمته الحوار الذي يعرفنا كقراء باللغة العربية لأعمال من اللغات الأجنبية تغني معرفتنا بالمقاربات المختلفة لأسباب انهيار الاتحاد السوفياتي, الحدث التاريخي الذي يجب على كل شيوعي في العالم أن يكون ملما بالأسباب الحقيقية لوقوعه لأنه المدخل الضروري لقراءة تفاصيل "المنتظم الدولي الجديد" بكل تشعباته. و بعد ثلاثة أيام من ظهور المقالة, نشر السيد شامل عبد العزيز مقالة بعنوان: عواقب ثورة 1917 ودوافع ثورة 1991 ؟ في الحوار المتمدن عدد 3495 يرد فيها على الرفيق النمري.
و لأهمية الحدث في عصرنا, و الغوص في نقاشه ضروري من اجل تقصي حقيقة أسباب الانهيار , سنرى ما إذا كان السيد شامل قد قارب بموضوعية مقالة الرفيق النمري أم أن الرد تحكمه خلفية العداء للماركسية؟؟؟
السيد شامل بعد قراءته لغالبية مقالات النمري –دون أن يستوعب منها شيئا- يقول بان النمري يرجع أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي إلى سبب رئيسي هو الخيانة بعدما اكتفى باقتباسات من مقالته الأخيرة ليعود ويقول :" إذن ليس هناك سبب سوى * الخيانة * في نظر الأستاذ فؤاد وهذا واضح من قراءة الاقتباسات التي نقلناها عنه ؟". نسال السيد شامل: لماذا اكتفى بتلك الاقتباسات دون أن يورد غيرها, التي تشرح بوضوح الأسباب الحقيقية للانهيار, حيث قال النمري في ذات المقالة في الفقرة الخامسة :" أما الأسباب الحقيقية وراء انهيار مشروع لينين المتجسد بالاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي فيمكن إجمالها بكلمتين فقط هما "الصراع الطبقي"". وهو ما يكرره رفيقنا النمري في كل كتاباته التي تتناول دراسة مسار تاريخ الاتحاد السوفياتي. السيد شامل لم يفهم شيئا من مضمون مقالة الرفيق النمري حيث حاول أن يوهم القراء الأعزاء بان كتابات النمري في هذا الموضوع لا تعدو أن تكون أسبابه الخيانة من طرف أشخاص وفقط, و للأسف الشديد هو ما أكده العزيز علينا السيد وليد المهدي* لأننا كنا نتوقع منه الفهم العميق لما كتبه الرفيق النمري في الموضوع. فعل الخيانة الذي يتحدث عنه الرفيق النمري لا يمكن أن نفهمه ما لم يربط ذات الفعل بمجريات الصراع الطبقي بكل منعرجاته في الاتحاد السوفياتي منذ قيامه إلى حين انهياره, أما فهمه بالمنظور الأخلاقي و هو ما ذهب إليه كاتب المقالة : عواقب ثورة 1917 ودوافع ثورة 1991 ؟ فلن يقودنا أبدا إلى فهم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء انهيار المشروع اللينيني. لكن لمادا تحاشى السيد شامل الغوص في قضية الصراع الطبقي ؟
أ لأنه لا يفهما أم انه لم ينتبه لفعل الصراع الطبقي و دوره كمحرك لتاريخ المجتمعات الطبقية؟
العديد من الدارسين لتاريخ المجتمع البشري ومعظم الشيوعيين منهم لا يفهمون معنى الصراع الطبقي بحيث يرونه اقتتالا بين الطبقات. الصراع الطبقي أو صراع الطبقات, كلمات تدل على أن هناك طبقات تتصارع فيما بينها ,لكن كيف يتحقق هذا الصراع الذي يفهمه الآخرون اقتتالا؟ يتحقق الصراع المذكور في حقل الإنتاج أي عندما تبادل جماعة من الناس و هي تنتج بنفس الطريقة وسائل عيشها كطبقة, منتوجها بمنتوج أخر أنتجته طبقة أخرى, وقد يطال مستويات أخرى كالسياسة و الفكر . أما الاحتراب فهو الصفحة الأخيرة من كتاب الصراع الطبقي و من لا يقرأ من الكتاب غير الصفحة الأخيرة فلن يفهم مضمون الكتاب كما يقول رفيقنا النمري.
إذن, كيف ارتبط فعل الخيانة بمجريات الصراع الطبقي , الذي يشكل-أي صراع الطبقات- السبب الحقيقي وراء انهيار المنظومة الاشتراكية؟؟؟
وصل البلاشفة إلى قيادة بلادهم و هي الحلقة الأضعف في المركز الرأسمالي و استمرت قيادتهم للاتحاد و الإنتاج البضاعي لازال في جمهورياتهم حيا لكنه كان يتنفس ضمن حدود ضيقة, حشد البلاشفة المنتجين الصغار في الكولخوزات وهي قطاع كانت فيه الملكية لوسائل الإنتاج للكولخوزيين و ليس للمجتمع. كما أن الاتحاد السوفياتي و رغم سحقه للنازية في الحرب العالمية الثانية و لكل محاولات الامبريالية في وأد أول دولة العمال في التاريخ , خرج محملا بثقل العسكر و هو من البرجوازية الوضيعة. استمر العمال يشترون المنتجات الفلاحية من الكولخوزيين و يعملون ايضا من اجل توفير السلاح الضروري من اجل الدفاع عن"راية الوطن".
الرفيق ستالين و وفق منظور علمي , رأى في هكذا وضع إعاقة لتقدم البناء الاشتراكي الذي يقضي بجعل كل وسائل الإنتاج و ليس جزء منها في يد المجتمع كما دافع على فكرة تقليص النفقات الحربية, و هو ما طرحه في المؤتمر العام التاسع عشر في شهر أكتوبر من سنة 1952 من خلال الخطة الخماسية التي تقضي بإغراق البلاد في السلع الاستهلاكية من اجل رفع مستوى معيشة العمال و بالتالي القضاء على باقي الطبقات. لم يكن بالإمكان تحقيق هده النقلة دون رفع المستوى الثقافي لكل أعضاء المجتمع ومن اجل هده الغاية نادى يوسف ستالين بتقليص ساعات العمل إلى ست ساعات في اليوم و من بعد إلى خمس ساعات, كما طلب بإلزامية التعليم المتعدد التقنيات حتى يتسنى لأفراد المجتمع اختيار مهنهم بحرية دون أن يتقيدوا بمهنة ما طوال حياتهم, كما اقترح أيضا تحسين شروط السكن..., إن مثل هده التدابير كانت ستدفع بالاتحاد إلى درجات جد متقدمة في البناء الاشتراكي, و لأنها أيضا تدابير هددت بالواضح مصالح الكولخوزيين و العسكر و باقي أطياف البرجوازية الوضيعة كالانتلجنسيا, لم يتردد ممثلو هذه الطبقة في قطع الطريق على تلك التدابير باغتيال عظيم البلاشفة سنة 1953و دفع الخائن خروتشوف إلى سدة السلطة أولا و تبديل خطة التنمية التي تعبر عن مصلحة العمال بتدابير حقيرة مثل إصلاح الأراضي البكر التي أعلنها السيئ الذكر خروتشوف بعد تسلمه قيادة البلاد.
ولأنه مهتم بالحدث , ذهب السيد شامل, و هو التلميذ النجيب يعمل بنصيحة أستاذه الصهيوني العتيد, يستعين بمحرك البحث العم غوغل فلم يجد ما يشفي غليله حيث عثر على العديد من الدراسات التي لم تكن في المستوى المطلوب قائلا:" فوجدتُ أكثر من عنوان إلا أنّ غالبيتها لم تكن بالمستوى المطلوب * مثلاً أن سبب الانهيار هو الإلحاد أو الصراع مع المسيحية أو أن السعودية وقفت في وجهها وترهات أخرى"
فكرر البحث ليدخل إلى صميم الدراسة حيث عثر على الرابط التالي: http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia21/Soviet-cra/sec01.doc_cvt.htm
البحث المنشور على الرابط المذكور يعج بمغالطات فجة و كثيرة سنكتفي بذكر ما يهمنا في موضوع الانهيار وقد نعود لبقيتها في مناسبة لاحقة. يتحدث البحث عن زمن إرهاصات سقوط الاتحاد السوفياتي إلى فترة وفاة بريجنيف سنة 1982 لتأخذ منحى الانهيار خلال إعادة البناء التي نهجها غورباتشوف, هذا وقد جعل البحث حدث انهيار الاتحاد السوفياتي أمرا طبيعيا ما دامت دولته شمولية و توتاليتارية و شبهها في ذلك بالفاشية و النازية و باقي الأنظمة الشمولية التي مرت عبر التاريخ. كما يتحدث عن مساندة الاتحاد لحركة التحرر الوطني و حدد زمن المساندة هذه بين سنة 1956 و 1971 حيث جاء في البحث ما يلي: " أدرك نيكيتا خروشوف أن هناك تحولاً ثورياً ضخماً وخطيراً وجديراً بالاستثمار يجري خارج المعسكر الاشتراكي العالمي، أي خارج نطاق الدول التي تنطوي تحت علم الماركسية اللينينية، وهو تعاظم شأن التحرر من الاستعمار على المستوى الدولي، ودور حركات التحرر الوطني في قارتي آسيا وأفريقيا في إتاحة إمكانات جديدة لتغيير موازين القوى الدولية لصالح قوى الاشتراكية، هذه الحركات بدأت تتصدى للاستعمار العالمي، من منطلق تحقيق التحرر الوطني والقومي، وهي حركات اتجهت لتشكيل ما يعرف بعدم الانحياز، أي عدم الانحياز إلى المعسكرين المتضادين، وهي تتطلع إلى إقامة دول مستقلة، ذات سيادة والتي سميت باسم دول العالم الثالث. "
لقد انهار الاتحاد السوفياتي عندما تم التخلي عن ديكتاتورية البروليتاريا و تم استبدالها بدولة البرجوازية الوضيعة و ذلك خلال سنة 1953 , أما إعلان الانهيار فلم يتم إلا خلال سنة 1991 بإعلان استقلال الجمهوريات الفيدرالية. إن تشبيه الاتحاد بالأنظمة التوتاليتارية فذلك ينم عن حقد و كراهية للاشتراكية التي كان يقودها الرفيق ستالين حيث استطاع الاتحاد و هو المدافع الأول عن القيم الإنسانية من تخليص البشرية من استعباد الرايخ الثالث بدحره النازية و الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية.
أما بخصوص موضوع مساندة حركة التحرر الوطني , فان ما حصل خلال قيادة خروتشوف هو عكس ما ذهب إليه البحث الذي استند إليه سيدنا شامل بحيث قامت الدولة السوفياتية بقيادة خروتشوف بعد انهيار دولة العمال إلى فك الارتباط بين الثورة الاشتراكية التي كان مركزها الاتحاد السوفياتي و حركة التحرر الوطني و كان الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ أول من لاحظ انحراف دولة خروتشوف عندما امتنع الاتحاد أن يستمر في ما قرره البلاشفة في دعم الصين لبناء قاعدة اقتصادية صلبة تكون أساسا لانطلاق البناء الاشتراكي في الصين الشعبية.إن انهيار الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي سنة 1953 كان سببا رئيسيا في تخلف الأنظمة "الثالثية "عن مسار التنمية الاشتراكية لتسلك طريقا تنمويا ثالثا لأنها لا يمكن أن تنهج مسار التنمية الرأسمالية, و سمي بالطريق الثالث أو دول عدم الانحياز.
و للنقاش بقية.
.....................................................................................................................................................................
* السيد وليد المهدي يعيب على الرفيق النمري الذي يعتبر التاريخ يتحرك بفعل خيانة و أمانة أفراد الشئ الذي يناقض الماركسية جذريا. الرفيق النمري كما حاولت أن أبين للقراء أعلاه أن فعل الخيانة الذي يتحدث عنه لا يمكن فهمه إلا و هو مقرون بمفاعيل الصراع الطبقي. سأحاول لاحقا أن أعيد تسليط الضوء على دور الفرد البارز في التاريخ.
#سعيد_زارا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
