عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3496 - 2011 / 9 / 24 - 19:28
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بعد تفاقم الاوضاع الامنية بين حين و اخر، و يخرج علينا احد منهم ليصدر ما يفرض عليه ثقل الاخفاقات التي تواجهه من حل الازمات الى مكان بعيد عنه، و ينسى الاسباب الحقيقية وراء ماهو عليه العراق اليوم، و مدى احتياجه الى الحلول الجذرية للقضايا الشائكة التي يعاني من عقدتها الجميع، سواء هذا البعض الذي فقد الذاكرة او لم يعد يتذكر شيئا مما اقدمت عليه الانظمة السابقة في العراق و ما كانت اشدها الدكتاتورية السابقة و اوصلت البلد الى الجحيم، و هو يعاني لحد اليوم من عمق المشاكل المستعصية فيه ،لانه غير اصيل و ورد طارئا على هذا البلد او لم تصل ثقافته و امكانياته و عقليته لحد يمكن الاعتماد عليه لايجاد الحلول لما هو عليه العراق الذي ليس له مثيل في كافة جوانبه . ان كان هذا واعيا و يتقصد ذلك و يستفيد من تكرار الازمات و ابقاء الحال على الحلول المؤقتة غير الجذرية كي يستفيد من الوقت، او لم يعلم بانه و مواقفه و عمله يصب في خانة وهو ينفذ بها ما اعتاد عليه من كان قبله و لم ينجح، فهذه مصيبة كبرى للشعب العراقي اجمعه . الواقع العراقي و تركيبة شعبه الموزائيكي المتعدد الاشكال و الانواع هو الذي فرض عليه الاصطفافات المتعددة، و هو يمتلك هذا الوعي وهذا المستوى من الثقافة العامة الموجودة . اذن الصراع نابع من الاختلافات الجوهرية بين هذه المكونات المتعددة العرقية و الدينية و المذهبية مهما تنصل البعض من قول الحقيقة ، و قول الحقيقة و العمل بها هو المنفذ الصالح لايجاد الحلول مهما كانت المشاكل و كيفما كانت .
لم يعد العراق لحد اليوم بلدا مؤَمٌٌَنا و مكفٌَلا فيه حق المواطنة الصحيحة من كافة الجوانب، و العيش و العلاقات المختلفة بين ابناء شعبه اعتباطية ، فطبيعة المجتمع و الموقع الذي فيه و السلطة الموجودة ومنها التي كانت سائدة من قبل ايضا لا تبشر لنا بان نصل الى مصافي حتى الدول النامية من هذا الجانب في المستقبل القريب . مهما كان شكل و جوهر النظام و ما يدعيه على الورق و ما يعبر عنه مدعيا استناده على الدستور، فان السلطة التنفيذية تتكور و تتجمع بيد جهة او حزب او شخصية متنفذة و لم تسلم هذه المواقع من اصحاب النرجسيات ، و هم من يمكنهم الوصول اليها لامتلاكهم هذه الصفة و ما يستخدمونها من اجل تحقيق ما يدفعهم الى ما يريحون به نرجسيتهم مهما ادعوا الديموقراطية و المساواة و ضمان حقوق الجميع على العلن، اما بقية السلطات فتنظر من بعيد مهما حاولت من فرض اشياء شكلية ربما، و هذا ينطبق في الشرق و ما فيه من امتيازات السلطة التنفيذية الاتية من انعدام المؤسساتية و سيادة القانون . و الا لماذا كل هذا التلهف على السلطة التنفيذية دون غيرها و ما نلمسه من الخلافات و انعدام الشفافية و استشراء الفساد و الاغتيالات و الموالاة المتعددة للجهات المختلفة و تنفيذ المطالب الخارجية .
نسمع بين فينة و اخرى اللحن ذاته و الموكب سائر على النمق نفسه في بحث القضايا الحساسة ، و نرى و نلمس بشكل مباشر ما يعيق الحلول الجذرية، ويكون الاعتماد على التكتيكات بدلا من التوجاهت الاستراتيجية، و شاهدنا كم من ازدواجية في التعامل من قبل جميع الجهات المتنفذة، و لمسنا منهم اعادة النظر في المواضيع الخطيرة التي تمس مصير النظام و مستقبل اجياله و مكوناته و نظامه السياسي و الديموقراطية و الحرية المدعية، و التي ادعتها الجهات نفسها قبل تراجعها، ليس لشيء و انما الجهة او الحزب او الشخصية الكاريزمية تهمها المسار بعينه وفق هواها او ما يضمن مصالحها الايديولوجية العقيدية سواء الايديولوجية كانت ام الدينية او المذهبية الضيقة .
هناك من يفعل فعلته و ينكر ذلك على الملا و ينهي عن خلق و ياتي مثله، لان المعادلات فرضت عليه الانكار و عدم الصراحة و اخفاء ما يؤمن و ما يعتقد و يعمل عليه سرا. لازال العزف على جميع الاوتار باقيا على النمط ذاته لحد اليوم و ان استقوى طرف بدولة او نظام خارجي فليتذكر مجريات التاريخ و ما مر به العراق و لم يفده حبيب اليوم ربما غدا، لان المصالح تنقلب و السياسة التي تسير على ما كانت سائرة بالامس القريب، المتدخلون لم ببقوا على الثوابت التي يضحوا من اجلها و هم من يدعون التزامهم بها مرارا، اقرار حقوق جميع المكونات و باسترضاء الجميع اسهل و اقصر طريق لضمان استقرار و امن العراق، و لا يمكن ان تستمر الحالة على التلطيف المؤقت للاجواء دون ايجاد الحلول الجذرية و تامين الامن و الاستقرار المنشود بشكل دائم، و من كانت استراتيجيته مبنية على ضمان حقوق الجميع و اقرار ما يعيد لمن يستحق ما يحق له لم ينل في سياسته و توجهاته غير النجاح و رفعة الراس، و من استند فقط على تكتيكات لتحقيق غايات و نوايا في غير محله و عكس ما يعلنه ولا يحقق الحق لم يذق طعم النجاح في حياته الخاصة و العامة ، كما يعلمنا التاريخ .
و عليه ، يجب التذكير لمن تفيده الاعادة، ان المركزية هي داء الانظمة المتتالية منذ تاسيس الدولة العراقية بالشكل المعلوم و ما كان المسماة بالاستعمار مخططا و بانيا و مؤسسا و منفذا لها دون ان ياخذ براي مكوناته و اطيافه المتعددة، و لم يسترح العراق حتى سنوات قلائل منذ ذلك التاريخ، و عليه ايضا، الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتق جميع الاطراف و بالاخص المتنفذين الذين تطبع لمساتهم على تحديد مستقبل و سعادة و رفاه الشعب و ضمان استقراره يُفرض عليهم ان يحتكموا الى العقلانية بعيدا عن كل العواطف و التعصب لتامين حقوق الاخر، فان لم ينجح التعصب القومي في فناء الاخرمن قبل رغم كثر مدعيه فلن ينجح اي تعصب اخر و منه المذهبي و العقيدي ابدا في تحقيق اي هدف كان، و ان لم تنجح الدكتاتورية في العمليات العسكرية السيئة الصيت و ما اقدمت عليه من الابادة البشرية و الجرائم المختلفة و ما تفننت فيه من التضليل و الخداع و اللعب على اوتار متعددة علمانية كانت ام دينية، و ما اقدمت عليه محاولة فناء مكون رئيسي لهذا الشعب و لم تتمكن مهما كانت تمتكلك من المال و الداعمين من كافة انحاء العالم فكيف باحد جديد او جهة نافذة الصلاحية و صاحب خلفية ما ان يحقق مرامه بسهولة. المهم هنا التفكير الصحيح و التامل العميق بعد الاعتبار من التاريخ و ما احتوى، فلم يبق امام الجميع الا الشعب بكل مكوناته و هو الذي يجب ان يدلي بدلوه في كافة القضايا، و يجب ان يكون الدستور هو الحكم و المرجع و الامر الحاسم، و تكون كافة الطرق مفتوحة عندما تكون النية صافية في اقرار حق الجميع دون استثناء.
فان كان الشعب الكوردي و كوردستانه موزعا بين الدول الاربع، هذا لا يعني انه يبقى تحت رحمة هؤلاء كما اُستعرب و اُستفرس و اُستترك و قطعت من اراضيها مساحة لا تستهان بها من جغرافيتها في كل عقد و سنة، و بقت طوال حياتها شامخا لا يلين عزمها،و الشعب الكوردستاني ماضي في تحقيق اهدافه و اقرار حقوقه مهما بلغت استعداء مصارعيه من الجنون و مهما استقوت او اتخذت اعداءه من الشعارات المضللة .
كوردستان معلومة الشكل و المظهر و المساحة و الجوهر و الطبيعة، و حدودها معلومة للجميع و بقت صامدة لم تزلها العواصف و المؤثرات الطبيعية لالاف السنين، و ان غدر بها من غدر لعقود و استقطعت منها اجزاء فلا يمكن ان تستمر الحال ، و ستعيد ما اغتصب منها ،هذا ما يفرضه المنطق و العقل.
و عليه، نسمع بعد كل خلاف سياسي، من ينبري ليكون الا هو من يهف في البوق و يزمر بعد ردود افعال حول ما يعلن من الحقوق الطبيعية للشعل الكوردستاني، و نسمع اصواتا نشزا تعبر عن جوهر تفكير من يتثعلب على الشعب و يحض الاخرين على النعيق، و لكن العصر الجديد و المتغيرات لم تدع المضللين مخفيين الى الابد و لن يتمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الغشيمة معتمدين على ما مرُ عليه الزمن من التوجهات و الافكار التي لم تكن صالحة في النفاذ في وقته فكيف بها اليوم.
هوية العراق يبنيها و يقرها شعبه، بجميع فئاتهم و مكوناتهم المتعددة بحرية و ديموقراطية، لذا على الساسة و من يلف حولهم ان ينظروا الى ما قبلهم و يبنوا افكارهم و اعتقاداتهم على الواقع الجديد و يتعاملوا مع القضايا الحساسة بتعقل و انسانية كي لم نعد عقود اخرى من الماسي و الويلات على جميع فئات هذا الشعب العراقي المغدور.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟