|
أعداءُ ربيع ِالدمِ العربي !!
صالح البدري
الحوار المتمدن-العدد: 3492 - 2011 / 9 / 20 - 19:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبقى المتأسلمين ( عرباً وأجانبَ) من الدعاة أو الحاكمين ( لا المسلمين المتنورين من الذين دافعوا عن الحق والعدل والقيم الأنسانية وناضلوا من أجلها بدمائهم وهم معروفون ) ، يبقون بأصواتهم المبحوحة وضيق أفقهم وجمودهم الفكري ، أعداءً للحرية والديمقراطية والتغيير ، وأعداءً للأنسان والأنسانية وحق تقرير المصير ، ولا يفهمون شيئاً من مفردات الحضارة والسياسة والتقدم بصنمية غريبة وتعلق بالماضي والألتصاق به حد السذاجة ! ويبقون أيضاً طعماً سهلاً لمؤامرات الرأسمال العالمي وحلف ( الناتو) العسكري والأمبريالي والعدواني الصهيو - أميريكي ، ومن خلال مايقدم لهم من رشاوى ومنح ومكافآت ودعم للتخريب والهدم وتكريس التخلف والأنقسام وتلقي أوامره التعسفية لتطبيق أجندتهم الدموية واللاإنسانية و بدعم لوجستيّ ومالي ومعنوي ، لتمرير مخططاتهم حين تتشابك المصالح على حساب التقدم والكرامة ( وبأسم الأسلام المنشق أصلاً مابين طائفتين ومنذ مئات السنين ) وعلى حساب الفرص الأنسانية الطيبة المتمثلة بالعيش الكريم والكفاءة والرغبة في التواصل الحضاري . لأنهم لايفهمون غير السكونية والأستعباد في الحياة وجمع ونهب المال فيها ( وهذه هي حريتهم الحقيقية ) ، وهذا ( من فضل ربي ) كما يدعون كذبا! وإنعاش الماضي المقبور بتقاليده الجبرية والسلفية والأكراهية والعنفية ؛ والتي لاتفهم لغة الحاضر ومتطلبات العصر السياسية والثقافية ولا تتماشى ورغبة الأنسان في التحرر والأنعتاق ! وقد قال الخليفة الثالث ( عمر بن الخطاب ) : ( متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارأً ) . ولأنها لا تفهم المتغيرات الروحية والحضارية ، لذا يجب إبعاد ( المتأسلمين والمتطرفين والسلفيين والتكفيريين ، عن قضايا الشعب المصيرية وعن مسارات الثورات العربية ومستقبلها ، إذا أرادت النجاح وتحقيق الأهداف الكبيرة لجماهير الشعب كل الشعب ! وعدم إعطاء الفرصة لهم لتحقيق مخططاتهم التصفوية للثورة لتحقيق الأصلاحات الثورية بعيداً عن تخرصاتهم وتجاوزاتهم المعادية للمجتمع ! إنهم يشكلون (تابو) ضد التطور والتقدم الحضاري ويؤمنون أن (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) لذا هم معادون للأبداع والفن والثقافة الواقعية والبحث العلمي للأسف ، وينشرون الخرافة والكتب الصفراء التي تبعث على الخوف واليأس والعذاب . وهم يُحرِّمون الملذات الشرعية للأنسان ، لكنهم يحللون ويتمتعون بأعظم منها كاللواط والفساد وسرقة المال العام والثراء الفاحش والكسب غير المشروع ، وإضرار المجتمعات التي يقولون عنها ( إسلامية ) جزافاً ، مثلاً ! إنَّ وسم ربيع الثورات العربية اليوم بأنها ثورات تنتمي للأسلام أو توجه للأسلام أو يجب أن تكون بالجوهر( إسلامية ) وشطب كلمات وتعابير من قاموس (الأسلام ) مثل (الحرية والديمقراطية ) ، هو جناية كبيرة وتعدي على دماء من أستشهدوا من ثوارنا العرب من تونسيين ومصريين وليبيين ويمنيين وسوريين وبحرينيين وعراقيين وغيرهم من أجل مقارعة الظلم والدكتاتورية !! لأن الفعل المحرك للثورة - والكل يعلم - هو الجوع والفقر وغياب الحريات وغياب الديمقراطية السياسية وغياب العدالة الأجتماعية نتيجة التفاوت الطبقي الحاد ، وكذلك البطالة ، وكثرة من المشاكل الداخلية سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً ، لا غياب الفكر الديني الأسلامي أو تطبيق عدالته ! . ولقد فشل الأسلام وطوال 1000و400 سنة وأكثر كنظام إجتماعي وسياسي في تحقيق العدالة الأجتماعية وحل مشكلة الفقر والعوز والبطالة والمساواة والرقي بالمجتمعات التي سادها التخلف . أو مشاكل المرأة والطفولة . وظل مجرد طقوساً لامنهجاً وتمنيات لاواقعاً ! وإنه على المعممين اليوم أن يقدموا إستقالاتهم لأنهم فشلوا في تأدية حتى دور الناصحين أو المبشرين أو العادلين ويجب محاكمة المتواطئين منهم ، لأنهم نكثوا عهد نبيهم الثائر !! إن محمداً بن عبدالله ( والصحابة والعلماء المسلمين الأجلاء والثوار والمصلحين المتنورين منهم ، لا الأنتهازيين والمنتفعين ) ، قد حقق الثورة ضد المجتمع القبلي الجاهلي وأنقذ المرأة من الوأد مثلا وجاء بالقيم الأنسانية الجديدة على المجتمع القرشي وشرع المواثيق التقدمية في عصره ، لكن هؤلاء المتأسلمين لم يأتوا إلا بما يسيء للثورة (المحمديّة) ، وكرسوا التخلف ومارسوا السرقة وتواطئوا مع أعداء الأسلام ضد المسلمين والأوطان كالمتواطئين اليوم في العراق من الأحزاب الدينية ( الشيعية والسينية ) وغيرهم من الأدعياء ورفاقهم في المؤامرة على العراق الحبيب ! إنه لمن الخطأ الفادح أن تتحول الأديان الى إحزاب سياسية ، لها طبيعة طبقية برجوازية ميكيافيلية للأسف ، همها المتاجرة في العقارات والسلطة وجمع المال والأرصدة وإقتناء آخر مبتكرات الأجهزة الآلية والكهربائية لتنسى دورها في الدفاع عن فقراء الأمة ومعذبيها وتحقيق العدالة الألهية ! إضافة الى دورها الكبير في القتل والغدر ونصب المفخخات وكواتم الصوت ( العراق وباكستان على سبيل المثال ) وغيرهما . وتنسى ثورة الحسين بن علي ضد الظلم والفساد مثلاً ! إنه لايمكن أن تصادر دماء الشهداء للأسلام الأميريكي أو الناتوي ! ولايمكن الألتفاف أو إحتواء هذه الثورات وتجييرها للمتأسلمين ! وعلى قادة هذه الثورات أن ينتبهوا لذلك ، لكي لا تضيع دماء الشهداء العرب . أو تضيع جهود الثوار الأبطال الذين كابدوا وواجهوا وقاوموا وثاروا ، ويبعدوا كل ما هو ( متأسلم ) كذاب ومنافق ! ! لقد حدث ذلك أيام المقاومة الوطنية الباسلة في الجزائر ضد المحتل الفرنسي في الخمسينات من القرن الماضي . حيث إلتفت العناصر والكتل الرجعية ( المتأسلمة ) حول رفاقها في النضال وقامت بأغتيال القيادات الوطنية اليسارية مثلاً ، لكي تدنس الثورة بفكرها وتتواصل مع المحتل بعد التحرير المزعوم ، وتفرغها من محتواها الثوري التقدمي ، لكي تبقي أحلام المستعمر قيد التنفيذ حتى بعد تنفيذ التحريرالمزعوم وبعد خروجه من البلاد لتبق هيمنته موجودة حتى بعد خروجه ، لأنه لا يريد خسارة مواقعه إقتصادياً وجيو- سياسياً !! وهذا مايتكرر اليوم في تونس ومصر أو الهيمنة الدينية المتطرفة في إيران والعراق وسوريا لتنفيذ أجندات الخارج لا مصلحة الداخل ومشاكله المعقدة !! في مؤلفه الموسوم ( ضد التعصب ) - ص72 - المركز الثقافي العربي - كتب المفكر والباحث الأستاذ ( جابر عصفور ) قائلاً : ( ممثلوا الفريق المسلم ، أقرب في تفكيرهم الى المنحى العقلي للأمام محمد عبده الذي أكدّ أنه لاسلطة دينية في الأسلام ، وإن الأسلام هدم هذه السلطة ومحا أثرها . حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله إسم ولارسم . فالأسلام - فيما يقول الأمام - لم يدعُ لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه . وأن الرسول كان مُبَلغاً ومذكراً ، لامهيمناً ولا مسيطراً ، ولم يجعل لأحد من أهله سلطة أن يحل ولا يربط ، لا في الأرض ولا في السماء . وكانت هذه الأقوال ، ولا تزال ، تعني أن لا سلطة دينية لحكام أو علماء . وأنه ليس لمسلم - مهما علا كعبُه في الأسلام - على مسلم آخر ، مهما إنحطت منزلته فيه - إلا حق النصح والأرشاد . ولكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله وعن رسوله من كلام رسوله ، دون توسيط أحد من سلف أو خلف ، أو حتى دون إتباع أحد بالضرورة ، ماظل كل ما ينتهي إليه في دائرة ألأجتهاد الذي يحمل الخطأ أو الصواب) فهل نحن مقبلين على ( محاكم تفتيش إسلامية ) كبديل مشوه لما تريد تحقيقة الثورات العربية الحمراء في ربيعها الأخضر؟ وتشبه محاكم التفتيش الأوربية البشعة بحق الأنسان الأوروبي وحريته ؟ هذا النظام الديني الفاشي الذي قام ببتر الرؤوس والعقول معاً . وفرض سلطته على ملايين الأوربيين . وصادر مساحات الحريات الشخصية وشطب على كل منجزات الحضارة القديمة والمعاصرة وبأسم ( الدين الكاذب ) وسلطته الغاشمة وحيث أقامت أوروبا نظامها العلماني ، وفي بعضها إشتراكي ديمقراطي بالتالي للخلاص من ربقة الكنيسة وسلطتها الأرهابية ؟! إنه على رجال الدين العرب والعراقيين ، الوقوف الى جانب الثورة والثوار ، لا الى جانب أعدائهم ، لتحقيق الأزدهار الحقيقي ولتقديس ربيع الدم العربي الذي أريق وبغزارة ، ولازال ، في ساحات التحرير العربية !
***** النرويج أيلول/ سبتمبر 2011
#صالح_البدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جثث !!
-
غسق برازيلي
-
حنيننا بقعة ملح
-
خواطر مجانية !!
-
المدونة الأخيرة لوجه القمر
-
خيط دخان
-
( كعكة عيد الميلاد ) ؟؟
-
جمهورية ( ماكو ) ؟؟
-
الياسَمينُ المُحتَرق ؟؟
-
سُطوع الغضب !؟
-
مدونة أخرى لاجتراحات رمل الحكاية
-
( مانيكانات ) ؟؟
-
منمنمات لا تقبل التأويل
-
خيار الشعب التونسي... والغنوشي باشا!
-
تونس ما بعد التغيير والازمة النائمة
-
الثورة التونسية ومشروع الهيمنة الدولية
-
( كهرمانة ) ؟؟
-
لا تكتمْ صوتك !!
-
أحوالُ النسيان !!
-
قاب تنهيدتين أو أقرب
المزيد.....
-
لماذا يحذر فائزون بنوبل من تولي ترامب رئاسة أمريكا مجددا؟
-
إسرائيل تعلن مقتل -عنصر في الجهاد-.. و-أطباء بلا حدود-: كان
...
-
بالونات القمامة من كوريا الشمالية تؤخر الرحلات بمطار سيئول
-
إبرام عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا بوساطة إماراتية
-
نيجيريا تستخدم الذرة المعدلة وراثيا لسد أزمة الغذاء رغم مخاو
...
-
تحذيرات دولية من مجاعة بلغت حدا -حرجا- في غزة
-
مع إعلان الاحتلال قرب انتهاء الهجوم برفح.. احتدام المعارك جن
...
-
لأول مرة منذ عام.. وزير الدفاع الأميركي يتحدث مع نظيره الروس
...
-
توقيف 4 أشخاص في بريطانيا لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الوزراء
...
-
باتفاق لإطلاق سراحه.. أسانج يقرّ بالذنب أمام محكمة أميركية
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|