ايطاليا تحتج على خطط التقشف و النقابات و قوى اليسار تقود الحركة الاحتجاجية

رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 19:58
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

بعد اليونان و البرتغال و اسبانيا وايرلندا اجتاحت الحركة الاحتجاجية شوارع و مدن ايطاليا، فقد شهد السادس من أيلول الجاري خروج مئات الآلاف من الايطاليين احتجاجا على خطط التقشف التي تريد حكومة بيرلوسكوني تمريرها،وقد صاحب الحركة الاحتجاجية إضراب شامل دام ثمان ساعات وأدى إلى تعطيل حركة النقل العام في المدن، فيما بقيت الطائرات جاثمة في المطارات الايطالية و تسبب في إلغاء 129 رحلة في المطارات الرئيسية و 200 رحلة في المطارات.
الصغيرة، و بلغ عدد المشاركين في التظاهرة التي شهدتها العاصمة روما أكثر من 100 إلف متظاهر، بالإضافة إلى ذلك عمت التظاهرات أكثر من 100 مدينة و بلدة تجاوز عدد المشاركين فيها الملايين و امتازت بحضور طاغي لقوى اليسار و الشيوعيين ، وضمت التظاهرات فئات الشعب المختلفة إذ ساهم العمال و الطلبة و التلاميذ و المعلمين ورؤساء البلديات و موظفي الدولة و العاملين في قطاع النقل و قطاعات أخرى،بما في ذلك النساء و الشبيبة، و شمل الإضراب الذي دعت إليه اكبر النقابات العمالية في ايطاليا (الكونفدرالية العامة للعمل)، جميع القطاعات الاقتصادية كالنقل و الطرق السريعة، و الخدمات العامة كالبريد و البنوك.
يتضمن "برنامج التقشف" الذي أقرته حكومة برلسكوني في تموز الماضي ادخار 48 مليار يورو ثم عادت لتقر برنامجا ثاني في أواسط آب بقيمة 45 مليار ليجري تعديله مؤخر ليصل إلى 52 مليار، وقد جاءت برامج الحكومة استجابة للنقد الذي قدمه البنك المركزي الأوربي وبلدان أخرى في منطقة اليورو لطريقة إدارة أزمة الديون، بالإضافة إلى ذلك سيتم رفع الضرائب على المواد الاستهلاكية لتصل إلى 21%، كما سيحدد سقف مديونية الدولة بعد إضافة مادة جديدة للدستور، وستحجم حقوق العاملات و العمال، وبحلول العام 2014 ستقضم الحقوق التقاعدية للنساء. خطة الحكومة الموسومة "خطة الدم و الدموع" أثارت حفيظة النقابات لأنها لم تتضمن فرض ضرائب إضافية على أصحاب الدخول العالية (أكثر من 90 إلف يورو في العام)، و ألان تعلن الحكومة عن نيتها فرض ضريبة خاصة تبلغ 3% على من يبلغ دخله السنوي 500 إلف يورو أو أكثر.
قادت رئيسة النقابات سوزان كاميسو التظاهرة التي انتهت عند "كولوسيم" (قلعة و احد أهم الرموز التاريخية لروما القديمة تم بناؤها عام 80 للميلاد)، حيث أقيم التجمع الختامي، و في كلمتها اعتبرت كامسيو الحركة الاحتجاجية هي الرد على هجوم الحكومة المضاد، واصفة حزمة التقشف الحكومية بالظالمة و غير الدستورية، معلنة عن إقامة دعوى في المحكمة الدستورية العليا، مؤكدة على إن ما يجري يمس مصير البلاد و تطورها وان الإضراب العام هو وسيلة نضالية للدفاع عن حقوق العمال، و رغم رفض قيادات النقابات الموالية للحكومة المشاركة في الإضراب، إلا إن قواعدها ساهمت بنشاط في الحركة الاحتجاجية.
ركزت الشعارات و الهتافات على رفض الإجراءات الجديدة للحد من المكتسبات الاجتماعية، و الوضع السيئ في قطاع التعليم، و خيبة الأمل التي تلف الشبيبة، و الوضع المتدهور لقطاع الصحة، و أشار المحتجون إلى الفقر الهائل الذي يتعين على الناس في الجنوب تحمله، في حين يهيمن الإثراء و زعماء المافيا على الحياة العامة في البلاد، وندد المتظاهرون برئيس الحكومة واصفين إياه بأكبر المحتالين على القوانين الضريبية في البلاد، فضلا عن اتهامه بسرقة المال العام والمطالبة بإقالته. من جانبها حذرت الحركة المعادية للفاشية و روابط حركة الأنصار من تنامي الفاشية و العنصرية في ضل حكومة برلوسكوني مرددين الأغاني التاريخية لحركة الأنصار.
تقدم التظاهرة إلى جانب القيادة النقابية قادة و ممثلي أحزاب المعارضة الايطالية الحزب الشيوعي إعادة التأسيس و حزب اليسار و حزب الخضر و الحزب الديمقراطي، و حتى زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض، وهو حزب كاثوليكي محافظ،، ابدي تفهمه للحركة الاحتجاجية و حمل بيرلسكوني مسؤولية تفجر الأزمة، فيما دعا المتحدث في التجمع، الذي شهدته مدينة تورينو حيث مركز شركة فيات، إلى وحدة اليسار لوضع حد لتحميل العمال و المتقاعدين أعباء الأزمة وإعفاء الأثرياء من تحمل تبعاتها.
عكس الإضراب العام و التظاهرات الأمل بعودة الحركة العمالية و قوى اليسار إلى ارثها النضالي السابق وتجاوز أزمتها " نحن بحاجة الى تعبئة استثنائية لنعطي الجواب الذي لا يكتفي بتنظيم إضراب عام فقط" هذا ما قاله رئيس نقابة الحديد ماريسبو لانديني في كلمته في التجمع الذي شهدته مدينة باليرمو و أضاف " يجب أن يكون هناك بديلا، بعد برلسكوني، يتبنى برنامج التغير الحقيقي ولهذا يجب علينا العودة للسيطرة على الساحات و الشوارع.
ومن الجدير بالذكر ان المحتجين قاموا باحتلال البورصة في ميلانو تعبيرا عن سخطهم على الهجوم الجديد للبنوك و مطالبتها الايطاليين بالتضحية ثانية "لتهدئة الأسواق"، بعد أن قامت الحكومة بإنفاذ هذه البنوك في عام 2008 . لقد أعطت ايطاليا في الثلاثاء الماضي جوابها: " أعزائنا في الأسواق المالية سوف لن ندفع لكم ثانية".

#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات