أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مبدعون على الشاطئ الآخر















المزيد.....

مبدعون على الشاطئ الآخر


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 15:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى الشوارع حلم عاشق للنهار
شفته فى عيون طيبين
حلم مطحون بالمرار
يطرح غناوى المجروحين
ولإمتى حنعيش فى إنتظار
وعلينا بتمر السنين
فى الشوارع ليه بنسأل ميت سؤال
والطريق نمشيه وتانى نرجعه
كل حاجة فوق حدود الإحتمال
كل واحد فينا همه بيوجعه
فى الشوارع شئ غريب بينادينى
شئ بيفرض جوه منى حزن عينى
شئ ياخدنى يشدنى
يرمى حزنى على الشوارع
اترسم كل الوشوش ..تنقسم بينا المواجع
وأبقى واحد منهم ..جرحى هو جرحهم
والحقيقة متوهانى.
هى كلمات الشاعرالجميل أحمد قدرى، وهى رحلته فى الشوارع مع كل أبناء جيله من المبدعين الشبان، فى رحلة البحث عن الأمان والتحقق والوطن.
هى رحلة أشبه ماتكون برحلة "ابن فطومة" فى رواية مبدعنا الكبير نجيب محفوظ ، حيث هجر البطل بلاده فى رحلة البحث عن الحقيقة والعدالة والكمال المنشود. هجرها بالظل لكنه حملها معه أينما ذهب بحثاً عن معجزة البلاد ومرفأ الانسان حين تدهسه تعاسة الحياة وترهقه المظالم والشرور فيتوق للحق والخير والجمال ويهفو للخلاص ويلوذ بالحلم ويتمسك بالأمل. هى رحلة فى الزمان والمكان الغامضين. رحلة ربما استغرقت العمر كله، فى صراع الفكر والروح والتراب، ومفارقات البلاد والعباد وتقلبات الأزمان والأحكام والأفكار والسياسة، ينتقل من بلاد الحيرة إلى دار الأمان، ومن بلاد الشروق إلى بلاد الغروب إلى دار الجبل، وهو فى كل ذلك يكابد عذابات الإغتراب وصعوبة التكيف ومعاندة الواقع للطامح والمتطلع للتحقق والتطهر والاكتمال. خرج ابن فطومة من الرحلة خالى الوفاض بلا أمل فى إمتلاء، لم تحصد يداه إلا قبض الريح وتجارب الفقد والاحباط والحرمان، لكنه ظل مستمسكاً بالحلم والخيال والأمل والصدق مع الذات والتوحد مع الآخر.
هو نفسه مافعله هؤلاء الشبان المبدعون حين هاجروا بالحضور إلى عيون الوطن وعمقه وأحلامه، أخذوه معهم فى عالم من صنعهم، عالم اختلط فيه الخيال بالفانتازيا بالمفارقة بالواقع. عالم مواز ووطن بديل فى فضاء الإنترنت الافتراضى، صنعوه على عيونهم وتحلقوا حوله تدفئه إبداعاتهم وتنهشه عضات الألم فى صدورهم. غاضبون هم لكنهم مخلصون مسالمون عاشقون حالمون محبطون متفائلون، وعدد ماشئت من كلمات وأفكار ومعان ومرادفها ونقيضها، ولسوف تصدق عليهم كل الأوصاف النبيلة والجميلة والبريئة والطاهرة.
ناسكون فى محراب الوطن وكافرون به، عاشقون له وغاضبون منه، متوحدون معه ومفارقون فيه، متعجلون " ولإمتى حنعيش فى إنتظار وعلينا بتمر السنين" يوجعهم الهم وتتوههم الحقيقة، لكنهم متماسكون اقتسموا بينهم المواجع ثم اترسموا كل "الوشوش" بينما هم فى رحلة البحث والظنون، كما يقول الشاعر أحمد طه فى قصيدته بديهيات خاصة:
تُخالِطُنا لدىَ الدُنيا ظنونُ
وبين النور والظُلما نكونُ
وعمري قد تَمدَّدَ مِن وَرائي
فقد مرَّت على ذاتي قرون.
وكما تقول هالة زين: "لم أجهــــل الحقيقـة يوما ً .. ولكنني أمارس " العمــــى " بـاحتراف لكي أعيــش". وكما يقول غيرها فى مجموعة على الفيس بوك: "كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقا..لكنني لم أكن أتصور أن الحزن يمكن أن يكون وطنا .. نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته".
إنه جيل مأزوم حلق بعيداً، وهم يعلمون ذلك إذ تقول "جنون كاتبة": " لدي خيال عاري يجرد الشئ من ملابسه أتمنى لو يرتدي خيالي شئ من الواقعيه". وكما تقول مى محمد: "آخر الكلام ..صلوات الصمت هُنا جامعة ..استودعوني الذاكرة قيد أنمُلة...والقلب يغزل من حبات المطر وشاحاً للسفر العصيّ....هنيئا لي أنتم ترنيمتي الخالدة ولا تثريب". أو تقول:" الورق يُعلمنا صِناعة الموت ..من تراكم الخيبات على سقف الذاكرة"، أما إيمان عزمى فتقول:
قربت أموت
ولا يوم هافكر في السجود من أجل قوت
إياك تقول أني عبيط !
أو يوم تقول إني شريك في الميغه ديه
أنا لا ابن سوق و لا جار وزير
أنا ابن سيد الغفير ..
مسنود بعوده المستحي من لقمه ضايعه.
و في إيده وعد ماموتوش..
و آدي دموعنا ..إن يوم رجعنا
و طلبنا منك حقها.. إكسر ضلوعنا.
جيل عاتب ناقد، لكنه واع فاهم يوجه سهامه لكل من استعصى عليه الإدراك والتقديروالفهم، فيقول عماد محمد سالم:
إفهم بقي.. ماسكين هلال يحضن صليب
بس القلوب متفرقة .. إفهم بقي
كل اللي حواليك يخدعوك ويشجعوك ويصدقوك
وحياة أبوك الخلق ماهى مصدقة ..إفهم بقي
الفقر زاد غطي العباد ..
والخلق عايشة ف شرنقة .. افهم بقي.
فى رحلتهم يضعوا أصابعهم فى شق الثعبان قبل أن تنهش أسنانه نسيج الوطن وتماسكه، فيقول عصام بدر:
كان الشاويش مينا وحـسيـن فـي خندقهــم
عاشقـيــن تراب سينا والـنـــار بـتـحــــرقهــم
حلفوا الوطـــن لـيـنــا ولاسـابـو بـنـادقهــم
يحضن حسين ميـنــا والــمـوت ما فرقهــم
فى رحلة التيه والإبداع والغربة، أبداً لم يخفت الأمل والحب لحظة ولم تتوارى عيونه خلف مشربية الحرمان، فيقول الشاعر حسام البساطى فى قصيدته "الأرض عرض المنتمي للطين":
وأنا عشقي ليكي طَرَح عُقد من الياسمين
ياحلوة قلبي انجرح ..وانصاب ف نن العين
عقلي ف هواكي سرح.. والصبر ألقاه فين؟
دانا شعري فيكي سِبَح..مرصوصه ع السطرين
والنيل دوايا سَبَح..صفحة ما بين موجتين
يسقي العطاشى مِنَح.. مزروعه بين شطين
وهم فى كل الظروف لم يفارق الإيمان مهجتهم، ولا التبتل والخشوع، فتقول رانيا النشار مخاطبة مصر:
لحظة أدان الفجر بيكبر
يا أم الإيدين ممدودة بالبركة
بتشد ضهري ع الحمول
قلبك سفينة نوح وأنا بستني مرساكي
مليانة بالدعوات وف حلمي بلقاكي
ورغم كل شئ، لم يغب سؤال القلق والترقب وإيمان الوصول لمرفأ الأم الرءوم وحضنها الحانى، إذ يقول محمد عبد الرازق:
النوم حمام قلقان ترك البناني وطار
الفكر شارد فى الجبل يشبه غزال رحال
وثواني أطول م الزمن وأتقل من الغربة
وأنا اللي نايم في حضنك و باحس بالترحال
عمري اللي ساقط ورق جنب الرصيف قلقان
أنا أبقي إيه ليك يا كل شيء ليه
ماتفكي لي ...إيدي و تاخدي بإيديه.
ويقول آخر:
ردى عليهم يابلد واحضنى ولادك
واصدقى مرة الكلام وتعالى فى ميعادك
القلب لسه خضار ليه العناد زادك
كونى الملاذ والأمل تحققى مرادك
وإن كان ع الحمول شيال
ولا اباتش ف بعادك.
إنهم شبان عشقوا النهار واغتربوا فى المعانى والأحلام والوطن فأبدعوا عالماً فى الخيال من صنعهم، فكان الحزن وكان الحلم وكان الحب وكان الغضب. لم يقترب منهم أو يسأل عنهم أو يفهمهم أحد، فأبحروا بشراعهم مبدعين على الشاطئ الآخر حيث لاأحد يستطيع أن يوقف ثورتهم.
من مقال سطرته فى يناير الماضى وكان بشارة تعمدت فى كلماتها ثورتناالعظيمة الطاهرة فى 25 يناير 2011.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموتى لا يروون حكاياتهم
- المثقف المجتمع والسلطة
- إناللا هاموهى تونبلكا فيرينا
- العلم ساحر الغيوب
- البرتقالة الرخيصة
- معجزته ليست في ذاتها
- لن تخبو نار بروميثيوس
- أوهام التعليم العالي وخطاياه
- مطعم القردة الحية
- صفحات في ذاگرة التراث
- ذهنية -خراسان- وأصولية السياسة
- أقروا الماجنا كارتا وخذوا كل المقاعد
- إنتاج وإدارة المعرفة
- »فصل المقال فيما يكتب عن الدستور أو يقال
- ضرورات الثورة ومحاذير الفوضي
- الكومبرادور يحاول إغتيال الثوره
- إستراتيچيات المشروع العلمي للثورة
- الزمن ما بين نيوتن وجويدة
- عن الثورة وجمال عبد الناصر
- من الثورة إلى النهضة..كيف؟


المزيد.....




- رويترز تتحدث عن -عشرات الوفيات- بلهيب الشمس بموسم الحج
- يورو 2024.. قيادة منتخب البرتغال تدافع عن مشاركة رونالدو
- بعد هدوء لـ3 أيام.. -حزب الله- يعلن تنفيذ عملية ضد موقع إسرا ...
- الدفاع الروسية: استهداف منظومة صواريخ -إس-300- أوكرانية ومست ...
- روسيا تكشف عن منظومات صاروخية مضادة للدرونات والزوارق المسيّ ...
- ذهب رقمي.. ما هو شرط انتشار عملة بريكس في العالم؟
- روسيا تشل السلاح الأمريكي في أوكرانيا
- خداع استراتيجي.. كيف احتالت واشنطن على -السيد لا-؟
- لافروف: روسيا تدعو إلى إدارة عادلة للمجال الرقمي العالمي
- هنغاريا تعارض ترشيح فون دير لاين كرئيس للمفوضية الأوروبية


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - مبدعون على الشاطئ الآخر