|
إذا كنت في المغرب فلا تستغرب
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 14:56
المحور:
كتابات ساخرة
في المغرب تنتفض ساكنة بأكملها لهول المأساة ولا نملك نحن الرعاع من المتسيسين سوى هذه الإدانة العقيمة التي تخدمنا أكثر بكثير من كونها نابعة عن موقف الواجب، بل أكثر من هذا، لنا رفاق متمرسون في كتابة هذه البيانات العقيمة، نتقن دورنا بشكل رائع، وأحيانا بشكل بهلواني، نعترف مسبقا أنه واجب حزبي لا أكثر.مبدئي في أحسن الحالات عقما، أصبحت الإدانة في البيانات دمنا ولغتنا نحن هذه الكائنات المدجنة، بينما الحقيقة تتجاوزنا بمسافات ضوئية وهي اننا في واقع سديم يستحيل الوقوف عنده موقف المستنكر،، فالإستنكار طبيعة اخلاقية محضة، واجب أخلاقي لا أكثر لا يتجاوز مضمونه في اللغة، نعلنه للمتعة السياسية فقط ونلزم حدودنا هذه اللعبة القاتمة: يجب أن نستنكر لكن في نفس الوقت يجب أن نلتزم بقوانين اللعبة. وعندنا في المغرب، للعبة ثوابت: استنكر ماشئت في حدود الثوابت، والنتيجة أن استنكارنا سجين الثوابت، عمليا نستنكر وفق الحدود القصوى بما تسمح به الثوابت، في إطار القانون العام، نحن ملزمون بهذا الإستنكار، وهو الواجب الأخلاقي، الفسحة القيمة للحرية: أن تكون معارضا يعني ببساطة أن تكون مستنكرا، هذا حق طبيعي معترف به وهو حق يستلزم التهذيب، أن ندخل في ملهاة جديدة: معارضون، يساريون مهذبون من طينة دعاة الملكية البرلمانية، يجب أن نشعر الشعب بشيء من التنفيس، كنافي عهد كذا لانستطيع أن نقول كذا، أما الآن فالحرية مفجوعة بما يقال، هكذا تستنبطها الرعية بفرح وارع. في جبل عوام، انتفضت ساكنة إغرم أوسار لسبب بسيط، انتفضت قبيلة أيت سيدي احمد أحمد التي أنتمي إليها لسبب مضحك حقا، هي القبيلة التي تخرب أراضيها، تجوف مياهها، تنتهك بيئتها بشكل صارخ (اقرأوا ليون الإفريقي الهارب من الاندلس تعرفون الغطاء النباتي بالمنطقة الذي ليس له وجود الآن)، هي القبيلة التي عدد عمالها بالمنجم بنسبة أقل من عدد عمال وارزازات الجميلة، الإقليم الجنوبي الذي لا أضمر له حقدا حقيقيا، والسبب فقط هو أن مدير المناجم من هذه المنطقة الجنوبية، رسم قبيلته وترك أصحاب الأرض، وكم هو صعب الدفاع عن أهلك في مأساة العولمة، انتفاضة أيت سيدي احمد أحمد بإغرم أوسار هي: ترسيم عمال من منطقة أخرى على حساب عمال ينتمون إلى منطقة خرب المنجم كيانها بشكل عام، بالصراحة الفجة لم يرسم أي شخص من العمال المنتمين إلى المنطقة وهو ما يناقض بروتوكول التشغيل، هذا باختصار فج رأى فيه صديق عزيز، نقدا لبيان تضامني من موقعي في العمل، واعترف أني أيضا من رعاع الإستنكار السياسي، من كتاب البيانات العقيمة، رأى فيه موقف متحيز لعمال ضد عمال آخرين من جهة أخرى، وجميل جدا أن يكون هذا الحس طبقي إلى الحدود القصوى، فالمبدأ عادة ان تناضل الطبقة العاملة ضد كيان الشركات التي نعرفها بالطبع، لكن لا ادري هل هو طبيعي جدا أن يناضل الأهل، السكان المحليون ضد استغلال منطقتهم حين ينعدم هذا الحس الطبقي وأن يستنكروا الزبونية في الأمر. انتفاضة أيت سيدي احمد احمد طرحت إشكالية حقيقية، ولا يمكن أن نمر عليها مرار الكرام، لقد أوضحت الآن النقطة التي أفاضت الكأس، ولن اناقش في الامر سياسة تدبير الملهاة التي ناقشتها في مقالي السابق حول موضوع الرفيق كبوري، التي كان بإمكاني المرور فيها على مناجم جبل عوام مرور الكرام أيضا:تلك الملهاة التافهة طبعا، اعتقال ثمانية عمال من المنتفضين، إطلاق صراح بعضعم، والإبقاء على أربعة منهم ليطلق صراحهم في عيد خرافي، والنتيجة تحويل ملف مطلبي حقيقي إلى ملف خرافي هو إطلاق صراح المعتقلين مع احترامي الكبير لهؤلاء المعتقلين الذين اعتبرت اعتقالهم خرافي لأنه صراحة هم يمثلون امام معضلة الملهاة كبش ضحية، بمعنى أن اعتقالهم مجاني يستثمر سياسيا، بمعنى آخر، كل المعتصمون انطلاقا من خرافة الثبات هم تجاوزوا حدود اللعبة ويجب اعتقالهم جميعا، أي مظاهرة في المغرب بدون ترخيص ممل كالذي في المملكة المغربية هم عرضة للإعتقال، واستثناء قرية معزولة كإغرم اوسار هو حقارة سياسية تستلزم مثل هذه البيانات الإستنكارية والعقيمة في نفس الوقت، كان العقيد المحنك الذي امر بضرب النساء والشيوخ والاطفال أمازيغيا أيضا، وهو لذلك وبما يغمر لاشعوره مارس سلطته القمعية بضمير التهميش، فالمنطقة مهمشة، وقومها من الشلوح المهمشين، والتنكيل بهم ايضا هو تحصيل حاصل، وهو لذلك كان يعي كل ما في الامر من زوبعة: بيانات واستنكارات مملة، وهنا اتساءل: لماذا لا يعتقل مدير الشركة المخل ببروتوكول التشغيل والذي بتسيبه تسبب في اضطراب سياسي لو كنا في بلد كائناته السياسية حيوية بنفس دينامية الشعب التونسي لقامت القيامة، لكن كائناتنا وديعة كالأرانب يستهويها دفء الثوابت، لو اعتقل ذلك المدير لانتهت المشكلة مادام أن الملفات الأخرى: البيئة، التلوث، تجويف المنطقة من الماء التسحر وما إلى ذلك مما يأتي الحديث عنها دائما حين تفيض الكأس ويتضخم المشكل بشكل عالمي، هذه الاشياء الرائعة والرومنتيكية التي نستوعبها فقط لتضخيم المشكلة عندنا إذ اننا في الحقيقة، في مغربنا الجميل، هذه الأشياء لا قيمة لها. لكن المثير حقا في مناجم جبل عوام، هو هذا الموقف المتخاذل لنقابة العمال الرسميين، وللتذكير فقط فالكاتب الرسمي المحلي هو نفسه من قبيلة ايت سيدي احمد أحمد، وهو لم يحرك ساكنا حول ملف الترسيم الذي في بروتوكولاته العامة يستوجب نسبة هامة من ترسيم أصحاب الأرض. سأعود إلى ما بدأته ولنا في تونس الشقيقة عبرة، لقد أحرق البوعزيزي جسده في تونس وقامت القيامة، ونحن المغاربة الذين أحرق الكثير من المعطلين أجسادهم، وفي مشهد جماعي، وأمام البرلمان المغربي، وقبل البوعزيزي، لم نحرك ساكنا، والخلاصة المجيدة اننا كائنات قائمة بالثوابت، تستنكر ولا شيء بعد: لدينا هذه الحرية الجليلة، إحرق نفسك، أنت حر فيها. ببساطة قاتلة، هل نحن المغاربة لهم حس وطني؟؟ هل نحن انانيون لهذا الحد؟؟ أن نكتفي بالإستنكار وشبابنا سبق البوعزيزي في الإنتحار؟؟ الجواب المميت هو اننا كائنات قائمة بالإستنكار في الحدود القصوى، بيانات خرافية، راي عام غير مسوق،لنا السبق في الإنتحارات، ولنا البطؤ القاتل في التقييم، والسبب أننا كائنات لا حس لها. هذه حقيقتنا. لدينا عشرين فبراير ويالها من عشرين صارت عشرين فبراير عندنا هي التأكيد على نزاهة الحكم، أن لانكون كوبيين، ان نكون مهذبين إلى أقصى الحدود، عشرون فبراير هي أن تكون لها خصوصية معينة هي ان تتمغرب ولا نكون مثل الآخرين: الثورة في تونس تجاوزت حدها، في مصر تجاوزت حدها، ونحن في المغرب صعب علينا تجاوز الحد، نحن ورثنا زمن ألف ليلة وليلة: عار علينا النضال،عار علينا زمن التحرر، والحقيقة أن الزمن يفتقد سحره بدون خرافات. هذا هو المفتقد في ثورة تونس وفي الثورات اللاحقة.
أن نكون وديعين كساركوزي الملهم بتحرير الشعوب، نحن المودرن وآيتنا في الأمر أن نكون وديعين كالفرنسيين، أن نتعامل مع شركاتهم بكل الإنسانية التي يكنونها، ما أجمل وداعة الفرنسين، أن تكون خاضعا بالحرية المطلقة، أن تكون محبوبا بالمطلق في وجاهة الفرنسيين: فرنسا المتقدمة عنا تحب الملك، ولها في الأمر حكمة الحاكمين، جميلة عندنا فرنسا التي تتكلم عن الحقوق المدنية للشعب الليبي، من يصدق في القرن الواحد والعشرين هذه الخرافة؟؟ حتما نصدقها نحن الماركسيون، الثوريون بدون حدود. اليساريون الأخلاقيون المهذبون كيساريي الحكومة عندنا. في المغرب، وبالحقيقة المرة ، ليس هناك يسار مهما كان نوعه، هناك فقط تفسير حزبي ضيق للإحتجاجات: الشعب في مسار والتفسيرات الحزبية في مسار آخر. صدقوني أو لاتصدقوا. في المغرب هناك فكاهة خلاقة: اشرب وانسى الهموم و إذا كنت في المغرب فلا تستغرب.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب وسياسة تدبير الملهاة
-
ليبيا وثورة التراويح: بالأحضان أيتها الإمبريالية المجيدة
-
يوميات مغارة الموت (4): تحية لروح الشهيد أوجديد قسو
-
20 فبراير هي الضمير الوطني لجميع المغاربة
-
القديس آمو
-
الماركسية في تفكيك أمير الغندور، الغندور منتحلا شخثص الفاهم
...
-
الماركسية في تفكيك امير الغندور: عودة إلى القياس الفقهي
-
الماركسية في تفكيك الأستاذ أمير الغندور: في غياب السؤال المع
...
-
الماركسية في تفكيك ألأستاذ امير الغندور: النزعة التلفيقية
-
الماركسية في فقه الأستاذ أمير الغندور
-
من حكايا العبور: سعيد الميركرودي
-
عودة إلى الصراع الطبقي والماركسية
-
لقاء مع بيكاسو: حي الجيتو
-
حول الصراع الطبقي والماركسية
-
حول الصراع الطبقي، رد على الزميلة مكارم
-
مغرب الإجماع البليد
-
نحو آلية عالمية للتنسيق بين ثورات الشباب في كل العالم
-
حول الدستور المغربي الجديد.. لتستمر الثورة
-
كلمة حق في استشهاد مهدي عامل
-
مارك فلوباييه:إعادة تأسيس المساواة هي في نفس الوقت استحالة ت
...
المزيد.....
-
-آثارها الجانبية الرقص-.. شركة تستخدم الموسيقى لعلاج الخرف
-
سوريا.. نقابة الفنانين تعيد 100 نجم فصلوا إبان حكم الأسد (صو
...
-
من برونر النازي معلم حافظ الأسد فنون القمع والتعذيب؟
-
حماس تدعو لترجمة القرارات الأممية إلى خطوات تنهي الاحتلال وت
...
-
محكمة برازيلية تتهم المغنية البريطانية أديل بسرقة أغنية
-
نور الدين هواري: مستقبل واعد للذكاء الاصطناعي باللغة العربية
...
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|