أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ضاع الأمل














المزيد.....

ضاع الأمل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3478 - 2011 / 9 / 6 - 09:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أضعتُ الوقت كله والسنين كلها وأنا أطارد بالسراب وبأعمدة الدخان وسقطت على رأسي كل المدن التي بنيتها بأحلامي وسقط القصر الجميل الذي بنيته على رأس دبوس وضاع الحلم الوردي والأمل الأخير ولم تبقى أي قشة أمامي لأتعلق بها كما كنت في أكثر الحالات صعوبة أتعلقُ في القشة وأنفقت من القش ما يكفي لتغطية قارة آسيا به, ولم يبقى أمام ناظري أي طوقٍ للنجاة, فالكل تخلوا عني وبقيت في العاصفة أواجهها لوحدي أتخيل الشجرة فارسا والإشارة الضوئية رجلا بعدة ألوان وبيتي قبرا أُدفنُ فيه حيا حتى بكيتُ على نفسي ورثيت لحالي وأنا ما زلت على قيد الحياة, ضاع الأمل وتهدمت كل جسور الثقة بيني وبين العالم والناس أجمعين...ضاع الأمل وانقلب السحرُ على الساحر وانقلبت موازين القوى وسقطتُ على الأرض جاثيا أبكي على حظي التعيس وعلى مصيري الذي صنعته بنفسي...ضاع الأمل وخارت كل قواي مني وأضعت في الدرب الطويل طريق العودة فلا أنا قادر على إتمام المسيرة ولا أنا قادر على النهوض بنفسي من جديد..ضاع الأمل وذهب البريق الذي كان يبرق لي من بعيد ولم يبقى أمامي أي شيء أغطي به جسدي حتى ملابسي ضاعت مني ولم يبقى في خزانتي أي قميص أو بنطال على قد خصري...ضاع الأمل وانتهت الحياة بالنسبة لي ولم يبقى معي أي حرفٍ لأنني أنفقت كل الحروف...ضاع الأمل وأضعت أنا من بين يدي كل الفرص وكان بإمكاني أن أعيش سعيدا لو تخليت عن القلم والورقة..ضاع الأمل وضاع الحب وانتهت الحياة بالنسبة لي ولم يبقى معي في جيبي ما أنفقه كما وأنه لم يبقى في قلبي أي كلمة لأكتبها,لقد أضعتُ الكلمات وأنفقتُ السطور كلها واستعملت الأوراق كلها ولم تبقى شجرة إلا وقلعتها بفأسي لأصنع منها الورق ومن كثرة حبي للكتابة أصبحت بين ليلة وضحاها عدوا للبيئة وسأصبح عما قريب عدوا للمرأة...ضاع الأمل ولم يبقى أمامي أي ما أتمسكُ به ولم يبقى أمامي أي أمل وسُدت الأبواب في وجهي وانقطع التيار الكهربائي وانفصلت بجسمي وبروحي عن هذا العالم وقريبا جدا سأصبح ذكرى من ذكريات الماضي.

ضاع الأمل وضعتُ أنا وأضعتُ معي كل أحبابي الذين أحبهم ويحبونني..ضاع الأمل وغاصت عيوني في وجهي وكأن عمري قد أصبح مائة عام وأكثر ولم يبقى في عيوني قدرة على مد البصر كما كنتُ سابقا أتطلع في الأفق عاليا...ضاع الأمل وشح المطر ولم تعد الشمس تدخل بيتي لا من هذا الجانب ولا من ذاك الجانب كما كانت في السابق تدخلُ بيتي لتغمرني بشعاع النور ولتفتح قلبي بأشعتها الذهبية اللون...ضاع الأمل وضاعت خطواتي وأصبحت أمشي مثل الإنسان الغريب في البلد الغريب...ضاعت كلماتي واستأنست بنفسي وبالوحوش بعد أن كنتُ أستأنس بروحي وأصبحت إنسانا متوحشا وبربريا لا أغسلُ وجهي لا صبحاً ولا مساءً ولا حتى أطيق وضع الماء على رأسي وأأكل بأسلوب متوحش وأشرب بأسلوب متوحش وكأنني قادمٌ من غابة الأدغال أو من عالم أفريقيا المجهول بعد أن كنتُ حملا وديعا أغسل وجهي وجسمي كله في اليوم الواحد أكثر من عشرين مرة ومرّه وكلما كتبتُ عن الحب أكثر كلما ابتعد عني الحبُ أكثر...ضاع الأمل وضاعت خطواتي وأنكرتني الأقلام والدفاتر ولم يعد أي شيء يتعرف على صورتي وتغيرت ملامح يدي وملامح وجهي حتى أنني اليوم تفاجأت بمنظري المتوحش وأنا أقفُ أمام المرآة وصحت عاليا قائلا: هل هذا أنا!!!واغرورقت عينيا بالدموع ولم أزل أنشد ضالتي ولم أزل أبحث عن طريق العودة لأقف مكاني في أول الطريق الذي منه بدأت وتغيرت اليوم ملامح جسمي والكل يستهجن وجودي في هذا العالم الذي أصبحتُ عنه غريبا وأصبح عني غريبا..ضاعت مني كل الأماني وذهبت من يدي كل الفرص وأصبحت شريدا وطريدا يطاردني الحزن والهم والغم...ضاعت طريقي وضاعت خطواتي وضاعت مني أحلى الذكريات ولم يعد بوسعي أن أريكم أسناني البيضاء التي كنتُ أفتخرُ بلونها الذي يشبه لون القلب, لقد توحشت جدا وأصبحت لا أستعمل أسناني إلا لهضم الطعام وكسر الحبوب وطحنها بعد أن كنتُ أستعملُ أسناني للضحك وللفرح وللابتسامات الطويلة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس ذنبي
- تحيه كاريوكا
- ايحاء الكلمة
- مهارات لغوية
- مي زياده2
- مي زياده 1
- حبر على ورق وكلام أفلام ومسلسلات
- الاسلام والأمراض العقلية
- الكلمة الأخيرة
- دنيا الوهم والخيال
- المرأة الضاحكة
- أين كان الحب مختفياً عن القرآن
- كاتب وعاشق بإحساس
- حقوق الضعفاء
- الحكم الذاتي للسكان الأصليين
- الهيراركية-hirearchy الاسلامية
- أين أهرب؟
- بشاعة الحقيقة
- أحلى شخصيه شخصية مأمون
- رياضة التكسير


المزيد.....




- ما الطريقة الصحيحة لاستخدام الشوكة والسكين أثناء تناول الطعا ...
- مصر.. القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بعد فقدانهم خلا ...
- لماذا تريد أوكرانيا ضرب العمق الروسي باستخدام صواريخ غربية ب ...
- فون دير لايين تكشف عن أعضاء المفوضية الأوروبية الجديدة
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
- المجر تكشف كيف تحمي مصر أوروبا
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 عناصر في -حزب الله- (فيديو)
- -حماس- تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل لمربع سكني مكتظ شرق مخ ...
- بفيديوهات جنسية.. ضجة في العراق وتحرك أمني إثر ابتزاز شبكات ...
- روسيا.. إطلاق أقمار صناعية للأغراض العسكرية


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ضاع الأمل