|
وعود الإصلاح والتماطل الحكومي وجمعة البقاء 9 / 9 /2011
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 4 - 23:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلنت العديد من منظمات المجتمع المدني فضلاً عن الجماهير التي شاركت في الاحتجاجات والمظاهرات على العودة إلى الاحتجاجات والمظاهرات في 9 /9 /2011 وقد أطلقوا عليها " جمعة البقاء " تيمنناً بما قاموا به في السابق وأعلنوا عن شعاراتهم التي حددت سلمية التحرك للمطالبة بالمطالب المشروعة الأمنية والخدمية وهو عمل مشروع عسى أن ينال التأييد الواسع من شعبنا العراقي الذي يتجلى طموحه في حياة آمنة ومعيشة مستقرة تحقق فيها كرامته في الاستقرار والعيش الرغيد وتتحمل الحكومة العراقية الحالية مسؤولية تحقيق هذه الطموحات المشروعة، فمنذ بدء الاحتجاجات المطلبية في العراق ونحن ننتظر أن تقوم الحكومة بواجبها تجاه مطالب الجماهيرية المعروفة لكن ذلك لم يحصل وبقت الحكومة بين الوعود ووعد التنفيذ حتى تسنى لها مواجهة هذه الاحتجاجات بتحريك البعض من الأجهزة الأمنية التي استفزت الجماهير من خلال الاعتداءات المصورة والاعتقالات المعروفة وكأن الحكومة تريد بذلك أن تثبت أنها قادرة على استعمال العنف مثلما هو حال الأجهزة الأمنية في الدول القمعية ولم تقتنع لا بالتجربة عندما كان البعض ممن يقودون السلطة الآن في صفوف المعارضة للنظام السابق، ولا من تجربة الربيع العربي الذي اثبت بالفعل واليقين أن الحكومات التي تنتهج البطش والإرهاب بالضد من مواطنيها لا يمكن أن تدوم إلى أبد الآبدين لان الجماهير سوف تكنسها وتجعل من رموزها أضحوكة وسخرية أمام الشعب والعالم بعدما كانوا جبابرة يأمرون بإصبعهم فيقتل من يقتل ويعتقل من يعتقل، ويُغيب من يُغيب، كما أن الحكومة العراقية برموزها الحزبية وبخاصة رئيس الوزراء جربت تحشيد البعض من التابعين والبعض من رؤساء العشائر وزجهم في تظاهرات مضادة للجماهير المحتجة ومظاهراتها السلمية حيث قاموا بالاعتداء والاستفزاز لكن ذلك لم ينفعهم وجوبهوا بالتصميم على المضي لآخر المشوار، وهو ما فعلته البعض من الحكومات العربية عندما أمروا " البلطجية والنفعية والمنتفعين " وفي مقدمتهم تونس ومصر وليبيا واليمن وغيرهم لكن ذلك التوجه فشل على أرضه لأنه عمل مفتعل وموجه بشكل آمري وتُحركه قرارات فوقية مثلما تحرك الأجهزة الأمنية التابعة للدولة‘ فالمظاهرات المضادة أرادوا فيها تفشيل المظاهرات والاحتجاجات التي خرجت بدون مخططات ولا أوامر حزبية وخروجها كان أولاً:ـ هو احتجاج وطني على ما دار ويدور في البلاد من اضطراب أمني وتهديد لحياة المواطنين المبتلين بالإرهاب التكفيري والميليشيات المسلحة الطائفية وضعف واختراق الأجهزة الأمنية والصراع بين الكتل على وزارتي الدفاع والداخلية وعلى المناصب في الدولة، وليس اعتباطاً عندما نشرت وسائل الإعلام على ضوء دراسة بريطانية أكدت فيها قتل ( 12 ) ألف مواطن عراقي كما أصيب حوالي أكثر من ( 30 ) ألف مواطن مدني جراء التفجيرات التي قامت بها القاعدة ولم تشر هذه الدراسة عن الضحايا الآخرين الذين قتلوا جراء العمليات الميليشياوية الطائفية التي حاولت تأجيج الفتنة وصولاً للحرب الأهلية. وثانياً:ـ أصبح التدخل الخارجي اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً " جيفة " تزكم الأنوف بدون أن تتحرك الحكومة المركزية وتعلن موقفها الصريح من هذه التدخلات والاعتداءات على العراق واستباحة أراضيه وكأنه أصبح كما يقال في المثل التركي " خان جغان " وثالثاً:ـ الفساد المالي والإداري الذي عم مفاصل البلاد وأصبحت سمة الرشوة والتجاوز على المال العام وكأنها قضية عابرة ويمارس من قبل وزراء ومسؤولين كبار والذي عرته الكثير من وسائل الإعلام والمؤسسات المختصة بالفساد والتردي ورابعاً:ـ تردي الخدمات الصحية والتربوية والسكنية وانتشار البطالة والفقر رافقها انتشار الجريمة المنظمة والفردية وغيرها من العاهات الاجتماعية. هذه الأسباب وغيرها وغيرها هي التي جعلت من الاحتجاجات والمظاهرات السلمية شرعية هدفها إصلاح الأوضاع في البلاد ودفع الحكومة العراقية لتلبي المطالب العادلة للمحتجين والمتظاهرين لكن الأذان أغلقت والوعود تبخرت في الهواء وما زال الحال على الموال نفسه فلا جديد في نية الحكومة من المباشرة في الإصلاحات وتلبية مطالب الجماهير ولا حلول في الأفق حول إنهاء الأزمة السياسية وحل قضية الوزارات الأمنية واستمرار التفجيرات والاغتيالات ومظاهر المحاصصة الطائفية والحزبية في تقسيم الوظائف والتعيينات في الدوائر الرسمية، ولا هناك توجهات جديدة لملاحقة الفساد والمفسدين، ولا توجد مؤشرات واقعية لمعالجة سوء الخدمات في الكهرباء ومياه الشرب وأزمات الوقود المتواصلة مع العلم إن العراق بلد عائم على النفط ، وتوفير ما يمكن من توفيره لإعانة الفقراء والمحتاجين أو التوجه لتقليص البطالة ومعالجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمعيشية والسكن، وبالقلم العريض لا شيء يعالج لا سطحياً ولا جذرياً إلا الوعود ولغة الاتهامات المتبادلة بين الكتل المهيمنة على القرار والسلطة. إلا يدفع ذلك إلى الاعتراض والاحتجاج؟ أم أنهم يريدون من الشعب أن يسكت ويتغذى بالوعود لانتظار حتفه أما مقتولاً بسبب التفجيرات المجرمة أو بسبب سوء التغذية؟ أن الجماهير الشعبية التي انتفضت في الشهور السابقة مازالت مصممة على الإصلاحات بكل ألوانها وفي كل مرافق الدولة ولن يقنعها بعد ذلك ما يطلق من حجج ومبررات ولهذا فهي ستستمر في المضي إلى يوم جمعة البقاء في 9 / 9 وقد يكون هذا اليوم هو الإنذار الذي يبلور المواقف القادمة وقد لا تكتفي بعد ذلك هذه الجماهير بالمطالب ومن الممكن أن تتحول كالربيع العربي بعد أن تيأس تماماً من تلكؤ البرلمان في تشريع القوانين الضرورية والمهمة والحكومة العراقية الحالية وعدم تجاوبها ونسيان وعودها بما فيها وعد رئيس الوزراء في أل " 100 " يوم ولهذا لا يمكن التصور أن الاحتجاجات ستبقى محصورة في بغداد والبصرة ومن الممكن أن تعم أكثرية محافظات العراق ومن هنا لن تفيد المراهم العلاجية الوقتية والتصريحات التي نسمعها من هنا ومن هناك وفي مقدمتها " الدعوة لخروج المليون، ثم الانسحاب من المليون ومنح حق التظاهر للشعب، أو منح الحكومة مهلة أخرى لتحسين الخدمات وتحقيق طموحات الشعب" وعود وتصريحات فضفاضة وكأنها مسكنات لوجع العراقيين الذين يزداد سخطهم وتذمرهم دقيقة بعد دقيقة، إن الذين يخدعون الشعب بمفردات الدين والسياسة والتهديد الفارغ المبطن بالاستحواذ قاموا في السابق بالوقوف ضد الاحتجاجات بحجة " نحن لا نعرف من ورائها " وعندما وجدوا أنفسهم مفلسين بدءوا يفلسفون مواقفهم ويتخلون عن وعودهم وتصريحاتهم لكن ذلك لن ينطلي على احد إلا اللهم من يغمض عينيه عن الحقيقة أو المخدوع بالشعارات الفارغة من كل محتوى. إن يوم جمعة البقاء 9 / 9 / 2011 الذي من الواجب الوطني والإنساني أن يشارك فيه كل عراقي تعز عليه قضية الوطن والحفاظ عليه من الضياع، كما يجب أن يكون يوماً للوفاء في التحدي والمضي قدماً من أجل إنقاذ البلاد من الاستئثار والهيمنة ونقلها من واقعها المر الراهن إلى واقع متفائل للبناء والتعمير وتحقيق الأمان وبناء دولة المواطنة الديمقراطية المدنية.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع قانون الأحزاب خلل في المبادئ الديمقراطية
-
أين انتهى الكتاب الأخضر أين معمر القذافي؟
-
سر البار الليلي المسحور
-
قرار البرلمان العراقي غير المتوازن في الرواتب الأسطورية
-
الضجة حول المسلسل التلفزيوني الحسن والحسين
-
حصن العراق الهلامي
-
عقدة المجلس الوطني للسياسات العليا
-
الفساد وعمليات هروب السجناء على نمط الأفلام
-
القوات الأمريكية باقية للتدريب والحصانة..!
-
التلويح الإيراني بطلب التعويضات ضغط للتدخل أكثر
-
الصحافة الشيوعية العراقية ودورها في تطور الوعي الاجتماعي وال
...
-
شعرة ما بين التطرف الديني والتطرف السياسي
-
التطرف اليميني المغلف بالأصولية المسيحية ومأساة النرويج
-
أين أمسى قانون الأحزاب الشبح يا مجلس النواب ...؟
-
أدستور وفيدرالية أم ضحك على ذقون الشعب!
-
يونس دخيل الرحلة في بطن الحوت
-
استمرار الاعتداءات المسلحة الإيرانية على القرى العراقية
-
تعمق الخلافات بين أقطاب السلطة الإيرانية
-
الحقوق المدنية وتجاوزات قوى الأمن على المواطنين
-
عندما يعيد الديوس انتشاره التاريخي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|