مازن خليل أبو لبيدة
الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 4 - 19:05
المحور:
الادب والفن
كنت أمسك به في كل يوم يزورني.... إذا كان جميلاً ممتعاً.. وإذا جاءني متجهماً عابساً أو غاضباً أو مخيفاً.. أتجاهله... وإذا لم أستطع أستيقظ ..فيتلاشى حين أشعل النور.
منذ حوالي ستة أشهر كان يأتيني مبتسماً فرحاً متفائلاً رغم بعض خطوط الحزن في جبينه .. كان يرفع صوته.. يتحدث وهو يشير بيديه .. قررت أن أتركه يخرج كما رغب .. تبعته إلى الشارع رأيته يلتقي بأناس لا أعرف أسماءهم لكن وجوههم مألوفة كأني بهم التقيت بهم منذ زمن بعيد... صغار وكبار نساء وأطفال .. يتجمعون يحملون أعلاماً و لافتات . من بعيد لم أتبين ما كتب عليها .. لكنها اتضحت حين اقتربت .....(اندس ) بينهم. تبعته ..رأيته محمولاً على كتفي أحدهم ينشد بصوت عال ويرفع يديه بانفعال .
امتزج صوته وأصوات المرددين وراءه بأزيز الرصاص .. منهم من سقط وبعضهم التجأ إلى شوارع فرعية أو إلى مداخل بعض البنايات أو الحدائق العامة ، لكنَّ حلمي ظل واقفاً... لم أكد أتبينه بين الغازات والدخان وهو غير مكترث بكل ذلك . يخترق الرصاص جسده .. لا يؤثر به يبقى واقفاً ..يزداد بياضه إشعاعاً .. ينتقل إلى زاوية الشارع .. يتبعه أحدهم ..غافله ..غرس سكينه في ظهره . التفت إليه .. سقطت السكين من يده .. تراجع.. سقط من الخوف رفع يديه يتقي ضربه ..يعلن التوبة ويطلب الصفح مدَّ حلمي إليه يده.. أنهضه ...الغادر مذهول يتوقع موتاً أكيداً .. تركه ... لم يصدق .. فرَّ من أمامه مذعوراً وعينيه إلى الوراء يسقط وينهض... يبحث عن أي مكان يحميه...تبعه حلمي .. لم يجد غير حاوية قمامة تنبعث منها بقايا دخان ورائحة نتنة.. اقترب حلمي منه... نظر إليه وسط القمامة السوداء.. ابتسم حلمي ابتسامة ساخرة... ثم انتقل إلى شارع آخر .
#مازن_خليل_أبو_لبيدة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟