|
مشروع قانون الأحزاب خلل في المبادئ الديمقراطية
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 3 - 01:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما أُعلن عن مشروع قانون للأحزاب أعدته الحكومة وقدم إلى البرلمان وبعدما أنهى البرلمان القراءة الأولى في الأول من آب 2011 لاحظنا أن مسودة المشروع لن تكون أفضل من قانون الانتخابات فذلك القانون شرع لا من أجل ترسيخ الديمقراطية والاعتراف بحقوق الجميع بل من أجل الكتل المهيمنة على السلطة وبالمثل فإن مشروع قانون الأحزاب قدر له أن يكون تقريباً على شاكلة ذلك القانون الانتخابي ولن نطيل بالشرح والتفصيل فقد سبقنا العديد من القانونيين والمثقفين والأحزاب في ذلك وهم محقون في آرائهم وملاحظاتهم الانتقادية فقد دل المشروع على دعمه للكتل والقوى التي هيمنت على السلطة والحفاظ على مصالحها وبالضد من تشكيل الأحزاب أو الهيمنة عليها من خلال جعلها تابعاً لوزارة العدل من خلال ما يسمى " دائرة شؤون الأحزاب السياسية " ولا بد من الإقرار أن البعض من بنود المشروع تقف عائقاً أمام تحقيق الديمقراطية بما تحمله من ثغرات إذا لم يتم معالجتها فسوف تكون بالضد من طموحات المواطنين حول تشريع قانون انتخابي ديمقراطي شفاف يساعد على تنظيم قيام الأحزاب لا أن يعرقل تواجدها ويهيمن عليها. في خضم الصراع الجاري بين أقطاب السلطة واتجاهاتهم السياسية ومؤشرات تأثير القوى الخارجية على البعض منها نلاحظ أن هذه الخلافات تتجمد لحين ونقول لحين لوجود تهديد لمواقع ومصالح الكتل فعند ذلك تبدأ المواقف تتوحد وإن لم يعلن عنها، وما يميز المواقف والخلافات المستمرة على كل شاردة وواردة أنها تتذلل في القضايا التي تمس مصالحهم أو في قضية ما وهم يتناسون خلافاتهم ليكونوا يداً واحدة ضاربة من اجل الحفاظ على وجودهم في قمة السلطة والأمثلة كثيرة بخاصة في ما يُشرع من قوانين مهمة وأكبر مثال قانون الانتخابات الذي ذكرناه في البداية وبواسطته حافظوا على أكثرية مواقعهم وباتجاه الاستحواذ على أصوات الناخبين للقوى الأخرى التي أضرها قانون الانتخابات أشد الضرر وبهذا يجعلنا متأكدين 99% بأن ما جرى لقانون الانتخابات سوف تسعى هذه القوى لتشريع قانون الأحزاب ذو القياسات الموضوعة له على نهج قانون الانتخابات لكي يتم تمرير مفاهيم الكتل المهيمنة وإخضاع القانون لهيمنة الحكومة وتلاعباتها في المستقبل إذا ما وجدت نفسها محرجة أمام الأحزاب التي تقف في صف المعارضة أو التي تختلف بالرأي معها. اليوم وبعد القيل والقال ومثلما اشرنا قدمت الحكومة العراقية مشروع متفق عليه وإن كانت هنالك بعضاً من التصريحات والانتقادات صدرت من قبل أعضاء تحالف العراقية أو التحالف الوطني العراقي لكنها مجرد تصريحات وانتقادات إعلامية للاستهلاك ولا تصب بمجرى قيام قانون للأحزاب ديمقراطي المحتوي يقوم بمراعاة القوى الاجتماعية وتأسيس الأحزاب بدون أية قيود إلا اللهم ما أشير حول الموقف من الطائفية والتكفيرية والعنصرية والنهج الشوفيني والتعصب القومي والعرقي ومع ذلك فإنه غير واضح تماماً ومن الممكن خضوعه لاجتهادات وتفسيرات لا تحقق المراد من الفكرة، إلا أن ما يؤسف له فقد لمسنا أن القراءة الأولية من قبل البرلمان العراقي وبعد أن نشر المشروع في وسائل الإعلام انه يحمل نواقص وتجاوزات جدية، ومن هنا نرصد أن الحكومة والقوى المهيمنة على القرار لا تريده قانونا ديمقراطياً يحمل روح الشفافية والتعاون أي بصريح العبارة تريده قانونا يتماشى مع مصالحها وتوجهاتها ومضايقة القوى إن كانت معارضة أو لا تتفق مع النهج الذي تسير عليه البعض من هذه القوى، ومنذ البداية فقد تعالت الأصوات المعارضة حزبية أو منظمات المجتمع المدني والكثير من المواطنين العراقيين مطالبة بضرورة تعديل البعض من بنوده وبخاصة المادة رقم ( 2 ) ثالثاً والمادة رقم ( 19 ) ثانياً التي كما اشرنا لها في المقدمة إنشاء " دائرة شؤون الأحزاب السياسية في وزارة العدل" وهي تابعة لهذه الوزارة وبرئاسة موظف بدرجة مدير عام، كما توجد مواد أخرى عديدة تتدخل في شؤون الأحزاب أو تمنح الحق في إلغاء الإجازة لجهات رسمية تابعة للحكومة أو عدم منحها لتشابه البرامج وهذا يعني الخضوع لاجتهادات الموظف المسؤول أو الجهة الرسمية التي يمنحها القانون حق التدخل فتصبح الآمر الناهي، وهذا لا يعني التخلي عن الضوابط المتعارف عليها في العالم وفق معايير الديمقراطية وحرية التنظيم والانتماء كما أن الفلتان الذي أسسه قانون بريمر الأمريكي في تشكيل الأحزاب بدون ضوابط ينظم عملها أضر ويضر العملية الديمقراطية ويجعلها مضطربة لا يمكن أن تدر فائدة على قيام الدولة المدنية الديمقراطية والتي تكون فيها حماية حقيقية للأحزاب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وفرض مفاهيم السلطة على تأسيسها أو عملها المباشر والمستقبلي قد نتفق على ما جاء في نهاية المشروع في " الأسباب الموجبة : انسجاماً مع متطلبات الحياة السياسية الجديدة والتحول الديمقراطي ، ولغرض تنظيم الإطار القانوني لإقامة الأحزاب السياسية على أسس وطنية ديمقراطية تضمن التعددية السياسية وتحقق مشاركة أوسع في الشؤون العامة " والسؤال هنا ـــ كيف يمكن تطبيق هذه النهاية أو الخاتمة مع المواد التي وضعت لتقييد إقامة وعمل الأحزاب في البعض من المواد والتدخل في شؤونها وإقامة الرقابة التي لها وجهان ممكن استغلال الأسوأ منهما ضد من يختلف معهم كما حدث مثلاً لمقر الحزب الشيوعي العراقي الذي كان قانونياً في تعاقداته لكن رئيس الوزراء وجد في الموقف الوطني المساند لمطالب الجماهير الشعبية والمضاد لموقفه ذريعة لتوجيه البعض من القوات المرتبطة بها باعتباره القائد العام وبقرار أخلاء الحزب الشيوعي لمقرة في الأندلس، وأكثرية المواطنين يعرفون أن حزبه والأحزاب المهيمنة الأخرى استحوذت على العديد من ممتلكات الدولة أو استأجرتها بأثمان بخسة، أن مهمة جميع الوطنيين العرقيين وعلى اختلاف مشاربهم الفكرية والأحزاب الوطنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني التي تسعى لإقامة الدولة الديمقراطية المدنية هو النضال لتعديل مشروع قانون الأحزاب الجديد في العراق انسجاماً مع متطلبات عدم التجاوز على الحريات واحترام الرأي الآخر والكف عن التدخلات بغرض خدمة المصالح الحزبية الضيقة للبعض من القوى المتنفذة والا سوف يكون هذه القانون وبحلته الحالية عائقاً أمام تحيق المبادئ الديمقراطية مثلما كان قانون الانتخابات غير العادل.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين انتهى الكتاب الأخضر أين معمر القذافي؟
-
سر البار الليلي المسحور
-
قرار البرلمان العراقي غير المتوازن في الرواتب الأسطورية
-
الضجة حول المسلسل التلفزيوني الحسن والحسين
-
حصن العراق الهلامي
-
عقدة المجلس الوطني للسياسات العليا
-
الفساد وعمليات هروب السجناء على نمط الأفلام
-
القوات الأمريكية باقية للتدريب والحصانة..!
-
التلويح الإيراني بطلب التعويضات ضغط للتدخل أكثر
-
الصحافة الشيوعية العراقية ودورها في تطور الوعي الاجتماعي وال
...
-
شعرة ما بين التطرف الديني والتطرف السياسي
-
التطرف اليميني المغلف بالأصولية المسيحية ومأساة النرويج
-
أين أمسى قانون الأحزاب الشبح يا مجلس النواب ...؟
-
أدستور وفيدرالية أم ضحك على ذقون الشعب!
-
يونس دخيل الرحلة في بطن الحوت
-
استمرار الاعتداءات المسلحة الإيرانية على القرى العراقية
-
تعمق الخلافات بين أقطاب السلطة الإيرانية
-
الحقوق المدنية وتجاوزات قوى الأمن على المواطنين
-
عندما يعيد الديوس انتشاره التاريخي
-
الترشيق بين وشم العقول والبدعة والواقع
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|