|
الديمقراطية الناقصة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 22:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديمقراطية الناقصة كتب مروان صباح / برهنت الحالة اللبنانية عبر العقود الطويلة من النزاع التى إتسمت من البداية بالباردة ، ثم سرعان ما اتخذت منحاً دموياً تصاعد به القتل على الهوية مما أدى إلى الهجرة الداخلية التى تطورت حتى أصبح نصف الشعب مشتت في عواصم مختلفة من الدول التى سمحت لنا بالتعرف على جغرافيتها من خلال سقوط طائراتها على حدود مياها الإقليمية لتتحول الكارثة مضاعفة بين الهجرة والموت . الفارق بين من يعيد الأخطاء ويحولها إلى خطايا وبين من يتعلم فضل الوقاية التى هي أفضل من الدواء ، فالأول يأخذ بنفسه إلى الموت وهو لا يدري كالذي يسلم رقبته تحت سيف مسموم يحمله طفل ويقول له لا تحركه والأخر تعامل بالوقاية حتى تحولت نمطاً يحميه من الكوارث التى وقع بها في التاريخ . أي ديمقراطية نتباهى بها ليلاً نهاراً وهي التى لا تقوى على وضع حد لحرب دامت أكثر من 17 عام ، بل مما اضطر لتدخل عالمي كي يوقف شلالها الدموي الذي مازال إلى يومنا هذا رياحها تعصف بكل أشجارها وأزهارها لمجرد أن هناك رجلان إختلفا على موقف سيارة ، لكن الفرق بينهما هو أن الحرب تقتل ويسال الدماء لدرجة ينتج عنها أفكاراً تأتي تحت ضغط عنيف كي تتحول الأصوات لصوت واحد وتنبه بأن هناك الكثير ما يجمع الإنسان ، في حين اللاحرب ، ولا دماء ولا ضحايا تُنتج سياقات محددة منها إثارة النعرات مما يكشف عن إصطفاف أعمى يُظهر تطرفه العنيف والعميق دون أن يشعر به الفرد بل يتحول بشكل تسللي إلى فكر شعبي ملىء بالكره للأخر ، أحياناً يكون تأثير الحرب أكثر نفعاً بحيث يدفع البشر إلى أن يروا أنفسهم ، وهكذا يسقط اول قناع وتبدأ رحلة التعرف على الهويات ومن وضع اول خط تغذية لهذه الإنماط في الحياة . هؤلاء الزنانيين أثقلوا رؤوسنا وهم يهللوا من خلال مراسيم الرسمية عبر الإذاعات والشاشات وغيرها من وسائل بأنهم يمتلك ديمقراطية لا مثيل لها في المنطقة تستطيع من خلال فضاءها أن تعبر وتكتب وتنشر لتتجاوز سقفاً يلامس الغيوم ، في هذه الحالة يكونوا إستبدلوا الحلم بالوهم وتفاقم الإختزال مع إتساع رقعت النقصان وباتت ديمقراطيتهم لا تحقق التحرر من الفقر والبطالة والفساد والقمع وإنعدام الشعور بالمسؤولية وتبديد المال العام وإنتشار الأمراض والإحباط بل تشدهم إلى الرحيل من وطن عاجز امام مختلف القضايا إلا الكلام ليسقطوا في عواصم العالم منها الباردة ومنها الحارة المشبعةُ بالرطوبة بحثاً عن لقمة عيش ، فأي ديمقراطية عرجاء هذه تجعلك تشعر بالهزيمة أمام كبح مجتمع أصبح لا يعرف إلا التوتر ويضعون بين أعينهم بنادق الحرب مما قد يوفر الذريعة للتعجيل بإشعال الفتيل . اذا كان المجتمع غير قادر على ترسيخ الديمقراطية في السلوك لتصبح نمطاً سائداً يتحكم بالمعيشة فهناك نقصان لا يتطور عن الكلام ليبقى بحدود الشفتين عاجز عن النهوض بالمؤسسات التى إنبثقت عن إرادة الشعب فلم يبقى لهذه الشعوب إلا أنها حكمت على أنفسها بالإعدام والدخول في دوامت الداخل فيها مفقود والخارج منها مجنون . هي دعوة صادقة للخروج من هذا النقصان الديمقراطي واحباله الطائفية المغلفة بالسياسة التى حولت كل القضايا إلى جزء من لعبة النزاع بحيث أفرغت فيها الحقوق والتواد في الإختلاف وتعالت بها الألسنة التى تتلاعب على أوتار التاريخ المشوه لتخويف المتنازعين وتجعلهم أكثر تخندق لأنها لا تعرف سوى إتقان هذه المفبركات الكلامية ، لا أريد التوغل في السياسة التى كما يبدو تعود عقاربها إلى الوراء ، لكنني لم أستطع أن أقف مكتوف القلم عن التصور الإصلاحي وتدريجي للدولة ذات النقصان الديمقراطي الذي أوشك أن تدخل في مرحلة التبخر لأنها تعاكس مؤشر الدولة الحديثة القادرة على حل المسائل الإقتصادية والتى تعترف بالأطياف المجتمع وتحترم التعددية القومية والثقافية والدينية بحيث ينعكس ذلك التنوع إلى أساس يستند إليه النظام لبناء مجتمع موحد متجانس ليس متناحراً . إخراج لبنان من حالة التراجع الذي أصابه بعد إتفاق الطائف ، يتطلب اليوم من أبناءه إستكمال السعي حتى لو كانت عقارب الساعة توقفت وبدت تمشي كالسلحفاة ، ففي الأمر ما يريب ريباً يستدعي قراءة ما يحدث قراءة واعية تعالج التأزم المتعاظم أفقياً وبات مشتعلاً في أصغر بيت وينتظر من يصب الزيت ، بحيث حلَ النفاق محل النقد وساد سلوك التناحر من أجل التناحر وباتت ثقافة عامة وشعر المثقفون الحقيقيون الغيرين على البلاد بالغربة والعجز فغادر منهم من غادر وصمت منهم من صمت . والسلام عضو اللجنة الدولية لتضامن مع الشعب الفلسطيني
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التلفح في الماضي
-
أنت في عداد الهالكين
-
موجات تتسابق نحو الشاطىء ... لا تمكث
-
عصيّ على الخداع
-
لا قوة كقوة الضمير
-
ويمكرونَ ويمكرُاللهُ واللهُ خيرُ الماكِرِينَ
-
ما حدا أحسن من حدا
-
تساوا في الجنون
-
اوباما وخطابه المتكسر
-
نكبتنا ولبكتهم
-
المصالحة رغم أنف بيبي نتنياهو
-
التحرر الفطري
-
لك الويل إذا نهض المستضعفون وصمّموا
-
سيكالوجيات نادرة
-
خطاب أقل حدةً
-
عميد المجانين العرب
-
فيكتوريو اريغوني
-
إنكسر غرورهم وأُنزلوا من عليائهم
-
دولة في البحر
-
ضميرك يا غولدستون
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|