|
الثورات العربية
ماجد فاضل الزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 17:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربيع أم صقيع ؟ بقيت الأنظمة العربية التي إنتزعت كراسي حكمها منذ حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ، على حالها دون أية إصلاحات تذكر .. فالحاكم العربي يرى في نفسه بأنه مالك للشرعية الكاملة التي يحق من خلالها حكم بلاده دون مشاركة أحد ، ولغرض إضفاء قليلا من التجميل على اللا ( شرعية ) هذه أخذ البعض منهم يجري إنتخابات صورية لا تقل نتائجها عن فوزه بنسبة الـ (99 . 99 % ) دون أن يشاركه بالمنافسة أحد وحتى لو كان شكليا ، لأن الحاكم لا يرى أحدا من أبناء شعبه جديرا بمنافسته حتى لو كان هذا المنافس من صنيعته ، والإشكالية الأكثر غرابة هنا هي ان الحاكم لا يكتفي بحكم شعبه مدى الحياة بل انه يعمل على خلق المناخات المناسبة لتوريث أحد أبنائه من بعده ، حتى وان إحتاجت هذه الى تغيير بنود في الدستور الذي وضعه هو ، وكإن كرسي الحكم مفصل على مقاساته هو وعائلته ولا يوجد أحد من أبناء شعبه جديرا بالحكم ، لأنهم رعاع وعبيد وجرذان ، أو رعية لا حول لهم ولا قوة في الحكم على أحسن توصيف ، وهذا ما تحقق في سوريا ، من حافظ الى بشار وما أراده حسني مبارك لإبنه جمال وأراده صدام حسين لإبنه قصي أو عدي ومعمر القذافي لسيف الإسلام وعلي عبد الله صالح لإبنه .... وربما زين العابدين بن علي قبل خلعه .. وبلا شك فان أنظمة الحكم الملكية في المغرب والأردن لا تختلف كثيرا عن الأنظمة الجمهورية المتوارثة سالفة الذكر ، إلاّ ان الوضع في دول وإمارات الخليج العربي تتمسك بإدارة دفة بلدانهم بطريقة أكثر شمولية ، فهي لا تكتفي بالكرسي الأول فتوغل الى تخصيص الكراسي الأخرى ، فالملك أو الأمير يعين أبناءه واخوته بجميع المناصب بدءا برئيس الوزراء والوزراء وإنتهاء بقائد الشرطة والأمن وغيرها ، ليضمن له ولعائلته البقاء في الحكم الى يوم الدين . وهنا تقز للأذهان عدة تساؤلات : هل ان الثورات العربية جاءت بسبب الفقر الذي يعانيه المواطن العربي ؟ باعتبار ان التونسي بن عزيزي أشعل النار في نفسه بسبب الفاقة ليتقد الشارع التونسي كاملا بناره ، لتمتد النار فيما بعد الى مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وهلم جرا ، بمعنى انها ثورة جياع . وفي المقابل ، هل ان التخمة المادية والحياة الباذخة تسد نفس المواطن العربي لتحول دون مشاركته في الحياة السياسية ؟ وقبل الاجابة على هذه التساؤلات لا بد من الاشارة الى ان بعض الثورات إحتاجت الى تدخل أجنبي ، ومن جهات تراها معظم الشعوب العربية بما فيها الثائرة ، عدوة فهي أمريكية وغربية ومن حلف الناتو تحديدا وجميع هذه الدول حليفة ومؤيدة لـ (اسرائيل ) ومساندة لها ، وهذا يعني انها ضد التطلعات العربية وخصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس ، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى ان الشعوب العربية الثائرة بحاجة الى دعم مادي ، تعجز إقتصادياتها المتهالكة عن سد العجز الحاصل فيها ، كما وليس بإمكان الدول العربية الغنية تلبية كل المتطلبات ، لذا فان أمريكا ومعها الدول الغربية الكبرى هم القادرون وحدهم على تقديم ما تحتاج اليه هذه الثورات من مال ، فضلا عن انها الوحيدة القادرة على رفع القيود عن الأموال العائدة لتلك الشعوب والمجمدة في البنوك الدولية ، وفي المقابل فثمة تناقض يطفو على السطح هنا ، فالمتابع لما يحدث في البلدان العربية الثائرة يرى ان البديل الجاهز للأنظمة المخلوعة ( حاليا على الأقل ) هي التيارات الإسلامية المتطرفة ، التي لا تكل عن رفع شعاراتها المعادية لأمريكا والغرب و ( إسرائيل ) .. فكيف ستسير الأمور إذا ، وكيف ستكون العلاقة مستقبلا بين الشعوب العربية الثائرة من جهة وأمريكا والغرب من الجهة الثانية ؟؟ لذا فإن الإجابة على هذه التساؤلات تحتاج الى وقت .. فضبابية الشارع العربي الثائر وتوجهاته حاليا تحول دون الإجابة عليها ، ولنقل ان كل الاحتمالات لا تزال قائمة والى وقت ليس بالقصير ، وأخيرا .. ألا يحق لي أن أتساءل : هل ان ما يحدث الآن هو ربيع عربي أم صقيع ؟
#ماجد_فاضل_الزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|