|
واحة تيمولاي، تاريخ وامجاد
محمد ارجدال
الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 09:27
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تيمولاي واحة تضم قريتان متجاورتان تحملان نفس الاسم تيمولاي يزداربمعنى تيمولاي السفلى و تيمولاي اوفلا بمعنى تيمولاي العليا، وتوجد القريتان بالسفح الجنوبي للأطلس الصغير بين منخفضي بويزكارن وافران على الضفة الغربية لوادي افران، وسميت بهذه التسمية نظرا لموقعها الطوبوغرافي على هذا السفح الظليل وبذلك يكون أصل تسميتها امازيغيا مركب من كلمتي: "تي"التي تعني ذات و "يمولا" جمع "امالو" التي تعني الظلال وتفيد تسمية القرية معنى "ذات الظلال"، وهي الرواية المرجحة لارتباطها بجيمورفولوجية المنطقة ولانتشار هذه التسمية بمناطق أخرى من المغرب تقع في مناطق مشابهة لموضع واحة تيمولاي وهناك روايات شفوية أخرى تربط أصل تسميتها بأحد الأعيان المسمى ب مولاي ونسبت إليه القرية فسميت باسمه "تي مولاي". تقع قرية تيمولاي على الطريق المعبدة الرابطة بين بويزكارن وطاطا على بعد 14 كلمتر شرقا، ومنذ سنة 1992 م أصبحت مركزا للجماعة القروية لتيمولاي قيادة افران الأطلس الصغير دائرة بويزكارن إقليم كلميم جهة كلميم السمارة . وللقرية تاريخ عريق يعود إلى عهود سحيقة، وخاصة نواتها الأولى بتيمولاي العليا والمعروفة بتاكاديرت بمعنى المحصنة أو القلعة وقد سكنها اليهود والامازيغ ثم توافد عليها السكان من أصول مختلفة ، نظرا لمركزها بين أربع قبائل: ادبراهيم وافران وايت رخا ولخصاص ولموضعها بين السهل والجبل وعلى ضفة وادي افران ذو التاريخ العريق . لكن العناصر السكانية السائدة بالقرية تربط أصولها بالقبائل القاطنة للجبال المجاورة وخاصة "من مجاط من فخد ايت يزوليتن فسكنوا في تيمولاي العليا حتى بلغوا هناك أكثر من 1300 كانون" (1) ومن لخصاص في عهد أسرة يمغارن المعروفة ب ونزار وقد عرفت القرية ازدهارا في عهد هذه الأسرة وخاصة في عهد الشيخ عمر بن مسعود الونزاري وأبنائه الذي قام ببناء حصن فوق ربوة تعرف إلى الآن بمنزل يمغارن كما اهتم بالعمران وحفر عين ماء قرب اد هيط تعرف بتاماينوت بمعنى الجديدة وغرس فيها الأشجار وأصلح الحقول . ودخل سكان تيمولاي في حروب مع ايت جرار وانزيفت المجاورة لهم " فقامت حرب زبون بينهم سبع سنين، يعين التيمولائيين المجاطيون والأخصاص ويعين الجراريون الإبراهيميون"(2)وسبب هذه الحرب هو أن احد أبناء ايت جرار والمعروف ب (واهريم ) كان يرعى الغنم لسكان تيمولاي العليا وفي أحد الأيام بينما يرعى غنمه جنوب القرية اسند رأسه إلى الأرض ليسترح فسمع خرير مياه تحت الأرض فهرع إلى قرية تيمولاي فأخبر سكانها بذلك ، فقاموا بحفر المكان و استخرجوا منها عينا جارية وكان المكان قريبا من موطن ايت جرار مما أدى إلى الصراع على من له الحق في استغلال هذا العين ، إلى أن تدخل سيدي حسين الشرحبيلي فأصلح ذات البين بينهم ، فأعطى لأهل تيمولاي حق استغلال ماء العين لمدة ستة أيام ويوم الجمعة لايت جرار فرضي الجميع بالحكم ، ومنذ تلك الفترة"ابتدأت السكنى في تيمولاي السفلى بتوظيف من التيمولائيين الأعليين فاستمرت السكنى تزيد بازدياد الحقول والعمارة في السقي "(3) وأحيطت قرية تيمولاي السفلى بسور"قال (المقدم ) إن أهلنا ما بنوه إلا بعد طلوع الكلولي وذلك عام 1317 هـ / 1899 م "(4) ودخلت تيمولاي السفلى مع تيمولاي العليا في حرب ضروس ساهم القائد المدني في إشعال فتيلها " ثم ذكر المقدم من الحروب العظيمة التي فيما بينهم أمر مفزعا ، قال حوصرنا مرة ثلاثة أشهر متوالية والحرب مشتعلة بيننا في القرية نفسها ونحن فرقتان فما أكثر الجرحى في كل أركان القرية وما أعظم الرزايا التي تدهمنا تترى في كل الأوقات فقد تمكث في بيتك إذا بجارك المعاقب لك قد خرق إليك منفذا فأخرج فيك طلقة فيأتي عليك "(5)، واستغل القائد المدني تناحر الإخوة فيما بينهم فهاجم القرية وحاصرها لمدة ثلاثة أشهر: وفي ذالك تقول شاعرة مناصرة للقائد: يكَولا المدني س لحرام ولا ليمين اتيمولاي اد اور تين يفال ي يان يدومت انزار يمندي يسرحتين وكان
وقال شاعر من تمنارت للقائد المدني يحثه على عدم التنازل عن هذا الثغر: من الشركَ ار ازاغار المدني يسمعاك يغ اك يفغ اسضار اذ نتمولاي اك ومنغ
وتقول شاعرة من تيمولاي معتزة بجمال واستقلال قريتها : تيمولاي د يمي ن الجنة كاغ يلا وتاي ونا ور يرين ايتيكيس نغ اك يموت
وكان سكان تيمولاي افلا من المناصرين للقائد المدني على عكس سكان تيمولاي يزدار الموالين لايت رخا ومجاط وكان كل من علي بن اعراب واحمد بن بلا من الذين ساعدوا القائد المدني على الاستيلاء على هذه القرية بينما وقف أمغار بن حمو في وجه أي زحف لقوات القائد المدني على القرية مما أدى بالمدني إلى إجلاء " ابن حمو هذا مع شيعته حتى رجعوا بمصالحة (مع القائد) ثم ائتمر به وبأخ له ولد الأعرابي وأبناء علي فقتلوهما غيلة وغدرا فصفت القرية لمدني"(6) الذي استولى على أراضي معارضيه والتي سيعطي جزءا منها للقائد الناجم الجلولي الاخصاصي الذي نزل عنده بعد أن ترك الحوز والتحق بصفوف المقاومين للقوات الفرنسية بالجنوب المغربي ، و قد وصف القائد الناجم كرم وسخاء المدني معه بقوله:"فلما نزلت (بتيمولاي العليا) أطلق لي القائد من أملاكه الواسعة 23 بستانا و175 طاسة ماء"(7) وهذه الأملاك كانت ل" أل سي مبارك من أهل حمو بن مسعود وهم ستة قتلوا في دارهم ليلة بإذن القائد المدني"(8) ، ولم يكتفي القائد بمعارضيه بل" رجع حتى على من مدوا له اليد حتى استولى على ما بيدهم يبتز منهم حتى غادرهم مدقعين"(9). لقد شغلت قرية تيمولاي بال القائد المدني حيث كانت من بين المناطق التي تولى عليها القائد المدني بموجب رسالة النائب ألمخزني سعيد الكَلولي منذ سنة 1317 هـ ، ولم يتراجع عنها الا بعد ان ضمها إلى أيالته ، نظرا لموقعها الاستراتيجي إذ تعتبر من أهم المركز التي يستريح فيها المسافرون والتجار بين الصويرة وأسواق الشركَ (القبلة) وكانت سمعة سوقها الأسبوعي تصل الآفاق وكذا موسمها السنوي . إحالات: 1 ــ محمد المختار ألسوسي ، من أفواه الرجال ، الجزء الثالث، تطوان 1963 ص: 122 ، 123 ، 124 ،127 . 2 ــ المرجع السابق 3 ــ المرجع السابق 4 ــ المرجع السابق 5 ــ المرجع السابق 6ـــ المرجع السابق 7 ــ محمد المختار ألسوسي ، المعسول ج 20 ص: 152 8 ــ المرجع السابق 9 ــ من أفواه الرجال مرجع سابق
من أعلام القرية:
الفقيه الحسين بن محمد التيمولائي (1) :
هو الحسين بن محمد بن احمد بن عمر بن عمر بن يحيى بن محمد بن يحيى ، ولد بقرية تيمولاي حوالي سنة 1301 هـ . وشب فيها وترعرع وتعلم فحفظ القرآن على يد عمه الفقيه الجليل سيدي محمد فتحا إمام مسجد تيمولاي آنذاك ثم انتقل إلى المدرسة الاليغية أيام سيدي علي بن عبد الله فاستكمل بها تعليمه ، فتفقه في العلوم الشرعية والأمهات وتتلمذ على يد الشيخ التاجرمونتي . عاد الفقيه سيدي الحسين إلى قرية تيمولاي فقيها متضلعا في اللغة والعلوم الشرعية ، حاملا العلم والمعرفة، وكان كثير الطموح طالبا للمعالي، فأصبح احد زعماء القرية يؤخذ برأيه ومشورته، كما صار فقيه القرية وإمام مسجدها، وقد تتلمذ على يده العديد من أبناء قريته وحفظوا القرآن ، وأفتى في العديد من القضايا لأنه كان نوازليا يقصده الخصوم لفك النزاعات ، كما كان من موردي الطريقة الصوفية الدرقاوية، توفي مقتولا عصر يوم 7 رمضان 1336 هـ . نزل الأستاذ الكبير محمد المختار ألسوسي بداره أكثر من مرة حينما كان طالبا بمدرسة تنكرت بإفران مابين سنتي (1332 ــ 1336 هــ) . الفقيه سيدي أحمد بن محمد التيمولائي(2) : هو أحمد بن محمد بن احمد بن عمر بن عمر بن يحيى بن محمد بن يحيى ولد بقرية تيمولاي سنة 1298 هـ، ونشأ بها وترعرع فحفظ القرآن على يد عمه مع شقيقه سيدي الحسين وانتقلا معا إلى المدرسة الاليغية وتعلما فيها العلوم الشرعية واللغة لكنه دون أخيه في التحصيل فقد اهتم بهما عمهما تعليما وتثقيفا . عاد إلى قريته متفقها في اللغة والعلوم الشرعية فصار فقيها له ظهور ومكانة في أهل العلم لكنه اهتم بأشغال أسرته من حرث البساتين وسقيها وجني ثمارها ، وكان ينجذب إلى مجالس الذكر بالزاوية الدرقاوية بقريته ، لم يكن له اهتمام بالأدب وإنما بالفقه وقد قتل في حرب ضارت بقريته سنة 1332 هــ احالة: 1 و2 ـــ محمد المختار ألسوسي ، المعسول الجزء العاشر صفحات:( 87 / 89 ) .
#محمد_ارجدال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر الأديب عبد الرحمان البويزكارني
-
الروح العطشى تفيض شعرا
-
من شعر المهجر : ديوان { تاكَزيوين ن يتران } للشاعرة الامازي
...
-
الحكم الشعرية الامازيغية عند شاعر تيمولاي
-
من شعراء البدوالأمازيغ بالمغرب:محمد انزيض
-
الإنكسار مجموعة شعرية جديدة للشاعر العربي موموش
-
القبلة السوداء للشاعرة الامازيغية تانيرت
-
الخيال الشعري يرتقي بالشاعر {الحيان } الى السماء السابعة
-
المرأةالامازيغيةوالإبداع الشعري: ديوان -البركة الجافة -لحنان
...
-
موسيقى الألم والوجع للشاعرة الامازيغية خديجة اروهال
-
التقويم الأمازيغي
-
دراسة لشعر ورقص البدو الأمازيغ : أحواش نترحالت
-
الحقيقة والشعرعند الطيب امكرود
-
احداد لبشير الشاعر الإنسان
-
مولاي الغالي نجم فن أحواش بسوس
-
شعر فريد محمد زلهود:ديوان الإنسان شبيه بشجر الأركان
-
-أدمغة وأنسجة العناكب - نصوص فكرية لمحمد أوسوس.
-
قيم المودة والصداقة في ديوان -أزهار السماء-
-
-أمنار- و-يموزار- وبداية تدوين الشعر الامازيغي.
-
اسنفلول أو الإبداع ديوان شعري امازيغي جماعي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|