|
عودة الوعى الى المثقفين العراقيين
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يذكر الكاتب الروسى ايليا ايرنبورغ ( 1893 – 1967 ) فى مذكراته التى نشرها قبيل و فاته ، تحت عنوان " الناس و الأعوام و الحياة " ، أن الجيش الهتلرى لم يلق مقاومة حقيقية فى الأيام الأولى للأجتياح الألمانى للأراضى السوفيتية – فى حزيران عام 1941 - لا من قيل الجيش السوفييتى و لا من قبل السكان المحليين ، ويرجع السبب فى ذلك – كما يقول الكاتب – الى ان الروس كانوا يعتبرون الألمان أمة متحضرة و متقدمة و لم يكونوا يتوقعون أبدا ان يلجأ الجيش الألمانى الى أساليب وحشية سٍواء فى معاملة أسرى الحرب أو السكان المدنيين
و لكن لم تمض سوى أيام معدودات على الغزو حتى قامت القوات الألمانية بأعدام أسرى الحرب بالجملة و أبادة و حرق البلدات و القرى الروسية خلال تقدمها فى عمق الأراضى السوفيتية . و وقف الروس مذهولين أمام الجرائم الفاشستية التى تقشعر لها الأبدان .و كانت هذه الجرائم سببا فى ازالة الغشاوة عن أعين المخدوعين بالدعاية الألمانية و أعين المثقفين الرومانسيين المعجبين بالفلسفة و الأدب الألمانيين و أخذت مشاعر الأعجاب و الأفتتان تتحول تدريجيا الى غضب عارم و عزيمة قوية لطرد الغزاة و أدى الى أندفاع الشعب السوفييتى بشبابه و رجاله و نسائه للتطوع فى الجيش الأحمر و الألتحاق بجبهات القتال او زيادة ساعات العمل و وتائر الأنتاج فى جبهات العمل لتأمين أحتياجات الجيش من الأسلحة و العتاد و الذخيرة و الآليات و المؤن و المتطلبات الأخرى .
و هب الشعب السوفيتى كله للدفاع عن وطنه و مساندة الجيش الأحمر فى صموده البطولى و تشكلت فى المناطق المحتلة مقاومة شعبية مسلحة واسعة النطاق كبدت القوات الغازية خسائر فادحة ، و كانت معركة موسكو فى شتاء عام 1941 بداية لهزيمة الجيش الفاشستى و تقهقره على كل الجبهات و الذى انتهى بالنصر المؤزر للجيش السوفيتى و التوقيع على وثيقة أستسلام الجيش الهتلرى فى برلين فى 6 أيار عام 1945 .
و ها هو التأريخ يعيد نفسه من بعض الوجوه و تتكرر التجربة الأليمة فى العراق بعد حوالى سبعين عاما و لكن فى ظروف أخرى مختلفة . لقد كان المثقفون العراقيون مقتنعين تماما أن الشعب العراقى -الذى قدم تضحيات سخية فى النضال ضد الدكتاتورية – ليس بمقدوره اسقاط هذا النظام من دون عون عسكرى خارجى ، و قبلوا على مضض بالأجتياح الأميركى و كان يحدوهم الأمل فى أقامة نظام ديمقراطى ، يضمن الحرية و المساواة و يحقق العدالة الأجتماعية لكافة العراقيين ، بصرف النظر عن أنتماءاتهم القومية و الدينية و الطائفية و يحقق سيادة القانون ويعمل على تحديث المجتمع العراقى الذى تخلف كثيرا عن ركب التقدم الحضارى بسسب حروب صدام العبثية و سياسته الرعناء ،
هذه الآمال راودت أذهان المثقفين العراقيين و هم يتذكرون التجربتين الألمانية و اليابانية ، حيث لم يتدخل الأحتلال الأميركى فى شؤون البلاد الداخلية و تركت الأمر للشعبين الألمانى و اليابانى لأعادة بناء ما خربته الحرب العالمية الثانية و قدمت لهما مساعدات مادية و معنوية هائلة للنهوض من جديد .
و أضافة الى تلك التجربتين كان معظم المثقفين العراقيين المتنورين ، يثمنون عاليا القيم الأميركية فى الحرية و الديمقراطية و احترام حقوق الأنسان و سيادة القانون . و ينظرون بأعجاب الى التقدم العلمى – التكنولوجى الأميركى و الى نمط الحياة الأميركية و آفاقها الرحبة التى تفسح المجال لكل فرد فى تحقيق ذاته و بناء مستقبله .و كان الأعتقاد السائد أن القوات الأميركية ستنسحب بعد أنجاز مهمتها فى العراق أى اسقاط نظام صدام و أنجاز عملية التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل و سيشهد البلاد تحولا ديمقراطيا و أقتصادا مزدهرا . و ما الى ذلك من الأوهام الجميلة .
و لم يكن هؤلاء المثقفون يرون أميركا الثانية – ان صح التغبير – او الوجه الآخر لأميركا و السياسة العدوانية للمحافظين الجدد . لم يتذكر أى مثقف عراقى قبل الغزو حرب فيتنام القذرة و الجرائم البشعة التى ارتكبها ( اليانكى ) فى هذا البلد . كما نسى او تناسى مساندة أميركا لكل النظم الدكتاتورية فى أميركا اللاتينية وفى العالم العربى و مناطق أخرى فى العالم و لم يكن اى منهم يشك فى قرارة نفسه أن صدام كان رجل أميركا فى المنطقة بعد سقوط النظام الشاهنشاهى فى أيران قبل ان يخرج عن طوره و يفكر فى الأستيلاء على الثروات النفطية لدول الخليج و يسعى الى زعامة العالم العربى .و لأن الولايات المتحدة لا تفكر الا فى مصالحها الستراتيجية و خاصة بعد أن تحول مركز الثقل العالمى الى الخليج العربى و المحيطين الهندى و الهادىء و لم يكن اسقاط النظام الدكتاتورى الا من اجل تأمين هذه المصالح و ليس حبا فى العراق و العراقيين .
لقد خدع المثقفون العراقيون أنفسهم أو خدعوا بآلة الدعاية الأميركية التى تهيمن على الأعلام العالمى الى حد كبير . و ربما كان أحد اسباب سقوطهم فى الفخ الأميركى هوأن المعارضة العراقية " علقت كل آمالها على التدخل العسكرى الأميركى . ، كما أن العراقيين عموما كانوا متلهفين لأسقاط نظام فاشى أرتكب جرائم الأبادة الجماعية و زج بمئات الألوف من شبابهم و رجالهم فى أتون حروبه الدموية و قد أبتهجوا حقا بسقوطه و لم يكن مهما من أسقط الصنم و لكن المهم هو زوال عهده الأسود البغيض .
و فى الفترة التى أعقبت سقوط النظام الدكتاتورى و رغم أن كل الدلائل كانت تفضح أهداف الغزاة أبتداءا من التشجيع على تدمير المؤسسات الحكومية و نهب و سلب محتوياتها و القضاء على الذاكرة التأريخية للعراق و العراقيين و وصولا الى ترك الحدود مفتوحة لكل ارهابى المنطقة و العالم من اجل نقل المعركة ضد الأرهاب الى بلاد الرافدين ليكتوى الشعب العراقى بنارها و تبقى الولايات المتحدة بعيدة عن كل تهديد أرهابى محتمل و رغم تشكيل ما يسمى مجلس الحكم على اسس عرقية وطائفية و طابعه الديكورى الشكلى - حيث لم يكن يحكم قط بل ينفذ أوامر بريمر - و حل الجيش العراقى و لجؤ المحتل الى تأسيس أحزاب و منظمات كارتونية و نهب ثروات البلاد ، حيث ان واردات النفط العراقى و منذ أكثر من ثمان سنوات تذهب الى صندوق تنمية العراق فى واشنطن و الذى تتحكم فيه الأدارة الأميركية و ليس الحكومة العراقية . و رغم ان الحكومات العراقية المتعاقية التى تشكلت منذ الغزو و لحد الآن تأتمر بأوامر واشنطن و لا تملك الحرية فيما تفعل و خاصة فى قضايا الأمن و الأقتصاد .رغم كل ذلك و قف المثقفون موقف المتردد ، و ظلوا يخدعون أنفسهم بأن كل ذلك ناجم عن أخطاء بريمر . و هذا الأعتقاد ينم عن سذاجة مفرطة أو لنقل بأن هؤلاء كانوا ما يزالون متشبثين بآمالهم التى تتناقض تماما و ما يحدث على أرض الواقع من تمزيق للنسيج الأجتماعى العراقى وتشجيع للزمر الأسلاموية الرجعية حتى النخاع و التى فرضت على العراقيين – بقوة السلاح و القتل و الذبح و الأختطاف و التهجير – نمط عيش ظلامى متخلف الى أبعد الحدود .
و يبدو ان هؤلاء المثقفين لم يكونوا مستعدين للتخلى عن أحلامهم الجميلة و صدقوا الأكذوبة الكبرى ، بأن بريمر هو الذى تسبب فى كل ( الأخطاء الأميركية فى العراق ) .و كانوا يقيسون الأمور على وفق ما يجرى فى الوطن العربى حيث ينفرد الحاكم المطلق فى اتخاذ قرارات مصيرية دون الأحتكام الى رأى البرلمان او الرأى العام . اما فى الدول الغربية المتقدمة و منها الولايات المتحدة فأن الأمر مختلف تماما ، لا شىء يحدث مصادفة و لا قرار يتخذ بشكل فردى دون استشارة جهات متعددة و ضمن السياسة المقررة . و من السخف المطلق اعتبار كل القرارات الخطيرة التى اتخذها بريمر أخطاءا شخصية ، لأنه لا توجد قرارات شخصية فى دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية .و قد يكون سبب تضليل المثقفين العراقيين لأنفسهم هو أن أزلام العهد البائد و أصحاب كوبونات النفط من سياسيين و أعلاميين مرتزقة من كل صنف و لون قد وقفوا ضد التدخل الأميركى لأسقاط صدام و لم يشأ هولاء المثقفون أن يصطفوا الى جانب المنتفعين من النظام الدكتاتورى الغاشم .
ان الشعب العراقى بأسره أصيب بخيبة أمل شديدة تحولت الى استياء عام و غاضب لما قامت به القوات الأميركية المحتلة و الحكومات ( العراقية ) التى تعاقبت على سدة الحكم منذ ما يزيد على ثمان سنوات عجاف ، و للحالة المزرية التى يعيش فيها الأغلبية الساحقة من الشعب العراقى.. عانى الشعب العراقى كثيرا فى ظل الكاتورية الصدامية و لكن الأوضاع العامة فى العراق لم تتحسن بعد الغزو بل اصبحت الحياة فى العراق أشبه بالجحيم . لا أعمار و لا تنمية و لا ديمقراطية . انتخابات شكلية و برلمان لا يمتلك أدنى سلطة رقابية و حكومة عاجزة ، خائرة القوى تتسلح ببلاغة المالكى و وعوده التضليلية الكاذبة ، عوضا عن العمل و البناء و الأنتاج . ميليشيات تتحكم برقاب العراقيين فى وضح النهار و أمام أنظار الحكومة فى الكثير من المحافظات العراقية ، رغم صولات الفرسان و زئير الأسد و فحيح الثعبان ! . صحيح أن تحسنا طفيفا قد طرأ على الوضع الأمنى و لكن ذلك حدث بفضل تغيير الستراتيجية الأميركية فى العراق (تشكيل الصحوات ) و تقسيم بغداد الى ( غيتوات ) طائفية معزولة بعضها عن البعض الآخر بالجدران الكونكريتية العالية و ليس بفضل الصولات و الحملات الأمنية المالكية الأستعراضية .. معظم المثقفين العراقيين يدركون اليوم ان لا أمل يرتجى من حكومة المالكى ، التى أهدرت حوالى (400) مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية فى مشاريع وهمية او مشاريع فاشلة نفذت بأسعار خيالية ، حيث ذهب الجزء الأكبر من هذا المبلغ الى جيوب أمراء الفساد و المنتفعين من الحكم الرجعى المتخلف و تحول الى حسابات بنكية و عمارات و قصور فى الأردن و دول الخليج و سوريا و مصر و غيرها من الدول العربية و الغربية . كل نوحى الحياة قاتمة فى عراق المالكى ، لا أمن ولا أمان و لا وجود لدولة حقيقية ، بل ميلشيات تعبث بالقانون تحت شعار ( دولة القانون ) و تتخذ من الدين ستارا لأرتكاب الكبائر و الموبقات و تفرض على الناس نمطا متخلفا من الحياة أشبه بالقرون الوسطى . (الزمرة) الحاكمة و ميليشياتها تتدخل فى حياة الناس و اسلوب حياتهم . كل هذا يحدث فى القرن الواحد و العشرين و فى زمن ثورة الأتصالات و المعلومات و تحرر الأنسان ، عصر التحولات الديمقراطية فى المنطقة و العالم . و لا حاجة بنا الى الوصف التفصيلى للحياة العراقية فى ظل حكومة الفضائح المالكية ، لأن العراقيين قد خبروا هذا الحكم من خلال معاناتهم اليومية . و انتهاك أبسط حقوقهم الأنسانية . و عبثا يحاول المالكى تسخير كل امكانات الدولة المادية للبقاء فى الحكم و تلميع صورته . لأن نهايته ، لن يكون أفضل من الطغاة الذين كنستهم ثورات الربيع العربى الى مزبلة التأريخ .
الأغلبية الساحقة من المثقفين العراقيين خبروا الحياة فى ظل حكومة المالكى الرجعية المتخلفة و عرفوا الحقيقة المرة : انهم كانوا مخدوعين بالوعود المعسولة لبناء عراق جديد ديمقراطى مزدهر . و من يتابع ما ينشر فى الفضاء الثقافى و الأعلامى العراقى ( فى الداخل و الخارج ) يرى بوضوح تحولا كبيرا فى توجهاتهم و آرائهم التى تختلف تماما عما كانوا بأملون فى تحقيقه . و الأمثلة على ذلك جد كثيرة . و لم يبق حول المالكى و رهطه الحاكم أى مثقف حقيقى يحترم نفسه و يحس بمعاناة الآخرين . بل ، زمر من أشباه المثقفين و أنصاف المتعلمين من مزورى الشهادات و الفاشلين اللاهثين وراء فتات الموائد . عودة الوعى الى الأغلبية الساحقة من المثقفين العراقيين بارقة أمل حقيقية و ضؤ ينير النفق المظلم الذى دخل فيه العراق . فتحية لكل المثقفين و المبدعين العراقيين الذين يناضلون اليوم من اجل الحرية و الكرامة الأنسانية و حياة أفضل لهم و لسائر العراقيين و العراقيات .
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صواريخ المالكى و أقماره الصناعية
-
الأساطير الكوردية في الأدب العالمي
-
أساس الأزدهار الثقافى الكردى
-
روائع التراث الكردى بين رودينكو و وزارة الثقافة الكردستانية
...
-
المالكى ... نفاق لا ينتهى
-
قوة الضعفاء
-
احتفال أمام نصب الحرية ببغداد
-
نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية
-
من المآثر البطولية لكرد الاكز ( alagiz)
-
سوبرمان العصر الرقمى
-
اسطورة حب فرهاد و شيرين فى آداب شعوب الشرق
-
الترجمة فى عصرالعولمة
-
السياسة فى العراق : مهنة من لا مهنة له !
-
نظرية أوروبية الجذور، يعشقها العرب
-
بحثا- عن قيادة ديمقراطية حقيقية للعراق
-
الحلم الضائع في بحر إيجة
-
فى أنتظار جرجل العراق
-
من المستفيد من أحتكار المعلومات ؟
-
عودة ظاهرة بشير مشير
-
أسبرانتو - لغة المستقبل
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|