|
جلولاء والسعدية عناوين أخرى لاستمرار جرائم التطهير العرقي العنصرية!؟
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 09:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أوردت الأنباء تصاعد جرائم الابتزاز والتهديد للعوائل الكوردية من أبناء جلولاء والسعدية مسجلة متابعة أخرى لما جرى ويجري في كركوك ومدن أخرى من تلك المحددة بالمادة 140.. وكالعادة لم تجد العوائل المهددة من يحميها من جرائم التصفية الدموية البشعة ومن سياسة الترهيب والابتزاز كما يفترض في العرف الإنساني العام وفي القانون وعدالته المنتظرة..
إنّ حالات الصمت المطبق وغض الطرف عن مثل تلك الجرائم من جانب السلطات المحلية والاتحادية لا يعني سوى مشاركة فعلية في الجريمة من جهة وإعلانا سافرا عن إعادة سياسة [تطهير] تلك المدن من أبنائها وإعادة معزوفة التغييرات الديموغرافية التي مورست في العهد السابق حيث فلسفة التعريب القسري باستجلاب عوائل وإسكانها مكان العوائل المرحَّلة كرها...
لقد ماطلت حكومة السيد المالكي طوال دورتي حكمه الأولى والثانية ولم تكتف بعدم تفعيل لجنة المادة 140 بل وضعت العراقيل أمامها وهي اللجنة التي تم منذ مدة تغيير رئاستها من الوزير السابق السيد رائد فهمي إلى وزير النقل الحالي السيد هادي العامري.. من دون أية تغييرات وإجراءات للتفعيل والعمل بمصداقية وعلى وفق الخطط الموضوعية؛ وتلك المماطلات وأعمال التسويف رافقتها أعمال تشويش وتشويه كبيرتين تجاه محتوى هذه المادة مع خطاب تعبوي سياسي مشحون بالعدائية والتضليل...
ومما لابد من التذكير به هنا أنّ تلك المادة (140) كانت تحدثت عن تطبيع الأوضاع في المناطق المحددة فيها وإجراء الإحصاء ومن ثمّ الاستكمال بإتمام الاستفتاء في خيار إعادة الأمور إلى حيث كانت قبيل التغييرات الديموغرافية وعمليات التعريب القسري سيئة الصيت.. فلماذا المماطلة والتسويف ونحن ندري أن ذلك ليس مؤداه سوى المزيد من أجواء التوتر واختلاق أشكال الاستعداء بين أبناء تلك المناطق بل الإمعان في ارتكاب جريمة إثارة القلاقل وخلق أرضية زعزعة الاستقرار لمصالح ليس من بينها لا مصلحة أبناء تلك المدن ولا مصلحة عراق فديرالي جديد...؟!
إنّ المواطن العادي المبتلى بمآس كثيرة، لا يمكنه أن يفهم سرّ تأخير إجراءات التطبيع بخصوص إعادة الأوضاع إلى أصولها ولا يجد مبررا منطقيا لعمليات العرقلة المتعمدة بوجه مهام لجنة كان ينبغي أن تنتهي من أعمالها كاملة قبل أربع سنوات فيما هي لم تنجز أوليات مهامها حتى يومنا..
ومن الطبيعي أن يفسح هذا الفعل السبلَ أمام القوى المناهضة للتغيير الديموقراطي في البلاد ويمنحها الفرصة مجانا لتمارس أعمالها الإجرامية مثلما يجري في مدن جلولاء والسعدية وكركوك.. ذلك أن قوى التطرف والتشدد في تيار الطائفية السياسية [الإسلام السياسي] وبقايا قوى الشوفينية والاستعلاء القومي، سواء بوجودها بصيغة عصابات الإرهاب الدموية أم عبر وجود عناصرها المتغلغلة في مؤسسات الدولة، تبقى نهازة لمثل هذه الفرص لاستعادة أوهامها وإفشال أية محاولة للحل الموضوعي الصائب والصحيح..
وعليه فإنّ الواقع يصرخ بشدة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف مسلسل الجريمة التي لا تكتفي بمنع الاستقرار حسب بل تمتد لإثارة أحقاد وعداوات غير محسوبة العواقب في ظل أوضاع عامة متضخمة بأحمالها من الهموم والمشكلات.. وهي أوضاع ماعادت تحتمل مزيدا من المنغصات والأزمات...
إنّ استمرار الجرائم الإرهابية العنصرية الموجهة بالتحديد إلى الكورد من أبناء تلك المناطق يتطلب ردا عاجلا وآخر استراتيجيا واضح المعالم بخارطة طريق محددة بأسقف زمنية..ومن أجل الحل الأمثل الذي يستجيب لمطالب الناس وحقوقها في الأمان والاستقرار أولا وفي الحماية التامة وتلبية التطلعات كاملة تاليا لابد من اتخاذ الإجراءات الآتية:
1. قيام الحكومتين المحلية والاتحادية بواجباتها في توفير الأمن والحماية في موضعها حيث التهديدات والجرائم تطاول العوائل الكوردية.
2. العمل على تشخيص العناصر المتشددة من الإرهابيين والعنصريين ومنعها من القيام بأفعالها الإجرامية..
3. إجراء حوار عاجل واستثنائي طارئ بخصوص الأوضاع الميدانية بين حكومتي الإقليم والاتحاد وبأعلى المستويات وأكثرها صلاحية لاتخاذ القرارات والإجراءات الفورية منعا لتداعيات الجرائم..
4. تفعيل لجنة المادة 140 ومنحها ما يمكّنها من إنجاز عملها من أدوات تنفيذ خارطة طريق محددة باسقف زمنية تنتهي بنهاية هذا العام..
5. أن تلتزم جميع الأطراف وأولها الحكومة الاتحادية بإزالة كل العقبات التي تعترض أعمال التطبيع وإنجاز الإحصاء والاستفتاء قبيل نهاية العام.
6. أن يجري إعلان صريح من القوى السياسية المتحكمة بالسلطة التنفيذية ببغداد بشأن الحلول المنتظرة وأن يتم دعم الإجراءات بحملة سياسية إعلامية مناسبة لتحسين الأجواء وتعزيز الثقة بين الأطراف كافة، وأن يكون جوهر المسيرة قائما على التخلي عن التعامل الشوفيني العنصري الذي شهدناه في الماضي وأن يجري التحول الفعلي إلى سياسة التآخي بين المجموعات القومية واحترام التعددية على أساس من المساواة وفي ضوء ممارسة بشفافية ومصداقية...
7. أن يدرك الجميع أنه لا بديل عن طريق القبول بأخذ الرأي العام والاستجابة لقراره ميدانيا فعليا. وأن المماطلة تعرض البلاد لمخاطر التفكك وأن الوحدة الوطنية في عراق فديرالي جديد لا تقوم إلا على أساس الخيار الحر المستقل.. وهذا يشمل جميع المناطق وأبنائها بلا استثناءات ولا إقصاءات وعلى وفق أسس إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبيل جرائم التعريب الشوفينية..
8. الدعوة لأوسع تنادي لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في أشمل حملة وطنية تبدي موقفا جذريا حاسما وواضحا من هذه الإشكالية التي تمثل حجر زاوية في إعادة حقوق مكون رئيس من مكونات شعبنا من جهة ومن ثمّ إعادة الثقة والشفافية وروح التآخي بين الجميع بما يكفل خيار العراق الفديرالي وليس تشدق بعض ساسته باجترار سياسات ماضوية عنصرية خطرة تهدد الجميع في وجودهم وفي مستقبلهم...
إن وضوح الموقف المؤمل من قبل السلطات الاتحادية وأحزابها التي تديرها واتخاذ الإجراءات العاجلة وإنهاء سلبية التفاعل مع مجريات الأوضاع هو المقدمة الرئيسة المنتظرة لانطلاق مسيرة الحل، ولتعزيز العلاقات بين مكونات شعبنا من جهة واستعادة الثقة وتطمين مسيرة عراق ديموقراطي تعددي يحترم وجود الجميع على أساس من العدل ومن المساواة واحترام الدستور.. ومن ثمّ الانتهاء من واحدة من المشكلات التي ورثناها عن جرائم الأمس البغيض... وليس من بديل اليوم سوى نهج الديموقراطية والسلام...
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آفاق المتغيرات في العراق ودور التيار الديموقراطي في تقديم ال
...
-
أصوات إعلامية تجتر فلسفتها من جرائم الماضي
-
الاعتداءات على كوردستان بين طبيعة تفاعل الحكومة الاتحادية وا
...
-
وحدة الأطياف العراقية شعبيا وانقسامات نخب الطائفية السياسية
...
-
الأزمة السياسية في بغداد وآفاق الحل
-
العملية السياسية بين مطب الأحادية والفردنة وتطلعات الشراكة و
...
-
المرأة الكوردستانية بين تطلعاتها الكبيرة والضغوط المحيطة بها
...
-
معالجة لأوضاع المجموعات القومية بسوريا وتضامن مع الشعب السور
...
-
التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية باتجاه المؤتمر التأسيسي؟
-
في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب..العراقي ما زال يئن من مزيد
...
-
الأنا والآخر بين المساواة والتهميش
-
كوردستان في اتجاه استراتيجية الإصلاحات والبناء
-
في اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو حزيران 2011: من يتحدث عن ه
...
-
في اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو حزيران.. صرخة تعلو باسم ال
...
-
من يثيرالخوف في الحياة العامة ولماذا؟
-
السلوك والقيم بين النظامين القديم والجديد؟!
-
الصحافة العراقية في عامها ال 142 مسيرة وضاءة وعقبات كأداء
-
إدانة جرائم التعرض الدموي الهمجي المسلح للتظاهرات السلمية في
...
-
الصوت الآخر.. مجلة التنوع الثقافي ومنبر التعددية
-
أهمية المجلات البحثية.. مجلة ابن رشد العلمية نموذجا دعوة للع
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|